تقارير وملفات إضافية

حزب الله الإفريقي.. هل تتكرر تجربة الحشد الشعبي والحوثيين في نيجيريا؟

هل تتكرر تجربة حزب الله في نيجيريا جرّاء الصراع الدامي الذي يشق صفوف المسلمين في شمال البلاد.

ويشكل هذا الصراع  امتداداً لصراع النفوذ المعمم بالدماء بين السعودية وإيران بالشرق الأوسط.

وأدَّى هذا الصراع إلى بروز مثير للجدل لرجل الدين الشيعي المسجون إبراهيم الزكزكي، وأتباعه المنظمين ضمن ما يُعرف بـ «الحركة الإسلامية في نيجيريا»، الموالية لإيران، في دولة يتجذّر بها  النفوذ السعودي بعمق، بحسب ما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.

وعلى الرغم من أنَّ ابنه عُمْر ابنته سهيلة الزكزكي لم يكن تجاوز الثالثة وقتها، فإنها ما زالت تتذكر اليوم الذي اقتحمت فيه الشرطة منزل عائلتها، وضربت والدتها، واقتادتهم جميعاً للحبس. 

وفي أثناء تجولها في أركان السجن نهاراً تتذكر سهيلة أنها كانت ترى الضباط يعذبون المساجين، وهي وقائع شكَّلت بعض ذكرياتها الأولى.

كان ذلك خلال فترة التسعينيات في نيجيريا، حين خرج والدها رجل الدين المسلم، المعروف بجهره بآرائه المعارضة، على قانون النظام العسكري للجنرال ساني أباتشا، الذي اعتاد اعتقال معارضيه وتعذيبهم، وفي بعض الأحيان قتلهم إذا دفعته أهواؤه لذلك. 

لكن نيجيريا أصبحت دولة مختلفة الآن؛ إذ عادت مبادئ الديمقراطية إليها. ويُنتظَر من مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش، الالتزام بالدستور.    

إلا أنه يبدو أنه في مواجهة المخاوف من النفوذ الإيراني وتكرار نماذج الحركات الشيعية الموالية لها مثل حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي، فإن الديمقراطية النيجيرية تتغاضى عن الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الجماعة الشيعية الغامضة.

فوالد سهيلة، الإمام إبراهيم الزكزكي، مُحتجَز من دون توجيه اتهامات منذ عام 2015، بالرغم من قرار محكمة عليا بإطلاق سراحه منذ 3 أعوام مضت.   

ونالت خطابات زكزكي المعارضة للدولة وخططه المزعومة لتوفير الرفاهية الاجتماعية للفقراء دعمَ الملايين، وأثارت كذلك غضب السلطة.

زكزكي يعد بمثابة زعيم الطائفة الشيعية في نيجيريا، وهو العامل الذي أسهم في مقتل العديد من أتباعه، وفقاً لبعض المحللين، خوفاً من انتشار النفوذ الشيعي الإيراني في الدولة الواقعة غرب إفريقيا، والتي يُشكِّل المسلمون السُّنّة أكبر طائفة دينية بها، والحكومة طوَّرت علاقات وثيقة مع السعودية.  

ورغم أنّها قد تتجنّب العنف، فإن الجماعة الإسلامية في نيجيريا التي يقودها الزكزكي لا تُخفي مساعيها لحكم الأرض بحسب الشريعة الإسلامية (المذهب الشيعي).

إذ قالت سهيلة الزكزكي، التي أوضحت أنّها تعرّضت لانتزاع الحجاب من على رأسها بواسطة مُعلمةٍ إبان نشأتها في شمال نيجيريا الذي يُهيمن عليه المُسلمون: «نحن نُحاول إقامة مجتمعٍ يُشبهنا، لكنّ النظام يعمل ضدنا. لقد جرّدنا المُستعمرون من هويتنا الإسلامية إلى حدٍّ ما، ونحن نُحاول استعادتها، نحن نعلم أن نيجيريا هي مكانٌ مُتنوّع، ولا ندعو إلى أن يصير جميع الناس من المُسلمين، ولكنّنا نريد قوانين لا تمنعنا من ممارسة الإسلام».

وتُحاول سهيلة تخفيف الدرجة التي يُمكن أن يُعتبر بها الأمر تهديداً، مع التركيز على أنّ ذلك لا علاقة له بتطلّعات بوكو حرام -أو داعش- الانفصالية الدموية.

ومخاوف السلطات من الانفصالية التي قد تسببها هذه الجماعة ليست بلا أساس؛ إذ لقي مليون شخص حتفهم في الحرب الأهلية الوحشية التي اندلعت بعد إعلان شعب الإيغبو في جنوب شرق البلاد إقامة جمهورية بيافرا، في أعقاب ذبح أقاربهم شمالي البلاد.

ورغم ذلك، جرى التسامح مع شكلٍ من أشكال الشريعة الإسلامية في غالبية ولايات نيجيريا الشمالية منذ عام 1999، ومن بينها بعض أجزاء ولاية كادونا التي يحكمها الرفاعي.

وأشار لاغون أكينلوي، المُحلل المُقيم في لندن، إلى أنّ زكزكي سُمِحَ له فعلياً بتشكيل «معقله» في زاريا من جانب الحكومات المُتعاقبة منذ التسعينيات.

لكنّه أوضح أنّ ذلك التساهل بدأ يتلاشى.

إذ أشار الرئيس الحالي لنيجيريا محمدي البخاري مثلاً إلى أنّ الحركة الإسلامية في نيجيريا تُدير «دولةً داخل الدولة».

وذهب حليفه ناصر الرفاعي حاكم كادونا الذي زامل الزكزكي في بداية حياتهما إلى أبعد من ذلك، حين اختار تفسير نوايا زكزكي على أنّه يتمنى تحويل البلاد بأكملها إلى «جمهوريةٍ إسلامية» بمساعدة إحدى القوى الأجنبية- إيران.

وقال في عام 2017 إنّهم «لا يعترفون برئيس نيجيريا على أنّه رئيسٌ له سيادة، ولا يعترفون بي حاكماً للولاية. وولاؤهم يذهب بالكامل إلى دولةٍ أخرى، وهدفهم هو تحويل نيجيريا إلى جمهوريةٍ إسلامية«.

(ورغم التعاطف الذي تظهره الجماعات الحقوقية مع الحركة إلا أنه يلاحظ أن الحركات الشيعية في العالم العربي بدأت بترويج روايتها عن المظلومية، وانتهى الأمر لسيطرتها على عدة بلدان بالسلاح مثلما حدث في اليمن والعراق، وقبلهما حزب الله اللبناني، النموذج الملهم لهذه الحركات والذي يدين بالولاء المطلق لقائد الثورة الإيرانية). 

واللافت أنه بينما يركز تقرير الموقع البريطاني على المظلومية التي يعاني منها زكزكي وأنصاره فإنه يتجاهل مخاوف السنة في نيجيريا، وكذلك الحكومة، من أن طهران تستغل دوماً مظالم الشيعة لنشر نفوذها الذي يبدأ كحركة ضد الظلم والتهميش ومقاومة النفوذ الغربي، وينتهي بقيام ميليشيات مثل الحشد الشعبي بقتل المتظاهرين السلميين أو إرسال حزب الله لأنصاره للاعتداء على المتظاهرين في ساحات الاعتصام بوسط بيروت.

من جانبها، أنكرت الحركة الإسلامية في نيجيريا حصولها على أيّ دعمٍ مالي من إيران، رغم اعترافها صراحةً باتباع مذهب الخميني، الذي تظهر صورته مع صورة آية الله خامنئي الحالي وصورة زكزكي على موقع الحركة.

وترى الحركة الإسلامية في نيجيريا أنّ المسؤول عن المعاملة العنيفة التي تتعرّض لها الحركة على يد السلطات النيجيرية هو ولي العهد السعودي النافذ محمد بن سلمان، الذي لم يُخف خُططه لمكافحة النفوذ الإيراني في العالم الإسلامي.

ويرى بكير أحد أتباع زكزكي، الحركة أنَّ الأمير محمد بن سلمان أشار إلى الحركة الإسلامية في نيجيريا خلال مقابلةٍ أجراها مع مجلة Time، العام الماضي، إذ قال عن جهود الرياض في مكافحة النفوذ الإيراني: «لقد أخرجناهم من إفريقيا بنسبةٍ كبيرة، تتجاوز الـ95%».

ويرى أنصار الحركة الإسلامية في نيجيريا أنّ وجهة النظر هذه مدعومةٌ بالبرقية الدبلوماسية التي سرّبها موقع Wikileaks، والتي أُرسِلَت عام 2012 من السفارة السعودية في النيجر -الدولة الواقعة شمال نيجيريا- إلى الرياض.

وسردت البرقية قائمةً بالمنظمات القائمة في البلاد، والتي يُشتبه في كونها من ثمار «النشاط» الإيراني، ورصدت أنّ رجال الدين الشيعة من نيجيريا يدخلون النيجر لتعليم الفقراء والشباب.

والمملكة العربية السعودية هي واحدةٌ من أوائل البلاد التي اعترفت بنيجيريا المستقلة حديثاً، والتي تمتلك أكبر تعدادٍ من السكان المسلمين في إفريقيا. وزادت قوة العلاقات بين البلدين على مر السنين بسبب المشاركة النيجيرية في الحج كل عام، وعضوية البلدين في منظمة أوبك الخاصة بالدول المُنتجة للنفط.

ومؤخراً، قدّمت السعودية مساعدات مالية لنيجيريا في حربها ضد بوكو حرام، ويُعرف عن بخاري أنّه يزور المملكة باستمرار.

وتتمتّع نيجيريا أيضاً بعلاقاتٍ جيدة مع إيران، لكنّها تعرّضت لضغوط عام 2010 حين صادرت السلطات النيجيرية شحنة أسلحةٍ إيرانية، وعام 2013 حين اعتقلت السلطات عملاء يُشتبه في تبعيتهم لحزب الله.

ورغم أنّ نيجيريا ظلت على الحياد خلال أزمة قطر عام 2017، حين قطعت السعودية وحلفاؤها العلاقات مع المملكة الخليجية الصغيرة لمُطالبتها بقطع علاقاتها مع إيران، لكنّها انضمت إلى التحالف العسكري الإسلامي الذي يقع مقره في الرياض، الذي يستثني الشيعة ويُنظر إليه على أنّه تحالفٌ منُاهضٌ لإيران الشيعية وحلفائها.

وسعى المُحلّلون إلى تخفيف المدى الحقيقي الذي أدى به التدخّل الأجنبي إلى العنف.

 ولكن إيني ديلي أديدجي، الباحث المُشارك في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن، قال إنّ النفوذ الإيراني في المنطقة يُواصل الإلقاء بظلاله المُظلمة على مُسلمي نيجيريا، الذين يدعم الكثير منهم السعودية في خلافها المُستمر مع إيران.

وأضاف: «هناك نظريات مؤامرة حول محاولة إيران والشيعة لقلب هيكل السلطة في شمالي نيجيريا».

ورغم كون التنافس سياسياً في الظاهر داخل الشرق الأوسط، لكن الصراع بين الدولتين أخذ شكل الصراع الطائفي داخل نيجيريا، حيث تحمّلت الأقلية الشيعية المُفوّهة الوطأة طيلة سنوات. ولا تزال ترفض التراجع رغم خسائرها.

وقال ديلي أديدجي: «من المفهوم أن يكون هناك الكثير من العداء تُجاه الشيعة. إذ إنّهم أكثر ظهوراً وصخباً في ممارستهم للاحتجاج والمعارضة. ويشعر بعض مسلمي الشمال بأنّ عليهم فعل كل ما بوسعهم للوقوف في طريق المسلمين الشيعة، الذين يرون فيهم مصدر إزعاج. وتأتي بعض ردودهم مدفوعةً بالمخاوف الطائفية».

خرج داعمي الزكزكي في الأشهر الأخيرة إلى الشوارع للمطالبة بإطلاق سراحه، متحلّين بالشجاعة في وجه رصاص قوات الأمن النيجيرية التي أسقطت العديد من الضحايا من بينهم. وأخبروا موقع Middle East Eye البريطاني أنهم مستعدون لتقديم أرواحهم في سبيل إطلاق سراح الإمام.          

لكن السلطات النيجيرية اتهمتهم بالعنف ضد قوات الأمن وتدمير الممتلكات العامة، ووصفتهم بأنهم «جماعة إرهابية»، وهي الاتهامات التي ينفي أنصار زكزكي صحتها.

وبعد أن قضى زكزكي معظم سنوات فترتي الثمانينيات والتسعينيات سجيناً سياسياً، أصبحت خلافاته مع السلطات متكررة، لدرجة أنَّ ابنته سهيلة قالت إنها اعتادت على ذلك.

وقالت سهيلة: «على الرغم من أنَّ ذلك لم يكن وضعاً طبيعياً، ولا الوضع الذي ينبغي أن تكون أية أسرة عليه، اعتدنا على ذلك، إذ أودع السجن واستُهدِف عدة مرات طوال حياتنا». 

وُلد زكزكي لأسرة مسلمة سُنّية في شمالي نيجيريا، وتلقى تعليماً إسلامياً تقليدياً، قبل التحاقه في أواخر السبعينيات بجامعة أحمدو بيلو في زاريا بولاية كادونا، وهي واحدة من أكبر وأشهر الجامعات في نيجيريا، وتزامن ذلك مع بدء طرح النقاشات حول الإسلام السياسي.

وخلال القرن التاسع عشر، كانت ولاية كادونا جزءاً من خلافة سوكوتو (أو سُقُطُو) التي أسسها عثمان دان فوديو، وهو زعيم قبلي قوي من قومية الفُولاني يتبع الإسلام الصوفي، وهو التعبير السائد عن الإسلام السُّنّي في نيجيريا منذ أجيال.

وبحلول أوائل القرن العشرين، أُخضِعَت شمال نيجيريا، بما في ذلك خلافة سوكوتو، بقوة للحكم البريطاني. واختارت السلطات البريطانية لإدراة البلاد حكاماً تقليديين وزعماء دينيين، الذين نشروا خطابات أكثر تهدئة للجماهير، وركّزوا على الشعائر الإسلامية والتعليم وليس الإصلاح السياسي والاجتماعي.

وفي عام 1960، حصلت نيجيريا على استقلالها من بريطانيا، لكن تفاؤلها الجديد لم يدُم طويلاً؛ إذ سرعان ما انتقلت الدولة الثرية بالنفط من الحرب الأهلية إلى الانقلاب العسكري، ثم إلى انقلاب مضاد؛ مما أضاع ثروتها.

وفي ظل تحولها لدولة فاشلة وفقدان النفوذ الديني التقليدي، ظَهَر بحلول سبعينيات القرن الماضي جيل جديد من المسلمين النيجيريين سعوا لتغيير الأوضاع. وبالرغم من أنَّ دان فوديو وخلافته شكّلا مصدر إلهام لهؤلاء في القرن التاسع عشر، بدأوا يستقون إلهامهم من أفكار قوية انبثقت من الشرق الأوسط.

إذ تأثر زكزاكي في البداية بأحد قادة جماعة الإخوان المسلمين المصرية سيد قطب (وهو مفكر نحا للتشدد، مما دفع التيار الرئيسي لجماعة الإخوان للتبرؤ من أفكاره).

وأصبح زكزاكي بحلول عام 1979 رئيساً لجمعية الطلاب المسلمين بجامعة أحمدو بيلو. وباعتبارها مركزاً مؤثراً للنشاط الإسلامي، خرج من رحمها أعضاء نجحوا في فرض سيطرتهم ونفوذهم في شمالي نيجيريا على مدى السنوات التالية.

وكان من بين الجيل المعاصر ناصر أحمد الرفاعي، الحاكم الحالي لولاية كادونا، الذي اندلعت صدامات بينه وزكزكي بعد ذلك بعدة سنوات، بالإضافة إلى قادة المستقبل للحركة السلفية الناشئة في نيجيريا.

وتسبَّبت الثورة الإيرانية عام 1979 والحرب الإيرانية العراقية التالية في انقسام الطلبة، مثلما فعلت في مناطق أخرى من العالم الإسلامي، بسبب تأجيج التوترات بين الشيعة والسُّنّة. 

ووقع بعض الطلاب تحت تأثير المملكة العربية السعودية، حيث حصلوا على منح للدراسة هناك، بعد أن شنَّت المملكة، يدفعها خوفها من ازدياد نفوذ الشيعة الإيرانيين حملة تجنيد قوية في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، والتي تضم أكبر عدد من المسلمين في القارة.

بينما استلهم آخرون من الرؤية الثورية للزعيم الإيراني الأعلى آية الله الخميني، الذي بدا أنه يقدم بديلاً جذرياً لممالك الشرق الأوسط. 

إذ أدت إيران دورها في مواجهة النفوذ السعودي، من خلال نشر الأدب، والالتقاء بالزعماء الصوفيين، وهم الحراس التقليديون للإسلام في شمالي نيجيريا.

ومع ذلك، كان طلاب الفريقين يحلمون بمجتمع تحكمه الشريعة الإسلامية. 

وسافر زكزكي إلى إيران، وبعد عودته في الثمانينيات من القرن الماضي أصبح رجل دين شيعياً متعلماً، بدأ في بناء حركة اجتماعية دينية مستوحاة من إيران سُميَت «الحركة الإسلامية في نيجيريا».

وبحلول عقد الألفينات، نجح زكزكي في جذب الملايين لقضيته؛ إذ تحول الكثير من المسلمين السُّنّة إلى المذهب الشيعي. وانحاز آخرون كذلك إلى صفه، بمن فيهم المسيحيون بسبب موقفه في قضايا العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد.

لكن نجاحه في معركة القلوب والعقول، أوقعه في مرمى نيران أعضاء حركة إيزالا الطائفية المدعومة من السعودية.

وتأسست هذه الحركة عام 1978، وشنت حملة جادة ضد الإسلام الصوفي الذي مارسه معظم المسلمين النيجيريين، بحجة أنهم ابتعدوا عن صحيح الدين، حتى إنَّ أتباعها الشباب رفضوا الصلاة في مساجد آبائهم وأجدادهم.

وشكَّل مؤسس الحركة أبوبكر غومي حلقة وصل مهمة في العلاقات بين نيجيريا والسعودية. وعمل مستشاراً في الجامعة الإسلامية في المدينة بالسعودية خلال فترة السبعينيات، وتلقى جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام عام 1987. 

وبعد وفاته عام 1992، امتلأت صفوف إيزالا بجيل جديد، كثير منهم خريجو الدراسات الإسلامية في جامعة المدينة المنورة، حيث تخرج 865 نيجيرياً في الفترة بين عامي 1965 و2001. ثم انفصل بعض هؤلاء لتشكيل جماعات أخرى.

لكن كما يوضح أليكس ثورستون، أستاذ مساعد العلوم السياسية في جامعة سينسيناتي الأمريكية، ومؤلف كتاب السلفية في نيجيريا «Salafism in Nigeria»، تداعت حملتهم المناهضة للصوفية في نهاية المطاف.

وقال ثورستون: «أصبحت حجتهم بالية، فقد ظلوا لأعوام يقولون إنَّ الصوفيين مُبتدعون ومُدَّعون، وعقيدتهم مليئة بالأكاذيب. وبعد 30 عاماً سئم الناس هذا الحديث».  

وهكذا لجأ الصوفيون إلى الشيعة، الذين كانوا أقلية صغيرة لكن بدأ يعلو صوتهم في شمال نيجيريا الذي يهيمن عليه السنة.

وهاجم أنصار حركة إيزالا أتباع الحركة الإسلامية خلال موكب إحياء ذكرى عاشوراء السنوي عام 2016، وهو أهم ذكرى عند المسلمين الشيعة في جميع أنحاء المنطقة.

وقبل ذلك بعام، قتلت جماعة بوكو حرام، وهي جماعة إسلامية متشددة ومسلحة كان مؤسسها محمد يوسف عضواً في إيزالا قبل أن ينقلب عليها بوحشية.

وقتل  22 شخصاً في هجوم انتحاري مزدوج وهددت بوكو حرام بـ «القضاء» على الشيعة.

وقال ثورستون: «الشيعة مُتنفَّس سهل للغضب؛ إذا استهدفتهم لن تجد رد فعل قوياً».  

ومع اندلاع اشتباكات بين الجماعات المدعومة من السعودية وتلك المستلهمة من الأفكار الإيرانية، مهدت التوترات الطائفية المتنامية الطريق لإراقة الدماء المستمر حتى يومنا هذا.

طوال السنوات الثلاث الماضية، انضم بكير غاشوا للمئات من أتباع زكزكي الذين نزلوا إلى شوارع العاصمة النيجيرية أبوجا باستمرار، للمطالبة بإطلاق سراح رجل الدين من محبسه.  

ولأنهم حَسَنو التنظيم، فلديهم طاقم خاص لمراقبة حركة المرور الذي يوجه السيارات بعيداً عن جانب الطريق، حيث تقف مجموعة من أنصار الحركة الإسلامية، بعضهم يرتدون وشاحاً أخضر مربوطاً حول رؤوسهم ويتقدمون إلى الأمام يحملون لافتات، مثلما ظهر في مقاطع فيديو لهم. وتشمل هتافاتهم «حرروا زكزكي»، و «بخاري مجرم»، في إشارة إلى الرئيس الحالي لنيجيريا محمدي بخاري.

لكن وقفت في انتظارهم قوة كاملة من الجيش النيجيري، على الرغم من أنَّ دستور البلاد يكفل حرية المظاهرات السلمية.

وفي 22 يوليو/تموز، قُتِل 11 شخصاً، بينهم صحفي، بنيران حية. من جانبها، استنكرت منظمة هيومن رايتس ووتش ما وصفته بأنه «استخدام مفرط للقوة» من جانب الجيش.

 ووفقاً للحركة الإسلامية في نيجيريا، قُتِل 20 شخصاً في ذلك الأسبوع وحده، بينما قُتِل نحو 65 شخصاً خلال الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، على مدار السنوات القليلة الماضية في أبوجا، إضافة إلى اعتقال العشرات.

وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، خلال مواكب الاحتفالات بذكرى عاشوراء، قُتِل نحو 15 شخصاً، وفقاً لتقديرات الحركة الإسلامية.  

وعلَّق بكير غاشوا قائلاً إنَّ الحملة القمعية زادتهم شجاعة.

وقال: «لدينا هذه القناعة في قلوبنا بأنَّ ما نفعله صحيح، رغم أننا نعرف أنه صعب للغاية وأنهم سيقتلوننا ويعتقلوننا».

وأضاف: «هذا لا يثبطنا، بل يشجعنا دائماً»، مشبهاً قضيتهم بقضية الحسين حفيد الرسول  في التي تمثل الإلهام الرئيسي للشيعة.

إضافة إلى ذلك، نُظِمَت احتجاجات تطالب بإطلاق سراح الإمام في العاصمتين الإيرانية طهران، والبريطانية لندن. 

ومع ذلك، يُلاحظ أنَّ معدل استهداف أنصار الحركة الإسلامية مؤخراً تضاءل بالمقارنة مع ما عانته المجموعة منذ سنوات.

وفي يوليو/تموز 2014، خلال مسيرة «يوم القدس» السنوية لأنصار الحركة الإسلامية، وهي مسيرة سلمية عالمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بدأ الجيش النيجيري بلا سبب في إطلاق النار عشوائياً.

وانتهت المسيرة بالفعل عندما حاصر الجنود المسلحون مجموعة في الطرف الخلفي للموكب الذي يبلغ طوله ثلاثة كيلومترات، واعتدوا عليهم. ومن بين الضحايا بعض المارة الذين أصيبوا بوابل الرصاص العشوائي. 

وبحسب شهادات الناجين، طارد الجنود الضحايا الفارّين إلى داخل حقول قصب السكر المحلية قبل أن يردُوهم قتلى بالرصاص.

واحتُجِز العشرات دون تهمة، وحُرِم المصابون من الرعاية الطبية، وكان من بين القتلى ثلاثة من أبناء زكزكي، الذين تعرضوا للتعذيب قبل إطلاق النار عليهم، حسب ما قيل.

وجاء في تقرير حول العنف صادر عن اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، أنَّ مقتل الأبناء الثلاثة «يشير إلى أنَّ القضاء على أفراد أسرة الشيخ كان أحد أهدافهم الأساسية».

في حين زعم تقرير داخلي للجيش النيجيري آنذاك أنَّ أتباع زكزكي كانوا مسلحين و «متورطين خلافاً للقانون في عمل من أعمال الاضطرابات المدنية»، من خلال مهاجمة المدنيين الأبرياء والجنود. ومع ذلك، يقول التقرير إنَّ أياً من الجنود لم يُقتَل أو يُصَب.

وبعد عامٍ واحد، في صباح السبت الـ12 من ديسمبر/كانون الأول عام 2015، اجتمع عشرات الجنود خارج الحسينية، المقر الرئيسي للحركة الإسلامية في نيجيريا بمدينة زاريا، قبل ساعاتٍ من حضور أتباعه للاحتفال بذكرى دينية.

ثم فتحوا النيران 12 ظهراً، وأُردِيَ المدنيون العُزّل الذين حاولوا الهرب قتلى بالرصاص، ومن بينهم أطفال. وبعد 12 ساعة، وصلت التعزيزات الإضافية، وطلبوا من الأشخاص المُتحصّنين في المركز -وتُقدّر أعدادهم بالمئات- أن يُغادروا وأيديهم مرفوعة.

وحين امتثلوا للأمر أُطلِق النار عليهم في الحال، بحسب التقرير المُفصّل عن الواقعة من جانب لجنة حقوق الإنسان الإسلامية في لندن، وبناءً على شهادات شهود العيان.

واستعادت سهيلة زكزكي ذكريات تجربتها من داخل المنزل، إبان تعرّض العائلة للحصار.

«كان علينا أن نتوقّع هجومهم علينا داخل منزلنا، وأن نستعد لأسوأ نتيجةٍ ممكنة. ووضع الناس، الذين وصلوا إلى منزلنا من كافة أنحاء البلاد، أكياساً رملية وسيارات أمام المنزل حتى لا تتمكن القوات الأمنية من الوصول إلى المنزل بالعربات العسكرية».

وقال شهود العيان إنّ الجيش قتل الناس الذين شكّلوا الحلقة البشرية في طريقه إلى الداخل، عن طريق إطلاق النور دون تفرقة، وأسقطوا كل من خرج لمساعدة الجرحى، طوال الليل وحتى الصباح الباكر. وألقى الناس الحجار واستخدموا العصي، للدفاع عن أنفسهم، ولكن دون جدوى. ولم يُصَب جنديٌ واحد في الجيش، أو يتعرّض للقتل، بحسب تقرير الجيش.

وبحلول الصباح الباكر، تمكّنت القوات أخيراً من اجتياز الحلقة واجتياح منزل العائلة.

«لقد ربطونا بالحبال، وأخرجوني سيراً على الأقدام. وأتذكّر أنّني شاهدت سيارات مُحترقة وجثثاً مُتفحّمة في كل مكان بطول الممر. وأوقفونا أمام المنزل، في حين صوّب الجنود أسلحتهم تُجاهنا».

واصطُحِب زكزكي وزوجته إلى مقر الاحتجاز.

ولجأ بعض الناجين من ذلك الهجوم إلى مبانٍ داخل مقبرةٍ تمتلكها الحركة. وطاردهم الجيش، ثم هجم عليهم باستخدام قاذفات الصواريخ، ليقتل 50 منهم.

وبعدها، دمّر الجيش المسجد ومنزل زكزكي، ثم هدم قبور المقبرة.

في إشارةٍ على أنّ مشاعر كراهية الشيعة ترسّخت بين صفوف الجيش، ذكر الناجون أنّ الجنود كانوا يقولون: «لقد انتهينا من أمر الشيعة وزكزكي، لا شيعة بعد الآن في نيجيريا».

ومن جانبه، زعم الجيش أنّ الحركة الإسلامية في نيجيريا حاولت اعتراض قافلةٍ تُقِلُّ رئيس أركان الجيش النيجيري بعد ظهر يوم السبت، فيما وصفها المُتحدّث الرسمي بأنّها «مُحاولةٌ مُتعمّدة لاغتيال رئيس أركان الجيش وأعضاء الوفد المُرافق له».

لكن الجماعات الحقوقية اعترضت على ذلك التفسير. إذ قال دانييل بيكيلي، مدير قسم إفريقيا بهيومن رايتس ووتش، آنذاك، إنّ رواية الجيش النيجيري عن الأحداث «ليست مُتماسكة. فهي في أفضل الأحوال تُمثّل رد فعلٍ وحشياً مُبالغاً فيه، وفي أسوئها تُمثّل هجوماً على أقلية الشيعة».

وقال مسعود شادجارح، رئيس اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان الذي كان صديقاً مقرباً لزكزكي منذ الثمانينيات، في حديثه إلى Middle East Eye: «ليس من المفترض بالجيوش أن تتحرّك لقتل شعوبها بسبب انتهاك قوانين المرور. ولا ينبغي عليك أنّ تتحرّك لقتل الأبرياء طيلة 30 ساعة».

ورفعت المجموعة الحقوقية قضيةً لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، زعمت فيها أنّ تصرفات الجيش النيجيري ترقى إلى مستوى جريمةٍ ضد الإنسانية.

وفي أغسطس/آب التالي، وجد تحقيقٌ رسمي أنّ الجيش استخدم «القوة المُفرطة»، وكان مسؤولاً عن مقتل 349 شخصاً.

وأنكر أنصار الحركة الإسلامية في نيجيريا تلك النتائج، وزعموا أنَّ عدد القتلى وصل إلى قرابة الألف شخص، قبل أن تُحرَق جثثهم في سلسلةٍ من المقابر الجماعية. وشمل ذلك الرقم 300 شخصٍ قُتِلوا خلال حصار المسجد فقط، من بينهم 100 طفل.

وقُتِلَ ثلاثةٌ آخرون من أبناء زكزكي، مما رفع عدد القتلى من أبنائه على يد القوات المُسلحة النيجيرية إلى ستة.

ولم يُحمّل أيّ شخصٍ المسؤولية عن ذلك العنف.

وبدلاً من ذلك، احتُجِز زكزكي وزوجته، وكلاهما مُصابان بطلقاتٍ نارية جرّاء الهجمات. وبعد أن تقدّم زكزكي بطعنٍ قانوني، طالبت المحكمة الفيدرالية في نيجيريا -واحدةٌ من أعلى محاكم البلاد- بالإفراج عنهم عام 2016، ودفع تعويضات كبيرة تشمل بناء منزلٍ جديدٍ لهم، وتوفير فريقٍ أمني لحمايتهم من قوات الأمن النيجيرية.

ورفضت السلطات الامتثال وعصت أمر المحكمة. وفي الوقت ذاته، رُفعِت قضيةٌ ضد زكزكي داخل محكمةٍ إقليمية في ولايته كادونا، واتُّهِمَ فيها بالشروع في القتل، لكن القضية تأجّلت باستمرار.

ونتيجةً لذلك، وبعد ثلاث سنواتٍ من مذبحة زاريا؛ لا يزال زكزكي وزوجته خلف القضبان.

وبحسب التقرير الطبي الذي صدر في أبريل/نيسان، واطّلع عليه موقع Middle East Eye، يُعاني رجل الدين من عددٍ من الأمراض التي تشمل مشكلات القلب، وصار شبه مكفوف بعد أن تلقّى طلقةً في إحدى عينيه.

وأشارت الفحوصات المعملية إلى أنّ مستوى الرصاص في دمه يتجاوز الحد المقبول بـ45 ضعفاً، نتيجة الرصاصات التي امتصها جسده تدريجياً طوال السنوات اللاحقة، لتترسّب في مجرى الدم.

وأوضح التقرير: «سمية المعادن الثقيلة هذه لها عواقب وخيمة على المدى القريب، إلى جانب عواقبها على المدى البعيد… وتحمل خطورة تشكيل الأورام الخبيثة والوفاة».

حدثت مذبحة زاريا بعد أشهرٍ قليلة من بدء تشكيل خطٍّ سياسي جديد داخل نيجيريا.

إذ انتُخِب محمد البخاري رئيساً في انتخابات مارس/آذار، والتي أسفرت عن أول انتقالٍ ديمقراطي للسلطة في نيجيريا على الإطلاق، في انحرافٍ واضح عن تاريخ البلاد الاستبدادي. وبوصفه مسلماً سنياً من الشمال، كان بخاري حاكماً عسكرياً منذ الثمانينيات، وهي الحقبة التي كان يتردّد فيها زكزكي على السجن باستمرار.

وانتُخِبَ حليفه ناصر الرفاعي حاكماً لكادونا، التي تُمثّل البوابة الاستراتيجية لنيجيريا في الشمال وموطناً لحركة زكزكي.

وتعود علاقة زكزكي بالرفاعي إلى أواخر السبعينيات، حين خدما جنباً إلى جنب في جمعية الطلاب المسلمين بجامعة أحمد بيلو.

وبعد أن صارا اثنين من أكثر الرجال نفوذاً في كادونا، كانت رحلاتهما السياسية مُختلفةً تماماً عن بعضهما البعض.

سافر زكزكي للدراسة في إيران الثورية، التي كانت حينها دولةً منبوذة من غالبية المُجتمع الدولي، قبل أن يعود إلى نيجيريا لبناء حركةٍ شيعية من الصفر، والتي تزعم أنها تقف في وجه سطوة النخب السياسية والدينية النافذة في الشمال.

أما الرفاعي على الجانب الآخر، فدرس بمجموعةٍ من أعرق الجامعات الغربية -مثل هارفارد وجورجتاون ولندن- قبل أن يعود إلى نيجيريا ويصعد إلى قمة السلم السياسي، ليصير جزءاً من نخبة الشمال السياسية التي يواجهها زكزكي منذ سنوات.

وكانت علاقة الرجلين مُختلطةً طوال سنوات، لكن التعليقات التي أدلى بها الرفاعي عام 2017 بدت وكأنّها إشارةٌ إلى خلافٍ بينهما.

إذ قال: «أعرف الزكزكي شخصياً، لقد درسنا معاً في جامعة أحمد بيلو بزاريا، وكُنا نشيطين في جمعية الطلاب المسلمين، لذا فأنا أعرف الحيوان الذي أتعامل معه».

ويرى ماثيو بيج، الزميل المُساعد في برنامج إفريقيا بمركز أبحاث Chatham House، أنّ العملية القمعية «كانت لها علاقةٌ بسياسات ولاية كادونا»، في إشارةٍ إلى علاقة الرفاعي المُقرّبة بالبخاري.

وأضاف بيج: «كانت الحركة الإسلامية في نيجيريا تُمثّل مشكلةً للنخب السياسية في كادونا. إذ تُظهِرهم في صورة الضعفاء. إذ تتمتّع الحركة بدعمٍ شعبي في أوساط العاملين الفقراء أكثر من أولئك الساسة. وكانت العملية بمثابة تصفية حسابٍ لا مفر منه».

وأردف أنّ العامل الآخر كان قدرة الجيش على التصرّف بـ «تراخٍ غير مسبوق»، مع الحد الأدنى من الإشراف الحكومي، في عهد البخاري.

وأوضح بيج، عن البخاري: «هو جنرالٌ عسكري لن يمسسه أحد، ولن يتفق مع الفكرة القائلة بضرورة وجود إشرافٍ مدني قوي على الجيش».

وقال بيج أيضاً إنّ الجيش النيجيري نجا من انتقادات المُجتمع الدولي لتصرفاته، لأنّ قتاله ضد بوكو حرام، الجماعة التي تدين بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يُعتبر في إطار الحرب الأوسع ضد الإرهاب. وذلك رغم أنّ نهج الجيش، الذي يمنح الأمن الأولوية القصوى، يُعتبر «سبباً رئيسياً للتمرّد».

علاوةً على ذلك، فقد صنّف الرفاعي والبخاري الحركة الإسلامية في نيجيريا «جماعةً إرهابية» منذ مذبحة زاريا، مما وضعها على قدم المساواة مع بوكو حرام.

وفي عام 2016، حظرت سلطات ولاية كادونا الحركة الإسلامية في نيجيريا، وأعلنتها «جمعيةً غير قانونية». وفي أغسطس/آب، جرّمت الحكومة النيجيرية الجماعة بوصفها «منظمةً إرهابية»، بالتزامن مع تصعيد أنصار زكزكي لاحتجاجاتهم المُطالِبة بالإفراج عنه. واتّهمت الرئاسة الحركة الإسلامية في نيجيريا «بالهجوم على الجنود، وقتل رجال الشرطة وعضوٍ في فيلق الشباب، وتدمير الممتلكات العامة، وتحدّي سلطة الدولة باستمرار».

وأنكرت الحركة الإسلامية في نيجيريا باستمرار حمل السلاح. إذ وصف بكير، أحد أتباع زكزكي، الحركة بأنّها تُشارك في «المقاومة غير العنيفة. وتصنيفنا جماعةً إرهابية هو إجراءٌ شكلي. فهم يُعاملوننا بالفعل مثل الإرهابيين، ويقتلوننا ويسجنوننا مثل الإرهابيين، وهذا ليس أمراً جديداً علينا».

وأوضح بيج: «يبدو أنّ هناك شيئاً من الانتهازية، من جانب الحكومة، في تصنيف الجماعة جماعةً إرهابية. وبهذا تُبرّر الحكومة الطريقة التي كانت تُعامل بها الجماعة منذ فترةٍ طويلة، والتي تُعتبر غير عادلةٍ على الإطلاق. هذه جماعةٌ تُشارك في الاحتجاجات التي من الواضح أنّها مُزعجةٌ للحكومة، ولكنها سلمية. وكانت الاحتجاجات دمويةً فقط بسبب طريقة تعامل قوات الأمن النيجيرية العنيفة مع الجماعة».

لكن المُعلّقين أشاروا إلى أنّ العنف الحكومي المُتواصل ضد الحركة الإسلامية في نيجيريا قد يدفع بها إلى حمل السلاح، في موقفٍ مُشابه لبوكو حرام التي حملت السلاح بعد قتل قائدها محمد يوسف على يد القوات المسلحة النيجيرية عام 2009.

غير أن بيج اختلف مع ذلك الرأي، موضحاً أنّ الجماعة عانت من العنف على يد السلطات طيلة سنوات، ولكن ذلك «لم يدفع بهم إلى حافة التشدُّد العنيف».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى