الأرشيف

حوار خاص لمنظمة البركان مع السفير الدكتور يوسف الكردفانى القائم بأعمال سفارة السودان بالنمسا

 

البركان

في عام 1974 من القرن الماضي اورد تقرير اممي اعدته منظمة الاغذية والزراعة العالمية (الفاو) عن حالة الغذاء في العالم، ان السودان وأستراليا وكندا هي سلال العالم من الغذاء، في مجال توفير الغلال والحبوب الزيتية والمنتجات الحيوانية، لما لهذه الدول من امكانات طبيعية. وفي هذه البلدان تتوفر الاراضي الزراعية الشاسعة الخصبة الصالحة للزراعة، والمناخات المتعددة التي تضمن اكثر من موسم زراعي خلال العام، كذلك وفرة المياه النقية متعددة المصادر.
وحسب تقارير المنظمة ذاتها فان استراليا وكندا استطاعتا تحقيق أكبر قدر مما هو مطلوب منهما في عملية توفير الغذاء للعالم، ويكفي انهما صارتا من اكبر مصدري القمح في العالم. كندا تصدر كميات كبيرة من القمح وتمنح كميات اخرى للعمليات الانسانية الواسعة في العالم، واستراليا تسد جبهة عريضة للنقص في غذاء العالم. وفي السودان توجد إمكانيات زراعية ومائية هائلة وثروات حيوانية ومعدنية كبيرة لو تم إستثمارها
بالقدر المطلوب لتم تحقيق حلم سلة غذاء العالم.
للغوص في هذه التفاصيل، وجدتني أحمل أوراقي وأسئلتي إلى رجل أكسبته تجارب السنين ومعايشة أزمات السياسة ومعرفته بمفاتيح الأزمات التى تمر بها السودان قدرة علي توصيف الحالة وتشخيص العلة، ليرسم لناالطريق في ظلمة الأجواء.
إنه سعادة السفير الدكتور يوسف الكردفانى القائم بأعمال السفارة السودانية بالنمسا.

بداية نريد من سعادتكم إطلاعنا علي إمكانيات وفرص الإستثمار في السودان؟

كما أشرتم فالسودان يتمتع بإمكانيات هائلة وموارد غنية قلّ ان تتوفر في بلد واحد، كالأراضي الشاسعة القابلة للزراعة دون تكاليف وإستصلاح، فهي أراض ذات نوعية جيدة وملائمة لمختلف المحاصيل، وما يشغل من هذه الأراضي لا يتجاوز ال25%، فضلا عن إمكانيات السودان في مجال الثروة الحيوانية والتي تقدر بحوالي 130 مليون رأس متجددة وذات نوعية جيدة من اللحوم لإعتمادها علي المرعي الطبيعي كغذاء، كذلك الثروة السمكية الكبيرة من المياه بأنواعها العذبة والمالحة، أيضاً ينتج السودان 80% من الصمغ العربي في العالم، والصمغ العربي هو من المدخلات الزراعية الرئيسية لأهميته في إنتاج العديد من الصناعات الغذائية والدوائية، كل هذه الموارد تؤهل السودان ليكون دولة رائدة  في تطوير الصناعات الزراعية والغذائية. ليس هذا وحسب ففي السودان توجد إحتياطات نفطية تجعله في مصاف الدول المصدرة للنفط والغاز في المنطقة، وتجري حاليا عمليات إستكشاف وإنتاج مكثفة في مختلف المناطق، أضف الي ذلك الثروة المعدنية الكبيرة كالذهب والكروم والحديد والنحاس واليورانيوم وغيرها من المعادن المختلفة، ويساهم الذهب الآن بنسبة كبيرة من الميزانية العامة للدولة. وهذا بدوره يؤهل السودان ليكون دولة صناعية بكل هذه الإمكانات الكبيرة، وقد حقق السودان الآن خطوات متقدمة جداً في تشجيع الإستثمارات وجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية للإستثمار في هذه المجالات. ولا تزال هناك فرص للعديد من الشركات للحاق بالركب والبدء في مشروعات إستثمارية ناجحة والإستفادة من قانون الإستثمار الصادر مؤخراً والذي يمنح العديد من التسهيلات والإمتيازات المشجعة للإستثمار في السودان، ونسبة الي ان السودان عضو في منظمة الكوميسا الأفريقية التي تقوم بتوفير التسهيلات والإعفاءات الجمركية،

فإن من يأتي للإستثمار في السودان عنده الفرصة لتسويق منتجاته ليس في السودان فقط وإنما في دول شرق ووسط أفريقيا وكذلك دول العالم المختلفة. وقد فات علينا الإشارة الي وجود الموارد الجيدة لتطوير قطاعات الطاقات المتجددة من طاقة شمسية وطاقات حيوية مختلفة الأنواع كالإيثانول وطاقة الرياح وتدوير النفايات وتحويلها الي طاقة، كذلك توليد طاقة الأنهار وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة.

هذه معلومات جيدة ولكن لكي يتم جذب هذه الإستثمارات يجب ان يكون هنالك إستقرار سياسي فما هو تعليقكم علي ذلك؟

 السودان يعتبر من أكثر دول المنطقة إستقرارا من الناحية السياسية اذا ما قورن بغيره من دول المنطقة، وفي هذا الإطار فمن المعروف ان الرئيس عمر البشير كان قد أعلن في خطاب تاريخي في فبراير الماضي عن دعوة لكل القوي السياسية السودانية للإنخراط في حوار وطني شامل يهدف الي تحقيق الإستقرار السياسي المستدام والإتفاق علي دستور للبلاد يحظي بالتوافق، وفي هذا الصدد أصدر السيد الرئيس حزمة من القرارات المتعلقة بتهيئة المناخ الملائم لإنجاح الحوار، وتم عقد جلسة تشاورية مع تجمعات الأحزاب بمختلف أطيافهم حيث تم الإتفاق علي تشكيل آلية لتسيير وإدارة الحوار علي ان تتوج هذه المشاورات في نهاية الأمر بمؤتمر للحوار الوطني الشامل تشارك فيه كل القوي السياسية بما في ذلك الحركات المسلحة إذا وافقت علي وقف إطلاق النار ووضع السلاح وأبدت إستعدادا للمشاركة مع توفير كافة الضمانات لهم للمشاركة في الحوار بحرية كاملة، وقد تجاوبت معظم القوي السياسية مع دعوة السيد الرئيس، ففي الجلسة التشاورية الأولي علي المائدة المستديرة شارك أكثر من ٨٣ حزباً سياسيا مسجلاً وفقا لقانون تسجيل الأحزاب وخمسة أحزاب فقط هي التي  لم تشارك في الحوار , وقد تم خلال الجلسة الإتفاق علي تشكيل آلية للحوار ولجنة للإتصال بالأحزاب والحركات التي لم تشارك بهدف إقناعهم بالمشاركة تحقيقا للإستقرار السياسي الذي يعين علي بلوغ المرحلة الإقتصادية والإجتماعية المنشودة.

ما هي ملامح علاقات السودان الخارجية في ضوء التطورات الداخلية والخارجية؟

سياسة السودان الخارجية قائمة علي الإنفتاح الكامل علي كل العالم وتبدأ الأولويات بدول الجوار ثم الدول العربية والأفريقية، كذلك توثيق العلاقات مع دول آسيا وأمريكا اللاتينية وإستمرار الحوارات والتفاهمات مع الدول الغربية، فالسودان يرغب في علاقات خارجية وثيقة مع الجميع تستند علي إحترام السيادة والمصالح المشتركة وتعزز من جهود التنمية الإقتصادية والإجتماعية مما يحقق الإستقرار الكامل في البلاد، وقد شهد السودان مؤخراً إنفتاحات كبيرة مع أوروبا تمثلت في إنعقاد العديد من المؤتمرات الإقتصادية في عدد من الدول مثل النمسا والمانيا وإسبانيا وإيطاليا ومازالت الزيارات متواصلة مع جميع الدول الأوروبية بهدف تعزيز مجالات التعاون مع تلك الدول.

 ما تقييمكم لطبيعة العلاقات مع مصر بعد ثورة 25 يناير والتطورات اللاحقة؟

العلاقة بين مصر والسودان علاقة أزلية وتاريخية وهي ليست مرتبطة بالتغيرات السياسية التي تحدث وبناءً علي ذلك فإن السودان حريص كل الحرص علي علاقات وثيقة وحميمة مع الشقيقة مصر أيا كان من يحكمها، فمن يحكم مصر هو شأن داخلي يخص الشعب المصري وما يهم السودان هو التعامل مع مصر حكومةً وشعبا في إطار أزلية هذه العلاقات وحميميتها.

وبناءً علي ذلك فإننا نتمني كل الإستقرار لمصر في مقبل الأيام ونحن علي ثقة ان العلاقات ستشهد تطورا ملحوظا، وكما تعلمون فإن مقومات التكامل الإقتصادي بين السودان ومصر هي مقومات حقيقية قائمة وقادرة علي تحقيق الرفاه الإقتصادي للشعبين الشقيقين في حال توفر الإرادة السياسية الحقيقية للمضي قدما في خطوات عملية وبنوايا صادقة لتحقيق هذا التكامل المنشود.

ما هو منظوركم لسد النهضة الإثيوبي؟

هذا الموضوع يتم حله بالحوار المفتوح بين كل الأطراف المعنية ومراعاة المصالح الوطنية لكل طرف ، والسودان ظل ولا يزال يسعي سعيا (حثيثا) لتقريب وجهات النظر بين الشقيقتين مصر وإثيوبيا بهدف التوصل الي رؤية مشتركة حول هذا الموضوع بما يحفظ حقوق كل دول الحوض وفقا للقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة، وبالتالي فإن هذا الموضوع حله يكمن في الحوار الجاد والمنفتح بين الجميع.

ما هو تصوركم لمستقبل العلاقات بين بلادكم  وجنوب السودان؟

السودان يسعي الي علاقات متينة مع دولة جنوب السودان اعتبارا للروابط التاريخية والأسرية المعلومة، فنحن شعب واحد في دولتين، وهنالك مقومات عديدة للمحافظة علي وشائج الصداقة والمحبة، كما ان هنالك مصالح مشتركة من الضروري المحافظة عليها تحقيقا للاستقرار والتنمية في البلدين، ونحن نتمني للإخوة في جنوب السودان ان يتوقف نزيف الدم الذي يجري حاليا وان تتفق الأطراف المتصارعة علي رؤية مشتركة تحقق الإستقرار والأمن في جنوب السودان.

وأخيرا الجالية السودانية هنا ! ماهو الدور الذي يمكن أن تلعبه السفارة في حل مشاكلها؟

الجالية السودانية في النمسا جالية متميزة جداً وتعد من أفضل الجاليات السودانية في الخارج، حيث يعمل معظم أبناء الجالية بجد واجتهاد في تطوير قدراتهم والحصول علي درجات علمية وشهادات تدريب في مجالات مختلفة، وقد حقق معظمهم نجاحات مقدرة وفاز بعضهم بجوائز تقديرية علي مستوي دولة النمسا كما حققوا أيضاً إستقرارا إجتماعيا وأصبح هناك جيل ثاني من أبناء الجالية يسيرون في ذات الطريق من النجاحات الملموسة والحرص الكامل علي الإرتباط  بثقافة وحضارة السودان, كذلك تحقيق الاندماج المطلوب والاستفادة من الفرص المتاحة في النمسا، فصاروا خير ممثلين للسودان، وفي هذا الصدد فإن السفارة تسعي دوما للتواصل مع أفراد ومؤسسات الجالية وتقدم لهم التسهيلات المطلوبة لإقامة أنشطتهم الإجتماعية والثقافية وكل ما يربطهم بأهلهم في السودان, كذلك نقوم في السفارة بتسهيل الخدمات القنصلية والهجرية لهم، ومرة اخري فهم مفخرة ونموذج إيجابي للسودانيين في الخارج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى