الأرشيفتقارير وملفات

ديموقراطية العبيد

بقلم الكاتب

حاتم غريب k

حاتم غريب

يتردد منذ سنوات عدة على لسان المسؤلين فى مصر مقولة ان الشعب المصرى لايستحق الديموقراطية او انه غير مؤهل لذلك والحجة قد تكون مقنعة لدى البعض كونه شعب يفتقد ثقافة الديموقراطية..لكن الأسئلة التى تطرح نفسها وتبحث لها عن اجابة واضحة مؤكده ..من هو المسؤل عن تجهيل وتغييب هذا الشعب ومن هو صاحب المصلحة الوحيدة فى ذلك والى متى يظل هذا الشعب مجهلا ومغيبا عن تلك الثقافة التى تؤهله لان يكون شعبا ديموقراطيا مثل الشعوب الغربية التى اجادت هذه الثقافة وسارت على منوالها حتى وصلت الى ماوصلت اليه الان من تقدم وحضارة تصل الى حد الرفاهية واسعاد الفرد.

الاجابة على هذه الاسئلة قد تختلط وتتداخل مع بعضها البعض ولكن من المؤكد انها ستصل بنا فى النهاية الى اجابة موحدة فالديموقراطية ومن خلال الدول التى ارست دعائمها ثبت وبالدليل اليقينى انها ليست نوعا من انوع الرفاهية فى حد ذاتها انما حق من حقوق الانسان مثل حقه فى تنفس الهواء فهل يحق لشخص ما ان يحجر على حق شخص اخر فى ان يتنفس الهواء او ان يبيعه او يتاجر فيه ؟ويكون عرضة للاحتكار من قبل البعض كذلك الديموقراطية حاجة الانسان اليها كحاجة الهواء الذى يتنفسه وهى لاتقتصر من وجهة نظرى على ادوات ووسائل الحكم والسلطة انما تمتد جذورها الى كل التعاملات الحياتية بين الافراد وبعضهم البعض وبينهم وبين الدولة ممثله فى شخص الحاكم والمسؤل ايا كان حتى وان كان تعريفها ومضمونها المتعارف عليه انها حكم الشعب نفسه بنفسه فهذا لايعنى ان الشعب بكامله هو من سيجلس على كرسى الحكم فهذا شىء ينافى العقل والمنطق السليم لحسن سير الامور انما المقصود بذلك ان الشعب هو صاحب الحق الاصيل والوحيد فى اختيار من يحكموه من خلال وسائل ارتضاها الشعب لنفسه وان يحكم بها ويترتب على ذلك حقه فى محاسبة ومسائلة من وقع عليهم الاختيار حيث ان مهمتهم اى الحكام لاتقتصر على الجلوس على كراسى الحكم فقط انما العمل على تحقيق مطالب الشعب وأمانيه من خلال ممثليه فى برلمان حر منتخب من قبل الشعب يكون همزة وصل بينه وبين الحاكم فهى منظومة كاملة متكاملة يشارك فيها اغلبية الافراد سعيا وراء تحقيق اهداف معينة تصب فى النهاية لصالح جميع افراد الشعب دون استثناء.

الديمقراطية

الديموقراطية لو اردنا ان نضع لها تشبيها يليق بها فهى كاالرحم الذى يحتوى الجنين حتى اذا مااكتمل تكوينه خرج الى الحياة طفلا رضيعا ومع الايام ينمو شىء فشيئا ليحبو ثم يقف على قدميه ثم صبيا ثم يافعا ثم رجلا مكتمل الرجولة او انثى مكتملة الانوثة وهكذا مع الفارق ان الانسان يشيخ بينما الديموقراطية لاتصيبها الشيخوخة فهى تطور نفسها بنفسها وتنتقل من مرحلة الى اخرى ومع كل مرحلة تشهد نموا وازدهارا وتقدما الى الافضل فمن رحم الديموقراطية تخرج حرية الانسان وكرامته بل وانسانيته ومن هنا يصبح الانسان انسانا يتحرك ويفكر ويبدع ويطور من نفسه ومجتمعه فتنشأ بذلك الشعوب الخلاقة المبدعة فى العلم والابتكار وتحسين مستوى المعيشة والمساواة والعدل لاأقول انها تصنع شعبا مثاليا كليا لكن على الاقل هو شعب اقرب الى المثالية منها الى التدنى والسقوط والفشل. ماحدث فى مصر ولايزال يحدث ان الطبقة الحاكمة التى جاءت دون ارادة الشعب وأغتصبت حقه فى حرية الاختيار وفرضت نفسها عليه تنظر بعين الاحتقار للشعب وانه فى مرتبة متدنية ولايحق له سوى العيش الا بما يفرض عليه وتختاره له تلك السلطة المتسلطة عليه لذلك فمن مصلحتها ان تجهل الشعب وتغيبه عن الوعى الفكرى والروحى فيصبح بذلك مجرد ترس يدور فى الة ومع الايام يصبح عديم القيمة والمنفعة لنفسه لكنه يكون نافعا لغيره من أصحاب الحظوة والسلطة خادما لهم وعاملا على تحقيق رفاهيتهم ومتعتهم.

ان الديموقراطية ليست هبة او منحة من الحاكم للمحكومين انما هى حق ومادامت كذلك فانها تنتزع انتزاعا ولاتطلب ولايتسولها المحكومين من السلطة الحاكمة ولذلك سيظل هناك صراعا دائما بين الطبقتين من اجلها وستكون الغلبة للشعب فى النهاية مهما كلفه ذلك من تضحيات من الاموال والانفس لكن على الشعب ان يستفيق ويعى جيدا ان مايدعيه هؤلاء الحمقى من جهله بثقافة الديموقراطية وانه لايملك حتى ابسط معاييرها هو بغرض زرع الاحباط واليأس فى نفوس افراده وانه لاأمل على الاطلاق فى الوصول اليها فالديموقراطية لاتحتاج الى ثقافة بقدر احتياجها الى عزيمة وارادة ومثابرة وقيم ومبادىء واخلاق تغرس فى النفوس وتكون دافعا لوضع نظام صالح ينظم احوال المجتمع فاذا توافرت هذه الادوات فاننا سوف نتمكن من تحقيق النجاح والانتقال الى اهم مرحلة تنشدها الشعوب الا وهى الديموقراطية مرحلة بناء دولة عصرية حديثة تقوم على دعائم العلم والاخلاق والحرية التى لاتنافى احكام ومبادىء ديننا الحنيف والعدل والمساواة وصولا الى الرفاهية وسعة العيش التى نبغيها جميعا حينها سنتحول من عبيد الى اسياد.
…………
/حاتم غريب

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى