الأرشيفكتاب وادباء

دول الخليج تفتح خزائنها لـمستر ترامب.. وسخاء سعودي غير مسبوق والشعوب الإسلامية فى فقر مدقع

من المعلوم للقاصي والداني أن منطقة الخليج العربي تحتوي على أكبر احتياطي للنفط المعروف في الكرة الأرضية. وهي خزان النفط الأول في الأرض كما أن الكشوف الحديثة أثبتت أن الخزان الثاني في الأهمية على مستوى العالم هو في منطقة جمهوريات وسط آسيا الإسلامية، والمنطقة الممتدة من بحر قزوين إلى القفقاس . بالإضافة إلى أن ثروات نفطية وغازية هامة أخرى تتركز في بلاد العراق والشام، وهنالك بحيرة نفطية أخرى في جنوب السودان والقرن الأفريقي وثالثة ممتدة من مصر إلى الجزائر..هذا على صعيد الثروات الأساسية في العالم الحديث وهي مصادر الطاقة التي تشكل الثقل الأساسي اقتصاديا وسياسيا بل واستراتيجيا على كل المستويات .. فإذا ما أضفنا إليها أن العالم الإسلامي الممتد من أفغانستان و الباكستان والفلبين شرقا إلى شواطئ المحيط الأطلسي وسواحل المغرب وموريتانيا والسنغال غربا ومن أوسط آسيا و القفقاس والبلقان وشمال أفريقيا شمالا وإلى جنوب آسيا وجزر إندونيسيا وأواسط أفريقيا السوداء جنوبا، إذا علمنا أن هذا العالم الإسلامي يمتلك من الثروات المعدنية المختلفة مخزونا هائلا استراتيجيا بحيث أن عددا من دوله تعتبر من الدول الأولى المصدرة لمعادن صناعية هامة وإذا أضفنا إلى ذلك الثروات الحيوانية والزراعية التي تتوفر عليها هذه المناطق. بالإضافة لما توفره مصادر المواصلات البرية والبحرية والجوية وحقوق (الترانزيت)  لهذه المنطقة التي تحتوي على أهم أربع مضائق ومعابر مائية عالمية من أصل خمسة هي مضيق هرمز،  وباب المندب، وقناة السويس، ومضيق جبل طارق وتشكل أجواؤها عقدة مواصلات بين الجهات الجغرافية الأربع في العالم ; لعجبنا كيف أن هذه المنطقة تشتمل على بلاد قد تصدرت قوائم الدول الأكثر فقرا وتخلفا وجهلا وأمية في العالم !! وأن الأكثرية الساحقة لشعوب هذه المنطقة بما فيها شعوب دول نفطية ذات عضوية في منظمة الأوبك تعيش تحت خط الفقر . رغم أن الإحصائيات الإقتصادية المنشورة علنا من قبل مراكز الدراسات العالمية , تشير إلى ثروات خيالية، تفوق الحصر وتذهل المطلع .

فكيف اتفق هذا ؟! أن تكون شعوب أغنى بقعة في الأرض، هي أفقر شعوب الأرض !.

يزول العجب إذا اطلعنا على آلية السرقة التاريخية الأسطورية التي يمارسها الغرب بدوله المختلفة، وعلى رأسها أمريكا ودول أوروبا الناتو وروسيا ..وهم العدو الزاحف علينا اليوم .. حيث يمول حروبه التي تزهق أرواح أطفالنا بأموالنا وثرواتنا .. إنهم ببساطة يأخذونها ويذبحوننا بها ! يأخذون بترولنا ليحركون به طائراتهم وأساطيلهم ودباباتهم الآتية لقتل أطفالنا ونسائنا، ولتعود أرباحه على شعوبهم لتعيش رفاه العيش .
إن الثروات تسرق من مصادرها، لأنها تستخرج كلها عبر شركات أجنبية تشرف على مراحل الاستخراج والتسويق والتجارة، وتدير البنوك الدولية حيث تستقر الأرصدة، فتستكمل دائرة السرقة من البداية إلى النهاية!!
لا تنتهي مأساة ثروات بلادنا الإسلامية عند حد سرقتها،  فالمصيبة الأعظم هي أن ما يسلم من الثروات المحلية وما يصل منها لبلادنا يتولى سرقة معظمه حفنة من الحكام الفراعنة المسيطرين على مقدرات البلاد  والعباد لينهبوا معظمه، وليتقاسموا بعضه مع المقربين من حاشيتهم وشركائهم وعملائهم وكبار التجار والقائمين على أجهزتهم السلطوية والطاغوتية ! فيكفي أن تعلم أن ثروات بلاد الخليج النفطية والغازية التي تجاوز مواردها المليار دولار يوميا.. يتقاسمها أسر حاكمة ومالكة لا يتعدى تعداد أفرادها في بعض الدول العشرات من الأمراء. وهم بمجموعهم في دول الخليج العربي لا يزيدون على بضعة مئات من الملوك والأمراء وكبار أبنائهم.. يتقاسمون ثروة الأمة الإسلامية بكاملها.. فيكفي أن تعلم مثلا أن المصروف اليومي للأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني السابق لملك  (المملكة العربية السعودية) الأسبق كان يبلغ 3 مليون دولار يوميا بحسب بعض مراكز الدراسات الملمة بإحصائيات دنيا المال والأعمال وحياة الأغنياء ! حيث تغطي هذه المبالغ خدمات قصوره الممتدة من سواحل أمريكا إلى أوروبا إلى شرق آسيا بما فيها من خدمات اللهو والدعارة والقمار والفساد.

دونالد ترامب وحكام الخليج

خلال حملته الانتخابية العام الماضي، انتقد «دونالد ترامب» بشدة سياسة بلاده تجاه دول الخليج، وخاصة السعودية، معتبرا أن أمريكا لا تحصل على التعويض المالي المناسب جراء الخدمات السياسية والأمنية التي تقدمها لتلك الدول، والذي كانت سبباً في بقائها، وتعهد بتغيير تلك السياسة.
ويبدو أن دول الخليج لم تُرد أن تغضب قاطن البيت الأبيض الجديد؛ إذ بادرت بفتح أبواب خزائنها أمامه، وضخت أو بصدد ضخ مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأمريكي، في صورة صفقات لشراء السلاح، واستثمارات في أذون وسندات الخزانة الأمريكية، وفي مشاريع تنموية أمريكية.

مبيعات السلاح

مبيعات الأسلحة كانت الباب الأوسع للكنوز الخليجية أمام إدارة «ترامب».
فقبل أيام، صرح مسؤولون أمريكيون بقرب الانتهاء من اللمسات النهائية للمرحلة الأولى من صفقة أسلحة أمريكية إلى السعودية بقيمة تتخطى 100 مليار دولار، ضمن صفق كبرى تقدر قيمها بـ300 مليار دولار خلال 10 أعوام، وستصبح صفقة الأسلحة الأضخم في التاريخ.
ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن توقيع تلك الصفات خلال زيارة «ترامب» المقررة للسعودية، الأسبوع المقبل.
أيضاً، كشفت وكالة «بلومبيرغ» الأمريكية المتخصصة في المال والأعمال أن السعودية تخطط لتخصيص ما يقرب من 40 مليار دولار في استثمارات مشروع البنية التحتية في أمريكا، الذي أعلن عنه «ترامب»، لافتة إلى الإعلان عن تلك الاستثمارات متوقع، أيضا، خلال زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية.
وبخلاف ذلك، زادت السعودية من استثماراتها في سندات وأذون الخزانة الأمريكية بشكل كبير بعد فوز «ترامب» بالرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016؛ فقد تربعت المملكة على قائمة الدول الخليجية الأكثر استثماراً في سندات وأذون الخزانة الأمريكية بقيمة استثمارات بلغت 114 مليار دولار بنهاية مارس/ أذار الماضي.
وكان حجم استثمارات السعودية في سندات وأذون الخزانة الأمريكية بلغ 96.7 مليار دولار بنهاية أكتوبر/تشرين الأول 2016، أي انها ضخت أكثر من 17.3 مليار دولار في تلك السندات والأذون منذ فوز «ترامب» بانتخابات الرئاسة.
ويأتي إغداق السعودية لأموالها على الأمريكان على الرغم من التوترات التي سادت العلاقات الأمريكية السعودية، في الفترة السابقة، وتهديد مستثمرين سعوديين بسحب أموالهم من الولايات المتحدة، خاصة بعد إقرار الكونغرس قانون «جاستا» المثير للجدل، والذي يتيح لأسر ضحايا هجوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 مقاضاة الحكومة السعودية على الأضرار التي لحقت بهم.

مساهمات دول خليجية أخرى

وليس السعودية وحدها من دول الخليج من بادرت بفتح خزائنها أمام «ترامب»؛ فعبر صفقات السلاح وسندات الخزانة، كذلك، فتحت دول خليجية أخرى خزائنها لقطن البيت الأبيض الجديد.
إذ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، في 11 مايو/أيار الجاري، أنّ الولايات المتحدة بصدد بيع الإمارات 160 صاروخ باتريوت، بقيمة إجمالية تقارب ملياري دولار.
كما استطاعت شركات الدفاع الأمريكية تحقيق أرقام قياسية في العقود التي وقعتها مع الإمارات في معرض ومؤتمر «إيدكس» 2017؛ حيث استحوذت الشركات الأمريكية على الجزء الأكبر من العقود التي بلغت 90 عقدًا بقيمة إجمالية بلغت 5.6 مليار دولار.
البحرين، أيضاً، دخلت على الخط؛ إذ منح البنتاغون شركة «أوربيتال إيه تي كيه» للدفاع التقني عقدًا لتزويد كل من البحرين ومصر بمحركات دافعة لصواريخ سايد وايندر. وبلغت قيمة العقد 67 مليون دولارًا، وسيتم تسليم هذه المحركات في 27 فبراير/شباط عام 2022، وفقًا للعقد المبرم.
وأعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، السيناتور «بوب كوركر»، أنّه يتوقع أن يوافق «ترامب» على صفقة مقاتلات «إف-16» إلى البحرين كانت إدارة الرئيس السابق «باراك أوباما» تماطل في تمريرها قبل تقديم البحرين بعض التدابير لصالح حقوق الإنسان وتخفيف القمع ضد المعارضة.
وأعلنت شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية من جهتها أنّ توقيع هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها 2.8 مليار دولار مقابل 19 طائرة «إف-16»، يعتبر أمرًا حيويًا لبقاء خط إنتاج هذه الطائرات.
وإضافة إلى ما سبق، رفعت دول الخليج من حجم استثماراتها في أذون وسندات الخزانة الأمريكية، والتي بلغت 223.5 مليار دولار بنهاية مارس/آذار.
وما تعلنه وزارة الخزانة الأميركية في بياناتها الشهرية، يتعلق باستثمارات دول الخليج في أدوات الدين الأمريكية فقط، سواء كانت أذون وسندات خزانة، ولا تشمل الاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة.

تكلفة الجلوس مع «ترامب» مرتفعة

هذه التدفقات الضخمة من الأموال من دول الخليج إلى إدارة «ترامب» أثارت انتباه واستغراب كتاب عالميين من أمثال «ديفيد هيرست»، مدير تحرير موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، الذي كتب مقالا قال فيه: «كم هي مرتفعة تكلفة الجلوس في حضرة دونالد ترامب، وكم هي مستمرة في الارتفاع».
وقال: «حينما تحط طائرته في مطار الرياض يوم الجمعة سيكون ترامب قد ضمن إبرام أكبر صفقات تسليح في تاريخ الولايات المتحدة. وسيكون بذلك قد وفى بالوعد الذي قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية، وتحديداً حمل آل سعود على الدفع، بما في ذلك دفع ثمن الصواريخ التي لن يتسنى لهم استخدامها بتاتاً».
ولفت «هيرست» إلى أن تلك الأموال الضخمة التي تعتزم المملكة ضخها في الاقتصاد الأمريكية تأتي بالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب للمملكة؛ بسبب التدهور الحاد في أسعار النفط، المصدر الرئيس للدخل في المملكة.
إذ يبلغ معدل البطالة الرسمي  نحو 12 بالمائة، وهناك عجز متوقع في الموازنة المالية للعام 2017 بـ53 مليار دولار.
ولا نغفل هنا، تحذير صندوق النقد الدولي من أن المملكة تواجه خطر الإفلاس (خلال خمس سنوات) بسبب التدهور في أسعار النفط.

مصالح السعوديين والإماراتيين

 لكن على ما يبدو فإن المصالح أكبر لدى الإماراتيين والسعوديين من تلك الأموال التي يضخوها في الاقتصاد الأمريكي.
فنجل ولي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» (31 عاما) يعول كثيرا على دعم إدارة «ترامب» لخطوة اعتلائه عرش المملكة خلفاً لوالده، خاصة أن ذلك المخطط يواجه بمعارضة شديدة من أطياف داخل العائلة الحاكمة السعودية التي تضمر عدم رضا على تجاوز كبار العائلة ومنح المنصب الأرفع بالمملكة لشاب لا يزال في سن صغيرة وحديث عهد بمسائل الحكم.
إذ قد يساهم هذا الدعم المالي الضخم في تغيير دفه الإدارة الأمريكية باتجاه بـ«بن سلمان»، خاصة أن الأوساط السياسية الأمريكية تميل لتفضيل ولي العهد «محمد بن نايف» كملك مقبل للسعودية؛ لكون الأخير يتمتع بعلاقات وثيقة مع الأمريكان، وهو قريب منهم أكثر من سائر الأمراء السعودي.
كذلك، من شأن الدعم المالي السعودي الكبير لإدارة «ترامب» تخفيف ضغوط الكونغرس الأمريكي فيما يتعلق بقانون «جاستا»، أو على الأقل هكذا تتوقع الرياض.
كما تحتاج الرياض إلى مزيد من  الدعم الأمريكي في اليمن سواء سياسياً أو عسكرياً، وتأمل في تبادر إدارة «ترامب» إلى ذلك. 
وهناك سبب أخير، وهو إيران؛ فما تفعله المملكة الآن هو أنها تدفع فدية مقابل الحماية الأمريكية من تهديدات طهران لها.
أما الإمارات، فتحتاج كثيرا لـ«ترامب» خاصة أنه قيادات هذا البلد الخليجي تتوافق سياستها  مع «ترامب» في معاداة جماعات الإسلام السياسي، وخاصة جماعة «الإخوان المسلمين»، وتريد أن تتضافر الجهود في هذا الصدد.
إيضاً، يبحث قادة الإمارات عن الدعم الأمريكي لموقفها في اليمن، وكذلك في ليبيا، وفي مصر، القائمة على منع عودة «الإخوان المسلمين» إلى المشهد السياسي في البلاد.
ولا تغيب إيران عن المشهد بالنسبة للإماراتيين؛ فهم أيضا يحتمون بأمريكا من تهديداتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى