آخر الأخبارتحليلات

حلم فرنسا الإستعمارى البغيض في ليبيا ؟وهل تحررت الجزائر وتونس عن فرنسا الإستعمارية؟

فرنسا وكذبة الحريات وإستعمارها الذى لاينتهى ومازات الجزائر وتونس تحت الإحتلال

تحقيق بقلم الخبير السياسى والمحلل الإقتصادى

دكتور صلاح الدوبى

الأمين العام لمنظمة “إعلاميون حول العالم”

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم” فرع جنيف- سويسرا

رئيس اتحاد الشعب المصرى

“عضو مؤسس في المجلس الثوري المصري”

متى تتحرر الجزائر وتونس من السيطرة والإستعمار الفرنسى؟ متى يتم القضاء على عملاء فرنسا فى الدولتين ؟

ترتبط فرنسا بتاريخ ونفوذ استعماري تحاول أن يستمر بكافة الطرق وتعززت هذه الإستراتيجية منذ سقوط القذافي وتقسيم السودان وثورات الربيع العربي في تونس وليبيا ومصر.

النفوذ يعني القدرة على التأثير في صناعة القرار، والتمكين من استمرار الهيمنة الاقتصادية والثقافية، وتوفير سوق في الساحل والصحراء لعدد من المستهلكين يصل إلى 500 مليون نسمة.

أمر آخر يجعل فرنسا تستمر في دعم حفتر يتعلق بالجغرافيا السياسية الليبية، فالمنطقة الشرقية في ليبيا تمتد داخليا أو لها قوة دفع مركزي نحو الجنوب الليبي، لذا من يسيطر على الشرق الليبي يسيطر على الجنوب، بينما من يسيطر على  طرابلس التي تملك قوة دفع خارجي نحو أوروبا يكون في قلب المعادلة الدولية المتعلقة بالجغرافيا الليبية، وبما أن فرنسا لا تريد ليبيا لذاتها إنما لغيرها (وهي إفريقيا) فإن حفتر يمثل فرصة إستراتيجية لضمان مصالحها في الجنوب الليبي وإفريقيا، واستمرار نفوذها التاريخي إضافة إلى السيطرة على ليبيا، بوابة إفريقيا ومد خلاياها لدولة بحجم ليبيا وموقعها الإستراتيجي.

أسوء الدول الإستعمارية فرنسا مدعية الحريات

في إطار هذه الإستراتيجية يمكن تفسير سلوك فرنسا بدعم جنرال متمرد من أجل الوصول للحكم، السردية لن تكون غريبة إذا وضعت في سياقها التاريخي والإستراتيجي فهذا ديدن فرنسا في كل إفريقيا وليس في ليبيا وحدها، لكن الغريب هو هذا التناقض الواضح بين التصريحات التي تدعم الشرعية في ليبيا وتدعم اتفاق الصخيرات ومخرجاته وحكومة الوفاق والدعم العسكري في نفس الوقت للجنرال حفتر.

مصطلح النفاق المنظم هو أحد الاصطلاحات المستخدمة في الأدبيات السياسية حين تتعارض مصالح الدول بين الاعتراف الدولي ومصالحها الخاصة[14]، لذا فإن فرنسا ترى مصالحها في دعم حفتر، أولا لأنها تدعم النظم الدكتاتورية، وترى أن دعم حفتر أقرب لمصالحها لأنه يسيطر على الشرق الليبي وهو يمتد جغرافيا للجنوب حيث تتركز مصالح فرنسا في ليبيا.

هذا السلوك ظاهر في عدة حوادث كانت فرنسا فيها داعمة للخيار العسكري وتوفر غطاء عسكريا وسياسيا للطرف المعتدي على العاصمة طرابلس رغم قرارات مجلس الأمن (القرار 2510) وهي عضو فيه، حيث كانت تجرم توريد أطراف النزاع بالسلاح وتدعم الحل السياسي. هذا السلوك ظاهر في عدة محطات.

في 20 يوليو/تموز 2016 قال الرئيس فرانسوا أولاند: ننفذ في الوقت الحالي عمليات مخابرات خطيرة (في ليبيا)… قتل 3 من جنودنا المشاركين في هذه العملية في حادث طائرة هليكوبتر”[15]. هذا التدخل تعززه كثير من الشهادات من خلال مجموعة حوارات مع شهود عيان في الحرب التي دارت في بنغازي ودرنة.

 في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، سقطت طائرة استطلاع فرنسية صغيرة مستأجرة من لوكسمبورغ، بُعيد إقلاعها من مطار مالطا، وقتل ركابها الخمسة، الذين تبين فيما بعد أنهم يعملون لحساب وزارة الدفاع الفرنسية، وأنهم كانوا في مهمة سرية للاستطلاع في سماء مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، التي تضم أقوى الكتائب المناوئة لحفتر. تأكدت هذه الاتهامات بعد نتائج التحقيق مع الطيار التابع لقوات حفتر “عامر قجم” والذي سقطت طائرته في الزاوية في ديسمبر عام 2019[16].

في 18 أبريل/نيسان 2019، أعلنت تونس ضبط مجموعة تتكون من 13 فرنسيا، قدموا إلى تونس عبر 6 سيارات رباعية الدفع، تحت غطاء دبلوماسي ومعها أسلحة وذخيرة[17].

تقرير الخبراء للأمم المتحدة يتحدث عن مجموعة من المرتزقة من السودان وتشاد يقدر عددهم بالآلاف يقاتلون لجانب مليشيات خليفة حفتر وهذا يتم بمرأى ومسمع من فرنسا وبدعم بالمال لهذه القوات من دولة الإمارات[18].

بعد أن تمكنت قوات الوفاق من السيطرة على مركز قيادة حفتر بمدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس) في هجوم خاطف استغرق ساعات في 26 يونيو/حزيران 2019، تمكنت خلاله من اكتشاف صواريخ “جافلين” الأميركية المضادة للدروع. وقالت وزارة الدفاع الفرنسية: إنها “اشترت الصواريخ من واشنطن، وأرسلتها إلى ليبيا لتستخدمها وحدة فرنسية، تم إرسالها من أجل مكافحة الإرهاب هناك، لحماية نفسها”.

هذا السلوك الفرنسي بات واضحا، ففي كل مرة يحاول الرئيس الفرنسي أن يبرز للمجتمع الدولي أنه قادر على التحكم في سلوك حفتر وإجباره على وقف إطلاق النار في ليبيا، آخر هذه المحاولات جاءت بعد بروز كل من روسيا وتركيا كفاعل رئيسي في الملف الليبي، تركيا باتفاقها مع حكومة الوفاق من أجل الأمن والحماية، وروسيا من خلال وجودها على الأرض عبر شركة فاغنر الأمنية، في هذه المحاولة زار الجنرال حفتر الرئيس ماكرون الذي أعلن بعد الزيارة موافقة حفتر على وقف إطلاق النار، الأمر الذي لم يحدث حتى اليوم[19].

يمكن أن نضيف هنا لتفسير هذا السلوك المتناقض لفرنسا ما ذكرناه عن أن سلوك الرئيس الفرنسي الخارجي ينعكس على الداخل، فماكرون لا يريد أن يصرح بتدخل صريح في ليبيا لجانب الجهة المتمردة على الشرعية، حتى لا يبدو كمن يضع فرنسا في صورة المستعمر خوفا من ردود أفعال لهجمات إرهابية تطال فرنسا، “في حال تدخلت فرنسا بشكل علني، فمن شأن ذلك أن يفجر مشاعر الكراهية نحوها، سيما بفعل الفوضى والأضرار الجانبية التي تسببت فيها خلال تدخلها العسكري في 2011”.

الخبير تابع بالقول: إن “الفرنسيين الذين يدفعون بالفعل ثمن تدخل بلادهم في الخارج (هجمات 13 نوفمبر/ تشرين الثاني التي تبناها تنظيم الدولة، لن يقبلوا أبدا بالتزام جديد من هذا النوع، وبأي حال، وحتى وإن ضغطت فرنسا وغيرها من البلدان الموجودة على الأراضي الليبية لصالح تدخل محتمل، فسيكون من الصعب تجاهل اتفاق الصخيرات، الموقع في المغرب بين مختلف الأطراف الليبية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، والذي ينص على أنه لا يمكن أن يتم أي تدخل أجنبي في البلاد بدون موافقة ليبية

خطط فرنسا السيئة

ربما يتضح مما سبق أن التوجهات الفرنسية في ليبيا تعتمد على إستراتيجية تدرك التحولات الدولية وترى في ضم ليبيا لخلية إفريقيا أمرا ممكنا من خلال دعم خليفة حفتر للسيطرة على النظام السياسي في ليبيا. إلا أن هناك تطورات أساسية أعاقت التوجهات الفرنسية في ليبيا تمثل فشلا لقيادة الرئيس ماكرون للسياسة الخارجية لفرنسا في إفريقيا.

في مبادرة لإعادة الدور الأوروبي للملف الليبي كان مؤتمر برلين في 10 يناير/كانون الثاني 2020 والذي خرج بالتزام كافة القوى المعنية بليبيا بوقف إطلاق النار، إلا أن قوات حفتر استمرت في الهجمات العشوائية على العاصمة طرابلس، الملاحظ أن كثرة اللاعبين في ليبيا لم تؤل في النهاية إلى التوازن بل إلى حالة من التملص من كافة القرارات الدولية، فبعكس ما يحدث في سوريا كل قرارات مجلس الأمن المعنية بليبيا كانت ضد الاستمرار في الخيار العسكري، ومع ذلك استمرت فرنسا في دعم حفتر والوقوف بجانب قواته سياسيا وعسكريا.

لكن كما يبدو أن فرنسا باتت تخسر إفريقيا، وأن الوجود الصيني والأميركي والتركي والروسي في إفريقيا يجعل من توجهات فرنسا محدودة وضيقة الأفق بل إنها تثير الكثير من التساؤل حول قيادة الرئيس ماكرون وقدرته على إعادة دور الاتحاد الأوروبي وفرنسا في المنطقة. وهذا ما يفسر محاولات الرئيس ماكرون لتكثيف جهوده الدبلوماسية للتواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول قضايا تتعلق بأوكرانيا وانتقاده العلني لحلف الناتو بأنه في حالة موت سريري.

لكن فيما يبدو أن الرئيس ماكرون يستمر في التلاعب بين الفلسفة والواقع، ففي حين يريد أن يظهر القوة الفرنسية من خلال توجهات ثورية فإنه لا يستطيع أن يخسر ألمانيا التي تمثل قطب الرحى في الاقتصاد الأوروبي وفرنسا بحاجة للاتحاد الأوروبي كظهير اقتصادي وإستراتيجي لا يمكن التخلي عنه في المرحلة الراهنة.

فرنسا والرئيس ماكرون -كما ذكرنا سابقا- تشعر بأن الصين وروسيا صارتا قوتين صاعدتين وأن الولايات المتحدة الأميركية من الممكن في ظل سياسة الرئيس ترامب أن تترك فرنسا خلفها، وأن الاتحاد الأوروبي يعاني من خلل بنيوي واقتصادي وقد يفقد قوته الإستراتيجية، بمعنى أن الرئيس ماكرون يدرك ضعف فرنسا أمام هذه المتغيرات ويريد أن يستفيد من الاتحاد الأوروبي دون أن تكون له الصدارة.

بالنسبة للملف الليبي، فإن الدور الفرنسي مدمر لكل العمليات السياسية، فهو يغري حفتر بالمزيد من العنف، ويؤخر الحل السياسي الذي لا يوجد سواه.

هذه التحولات بالطبع لن تكون سهلة ولن تغني فيها إدانة الرئيس ماكرون للحقبة الاستعمارية، بل سيكون هناك تحد حقيقي للدول الإفريقية لبناء استقلالها بعيدا عن الوصاية الفرنسية، وهذا ربما ما جعل الموقف الفرنسي اختبارا حقيقيا للعقلية الاستعمارية التي تحكم قيادة فرنسا ويبدو أنها لم تتغير كثيرا بحرصها على وجود نظام عسكري حاكم في ليبيا[22].

يقابل سيناريو التراجع الإستراتيجي لفرنسا عن المشهد في ليبيا وإفريقيا، سيناريو آخر قد يجعلها وأوروبا لاعبا ضمن لاعبين آخرين في ملفات المنطقة من سوريا وليبيا وذلك سيعتمد على بناء علاقات بناءة مع تركيا وروسيا، وهنا تبدو قدرة الرئيس ماكرون على التأثير محل جدل ونقاش في قدراته القيادية لتمثيل السياسة الخارجية وإقناع القادة العالميين بقدراته. في عالم ما بعد الحداثة وتراجع الديمقراطية حيث تبدو فكرة القيادة أساسية لفهم ما يحدث في العالم.

النظام السياسي الفرنسي يعطي للرئيس القدرة على بناء قيادة سياسية تهدف لتعزيز الاستقلال والوحدة الوطنية الفرنسية. هذا العرف لم يتغير كثيرا فرغم محاولات الرئيس ماكرون طرح رؤيته كثورة في السياسة الخارجية الفرنسية تهدف لإعادة قوة الاتحاد الأوروبي إلا أنه لم يتجاوز السياسة الخارجية للرئيس جاك شيراك وفرانسوا ميتران.

هناك دعم لتحركات عسكرية في ليبيا وتنفيذ سياسات قصيرة المدى بدعم الاستقرار الذي تفرضه القوة على حساب بناء نظام تكاملي يحقق مصالح فرنسا والدول الواقعة في مجالها الحيوي.

ظهر هذا جليا في المشهد الليبي من خلال ممارسة النفاق المنظم وبدل أن تحقق فرنسا إستراتيجيتها التي تسعى لضم ليبيا لخلية إفريقيا التي كونت فرنسا من خلالها مجموعة شبكات دبلوماسية وعسكرية واقتصادية لضمان مصالحها في مرحلة ما بعد الاستعمار، فإنها بدأت تخسر إفريقيا وتفقد قدرتها على التأثير في المشهد الليبي، ولم يغن عنها محاولاتها بين الحين والآخر دعوة خليفة حفتر وإعلانه من باريس عن قبوله بوقف إطلاق النار لأن الواقع على الأرض يؤكد أن حالة عدم اليقين في المشهد الليبي تجعل حفتر يتحرك بين حليف وآخر للاستمرار في المشهد كقوة عسكرية يحق لها الدخول في أي مفاوضات مستقبلية.

فرنسا بدل أن تزيد من نفوذها في إفريقيا عبر دعمها للحل السياسي في ليبيا عززت صورة المستعمر الذي لا يبالي بالمستقبل مادام بإمكانه أن يمسك بتلابيب الحاضر.

ماكرون دعا حفتر إلى قصره وتجاهل الإيطاليين

فكانت واحدة من أول وأبرز مبادرات الرئيس إيمانويل ماكرون بُعيد فوزه بالرئاسة في 2017 دعوة حفتر والسراج إلى قصرٍ خارج باريس، لمحاولة التوسط في اتفاقٍ لتقاسم السلطة.

ولم يُكلِّف نفسَه عناء إشراك الإيطاليين. ففي نهاية المطاف، كان ذلك جزءاً من حملة من اجتماعات القمة لإظهار عودة فرنسا إلى الساحة الدولية.

ويبدو أنَّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، مهندس استراتيجية “دعم حفتر” حين كان وزيراً للدفاع، على خلافِ ما كان يراه خبراءُ وزارة الخارجية، قد أقنع الرئيس الشاب بأنَّ ليبيا ثمرة سهلة القطف.

فهنا كانت تكمن الفرصة لإظهار مهارات ماكرون في بلدٍ لطَّخ فيه سلفه قبل الأخير، نيكولا ساركوزي، سمعته بالتقرُّب من القذافي، ثُمَّ قاد حملةً جوية للإطاحة به باسم “التدخُّل الإنساني”.

فرنسا تقود محور الشر

لكنَّ المسؤول الفرنسي قال إنَّ حب باريس لرجل ليبيا القوي يتعلَّق بتحالفاته الاستراتيجية في أنحاء الشرق الأوسط، الأوسع نطاقاً بدرجة أكبر بكثير من الاعتبارات التجارية.

فباريس تصطف إلى جانب الحكام الإماراتيين والسعوديين والمصريين، الذين باعتهم أسلحة بالمليارات، في مقابل تحالفٍ أكثر تفكُّكاً يضم قطر وتركيا العابر للحدود الوطنية، التي حكمت مصر لفترة وجيزة قبل أن يُطاح بها في انقلابٍ عسكري عام 2013.

لم تتحرر تونس من الإستعمار الفرنسى البغيض حتى اليوم برغم قيام الشعب العطيم بثورته

جرائم فرنسا في تونس بدأت بمحاولات طمس هوية البلاد، حيث عمل المحتلّ الفرنسي منذ البداية على إزالة كل ما يربط التونسيين بهويتهم من خلال عمليات تجنيس ممنهجة، وفرض للغة الفرنسية وإقصاء للعربية، وفرض الديانة النصرانية مقابل التضييق على المسلمين.

ويعود تاريخ أول قانون يسمح للتونسيين بالحصول على الجنسية الفرنسية إلى يوم 29 يوليو/ تمّوز سنة 1887، أي بعد ست سنوات من بداية الاحتلال، ويسهّل هذا القانون على التونسيين الحصول على الجنسية الفرنسية بشروط ميسرة.

اغتيالات ممنهجة

عمدت فرنسا أيضًا إلى اغتيال عديد القيادات الوطنية في تونس، أبرزهم فرحات حشاد، مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يعتير أحد أبرز زعماء الحركة الوطنية، حيث قاد الحراك النقابي الوطني ضد المستعمر، وعرّف بالقضية التونسية في المنابر الدولية. قامت فرنسا بتصفيته يوم 5 ديسمبر/ كانون الأول عبر منظمة اليد الحمراء.

اغتالت فرنسا أيضا يوم 13 سبتمبر/أيلول 1953، الزعيم الهادي شاكر الذي كان يشغل منصب أمين مال الحزب الحرّ الدستوري، وكان شاكر قد ترأس قبيل اغتياله المؤتمر السري للحزب في يناير/ كانون الثاني 1952 الذي انبثقت منه المقاومة المسلّحة.

إلى جانب ذلك، اغتالت فرنسا الحكيم عبد الرحمان مامي، يوم 13 يوليو/ تموز 1954، و يعتبر “مامي” أحد زعماء الحركة الوطنية، وقد كان أحد أعضاء اللجنة التي كونها الباي في صيف 1952 لدراسة الإصلاحات الفرنسية، والتي رفضتها هذه اللجنة في النهاية لخلوّها من مطالب الاستقلالية والسيادة الوطنية.

جرائم فرنسا فى تونس

جرائم فرنسا في حقّ التونسيين لم تنته مع استقلال تونس، فقد تواصلت إلى ما بعد تاريخ 20 مارس/ آذار 1956، ففي يوم 8 فبراير/ شباط 1958 قصف الطيران الفرنسي قرية ساقية سيدي يوسف التونسية الحدودية مع الجزائر، تاركًا أكثر من 70 قتيلًا و100 جريح.

كان يوم سبت، كانت القرية مكتظة فهو اليوم المخصّص للسوق الأسبوعية لها، الجميع محتشد حول المحلات وأصوات الأهالي والباعة مرتفعة، فجأة يسمع صوت رهيب يصمّ الأذان، فيسمع بعده صراخ وعويل، إنه صوت قنابل وقاذفات مصدرها سرب طائرات فرنسية.

أحداث بنزرت 1961

سنة 1961، بعد خمس سنوات من الاستقلال، طالبت تونس فرنسا بسحب جنودها من مدينة بنزرت وبدأ الجيش التونسي في التحرك في هذا الاتجاه، لكن باريس قابلت ذلك بإرسال معدات مدرعة و آليات عسكرية وفرق هندسة ميدانية ومدافع بعيدة المدى وبطريات هاون وحاصرت المياه الإقليمية التونسية بالبوارج الحربية وحاملة الطائرات كليمونسو والبارجة الثقيلة جورج ليق والوحدات المظلية المنضوية تحت لواء ليجيون ايترونجار.

جرائم اقتصادية

لم تكتف فرنسا بعمليات القتل المباشرة والاغتيالات، بل وصلت حدّ الاقتصاد أيضًا لضمان تدفّق الخيرات التونسية لها حتى بعد خروجها الرسمي من هناك، فقد عملت فرنسا على تضمين بنود في اتفاقيات الاستقلال تسمح لها بمواصلة نهب ثروات تونس.

ففي وثيقة الاستقلال الداخلي التي وقّعت في يونيو/حزيران 1955، أعطت فرنسا لنفسها امتيازات مجحفة في استغلال الأراضي التونسية لاستخراج مواد الطاقة ونقلها، دون أن يكون لتونس الحق في تغيير العقود أو مراجعتها رغم أنه كانت هناك بعض المحاولات في السبعينيات من الدولة التونسية لتحسين شروط التفاوض.

 وكانت هيئة الحقيقة والكرامة التونسية، قد أوضحت قبل نحو سنة من الآن أن فرنسا واصلت استنزاف ثروات البلاد التونسية حتى بعد الاستقلال بتكوين شركة TRAPSA بمقتضى اتفاقية مع البلاد التونسية سنة 1958، لمد أكثر من 510 كيلومترات من إجمالي 775 كيلومترًا مربعًا من قنوات نقل البترول من “عين أميناس” بالجزائر إلى ميناء الصخيرة بصفاقس.

جرائم الاستعمار في الجزائر تلاحق فرنسا ولم تتحرر الجزائر من الإستعمار الفرنسى حتى اليوم

أخذت قضية استرجاع جماجم شهداء المقاومة الجزائرية من متحف التاريخ الطبيعي بباريس حيزا كبيرا من النقاش الدائر هذه الأيام في الجزائر، بعدما بثت إحدى القنوات الفرنسية تقريرا عن هذا الملف، لتعيد النقاش مجددا حول أحد أبرز ملفات الذاكرة التي تصور تاريخ الاستعمار الفرنسي الأسود في الجزائر، وعلى ضوء ذلك تجدد مطلب حساسيات المجتمع المدني الداعي إلى ضرورة استعادتها.

ويرجع الفضل في تفجير القضية واكتشاف جماجم رموز المقاومة الجزائرية التي كانت مخبأة في متحف الإنسان بباريس حيثُ يمنع على زواره مشاهدتها، إلى الباحث الجزائري علي فريد بلقاضي الذي وجدها في مخازن داخل المتحف في مارس 2011، وصرح الباحث للقناة الفرنسية 24 أنه “من المفروض عدم ترك هذه الجماجم في هذا المكان لأنه ليس مناسبا لهؤلاء الثوار الذين ناضلوا من أجل قضية وليسوا بلصوص أو سراق”. 

ووفقا للتقرير ذاته، فإنه يوجد بالمتحف المذكور، أكثر من 18 ألف جمجمة، منها 500 تم التعرف على هويات أصحابها، بينهم 36 قائدا من رموز المقاومة الجزائرية قُطعت رؤوسهم من طرف قوات الاحتلال الفرنسي في الفترة ما بين (1850 – 1949)، أين تم عزلها في خزائن بعيدا عن أعين زوار المتحف.   

ولم تطرح السلطات الجزائرية القضية على مستوى المحاكم الدولية، حيث أن “الاستقلال تمت مصادرته”، من طرف من أسماهم بـ “حزب فرنسا الذي صار يتحكم في دواليب السلطة في الجزائر“، وهذا ما يثبت حسبه قوله ” عدم وجود أي نية من طرف المسؤوليين الجزائريين للإقدام على هذه الخطوة الجريئة”، واصفا إياهم، في حديثه لـCNN  بالعربية، بأنهم “لا يريدون معاداة فرنسا”. 

و”رغم وجود إثباتات على جرائم فرنسا باعترافات قادة الجيش الفرنسي في مذكراتهم، على غرار ” كافينياك” الذي كان يطالب جنوده بمحاسبته بجماجم الجزائريين، ناهيك عن الدلائل القطعية والمتمثلة في الجماجم الموجودة في متحف باريس، غير أن السلطات الجزائرية لازالت تتماطل في مقاضاة السلطات الفرنسية أمام المحاكم الدولية بسبب جرائمها المرتكبة في حق الجزائريين إبان الفترة الاستعمارية”، على حد تعبير المحام مشري.

اشتهر الفرنسيين بالقبضة الأمنية فهم من نظم الشرطة في الكثير من الدول العربية , و هم من ابتكر قوات الدرك أو الحرس الوطني لمجابهة المظاهرات أو أي تمرد محتمل .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى