الأرشيفتقارير وملفات

خطورة تقسيم وتغيير الحدود في الشرق الأوسط

The risk of pushing border changes in the Middle East – MURAT YETKİN

الحدود السائدة حاليا في الشرق الأوسط لا تزال بعيدة عن حالتها المثلى. فقد تم رسمها في الغالب باعتبارها “خطوط في الرمال” من خلال حربين عالميتين. وبدءا من انهيار الإمبراطورية العثمانية في العام 1918 وحتى تأسيس إسرائيل في العام 1948، كان يتم ترسيم الحدود في المنطقة أيضا من خلال مناطق النفوذ على حقول النفط والغاز.

وقد كان هناك آثار مماثلة لتفكك الأسرة العثمانية في جنوب شرق أوروبا، ولكنها استغرقت هناك وقتا أطول من ذلك بكثير حيث استمرت حتى تفكك يوغوسلافيا في منتصف التسعينات.

واليوم، يتم التركيز على الشرق الأوسط. حيث تم إضافة الاحتلال الأمريكي للعراق والحرب الأهلية السورية بعد ذلك إلى حالة عدم الاستقرار السائدة في إسرائيل وفلسطين ولبنان في المنطقة، ولكن بطريقة أكثر انتشارا بكثير.

وهذا ليس كل شيء. فقد أدت أزمة العراق إلى قيام حكومة إقليمية كردية يتم تشكيلها في الشمال على طول الحدود التركية والإيرانية، ووجود الحكم الذي يهيمن عليه الشيعة بحكم الأمر الواقع في الجنوب على الحدود مع إيران والخليج الفارسي والكويت والمملكة العربية السعودية.

temp2

وبعد مرور عشر سنوات، قد ينتج عن الحرب الأهلية السورية إمكانية حدوث تغييرين حدوديين منفصلين ومتضادين. أحدهما بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المنظمة الإرهابية الأكثر عنفا في العصر الحديث والتي تدعي السيطرة على ثلث كل من سوريا والعراق. والآخر بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، المرتبط بحزب العمال الكردستاني الذي خاض حربا مع تركيا من أجل الاستقلال الكردي منذ العام 1984. وباكتسابهم ميزة كونهم قوة برية تساعد كلا من الولايات المتحدة وروسيا ضد تنظيم الدولة الإسلامية، يسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي مع حزب العمال الكردستاني الآن على منطقة تمتد لأكثر من 500 كيلومتر بمحاذاة الحدود التركية بداية من منطقة إقليم كردستان في العراق إلى الغرب باتجاه البحر الأبيض المتوسط. وهذه في الواقع هي المنطقة التي يقاتلون من أجل السيطرة عليها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي أمس (17 مارس) الحكم الذاتي لثلاث مقاطعات كردية في سوريا الفيدرالية، وهو ما حذرت منه تركيا والولايات المتحدة منذ فترة طويلة. وسواء عن طريق المصادفة أم لا، صرح زعيم اقليم كردستان مسعود بارزاني قبل ثلاثة أيام بأن الوقت قد حان لقيام دولة كردستان المستقلة التي يسعى نحوها الأكراد بحسب قوله منذ معاهدة لوزان لعام 1924. وكان بارزاني يشير إلى الاتفاق الذي أدى إلى الاعتراف الدولي بالجمهوية التركية الجديدة في عام 1923 بعد حرب استقلال تركيا ضد الغزاة اليونانيين والبريطانيين والفرنسيين والإيطاليين والأرمن.

وأخبرني مصدر دبلوماسي رفيع المستوى قبل اسبوع أن الأكراد يموتون حاليا من أجل أن يكافؤوا على قتالهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ولكن هل من الممكن أن يتم “مكافأة الأكراد” من خلال اجتزاء الأراضي من أربع دول: سوريا والعراق وإيران (التي وقعت مؤخرا على اتفاق نووي مع الغرب)، وتركيا (العضو الرئيسي في حلف شمال الأطلسي والتي تواجه روسيا)؟

دعونا نفترض أن الحكومتين الفاشلتين السورية والعراقية لا يمكنهما أن يبذلا أي مقاومة فعالة لهذا الأمر. فماذا ستفعل تركيا وإيران؟ هل لدى أحد أية فكرة؟

وربما يمتلك الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الحجة القائلة بأنهم يتكلمون نيابة عن “شعب بلا دولة”، على الرغم من أن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قد صرح قائلا إن “تركيا هي دولة الأكراد أيضا “. ولكن هناك جانبا آخر للموقف يجب أن يتم أخذه في الاعتبار.

إذا ما انتهت سوريا والعراق في نهاية المطاف رسميا، إلى الفشل والتفكك والانهيار، فسوف يمتلك أربع دول ذات إمكانيات سياسية واقتصادية وعسكرية فرصة جديدة للتوسع: إيران والمملكة العربية السعودية (المختلفة مع إيران) وإسرائيل وتركيا.

وبمجرد أن تبدأ الحدود الهشة بالفعل في التغير في الشرق الأوسط، لا يمكن لأحد أن يخمن أين وكيف ستنتهي هذه العملية. ويبدو أن رسم “خطوط جديدة في الرمال” في الشرق الأوسط (عنوان مؤتمر ديتشلي الذي بدأ في 17 مارس) ليس بهذه السهولة.

ديلي نيوز

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى