الأرشيفتحليلات أخبارية

حصاد السنوات المريرة

بقلم الباحث السياسى والقانونى
حاتم غريب
من زرع حصد نعم هذه حقيقة فالحصاد هو نتاج مانزرع فان زرعنا خيرا حصدناه وان زرعنا شرا حصدناه انها معادلة لاتخطىء نتيجتها وعلينا أن نضعها دائما عنوانا لكل خطوة نخطوها فى حياتنا ومن هنا لابد أن نجلس مع أنفسنا ونصارحها ماذا زرعنا خلال السنوات الماضية وماذا حصدنا هل زرعنا الحاضر جيدا ورويناه بعقولنا وقلوبنا وارواحنا .. هل سقيناه الاخلاق والعلم والارادة وحرية الفكر والكلمة أم ألقينا بذورا فى أرض جرداء بائرة غير صالحة للزراعة وماذا لو لم نزرع الحاضر المثمر فهل يمكننا أن نزرع المستقبل وهو الذى يحتاج الى أرض خصبة تنتج ثمارا طيبة تؤتى أكلها ولو بعد حين.
………………………………………………..
هذا حالنا الاّن بعد مرور سبع سنوات على ثورة شعب ضد الظلم والطغيان والجهل والفقر والتخلف بذور الشر التى ألقيت فى تربة مصر منذ عشرات السنين حتى نمت وامتدت جذورها الى اعماق التربة تمتص خيرها وتتغذى على ماحولها من شجيرات مثمرة فتقضى عليها وتجعلها أثرا بعد عين لقد عانت التربة المصرية كثيرا خلال السنوات الماضية جراء الاهمال المتعمد حتى أصبحت بورا لاتنتج سوى الاشواك والحنضل ليكونا الغذاء الذى يقتات عليه المصريين دون سواهم من الشعوب الاخرى التى زرعت فأحسنت الزراعة فحصدت الخير والسعادة والتقدم زرعت الرقى والتحضر والعلم والعدل والمساواة فحصدت الانسان أعظم الثمار الكونية التى تضفى على الحياة رونقا وبريقا فلولا الانسان بفكره وعقله ما كانت الحضارة التى صنعها لنفسه.
………………………………………………..
لقد ابتليت مصر بزراع لايحسنون الزراعة ويجهلون العلم بها وأقحموا أنفسهم بما لديهم من قوة غاشمة ليقضوا على الأخضر واليابس ويحولون مصر الى صحراء جرداء لازرع فيها ولاماء هكذا غرسوا غرسهم منذ ستون عاما أو ينيف متجاهلين العلماء وأصحاب الخبرات فى مجالات الحياة المختلفة فكان أول ما ألقوه فى التربة المصرية بذور الفساد والانحطاط الاخلاقى والعداء للدين والتدين تلاها بذور الفقر ثم الجهل والتخلف ففى عهدهم كانوا يطلقون المرأة من زوجها بالقوة ليتزوجوها طمعا فى جسدها وحاربوا ستر المرأة فكانوا يريدون للمرأة أن تسير عارية فى الشوارع وزيفوا التاريخ حتى يلائم زمانهم واستولوا على الجاه والثروة ونشروا الجهل والفقر المدقع فى ربوع البلاد لم يغرسوا دينا ولا خلقا ولا علما ولا كرامة ولا عدلا ولا مساواة فهذه بذور لايعرفها الا الاسوياء ذو الدين والعلم والخبرة والخلق الحسن وهم بعيدون كل البعد عن كل هذه الصفات الحسنة.
…………………………………………………
لقد كانت مرحلة التحول من النظام الملكى الى النظام الجمهورى فاشلة ومخيبة لاّمال المصريين وما كان لها أن تحدث ابدا فقد انقلب حال مصر رأسا على عقب بعد هذا التحول الغير مدروس جيدا خاصة أن من قاموا بهذا العمل من عديمى الخبرة وضعيفى النفوس الحاقدين الساخطين على المجتمع حينذاك رغم التحاقهم بالكليات الحربية وهم من أدنى طبقات المجتمع وكانوا سيصلون الى اعلى الرتب لو ظلوا على حالهم وأثبتوا جدارتهم وكفائتهم فى عملهم لكنهم خانوا القسم وخانوا مليكهم وخانوا الشعب ان ماحدث لم يكن انقلابا على الملك فحسب انما كان انقلابا على الشعب ايضا وقد أثبتت الايام ذلك مع مرور السنين كانوا طامعين طامحين للسلطة والثروة والسيطرة والتحكم فى كل مفاصل البلد ولم يكونوا ابدا يعملون لصالح الشعب والوطن وعلى كل منصف متجرد محايد أن يرى ذلك بوضح ويقارن بين حال مصر فى العهد الملكى وحالها الان بعد التحول للنظام الجمهورى كيف كانت وكيف أصبحت والى أين تمضى كيف كانت مصر عفية بعلمائها ورجالها وثرواتها وثقافتها ونظافتها وبهائها ومكانتها رغم انها كانت محتلة من الاوروبيين وكيف أصبحت ضعيفة هشه بجهلائها ومخنثيها ولصوصها وقذارتها وقلة حيلتها من المحتل العسكرى وهاهى تمضى الى طريق مظلم لايعلم مداه الا الله.
…………………………………………………
مصر لم تكن بحاجة الى هذا التحول ولكن كان بالامكان اصلاح مايجب اصلاحه من عيوب فى النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى للمملكة المصرية ويفرض الشعب ارادته نحو تحقيق ذلك فكما ترون جميع الانظمة الملكية الاوروبية من حولنا ناجحة وحققت التقدم والرفاهية لشعوبها وكثيرا من الانظمة الجمهورية فشلت فى تحقيق هذا التقدم والرفاهية للشعوب وقادته الى الفقر والجهل والتخلف ومصر ودول كثر فى منطقتنا خير شاهد على ذلك وقد كان فى مصر نظام برلمانى يضم الصفوة والنخبة من رجال مصر كان بامكانهم وبارادة شعبية اجراء تحول لايخرج عن نطاق النظام الملكى ويكون أكثر عدلا واستقرارا للشعب مع احتفاظ مصر بشكلها التى كانت عليه من رقى وتحضر لكن ماحدث غير ذلك تماما وأتت الغوغاء بعصابة من اللصوص الفشلة الجهله ليلقوا بذور الفتنة والخوف والظلم والفقر والجهل والمرض والتخلف وهاهوذا الشعب يتجرع العذاب والمرارة ويحصد القهر والاستعباد ويتحول لاشباه بشرية.
حاتم غريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى