آخر الأخباركتاب وادباء

تهمته مساعدة اطفال ونساء غزة بالطعام والأدوية والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة

عبد الحكيم الصفريوي

إعداد 

سمير يوسف 

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي أعادت نشرها صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، نصفها بأنها «جريمة في حق الإنسانية» وتشجع على العنف، وهذه الممارسات التي تمثل إيذاء لمشاعر ما يقارب من 2 مليار مسلم وتشكل استهدافا واضحا للرموز والمعتقدات والمقدسات الدينية وخرقا فاضحا لمبادئ احترام الاخر ومعتقداته.

إن الذين أساءوا إلى رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يعرفوه حق المعرفة، وما ذلك إلا بسبب جهلهم به وعدم اطلاعهم على سيرته العطرة التي تدعو الى التسامح والتآخي والتعارف والتآلف لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى* وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا * إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ * إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير).

إن إعادة نشر مثل هذه الرسوم وضرورة محاسبة من يقف وراءها لأنها تدعو إلى تعزيز خطاب الكراهية الذي يرفضه العالم الذي أحوج ما نكون فيه إلى التعاضد في مواجهة أمراض وأوبئة العصر.

أدعو أصحاب الفكر وقادة الرأى في العالم إلى التصدي لخطاب الكراهية وما يحمله من إثارة للاحقاد وازدراء الأديان ورموزها،داعيا إلى احترام مشاعر المسلمين في العالم أجمع، بدلاً من إثارة مشاعر الخوف من الإسلام والمسلمين، والفت النظر الى إننا نرى بأن حرية الرأي والكلمة والتعبير على اختلاف وسائلها لا تعني التطاول على الديانات والرموز الدينية.

استفزاز المسلمين في فرنسا بلد الحريات واضطهادهم لا يبرر إطلاقا جريمة قطع رأس مدرس التاريخ والجغرافيا، صمويل باتي، أو الاعتداء الجسدي أو قتل أي إنسان آخر. الفكر يحارب بالفكر لا بالخناجر ولا بالسجن، والعنف يولّد المزيد من العنف، والاضطهاد يحارب باللجوء إلى القضاء أو غلق الأفواه، والقانون هو الفيصل بين المتخاصمين.

لو لم يرتكب الشاب الشيشاني المتطرف جريمته البشعة، ربما واجهت إدارة المدرسة الإعدادية التي كان يدرس فيها “باتي” تهمة تعريض القاصرين لصور مهينة للكرامة الإنسانية، فضلا عن التمييز ضد المسلمين وخرق حيادية العلمانية. فى هذا التاريخ قد تحول الأستاذ الضحية من مواطن عادي إلى “شهيد” الجمهورية و”بطل” حرية التعبير، يصعب إقناع الفرنسيين بالعودة إلى الوراء، للتوقف عند ما سبق هذه الجريمة من انتهاك لحقوق الطفل باسم حرية التعبير والتعدى على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالرسوم المسيئة له وللمسلمين فى العالم..

كاد يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري يكون يوما عاديا في إعدادية تقع في أحد الأحياء الهادئة في ضواحي باريس، لو لم يتم عرض رسمين من رسوم المجلة الأسبوعية الفرنسية، شارلي إيبدو، الساخرة. كان المُدرّس باتي يعلم أن رسما محددا بالذات صدم ملايين الراشدين، وسيصدم تلاميذ قصّراً لا يتجاوز عمر بعضهم 12 سنة، وأن المسلمات والمسلمين منهم سيشعرون حتما بالحرج والإهانة. حاول أن يمارس القليل من الرقابة، فنصح الأطفال أن يغادروا الفصل، أو أن يمكثوا ويغمضوا أعينهم حتى يعرض الرسميْن على رفاقهم إن كانت لديهم حساسية حول الموضوع، حسب تقارير إعلامية فرنسية اطلعت على أقوالٍ نُسبت إلى المدرّس في محضر الشرطة.

الآلة القمعية الفرنسية قادرةٌ على إعادة تعريف الإباحية، كي تقنّن عرض رسومات “شارلي إيبدو” على القاصرين في صفوف مدارسها العمومية بلا حرج.

خير الأطفال بين أن يشاهدوا أو ألا يشاهدوا الرسومات، فمارس بعض التلاميذ المسلمين الرقابة الذاتية على أنفسهم وامتثلوا لخيار المغادرة، في حين فضّل آخرون البقاء وخوض تجربة النظر في صور تنتهك براءة سنهم. فاقت صدمة بعض الأطفال توقعات أستاذهم، واشتكوا من الحادثة إلى أولياء أمرهم، فتوالت ردود أفعال هؤلاء، وتراوحت حدّتها بين محاورٍ ومناوئ. غداة هذا الدرس عن “حرية التعبير”، اتصلت والدة إحدى التلميذات المسلمات بمديرة الإعدادية، وهي تنهمر بالبكاء من تعرّض ابنتها للتمييز على أساس دينها. في اليوم نفسه، تلقت المديرة في بريدها الإلكتروني رسالة من مجهول المصدر، يُدين “مناخ الإسلاموفوبيا” الذي يسود في الإعدادية. لكن أقوى ردّ جاء من إبراهيم س، والد إحدى التلميذات الذي تابع الأستاذ باتي قضائيا بتهمة “نشر صور إباحية”. وضع أصبعه على طبيعة محتوى هذه الصور المخالف للقانون الفرنسي، لكنه أخطأ في أسلوب الدفاع عن القضية.

بدل أن يستعين بمحامٍ متمرس، إشتكى للداعية عبد الحكيم الصفريوي المسالم، وهو فرنسي من أصول مغربية. ذهب عبد الحكيم الصفريوي المغربى يمارس حقه الطبيعى إلى المدرسة ليعرض ماحدث على إدارة المدرسة واستقبلت إدارة الإعدادية زيارة الصفريوي وإبراهيم، وأخبرتهما أن عرض هذه الرسومات مدرج رسميا في البرنامج الدراسي للإعدادية منذ خمس سنوات في إطار درس عن حرية التعبير، وهذا ما أكدته شهادات تلاميذ وردت في الإعلام الفرنسي. ومن هنا اتضحت مسؤولية المؤسسة التعليمية عمّا كابده الأطفال من تمييز وإهانة.“.

فرنسا تمارس فن الخداع على نفسها، تنتهج الإقصاء باسم الإدماج، وترقى بتحقير المسلمين والسخرية من معتقداتهم إلى حرية مقدّسة

كان الأحرى بإدارة المدرسة التي سمحت بسلوك عرض المدرس والأطفال المسلمين معاً لأكثر من خطر، فالمادة 227 – 24 من القانون الجنائي الفرنسي التي تم تعديلها العام الحالي تجرم تعريض قاصرين لأي مادة مرئية تحتوي على رسالةٍ ذات طبيعة إباحية، وتحط من كرامة الإنسان بشكل واضح.

ويبدو القانون الفرنسى صارما، نظريا على الأقل، إذ يعاقب كل من ضلع في هذه الجريمة بالسجن ثلاث سنوات، وبغرامة قدرها 000 75 يورو. بإمكان الإعدادية التملص من تهمتي الإخلال بحيادية العلمانية والتمييز ضد المسلمين، بحجة حرية التعبير التي أصبحت تُكبّل الحريات الأخرى، لكن إباحية الرسوم تشكل إخلالا بالدور التربوي المنوط بها، وفضيحة إضافية في بلادٍ تدّعي أنها مهد حقوق الإنسان ومنارته.

ربما أدرك المدرس باتي، قبل قتله ذبحا، عمق الجرح الذي حفره في نفوس أطفال ذاقوا شعور الإقصاء والدونية والإهانة، لكنه لم يكن سوى تلك الشجرة التي تخفي الغابة، فمشكلات فرنسا تكمن في مؤسساتها، وفي مقدمتها المؤسسة التعليمية التي تمنع الأمهات المحجبات من مرافقة أبنائهن في الرحلات المدرسية، وتطرد من مدارسها فتياتٍ يرتدين أوشحة، باسم العلمانية. المؤسسة التعليمية تدفع الأطفال المسلمين إلى الانعزالية نفسها التي تدّعي محاربتها، وتزجّهم في أحضان اليأس والتطرّف.

فرنسا تنفث النار وتتوعد بتصعيد حربها ضد “الانفصال الإسلامي”، وتستعد لسنّ قوانين من شأنها أن تزيد من حدة الاستقطاب والكراهية

فرنسا تمارس فن الخداع على نفسها، تنتهج الإقصاء باسم الإدماج، وترقى بتحقير المسلمين والسخرية من معتقداتهم إلى حرية مقدسة. الآلة القمعية الفرنسية قادرةٌ على إعادة تعريف الإباحية، كي تقنّن عرض كل رسومات “شارلي إيبدو” على القاصرين في صفوف مدارسها العمومية بلا حرج. لقد حسم الرئيس ماكرون موقفه، وقرّر أن بلاده لن تتراجع قيد أنملة أمام “أعداء الحرية”، وستواصل نشر هذه الرسوم المسيئة للنبي، دفاعا عن علمانية الجمهورية.

لن يكون هناك بعد اليوم حوار مع المسلمين. لقد ألحق بهم الشاب الشيشاني الذي ذبح المدرس مزيدا من الأذى، وضيّق عليهم الخناق، وأضاع أسر الأطفال فرصة الدفاع عن أطفالهم. شطبت فرنسا كلمتي “الاحتشام” و”الحياء” من قاموسها الجنائي، بعد أن تخلت عن “جريمة الإخلال بالحياء”، واستبدلتها بقانون يجرّم “الاستعراض الجنسي”. وها هي اليوم تمتحن المسلمين، مرة أخرى، في أطفالهم، تخدش حياءهم وتجرح أحاسيسهم، وتطلب منهم الامتثال لقيم مشبوهة.

 أما الخيار الثانى، خيار الدفاع عن الحقوق والحريات، فيبدو رهانا ضعيفا في ظل تصاعد وتيرة القمع والتمييز وعنصرية المؤسسات. فرنسا تنفث النار وتتوعد بتصعيد حربها ضد “الانفصال الإسلامي”، وتستعد لسنّ قوانين من شأنها أن تزيد من حدة الاستقطاب والكراهية.

الشاهد

نفى مجلس أئمة فرنسا بشدة علاقته بالمدعو حسن شلغومي الذي زار الكيان الصهيوني والتقى ضباط وجنود الاحتلال وأعرب عن دعمه الشديد لهم، مقدما نفسه أنه رئيس المجلس.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى