الأرشيفتقارير وملفات

حينما كانت الرجولة لها اسم ..البطل الشهيد بإذن الله سليمان خاطر الشرقاوي المصري قتلته المخابرات العسكرية المصرية بعد ان تم اختراقها من اسرائيل

تقرير اعداد 
فريق التحرير
في الخامس من أكتوبر عام 1985م، طلع نجم كشهاب ثاقب من سماء مصر .. لم يلبث أن غيّب في غرفة من غرف مستشفى السجن الحربي .. ذلك هو الشهيد – كما نحسبه – البطل الأبي الحر الشريف الوفي لدينه وأمته
” سليمان خاطر ”
هو سليمان بن محمد بن عبد الحميد بن خاطر الشرقاوي المصري رحمه الله تعالى آمين.
ولد رحمه الله عام 1966م، في قرية أكياد البحرية، مركز فاقوس، محافظة الشرقية، لأسرة بسيطة متدينة، وكان هو أصغر إخوانه فهناك ولدين وبنتين قبله.
وفي طفولته وهو ابن تسع سينين، عاين سليمان آثار قصف الصهاينة لمدرسة “بحرالبقر” الابتدائية المشتركة بمحافظته الشرقية في 8 أبريل سنة 1970م، قام حينها جبناء سلاح الجو الصهيوني باستخدام طائرات الفانتوم الأمريكية، وقاموا بنسف المدرسة مخلفين 30 شهيدا من الأطفال، وربما كانت هذه المشاهد من أهم ما أثر في بطلنا الذي كان حينها طفلا في التاسعة من عمره كما قالت أخته أن سليمان: ” جري بسرعة لمشاهدة ما حدث وعاد مهبولا بما رأي”.
أكمل دراسته الإبتدائية والإعدادية والثانوية، وحصل على شهادة الثانوية العامة، وانتسب بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، وألتحق رحمه الله مثل غيره بالخدمة العسكرية الإجبارية، وكان مجندا في وزارة الداخلية بقوات الأمن المركزي.
أخبروه ألا يترك أحد يصعد إلي مكان الخدمة لأنه ممنوع وعندما فعل، حاكموه !!، وقالوا عليه مجنون.

بداية قصة …
وفي يوم 5 أكتوبر 1985م، وكان سليمان في موقع النقطة 46 التي أوكل إلى رجالها تأمين حدود مصر من ناحية خليج العقبة، ومراقبة المياه الإقليمية والشاطئ، والطريق الممتدّ من طابا إلى شرم الشيخ، مروراً بنوبيع، وقد وصفت النيابة العامة العسكرية التي حققت فيما بعد، مع بطلنا سليمان خاطر تلك المنطقة بأنها: “جبلية صخريّة شديدة الوعورة” وبالتالي، فلا يمكن لأحد أن يخلط بينها وبين المناطق السياحية ليبرّر تواجد الصهاينة فيها، إنها منطقة غير سياحية، ولا يجوز اعتبارها غرضاًسياحياً، بل إن أقرب مكان سياحي لها، يقع على بعد 21 كم جنوباً و46 كم شمالاً.
وكان بطلنا سليمان خاطر آمراً لتلك النقطة المزوّدة بوسائل اتصال القطعات التي تتمركز في القطاع /جـ/ حسب تقسيم معاهدة العار ( كامب ديفيد ) للمنطقة، وقد أعطي مدفعاً رشاشاً لحمايتها، مع الأمر بعدم السماح لأحد بالدخول إلى ذلك المركز إلاّ بإذن، مهما كان شأنه.
كان الوقت بعد الغروب بقليل، وقد أخذ الليل يزحف على تلك الهضاب الصخرية الجرداء منذراً بحلول ظلام كثيف وطويل .. وفجأة، أخذت أخيلة تتراقص أمام عينيّ البطل، زاحفة نحوه بأعداد كبيرة، ولاحت له بينها أجساد عارية لنسوة ورجال، أخذ يرقبها وهي تتقدم حتى إذا أصبحت على مدى قريب منه، وزاوله الشكٍ باليقين بأنها إنما تقصده وتقصد بالأخص نقطته التي كلّف بحمايتها ومنع أحد من دخولها، صرخ يأمر المتقدمين بالتوقف مخاطباً إياهم باللغة الإنكليزية قائلا: “stop no passing
” لكنه عرف من أشكالهم وعريهم أنهم غرباء، ولكنهم لم يتوقفوا .. واستمروا في سيرهم المريب، حتى إذا لم يدعوا أيّ مجال للانتظار، أطلق النار في الهواء محذّراً، ولكنهم سخروا من تلك النار -وكانت هناك قبله حادثة كانت مازالت حديثة حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعري على أحد الجنود في سيناء، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة بالأمن المركزي هناك بعد أن ادخلها الشاليه المخصص للوحدة !
فوجهها بطلنا نحوهم نيران رشاشه- بعد أنفرغ صبره، وبعد أن رأى بعضهم يبصقون باتجاهه، وباتجاه العلم المصري – فكان أن قتل سبعة منهم وجرح اثنان(1).
عمالة النظام ..
وبعدد ساعات من ” الحادثة “، صبيحة السادس عشر 1985م، صرح المرتد الخائن حسني مبارك -قبحه الله -، أنه “في غاية الخجل” بسبب قيام جندي مصري بفتح النار على مجموعة من الصهاينة اخترقوا الحدود المصرية مما أدى إلى مقتل سبعة منهم.


صدى الحدث فـي ” الدولة اللقيطة”
وأعلن “شيمون بيريز” رئيس الوزارة الصهيوني قبوله للتبريرات المصرية قبولاً مؤقتاً بانتظار خاتمة الأمر ونتيجة المحاكم، فالصهاينة يريدون عقوبة صارمة لكي تكون درساً في المستقبل لمن تسوّل له نفسه أن يخرج على سيادة إسرائيل، حتى لقد ذهب بعضهم إلى المطالبة بإجراءات فورية وموجعة لضمان سلامة الصهاينة أينما وجدوا، وأن دماء الإسرائيليين لدى “آرئيل شارون” بطل مجزرة صبرا وشاتيلا لا يمكن أن تذهب هدراً، ودعا بعضهم إلى تجريد المنطقة /جـ/ من الأسلحة.
وخطط البعض لاغتيال القنصل المصري في إيلات، ودعا البعض الآخر لإلغاء معاهدة “كامب ديفيد” لأن السلام الصهيوني المصري زائف، ومكلف في الوقت نفسه.
خسة النظام المصري العميل !!
وسلم سليمان خاطر نفسه، وبدلا من أن يصدر قرار بمكافئته علي قيامه بعمله، صدرقرار جمهوريا -مستغلا سلطاته بموجب قانون الطوارئ- بتحويل البطل إلي محاكمة عسكرية، بدلا من أن يخضع على أكثر تقدير لمحاكمة مدنية كما هو الحال مع رجال الشرطة بنص الدستور الوضعي المصري.
والعجب أن سليمان خاطر من رجال الأمن لا من رجال الجيش، فالمحكمة المختصة بالنظرفي دعواه إذاً هي محكمة مدنية، والنيابة العامة أو من يمثلها هي من يخوللها وفق القانون المصري الوضعي أن يقوم بالتحقيق الأوّلي في الموضوع، إلاّ أن المسؤولين المصريين كانوا متأكدين من أنّ القضاء المصري سيبرئ ساحة هذا البطل لأنه لم يفعل سوى القيام بواجبه، وأن من الممكن أن تنشر أمامه أي أمام القضاء أمور لا يحبّ المسؤولون أن تعرف، فقد فجّر الشهيد سليمان خاطر – رحمه الله
قضيّتين خطيرتين:
الأولى : تتعلق بالمهمات التجسّسية التي تقوم بها النساء الصهيونيات العاريات أوشبه العاريات على نقاط الحدود المصرية أشباه تلك المرأة الإسرائيلية التي عملت كما يقول خاطر: “عملت سكرانه ومسطوله ودخلت ونامت في شاليه فيه جهاز إشارة، وطبعاً دي جايه مأمورية وأخذت التردد أكيد، ومشيت، وكلهم بيطلعوا مأموريات واحنا بنطلع مغمّضين”.
أما القضية الثانية : فهي ارتباط معظم ضباط وجنود الأمن المركزي في سيناء بالصهاينة، ويقول سليمان هنا: “كلّه عمال يشتغلوا مع الأجانب وحيضيّعوا البلد، شغّلوا عليهم المخابرات وشوفوا همّه بيروحوا فين”.
لقد فات الشهيد سليمان أن المخابرات المصرية لم تكن مغمضة العينين أوجاهلة بواقع الأمر، إلا أنها لم تكن، في الحقيقة، مستاءة من هذه القضايا بل لعلها كانت تشجعها بتوجيه من المتصهينين للمسارعة في تطبيع العلاقات.
إذاً فالنظر أمام القضاء العادي بموضوع سليمان خاطر يحتوي على كثير من المخاطر، فقد يركب القضاء الموجة الوطنية التي ركبتها المعارضة المصرية نتيجة لفعل رقيب الشرطة هذا، فتأتي العواقب وخيمة، لأنها قد تحرك السوط الصهيوني هناك، على ظهور المسؤولين المصريين الذين ليس من شبيه لهم.
وقام محامي سليمان بالطعن في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام محكمة مدنية، وبالطبع تم رفض الطعن.
وصفته الصحف القومية “بالمجنون”، وقادت صحف العارضة حملة من اجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلا منالمحكمة العسكرية، مؤتمرات وندوات وبيانات والتماسات إلى رئيس الجمهورية ولا من مجيب.
وقال التقرير النفسي الذي صدر بعد فحص سليمان بعد الحادث أن سليمان “مختل نوعا ما”، والسبب أن “الظلام كان يحول مخاوفه إلي أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش فيفزع، وكان الظلام يجعله يتصور أن الأشباح تعيش في قاع الترعة وأنها تخبط الماء بقوة في الليل وهي في طريقها إليه”.
وبناء على رأى أطباء وضباط وقضاة وكلاب الحكومة، عوقب سليمان لأنهم أثبتوا أن الأشباح التي تخيفه في الظلام اسمها صهيونية.


وفي المحكمة …
وهكذا وفي هذا الجو المشبع بالإحباط استمرت محاكمة سليمان خاطر حتى يوم 7/12/1985م، حيث أجلت المحكمة القضية إلى جلسة يوم 22/12/1985م للنطق بالحكم.
وفي جلسة علنيّة نسبياً “إذ حالت قوى الأمن دون وصول الجماهير إلى قاعة المحاكمة”
أصدرت المحكمة العسكرية العليا في السويس والمؤلفة من اللواء مصطفى دويدار “رئيساً” وعضوية اللواء محمد خورشيد والعميد محمود عبد العال، والمقدم يحيى قاسم حسن بصفته ممثلاً للادعاء، أصدرت هذه المحكمة يوم 22/12/1985م بحضور المتهم وهيئة الدفاع حكمها بالقضية رقم 142 لعام 1985 جنايات عسكرية السويس، وقضى الحكم بالسجن المؤبد للبطل سليمان خاطر مع الأشغال الشاقة.
وما أن سمع الشهيد سليمان خاطر الحكم حتى صاح قائلا: “أن هذا الحكم، هو حكم ضد مصر، لأن جندي مصري أدى واجبه”، ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلا: “روحوا واحرسوا سينا، سليمان مش عايز حراسة، سليمان مات”
وقال -رحمه الله – : “أنالا أخشي الموت ولا أرهبه .. أنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشي أن يكون بالحكم الذي سوف يصدر ضدي أثار سيئة علي زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم”.
ومن العجب أن سليمان خاطر صار آخر جندي أمن مركزي متعلم!!، وكان حاصل على الثانوية العامة، ومنتسب بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، وبسبب نخوته ورجولته وعمليته الشجاعة ضد الصهاينة، تغيرت سياسة الدولة ليصبح أختيار جنود الامن المركزي مقتصرا على الأميين فقط.
الحكم قرار سياسي
وللحقيقة والتاريخ فإن الحكم على الشهيد سليمان خاطر لم يكن غير قرار سياسي أعلنته فقط محكمة مشكلة خصيصاً لهذا الغرض، ولا أدلّ على ذلك من استعدادات الدولة قبل صدوره لمواجهة النقمة الجماهيرية، وتهديد اللواء أحمد رشدي وزيرالداخلية في اليوم التالي لصدور الحكم، باستخدام قانون الطوارئ، مما يشيرأيضاً إلى مأزق النظام، من جراء ذلك الحكم الجائر.
أما الأحزاب في مصر، فقد كانت متخلفة جداً عن الجماهير، إذ رفعت الأيدي بالشكر لله الذي أنقذ سليمان خاطر من حكم الإعدام !!، ورأت في الحكم تعبيراً عن اقتناع المحكمة بأن سليمان خاطر جنديٌّ قام بواجبه وإن كان قد تجاوز حدّ الدفاع، وأنه -أي الحكم- ينفي عن سليمان خاطر صفة الإرهاب أو القتل العمد للصهاينة.
التخطيط لقتل البطل ..
وبعد أن صدر الحكم عليهتم ترحيله الي السجن الحربي بمدينة نصر بالقاهرة، وهناك وفي اليوم التاسع لحبسه وتحديدا في 7 يناير 1986م، وفي داخل زنـزانته الانفرادية في السجن الحربي، وفي مساء الجمعة الثالث من كانون الثاني عام 1986 أي بعد أسبوع واحد من صدور الحكم الظالم بدأ مسلسلا الأحداث الذي انتهى بالإعلان عن انتحار بطل سيناء.
ففي ذلك المساء، وحسب ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية وبثّته إذاعة لندن، دخل إلى زنـزانة سليمان خاطر صحفي إسرائيلي يحمل كاميرا، بحجة إجراء حديث صحفي معه، وخرج الصحفي دون أن يجري الحديث لكن بعد أن أصاب سليمان في رأسه إصابات خطيرة بالكاميرا.
وفي اليوم التالي تمّ نقل سليمان خاطر إلى مستشفى السجن الحربي، والسبب الرسمي المعلن لهذا الانتقال هو علاجه من مرض البلهارسيا والذي أكدت أسرته ورؤساؤه ومرؤوسوه أن سليمان لم يكن مصاباً به.
والمرجّح أن زيارة الصحفي الصهيوني للشهيد سليمان خاطر في زنـزانته لم تكن بهدف إجراء حديث صحفي معه، بل بهدف معاينة الزنـزانة والبحث في صلاحيتها لخطوة قادمة كان يجري التخطيط لها في أعلى المستويات.
وجاء تقرير الدولة المخترقة صهيونيا كعادتها ..بأوامر من المخابرات العسكرية
وخرجت علينا الصحف القومية العميلة “بمانشيتات” التي تحمل إمضاء أمن الدولة وتقول”: انتحر بعد أن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بثلاثة أمتار”، وقال تقرير الطب الشرعي انه انتحر، وحسبنا الله ونعم الوكيل في الظالمين.
وقالوا في البيان الرسمي أن الانتحار تم بمشمع الفراش، ثم قالت “مجلة المصور” أن الانتحار تم بملاءة السرير، وقال الطب الشرعي أن الانتحار تم بقطعة قماش من ما تستعمله الصاعقة.
وأمام كل ما قيل، تقدمت أسرته بطلب إعادة تشريح الجثة عن طريق لجنة مستقلة لمعرفة سبب الوفاة، وتم رفض الطلب مما أكد قصة مقتله رحمه الله.
وقال أخوه:”لقد ربيت أخي جيدا، وأعرف مدي إيمانه وتدينه، انه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه، لقد قتلوه في سجنه”.
وقد خطب الشيخ أحمد القطان الكويتي خطبة مزلزلة سمها “لماذا قتل سليمان خاطر ؟؟”
اكتشاف الجريمة البشعة…
إلاّ أن الطبيبين مجدي زعبل، وعبد المنعم عبد الهادي اللذين شاركا في غسل جثمان الشهيد أبديا الملاحظات التالية:
1ـ وجود آثار خنق بسلك حاد قطره 3 ملم، ظهرت آثاره حمراء حول الرقبة مكذبة الرواية الرسمية من أن الشهيد سليمان خاطر انتحر بشنق نفسه بشرشف السريرالذي كان يرقد عليه.
2ـ وجود آثار سحجات في الرقبة.
3ـ وجود آثار كدمات في أعلى الفخذ الأيمن.
4- تجمعات دموية في عينيه وهو ما يتعارض مع ادّعاء الانتحار، لأن وجود هذه الأعراض يؤكد أن الشنق قد تمّ والجسد في وضع أفقي، وبالتالي ينفي حالة الانتحار.
5ـ تقلّصات في الأطراف العليا والسفلى، وهذا يتنافى مع أعراض الشنق، لأنه في الشنق الرأسي يكون الجسد في حالة ارتخاء.
6ـ وجد الفم مغلقاً واللسان غير متدلٍّ، وهذا ينفي حالة الشنق الرأسي ويؤكدالعكس: أي أن عملية الشنق تمّت في السرير، أو على الأرض. يعني في وضع أفقي.
7ـوجدت في أظافر الشهيد آثار لحم بشري، ممّا يدلّ على أنه قاوم قاتليه بشراسة لا مثيل لها.
وأما أم الشهيد …
أما أمه الصابرة المحتسبة فيذكرنا صنيعها بالخنساء، التي جاءها نبأ أستشهاد أبنائها الأربعة فلم تزد على القول:”الحمد لله الذي أكرمني باستشهادهم”.
هكذا كانت أم سليمان خاطر صورة عن تلك النسوة، فعندما علمت بالحكم الجائر، أجهش ابنها الكبير عبد المنعم بالبكاء، فصرخت تنهره قائلة: ” ما تعيطش(3) يا منعم .. أخوك راجل يا ضنايا .. واللي قتلهم أعداءنا .. أخوك مارضيش يطاطي ويبقى جسر يعدو عليه العدوّين .. أخوك ما سابش سلاحه وما فرّطش فيه”.
وبعد استشهاده ..
وما أن شاع خبر موت الشهيد البطل سليمان خاطر حتى خرجت الجموع المسلمة في مظاهرات عارمة تندد بقتله، وخرج طلاب الجامعات، وكذلك طلاب المدارس الثانوية.
وفي قريته أكياد البحرية الواقعة على بعد 45 كم شرقي الزقازيق، شيّع البطل الشهيد سليمان خاطر -تقبله الله في عليين- في جو من الحزن العميق شمل الأقطارالإسلامية كافة.
وفي مشهد أخر في مكان ما، تسلم الصهاينة تعويضاً عن قتلاهم من الحكومة المرتدة التي قالت عنها أم سليمان خاطر حفظها الله:”أبني أتقتل عشان ترضى عنهم أمريكا وإسرائيل”.
وهتف الناس في الشوارع، انقل لكم بعضها كما قيلت باللغة العامية المصرية، “الشعب هياخد التار … الصهيوني ده غدار” و”المعقول المعقول … إن سليمان مات مقتول” و”سليمان قالها في سينا … قال مطالبنا وقال أمناينا” و” سليمان خاطر يا شرقاوي … دمك فينا هفيضل راوي” و “سليمان خاطر قالها قوية … الرصاص حل قضية” وكانت أجمل الهتفات “سليمان خاطر مات مقتول … مات علشان مقدرش يخون”.
وقد أثنى عليه المجاهدون في إنحاء المعمورة منها في شريط “مجزرة غزة وحصار الخونة”: “أقول للغيارى الأحرار في الجيش إن لكم في سليمان خاطر أسوة وقدوة، والمجرم الخائن يستخدمكم لتخونوا دينكم وتحاصروا إخوانكم فحتى مدى ستظلون جنوداً للشيطان؟”.
وقال في “رسالة الأمل والبشر لأهلنا في مصر” ا قال: “إنّ الجيش المصري مليءٌ بالأحرار والشرفاء والأوفياء لدينهم وأمّتهم، أليس الجيش المصري هو الذي كان في صفوفه خالد الإسلامبولي، وعطا طايل، وحسين عباس، وعبد الحميد عبد السلام، وعصام القمري، وسليمان خاطر، رحمهم الله؟ ولكن للأسف تمكّن مبارك والأمريكان من أن يسلِّطوا على ذلك الجيش قيادةً تابعةً لهم”.
رحم الله الشهيد البطل سليمان خاطر، وأسكنه فسيح الجنان، مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحيين، وحسن أولئك رفيقا
1) القصة كما حكاها سليمان … من خلال أقواله في محضر التحقيق قال – رحمه الله – : ” كنت علي نقطة مرتفعة من الأرض، وأنا ماسك الخدمة ومعي السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكيني ومنها عرى ” ، فقلت لهم : ” stop no passing ” .. ماوقفوش خالص وعدوا الكشك، وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي، دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها، وده أمر وإلا يبقي خلاص نسيب الحدود فاضية، وكل اللي تورينا جسمها نعديها “.
وذلك في إشارة منه إلى حادثة كانت مازالت حديثة ساعتها حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعري بالأمن المركزي هناك بعد أن ادخلها الشاليه المخصص للوحدة على أحد الجنود في سيناء، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة!!!
وانتهى هذا الخزى ليس فقط بإغتيال الشهيد الذى ثبت أنه قتل عناصر عسكرية اسرائيلية وليست مدنية ، ولكن أيضا  بدفع مصر 12 مليون دولار بواقع مليون دولار عن كل قتيل إسرائيلي على سبيل التعويض ، ولم يحدث أن إسرائيل دفعت مليما واحدا كتعويضات عن كل سرقاتها أو ما قتلته من المصريين على الحدود . هذا هو هوان كامب ديفيد في عصر مبارك والهوان في عصر السيسى أصبح أكبر.

ملاحظة أخيرة ، أليس من حق أحد من أسرة سليمان خاطر أو أى مواطن مصرى أن يطالب بإعادة فتح باب التحقيق لمعاقبة القاتل المجرم وهو معروف الآن بشكل واضح ومحصور بين 3 أشخاص : مبارك – رئيس المخابرات العامة رفعت جبريل في ذلك التاريخ  –  مدير المخابرات الحربية في ذلك التاريخ  واسمه مشطوب من الانترنت !!

بيان الخارجية  المصرية 1989 لتعزية كل أسرة من أسر الضحايا و التعويض المالي لكل أسرة.
-4- صفحات التعريف الاسرائيلية  الشخصية لبعض ضحايا الحادث (تم صرف تعويضات لذويهم 1989).
  1. ماجد الصاوي فبراير 17, 2018
قرأت بعناية المعلومات والوقائع”التاريخية!” “بدون سبوبة!” وأحب أن أضيف مايلي:
أولا: أنا ممن عاصروا الحدث، وكنت من المشاركين في أحداثه وبشكل خاص إحدى المظاهرات الكبيرة التي إنطلقت من جامعة القاهرة وعلى رأسها العديد من الشخصيات السياسية المحترمة. وهي أيضا أحداث “تاريخية”، أعقبت واقعة إغتيال سليمان خاطر داخل السجن الحربي، حيث انطلقت مظاهرات شعبية كبري، في القاهرة والاسكندرية ومحافظة الشرقية مسقط رأس الجندي سليمان خاطر. تعبيرا عن الرفض الشعبي لإغتيال الجندي المحبوس، وشعاراتها مازالت حية ومدونة “للتاريخ!”.
ثانيا: لا يغيب عن سارد الوقائع التاريخية أن الجهات المصرية المسئولة عن التحقيق لم تباشر معاينة جثث ضحايا الحادث لإن الأجهزة الأسرائيلية أرسلت طائرات هليكوبتر وسيارات لرفع الجثث ونقل المصابين ونقلها لإسرائيل قبل مرور 3 ساعات من الحادث! وهو ما يجعل أي سارد “للوقائع التاريخية” يبحث كيف يمكن الحكم في قضية جنائية (قتل)، دون معاينة الجثث وقيام الأجهزة المعنية بعمل التقارير الطبية اللازمة وباطلاع جهات التحقيق علي تقرير الطب الشرعي الذي لا يستقيم إصدار أحكام (عسكرية أو مدنية) دونه!. هذا ناهيك عن الأسئلة الأخري التي تخص سيادة الدولة المصرية علي “أراضيها!”
ثالثا: بعد حادث الاغتيال مباشرة تشكلت لجنة (غير حكومية) من المحامين للمطالبة بإعادة تشريح جثة الجندي الذي تم اغتياله داخل السجن الحربي، حيث أن تقرير الطب الشرعي الرسمي مليئ بالتناقضات “مثلا أن الجثة حيث وجدت على أرضية الزنزانة كانت تقريبا في وضع القرفصاء أي الركبتين نحو الصدر!”، وقد رفض طلب اللجنة القانونية ولم تتم إعادة التشريح دون إبداء أسباب، وعلى الرغم أن المدة بين تقديم الطلب والواقعة قصير بما لا يسمح بزوال الأدلة التشريحية.
رابعا: كتابة التاريخ (أو الوقائع التاريخية) إذا جاءت مجتزئة، أو تسرد جانب من الوقائع وتخفي الجانب الآخر، تكون كتابة غير محايدة علي أقل تقدير. وإذا أخفت وقائع جوهرية، تكون في حكم “التدليس التاريخي”، وماأكثر المدلسين ممن اضطلعوا بكتابة ما يحلوا لهم بتسميته “الوقائع التاريخية!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى