كتاب وادباء

كل شئ فى هذا الوطن لازال رائحته مبارك

كل شئ فى هذا الوطن لازال رائحته مبارك بقلم الأديب الكاتب

مؤمن الدش

مؤمن الدش

 الشوارع والمصانع والمزارع والحوائط والجدران وتصريحات المسؤولين ’ وردود الأفعال بعد كل مشكلة ’ ونفس الحلول والإستخفاف بعقول الناس ’ والبروباجاندا الإعلامية والزفة المفتعلة للحاكم ’ وتبرير أى شئ وكل شئ ’ وأفعال صبيانية لتجميل وجه الحاكم ’ كأن يصطحب وزير الرى كاميرات التلفاز لتقوم بتصويره ’’ لايف ’’ وهو يشرب من ماء النيل بعد غرق أطنان الفوسفات فيه ’ وحتى الباص الذى يوصل الأولاد إلى المدرسة ’ لازال يقوده نفس السائق ’ ومقعد فى الباص خلف السائق لازال مكسورا من عهد مبارك ’ ونفس المشرفة ’ ونفس مدير المدرسة يمسك بالميكروفون فى طابور الصباح بصوته الأجش مطالبا التلاميذ بإحضار خمسة جنيهات لزوم شراء ورق الإمتحانات لأن خزينة المدرسة ليست بها أموال ’ ونفس المستشفى التى تطلب منك شراء ’’ السرنجة ’’ كى تتمكن من إعطاءك الحقنة التى تحتاج إليها ’ ونفس الشحاذين أينما تولى وجهك ’ ونفس عسكرى المرور ويده ممدودة إلى كل مركبة تمر أمامه كى يحصل على المعلوم ’ وبنفس العنجهية ’ على طريقة حسنة وأنا سيدك ’ ونفس محطة الوقود تحصل على جنيه سحت على كل ’’تفويلة ’’ لسيارتك دون سند من قانون ’ لكنه إرث مبارك فى التسول والشحاذة وكشف الوجه ’ والعبرة ليست فى قيمة الجنيه بالطبع لكن فى المبدأ ’ ونفس بائعة الجرجير تجلس فى نفس المكان فى السوق ’ عيناها الذابلتين تحكى قصة من الكفاح والنضال والسباحة ضد التيار حتى أنهى أبنائها جميعا تعليمهم الجامعى ’ وجهها المجعد عليه خريطة مصر بتضاريسها وهضابها وتلالها وصحرائها التى طال الخصام بينها وبين الماء ’ ولازال نفس الضابط يأتيها مستقلا سيارة الشرطة ذات الزجاج ’’ الفامى ’’ الذى لاترى منه شيئا ’ ونفس الجندى الذى يقود السيارة يشير إلى السيدة بكل ’’ جليطة ’’ ويطلب منها حزمتين جرجير ’’ للباشا ’’ فتجرى السيدة مهرولة نحو السيارة تملأ الأمانى قلبها بأن يرمقها ’’ الباشا ’’ بنظرة حانية تطفئ ظمأها إلى نظرة تقدير فقدتها فى زحام السوق أو إبتسامة تسكن آلام جسدها المنهك من سهرها حتى مطلع الفجر فى إعداد الطعام والشراب للأولاد ثم تطير إلى السوق حين تنسج الشمس خيوطها كى تلحق السوق من بدايته ’ ثم ما إن تعطى السيدة العجوز ظهرها لسيارة الشرطة بعدما سلمت الباشا حزم الجرجير لتجد قفصها البسيط بما عليه من جرجير قد تناثر أشلاءا بعدما داسته أقدام عساكر المرافق وطاردت كل من فى السوق فى مشهد لاينقصه سوى طارق عبد الجابر مراسل الجزيرة سابقا فى القدس المحتلة .

لم يكن مفاجأة أن يطل علينا مبارك عشية الإحتفال بتحرير سيناء التى تحررت على الورق لكنها لازالت محتلة فى الواقع ’ فى مداخلة تليفونية مع مذيع العسكر أحمد موسى ويثنى المخلوع على السلطة الحالية ويصفها بالحكيمة وقد سبق له وصف قائد الإنقلاب ’’ بالعقر ’’ عقب بيانه المشئوم وعزل الرئيس المنتخب والإطاحة بكل المؤسسات التى أتت بإرادة الشعب وإختياره عقب ثورة يناير ’ إطلالة المخلوع فى تلك الليلة وماسبقها من إطلالات مشابهة ليست بعيدة عن تلك الصور التى تنتشر كل يوم على مواقع التواصل الإجتماعى لعلاء وجمال مبارك وهم يؤدون واجب العزاء فى وفاة والدة مصطفى بكرى بالقرب من ’’ ميدان التحرير ’’ , وليست بعيدة عن مشهد محلب وهو يهنئ حبيب العادلى بسلامة الخروج من السجن وهى ليست بعيدة أيضا عن عدد لابأس به من الممارسات لاينفك عن تلك المشاهد المعبرة والدالة على معنى واحد على الحمقى أن يستوعبونه جيدا بعدما سئم أمثالنا الشرح ’ أن ماجرى فى 30 يونيو ثورة مضادة بإمتياز وأن ما أعقبه فى 3/7 إنقلاب عسكرى متكامل الأركان . فمتى ترحل دولة مبارك بكل مافيها ’ بفقرها ومرضها وجوعها وفكرها وغبائها وحماقتها ووجوها العكرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى