تقارير وملفات إضافية

حق المقاومة في الرد، والقاهرة لا تريد إحراج نتنياهو.. كواليس اجتماعات قادة المقاومة الفلسطينية مع عباس كامل

أيام حاسمة شهدتها العاصمة المصرية عقب وصول
قيادات حماس والجهاد الإسلامي إليها، وإجرائها مباحثات ثنائية فلسطينية-فلسطينية،
وفلسطينية-مصرية، تناولت العديد من القضايا الداخلية، كالوضع الإنساني المعيشي في
القطاع، والتهدئة الأمنية مع إسرائيل، وصولاً لبحث المصالحة والانتخابات.

لكن اللافت في هذه الجولة من المباحثات الفلسطينية
في القاهرة أنها انتهت بموافقة الأخيرة على السماح لإسماعيل هنية رئيس المكتب
السياسي لحماس للقيام بجولة خارجية، بعد رفضها لطلباته لما يزيد على عامين، ما
أفسح المجال لتفسيرات تفيد بأن حماس ربما وافقت على عروض مصرية، نالت بموجبها
الموافقة على مغادرة هنية لمطار القاهرة.

مصدر فلسطيني قريب من مباحثات القاهرة، أخفى
هويته، أبلغ موقع «عربي بوست» بأن الحوارات ركزت على وقف العدوان
الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، خاصة المشاركين بمسيرات العودة، وإنهاء الانقسام،
وتحقيق المصالحة، وتمسك المقاومة بحقها في الرد على العدوان في كل لحظة، وإلزام
إسرائيل بشروط وقف النار بعد جولة القتال الأخيرة.

وأضاف أن القيادات الفلسطينية أبدت للمسؤولين
المصريين حرصها على ضرورة الاستمرار خلال الأشهر القادمة في المسار الحالي من
التفاهمات الإنسانية مع إسرائيل الموقعة في أكتوبر/تشرين الأول 2018، و
«تفويت الفرصة عليها في ظل أزمتها الداخلية، دون التطرق لموضوعات التهدئة
طويلة الأمد والجزيرة العائمة والمطار، ومشاريع استراتيجية، لأن كل ما يتم الحديث
عنه هو من اختراع ماكينة الدعاية الإسرائيلية وبعض أبواقها»، على حد قوله.

تبدو واضحة الرغبة المصرية بعدم إحراج نتنياهو
بهذه المرحلة الحرجة له، وربما السعي لإنجاحه في الانتخابات، بطلب المخابرات
المصرية من الفلسطينيين عدم إحداث تصعيد أمني في غزة، يمنح خصومه فرصة المزاودة
السياسية عليه، في ضوء علاقته الوثيقة بالنظام المصري الحالي.

وكان سمير غطاس، عضو البرلمان المصري والقريب من
دوائر المخابرات المصرية، كشف أن مفاوضات مصر توصلت
إلى اتفاق مبدئي بقبول التهدئة طويلة الأمد مقابل عدم المسّ بسلاح المقاومة، ووقف
الاغتيالات، وصفقة تبادل أسرى مرتقبة.

وأضاف أن الهدنة سيقابلها تسهيلات تدريجية في غزة
ليست فورية، كتمديد مساحة الصيد، وزيادة عدد الشاحنات التي تصلها، ودراسة مشروع
الجزيرة والمطار والمصانع التي ستقام على حدود القطاع، مقابل وقف إطلاق الصواريخ
من غزة، وبقاء المسيرات سليمة، في حال استمرارها.

لكن خالد البطش، عضو المكتب السياسي للجهاد
الإسلامي، المشارك بمباحثات القاهرة، أصدر بياناً ذكر فيه أن «ما يثار من
تسريبات حول لقاءاتنا مع الإخوة المصريين تهدف لضرب الثقة في الصف الوطني
الفلسطيني، وزيادة التناقضات، ولا صحة لأي أحاديث مصرية عن هدنة طويلة مع
الاحتلال».

موقع «عربي بوست» علم أنه «بالتزامن مع مباحثات حماس في القاهرة، قام نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة للمنطقة، بزيارة خاطفة لغزة، ونقل مقترحات إسرائيلية لتحسين الواقع المعيشي فيها، تم نقلها للمجتمعين في القاهرة».

وقد حظي اجتماع عباس كامل، رئيس المخابرات
المصرية، بقيادتي حماس والجهاد بأهمية استثنائية، فالعادة جرت أن يجتمع الصف
الثاني من الجهاز بالفصائل الفلسطينية، ممثلاً بمسؤول ملف فلسطين أحمد عبدالخالق،
ووكيله أيمن بديع، ما أفسح المجال لتخمين أجندة هذا اللقاء رفيع المستوى.

وقد أجرى القادة الفلسطينيون مباحثات تفصيلية فور
وصولهم القاهرة مع المسؤولين الأمنيين المصريين، وبحثوا تفاصيل الوضع القائم بغزة،
وشكل لقائهم مع كامل تتويجاً للمباحثات، واتفاقاً نهائياً تمثل بضرورة تفويت
الفرصة على إسرائيل خلال الأسابيع القادمة، خوفاً من نقل أزمتها الداخلية للقطاع،
وشن عدوان جديد عليه.

وسام عفيفة، رئيس شبكة الأقصى الإعلامية في غزة،
قال لـ «عربي بوست» إن مباحثات القاهرة ركزت على تنفيذ التفاهمات
الإنسانية بين حماس وإسرائيل بوساطة قطر ومصر والأمم المتحدة، وإمكانية توسيعها
وتمديدها.

وأضاف: «لعل التصعيد الأخير في غزة في
نوفمبر/تشرين الثاني شكّل فرصة للجانبين بوساطة مصر لبذل جهد إيجابي أكثر بزيادة
التسهيلات الإنسانية في القطاع، من خلال زيادة مطردة في أعداد العمال الفلسطينيين
من غزة الذين يدخلون إسرائيل، من 5 آلاف إلى 20 ألفاً، رغم وجود خلافات إسرائيلية
بين الجيش والمخابرات».

وأوضح عفيفة أن حماس أبلغت المصريين في لقاءاتهم
الأخيرة بأنها ليست متشجعة لإطلاق مسميات جديدة على هذه التفاهمات مثل هدنة أو
تهدئة أو تسوية، على اعتبار أن إسرائيل تعيش مرحلة انتقالية، ولا تستطيع الحكومة
الحالية اتخاذ قرارات بعيدة المدى.

وذكر أن حماس لا تريد بيع مواقف لنتنياهو يوظفها
ضمن تنافسه الانتخابي مع خصومه السياسيين، وفي المقابل تعود على حماس باتهامات
ومناكفات فلسطينية داخلية، مع أن أحد أسباب هجوم السلطة الفلسطينية الأخير على
المشاريع الإنسانية الجديدة بغزة يعود لمعرفتها بتفاصيل مباحثات القاهرة، واحتمال
أن تسفر عن تسهيلات جدية للقطاع.

جاء لافتاً عقب انتهاء مباحثات حماس في مصر أن
يغادرها هنية متجهاً إلى مطار القاهرة الدولي في طريقه لتركيا، بعد موافقة مصرية
تأخرت طويلاً للسماح له بإجراء جولة خارجية، تأخذه لعدد من الدول، أهمها تركيا
وقطر والكويت ولبنان وموريتانيا وماليزيا، بجانب روسيا.

ولكن حتى اللحظة لم يتضح إذا ما كانت إيران على
أجندة جولة هنية، في ضوء تواتر الأنباء التي تتحدث عن طلب مصر منه عدم زيارتها
خشية إغضاب السعودية، فضلاً عن إسرائيل والولايات المتحدة، وجميعها معنية بإبعاد
حماس عن المحور الإيراني في المنطقة.

من المتوقع أن يعرض هنية في إطار جولته الإقليمية
نتائج مباحثاته على قيادة حماس في الخارج، وأصدقائها وحلفائها في المنطقة، لمزيد
من التشاور، على اعتبار أن المصريين يفضلون إشعار الجميع، الفلسطينيين
والإسرائيليين، بأنهم رابحون من هذه المباحثات على طريقة «WinWin».

مصطفى الصواف، رئيس التحرير السابق لجريدة فلسطين
بغزة، قال لـ «عربي بوست» إن المعطيات المتوافرة حتى اللحظة تفيد بأن
رئيس المخابرات المصرية طلب من زعيمي حماس والجهاد الإسلامي، التأكيد على التهدئة
الأمنية القائمة في غزة، بعيداً عن إطلاق أوصاف عليها، طويلة الأجل أم قصيرة،
بجانب تفعيل قوات الضبط الميداني على حدود غزة وإسرائيل لمنع التفلتات الحاصلة بين
حين وآخر من إطلاق الصواريخ التي تتسبب بهجمات إسرائيلية على غزة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى