آخر الأخبارالأرشيف

رسالة أهالي المحكوم عليهم بالإعدام ظلما الى فضيلة شيخ الازهر ومفتى الجمهورية

بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الرافع الخافض، المعز المذل، القابض الباسط، المحيي المميت
الحمد لله الرحيم الرحمن، رافع السماوات وواضع الميزان وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ، ﱠ
فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب
فضيلة مفتي الجمهورية الشيخ شوقي علام
نبعث إليكما مذكرين بقدسية ما تحملان من عِلم رفع أهله لأن يثلث الله بهم في قوله:
ﱠشَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
نبعث إليكما مسترشدين بقول ربنا: ﱡوَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﱠ
نبعث إليكما والمولى جل في علاه يقول في الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا).
نبعث إليكما برسالة إعذار وإشهاد؛ إعذار لنا أمام ربنا أننا قد بلغناكما ما لربما تدعيان أنكما لم تعرفانه، وإشهاد عليكما أنكما رأيتما الظلم فسكتما، وعاينتما سفك الدماء المحرمة فلم تنكرا، بل وأعنتما الظالم على ظلمه، وكنتما فتنة له بتبرير ظلمه، وللمظلوم بخذلانه وغض الطرف عن مظلمته.
نضع بين أيديكما الحق مجردا، لا استعطافا لقلب ولا استجداءا لشفاعة؛ بل شفقة عليكما وإشفاقا على مكانتكما التي يشار إليها بالبنان، وعلمكما الذي يسترشد به في كل شان.
ألم يصدع النبي صلى الله عليه وسلم بالحق ومِن خَلفِه كلُّ من ورثه من أئمة الهدى ومصابيح الدجى من علماء الأمة؟ ألم يأخذوا على يد الظالم؟ ألم ينكروا على المستبد الآثم؟ أولم يضحوا بالجاه وبالمال وبالدَّعة بل وبالنفس كي لا يُفتن الناس ولا يلتبسُ عليهم دينُهم؟ ألم يصمدوا ويتمسكوا بالعزائم كي يصل الدين نــَقِيا ويرتفع الحق عَلِيـا ويقف العالِم شامخا أبِــيا؟!
أوما علمتما أنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ)؟
إن ذوينا قد حُكم عليهم زورا وبهتانا بالقتل، ولقد علم القاصي والداني داخل مصر وخارجها أن هذه الأحكامَ أحكامُ جور وأنَّ هؤلاء الرجالُ قد عذبوا أشد عذاب ونكل بهم أسوأ تنكيل وعوملوا بمنتهى الامتهان حتى تُنتزع منهم الاعترافات إكراها، وتُلفق لهم التهم بهتانا، وتُكال لهم العقوبات جزافا. ولا يظنُّ عاقل أن من كان في مثل موقعيكما لا يعرف -يقينا- ما يعرفه أبسط الناس، فإن كان كذلك فحري بكما -والخطب جلل- أن تستوثقا وتبحثا عن الحق لتكون معكما حجةٌ أمام الذي يعلم السر وأخفى.
ثم إن الأمر له بعد آخر أشدُّ إيلاما وأعمُّ ضررا: كيف سيتلقى الناس أمر دينِهم ممن يعرفون أنه مارأ الظالم وداهن المستبد وألبس الحق بالباطل؟ أين سيصير أمر الناس وهم يرون إمامهم الأكبرَ لا يعبؤ بدم يسالُ أو حرمةٍ تنتهك؟! من أين يأخذون فتواهم ومفتي بلدهم يصدِّق على قتل الأبرياء وتشريد الأسر وتيتيم الأطفال وترميل الأمهات؟ أويثق الناس في مصادر دينهم إن صار هذا حال حملته؟!
نحن في رسالتنا هذه نعلمكما أننا لو -لا قدَّر الله- قُتل ذوونا، فوالله لنأتيَّن بها في عرصات القيامة حجةً عليكما في ﱡيَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۖ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ﱠ لنقول لربنا أنكما خذلتما الحق وسكتما على الظلم وكنتما عونا على إزهاق أنفسهم وهم برآؤ.
وختاما نقول لكما كما قال مؤمن آل فرعون فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﱠ

أهالي المحكوم عليهم بالإعدام ظلما
صبيحة الإثنين الثانى عشر من شعبان 1438 الموافق الثامن من مايو 2017

Formularbeginn
984 Aufrufe

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى