آخر الأخبار

ذعر وغضب، تهافت على شراء المواد الغذائية، مواطنون يرفضون الخروج من منازلهم، و11 مليون صيني ممنوعون من المغادرة

تفشَّى إحساسٌ بالذعر في ووهان الصينية بعد أن فُرِض حجرٌ على المدينة بسكَّانها البالغ عددهم 11 مليون نسمة، في محاولة لاحتواء فيروس فتَّاك يُعتقَد أنَّ بداية ظهوره كانت فيها.

الخميس 23 يناير/كانون الثاني، منعت السلطات الصينية جميع سبل المواصلات الخارجة من المدينة، موقِفةً سير الحافلات، ونظام قطار الأنفاق، والعبَّارات، وأغلقت المطار ومحطَّات القطار أمام الركَّاب الراغبين في مغادرة المدينة، حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.

كذلك علَّقت مدينتا هوانغانغ وأوجو المجاورتان رحلات الحافلات، وقطارات الأنفاق، والعبَّارات، وأغلقتا المطار ومحطَّات القطار كذلك للركَّاب الراغبين في مغادرة المدينتين.

في ووهان، خلت أرفف محلَّات السوبرماركت ونفدت معروضات الأسواق من المنتجات الغذائية فيما كدَّس السكَّان إمدادات الطعام وعزلوا أنفسهم في منازلهم. اكتظَّت محطَّات الوقود كذلك، فيما عمد السائقون لتخزين الوقود على خلفية شائعاتٍ بأنَّ احتياطات النفط قد نفدت. وقال السكَّان إنَّ أقنعة الوجه الوقائية كذلك قد نفدت من الصيدليات.

لم يوجَد في الشوارع سوى قلة من المشاة وألغت العائلات خططها للتجمُّع احتفالاً بعيد السنة القمرية الجديدة. شوهدت قوَّات الشرطة الخاصة تجوب في دورياتٍ بمحطات القطار. يُلزَم الآن جميع السكَّان والعاملين بالحكومة بأن يرتدوا أقنعةً في الأماكن العامة.

قالت شاو، 26 عاماً، وهي مدرّسة بمدرسةٍ ابتدائية في مدينة ووهان، طلبت ألَّا يُنشَر اسمها الكامل: «حين قرأتُ الأنباء عندما استيقظت، شعرتُ وكأنِّي سأجنّ. فات الوقت الآن. إجراءات الحكومة ليست كافية».

شارك بعض سكَّان المدينة صوراً ممَّا اشتروه من إمدادات الشعيرية سريعة التحضير والوجبات الخفيفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. كتب أحد الأشخاص على موقع التدوين الصيني وايبو: «لا خروج بعد اليوم.. حتى لا أمرض»، وأضاف: «أرجو أن تحصل ووهان على الدعم قريباً».

وقال آخرون إنَّه يجرى تطهير المصاعد في مجمَّعات الشقق التي يسكنونها وإنَّ أغلب أصدقائهم وأقاربهم من سكَّان ووهان ينوون أيضاً ملازمة المنازل قدر الإمكان.

أصيب 571 شخصاً على الأقل بفيروس كورونا، وهو فصيلٌ من عائلة الفيروسات التي تطوَّر منها فيروس السارس. ووصل الفيروس الآن إلى جميع الأقاليم الصينية تقريباً وكذلك إلى الولايات المتحدة، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وتايلاند، وهونغ كونغ. ويوم الخميس، أكَّدت فيتنام وسنغافورة إصابة أولى الحالات فيهما بالفيروس.

تقول السلطات الصينية إنَّ لديها 95 مريضاً في حالةٍ حرجة.

أعلن المسؤولون في هونغ كونغ الخميس أنَّهم سيحوّلون معسكرات للعطلات، من بينها ثكنة عسكرية سابقة، إلى منطقة حجرٍ صحي للأشخاص المشتبه حدوث اتّصالٍ بينهم وبين حاملي فيروس ووهان.

مات 17 شخصاً منذ ظهور الفيروس للمرة الأولى آخر شهر ديسمبر/كانون الأول الفائت، وكان جميعهم في إقليم هوباي، وعاصمته ووهان. حدثت العديد من وفيَّات الفيروس في مدينة ووهان نفسها، حيث يُشتبه أنَّ سوقاً للمأكولات البحرية يبيع حيوانات برية كان هوَ مصدر الفيروس. يعتقد العلماء أنَّ الفيروس قد قفز على الأرجح من حيوان إلى بشري وصار الآن قابلاً للانتقال من إنسان لآخر، وقد يتحوَّل أكثر.

وقال دالي يانغ، وهو أستاذٌ بالعلوم السياسية في جامعة شيكاغو، ويركّز في دراسته على الصين: «إنَّه تطوُّر مذهل. لديك مدينة ذات 10 ملايين نسمة وُضِعَت تحت الحجر الصحي. بطرقٍ عدة، ليست القيادة المحلية ولا السكَّان مهيَّئين لما يحدث. إنَّ هذه حالةُ طارئة بحق بالنسبة لهم».

تسابق بعض السكَّان الخميس لمغادرة ووهان قبل أن يُطبَّق الحجر على المدينة في العاشرة صباحاً، مصطفين في المطار ومحطَّات القطار وفق صحيفة The Guardian. وقالت السلطات المحلية، التي أعلنت الإجراء الطارئ في الثانية صباحاً من اليوم نفسه، إنَّ المواطنين سوف يُخطَرون عند رَفع الحظر.

تفاقمت حدة قلق السكان إثر ورود تقارير تفيد بأنَّ المستشفيات ترفض استقبال المرضى لعدم توفُّر الأماكن لمعالجتهم. وقالت شاو، التي لم تغادر منزلها منذ الأحد، 19 يناير/كانون الثاني: «قد يكون إلى جانبك مصابٌ بالفيروس وأنتَ لا تدري. هذا ما يخيف أكثر».

أصدر مركز الوقاية من الأمراض ومكافحتها بمدينة ووهان بياناً الخميس يحثُّ فيه السكَّان ألَّا يهلعوا أو يخزِّنوا الإمدادات. وقيل في البيان: «إنَّ مخزون ووهان من الطعام، والأدوية، وغير ذلك من الإمدادات كافٍ للجميع في الوقت الحالي».

وقد قامت السلطات الصينية بمجهوداتٍ لتحديث معلومات المواطنين بانتظام عن الوضع، وحاولت وسائل الإعلام الموالية للدولة رَسم الحَجر الصحي المفروض على المدينة في صورة معركةٍ يشنُّها أهل ووهان في سبيل مصلحة البلاد كلها. وكُتِب في منشور لصحيفة People’s Daily التي تديرها الحكومة الصينية على موقع التواصل وايبو: «هيا يا ووهان، لننتصر في الحرب ضدّ المرض معاً».

لكنَّ السكَّان يشكِّكون في المعلومات التي تقدّمها لهم حكومتهم، التي قالت مراراً على مدار الأسابيع الفائتة إنَّ الفيروس ليس خطيراً و»يمكن السيطرة عليه».

وقالت وانغ ينغ، 26 عاماً، وهي عاملة بالحكومة تحدَّثت عن الخروج وسط حشودٍ كبيرة ليلة رأس السنة، رغم أنَّ الفيروس كان قد اكتُشِف بالفعل وقتها: «أشعر ببعض الذعر لأنَّ الحكومة قالت قبلاً إنَّ المرض ليس خطيراً ولهذا لم يظن أحد أنَّه حدثٌ جلل».

وأكملت: «والآن قد وُضِعَت ووهان تحت الحجر فجأة صباح اليوم. أعتقد أنَّ تحذيرات الحكومة المبكَّرة لم تكن كفاية».

انتقد آخرون السلطات المحلية، التي أقامت مأدبة لما بلغ 40 ألف شخص احتفالاً بالعام القمري الجديد قبل أيامٍ فحسب من إعلان السلطات أنَّ الفيروس قابل للانتقال بين البشر.

وكتب مستخدمٌ آخر على موقع وايبو: «مرَّ شهرٌ كامل منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة بالمرض، والآن فقط يفكرون بإغلاق المدينة؟ إنَّ استجابة الطوارئ في ووهان بطيئة بعض الشيء، أليس كذلك؟».

وفيما جرى تداول تقارير عبر الإنترنت مفادها ارتفاع أسعار الطعام في ووهان، صعدت أصواتٌ تطالب بتدخل الحكومة. وقال أحد الأفراد: «على الحكومة أن تخاطب هذه المشكلة. إذا صارت السلع غالية جداً سوف يهلع الناس قطعاً، وعندما يشعر الناس بانعدام الأمان تحدث أشياء مروعة. الناس يتقاتلون على الإمدادات، قريباً قد يتقاتلون دون سبب».

وأخبر أحد الأطباء وكالة أنباء شبكة BBC البريطانية أنَّ عشرات المواطنين اصطفُّوا في مستشفيات ووهان في حالةٍ من الهلع.

وقال الطبيب: «المشافي مكتظَّة بالمرضى، لدينا آلاف الحالات، لم أر هذا العدد من قبل في حياتي. أنا خائفٌ لأنَّه فيروسٌ جديد والإحصائيات المتوفّرة إلى الآن مقلقة».

وأخبر الطبيب شبكة BBC إنَّ كثيراً من قاصدي المستشفيات يضطرون للانتظار لعدة ساعاتٍ قبل أن يتسنَّى لهم مقابلة طبيب، ولا يتوفَّر للعامة سوى قدر قليل من المعلومات نظراً لحداثة المرض.

وقال الطبيب إنَّ فترة الحضانة المتوسّطة للمرض هي حوالي سبعة أيام، ما يعني أنَّه يمكن للعديد من المصابين أن ينقلوا المرض لغيرهم قبل أن تظهر عليهم أية أعراض.

وقال الطبيب: «إنَّ الكشف عن المرض صعبٌ بسبب فترة الحضانة التي تبلغ أسبوعاً، قد يسافر المصابون دون أن يدركوا إصابتهم بالفيروس. وهذا يعني أنَّ العدد الفعلي للمصابين بالمرض أعلى من الإحصاءات».

كذلك هناك قلقٌ جمّ يحيط بالأطباء المرابطين على جبهة مكافحة المرض.

وأخبر الطبيب شبكة BBC: «قد يُنقَل المرض من إنسان لآخر وكذلك قد يصاب أفراد من الطاقم الطبي بالمرض». وأضاف: «قيل لنا منذ يومين ألَّا نذهب للعمل في المستشفى نظراً لمخاطر انتشار الفيروس».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى