الأرشيفتقارير وملفات

دولة السيسى والتسعين حرامى تحمي الفاسدين وترفع أسمائهم من قوائم الملاحقة

على ما يبدو، كان عمل مكافحة الفساد هو عمل أسري يخص أسرة السيسي، كون أحد أبنائه الذي يدعى مصطفى، وهو عضو في هيئة مكافحة الفساد وجزء من طاقم هيئة الكسب غير المشروع، زعم في أبريل، أنه ساعد جهاز أمن الدولة برفع قضية ضد سبعة متعاقدين مع الحكومة ومسؤولين حكوميين، بقضايا دفع الرشوة أو التماسها بما مجموعه 170.000 دولار، وذلك داخل الهيئة التنفيذية لمياه الشرب والصرف الصحي في محافظة البحر الأحمر.

التحقيقات، القائمة على أساس الوثائق المسربة، والتسريبات من الداخل، تكشف عن عدد كبير من الممارسات الفاسدة، والفشل الذريع الذي مُنيت به إجراءات الحد من الفساد، من قِبل هذه الجماعات ذاتها التي تزعم بأنها تكافحه، ولنبدأ مثلًا بقضية الـ 9.4 مليار دولار من أموال الدولة، التي خبئها المسؤولون المصريون في الآلاف من الحسابات غير المدققة في البنك المركزي المصري، أو حسابات البنوك التجارية المملوكة للدولة، والتي تم إنفاقها في نهاية السنة المالية 2012 – 2013، وهذه الحسابات التي تم وضع المبالغ بها معروفة باسم “الصناديق الخاصة”، والعديد من هذه الحسابات يتم إدارتها وتشغيلها من قِبل هيئات مثل وزارة الداخلية وهيئة مكافحة الفساد.

تزامن إنفاق المبالغ في نهاية السنة المالية 2012 – 2013 مع إطاحة الجيش المصري بالرئيس السابق محمد مرسي وتسلمه للسطة بالبلاد، لذا من الممكن أن تكون جزءًا من المساعدات الخليجية التي تدفقت إلى البلاد، قد تم حفظها وخزنها أيضًا في حسابات الصندوق الخاص الذي يديره الجيش، خاصة وأنه في وقت سابق من هذا العام، بثت قناة مكملين من إسطنبول، سلسلة من التسريبات الصوتية للسيسي وأعوانه، وتشير إحدى هذه التسريبات إلى تسجيل حديث ما بين السيسي وعباس كامل، وهما يتناقشان حول نقل مبلغ 30 مليار دولار من المساعدات الخليجية إلى الحسابات الخاصة التي يديرها الجيش، كما كشفت محادثات مسربة أخرى ما بين كامل والسيسي وشخصيات خليجية أخرى، عن خطط لتحويل المساعدات الخليجية إلى شخصيات مختلفة من الجيش، من خلال حسابات مصرفية تديرها حركة تمرد، التي ساعدت على قيادة الاحتجاجات ضد مرسي في يونيو عام 2013.

يظهر أيضًا من تدقيق الحسابات والصناديق الخاصة أنها مرتبطة برئيس هيئة مكافحة الفساد في عهد الرئيس حسني مبارك، اللواء محمد فريد التهامي، وهو رجل يعتبره الكثيرون مرشد السيسي، حيث التقى الرجلان عندما تم تعيين التهامي كمدير للاستخبارات العسكرية ووحدة الاستطلاع في مصر في عهد مبارك، ويبتين من التدقيقات، بأنه خلال السنة المالية 2010 – 2011، كانت المبالغ التي تحتويها الصناديق الخاصة تصل إلى حوالي 900 مليون دولار، وبعضها كان يُستخدم من قِبل هيئة مكافحة الفساد، ولكن من غير الواضح تمامًا مقدار المبالغ التي استعملتها الهيئة من هذه الصناديق، وفي ذات العام أيضًا أُطيح بمبارك من خلال ثورة يناير 2011، وبعد فترة وجيزة، قام الرئيس مرسي بإقالة التهامي من منصبه في هيئة مكافحة الفساد، بعد المزاعم التي انتشرت حول قيامه بتخريب أدلة اتهامية، بغية حماية أفراد من نظام مبارك، وتم حينها توجيه اتهامات جنائية للتهامي تتضمن إخفاء أو تخريب أدلة تثبت ارتباط رجال أعمال مع كبار جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان متورطًا ببيع الوقود المدعوم بشكل غير قانوني، واستخدام أموال صندوق هيئة مكافحة الفساد لشراء الهدايا لرئيس المجلس العسكري حينها، المشير محمد حسين طنطاوي، ولكن عندما تولى السيسي السلطة، اختفت القضية في ظروف غامضة، وتم تعيين التهامي، الذي تقاعد مؤخرًا، كرئيس للمخابرات المصرية، التي ترفع تقاريرها مباشرة إلى مكتب رئيس الجمهورية.

السبب في أن الفساد لا يزال مستشريًا ومنتشرًا بشدة في مصر، على الرغم من وجود عدد كبير من الوكالات الحكومية المخصصة لمحاربته، هو أن هذه الوكالات بحد ذاتها ليست مسؤولة أمام أي هيئة أخرى، وفي الوقت الراهن، فإن أعضاء الجسم الحكومي المخصص لمكافحة الفساد في مصر، يتمثل بالهيئة التي اجتمعت في اجتماع ديسمبر، مضافًا إليها هيئات أخرى، بما في ذلك المخابرات، وتعمل هذه الهيئة الحكومية على تنفيذ سلسلة من الخطط التنفيذية والإجراءات التي تم الاتفاق عليها ضمن خطة خمسية، تم المباشرة بها منذ العام الماضي، ومن المتوقع أن تنتهي بحلول عام 2018، وتشمل هذه الخطط تدابير تبدو ظاهريًا حسنة النية، كإنشاء محاكم خاصة للنظر بقضايا الفساد في عامي 2015 و2016، ووضع قانونًا مدنيًا جديدًا، وخلق وسائل لتبادل المعلومات ما بين المجتمع المدني وأعضاء المكاتب الحكومية وهيئات مكافحة الفساد، ولكن طبعًا بطريقة لا تضر بالأمن القومي.

أضحى الفساد في مصر اليوم ظاهرا للعيان دون مواربة، بل على العكس ما كان يتم خلف الستار أصبح اليوم يجري أمام العيان، ولعل قضية رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة أحدث الشواهد على هذا الترهل الذي انتشر في مصر خلال عهد عبد الفتاح السيسي.

3 امناء شرطة بالداخلية يحصلون على 37 مليون

كشف المستشار محمد عبد الرحمن قاضى التحقيق فى القضية رقم 1441 لسنة 2013، والمعروفة إعلامياً بـ”استيلاء حبيب العادلي ومسؤولين بالداخلية على مليار جنيه من الوزارة” عن حصول ثلاثة مندوبين لجهات تابعة لوزارة الداخلية على مبالغ مالية فى صورة حافز شهري، وصلت إلى 37 مليون جنيه.

وطبقا للتحقيقات، فإن المتورطون بهذه القضية هم “محمد عبد السميع محمد” أمين شرطة بالإدارة العامة لمباحث الأمن الوطنى حاليًا، حصل على مبلغ 19 مليونًا و950 ألف جنيه، و”كرم أبو زهرة” مندوب مباحث أمن الدولة فرع المطار، حصل على مبلغ 14 مليونًا و350 ألف جنيه، و”فرج حسن محمد” مندوب الإدارة العامة للإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية.

367990-فساد-الداخلية-1-copy

19 لواءً ينهبون الداخلية

وكشفت التحقيقات عن وجود 19 لواءً ردوا لخزانة الدولة 95 مليون جنيه، بقرار من قاضى التحقيق لاستبعادهم من القضية، وأن هناك 23 عاملاً مدنياً بالوزارة حصلوا على 26 مليون جنيه، حيث حصل رئيس الإدارة المركزية لخزانة الوزارة على 14 مليونًا، و22 الآخرين حصلوا على 12 مليونًا في صورة حوافز شهرية.

وقال القاضي، في مذكرته المقدمة لمجلس القضاء الأعلى إن نص المادة 13 من قانون العقوبات في فقرتها الأول، أن “أي موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرهما لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت، يعاقب بالسجن المشدد أو السجن”.

فساد بأمر العادلي

وأضافت التحقيقات في القضية، عن حصولهم على تلك المبالغ المالية تحت مسمى حافز احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية، وأنه كان يصدر بقرار من وزير داخلية المخلوع حبيب العادلي، وأنهم قد حصلوا على المبالغ التي رصدتها التقارير عدا اختلافات طفيفة لدى البعض منهم، لكن كلاً منهم نفى عن نفسه تهمة الحصول عليها بغير حق، إذ قرر كل منهم أن ما حصل عليه كان يصرف له على هيئة الحافز الشهري الذي يستحقه لقاء الجهود غير العادية التي كان يبذلها، وأن أيًا منهم لا يعلم مصدر تدبيره أو توفيره، ولم يسمع بمسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية، وأنهم لم يطلبوا صرفها لهم، بل إن البعض منهم قال إنه لم يكن باستطاعته رفض استلام تلك المبالغ.

الدولة تسهل الفساد

كان المستشار محمد عبد الرحمن قاضى التحقيق، قرر الأربعاء الماضي، أنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد 90 مسؤولاً بمؤسسات الدولة المختلفة؛ على رأسهم وزارة الداخلية ووزارة المالية ووزارة النقل والجهاز المركزي للمحاسبات، في اتهامهم بالقضية، وخاطب قاضى التحقيق الجهات الأمنية برفع أسمائهم من قوائم المنع من السفر.

إن أفعال السيسي تذكرنا بقصة علي بابا، وكيف قام بتجريد الـ 40 حرامي من ذهبهم المخبأ في الكهف، من خلال تعلم كلمة السر “افتح يا سمسم!”، ولكن في هذه الحالة، كلمة السر هي “افتح ياعباس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى