كتاب وادباء

“رمضان” الذي ينتظره كل المصريين .

من ابدعات الأديب الكاتب

السعيد الخميسى k

السعيد الخميسى

* نزل رجل غريب وعابر سبيل بأرض قوم فمر على قبورهم . فرأى شيئا غريبا , وجد مكتوبا على قبورهم عدد أيام أعمارهم . فهذا مكتوب على قبره أنه عاش ساعة واحدة , وهذا يوما واحدا , وهذا أسبوعا واحدا , وهذا شهرا واحدا , وذاك عاما واحدا . فتعجب الرجل من قصر أعمار القوم . فلما استفسر عن السبب , قالوا له: إن هولاء الموتى أوصوا فى حياتهم أن يكتب على قبورهم أيام السعادة التي عاشوها فى حياتهم فقط وليس كل أعمارهم التي عاشوها بالفعل , لأنهم اعتبروا أن أعمارهم الحقيقية هى أيام السعادة التى عاشوها فقط  طيلة حياتهم . ونحن كمسلمين نعتبر أن أيام رمضان هى من أيام السعادة التى نحياها فى حياتنا رغم حرارة الجو والجوع والعطش والإجهاد لان راحة القلب والنفس مقدمة على راحة الجسد عند الأتقياء . من حق كل مسلم أن يفرح ويحتفل بقدوم شهر رمضان المبارك . فتلك مناسبة عظيمة ليس من حق أحد أن يصادر فرحتك بها , أو يعكر صفو حياتك فيها . لكن فرحتنا الحقيقية ستظل منقوصة غير كاملة حتى يتحقق لنا ما نصبو إليه من أهداف وغايات تليق بعظمة ديننا وشرف رسالتنا وكرامة أمتنا .

رمضان
* تكتمل فرحتنا فى “رمضان “ هو يوم أن نرى العدل في وطني يسود , وراية الحق تعلو وتقود , وليس بيننا وبين نيل حريتنا جبال وتلال وسدود . يوم أن نرى رأى العين راية والحق والحرية عالية خفاقة تعلو ربوع مصر والعالم . فلا يظلم أحد , ولا يسجن أحد أو يعتقل بغير حق .  فرحتنا الحقيقية تكتمل  يوم أن نرى شبكة القانون تصطاد كل المجرمين فلا  تميز بين صغير وكبير , أو وزير وغفير , أو غنى وفقير . ولاتكن شبكة القانون كشبكة الصياد تلتهم وتصطاد الأسماك الصغيرة فقط , أما الكبيرة منها فتبتعد عنها خشية أن تمزقها بأنيابها ومخالبها  أوتقطعها إربا إربا  بهزة واحدة من ذيلها .  فرحتنا فى رمضان تكتمل يوم لانرى فقيرا يكابد فقرا , أو غنيا بدل نعمة الله كفرا ,  أو ظالما اتخذ من ظلمه درعا يحتمي به ووكرا . هذه هى فرحتنا الحقيقية برمضان , وليست فرحة الزعماء والأمراء وأصحاب الفخامة والجلالة وهم يتبادلون البرقيات الرسمية والتهاني القلبية وأمتهم تحت غبار الزمان منسية..!.
* فرحتنا فى رمضان تكتمل  عندما  يتحقق فى أوطاننا العربية والإسلامية الأمن والأمان , والسلامة والإسلام . نبيت ليلتنا فى غرفتنا فلا نخشى زوار الفجر , ولاقطاع الطرق , ولا لصوص المال العام , ولا انقطاع الماء والكهرباء , ولا الغلاء والبلاء . يوم أن لا نرى فى بلادي جائعا يموت من ألم الجوع , وغنيا مترفا يموت من شدة انتفاخ البطون . فرحتنا تكتمل يوم أن نرى الحق فى بلادي فوق القوة , ويوم أن نرى الدم المصري كله حرام , وعرض المصري كله حرام , ومال المصري كله حرام , فلا يستحل دمه ولاماله ولا عرضه بغير حق . فرحتنا تكتمل يوم أن نرى الكل سواسية أمام القانون . ليس ثمة فرق بين كبير وصغير , أو غنى وفقير . ولانكن كأهل الجاهلية الأولى إن سرق الضعيف أقاموا عليه الحد وسجنوه واعتقلوه وفى النهاية يتخلصون منه ويقتلوه , وإذا سرق الغنى ساندوه وبرؤوه وأدوا له التحية وأخلوا سبيله وتركوه . تلك هى فرحتنا الحقيقية .
*   فرحتنا فى رمضان تكتمل يوم أن نرى مصر لها وزن وكلمة فى عالمنا الكبير , فلا تنحنى لظالم , ولا تمد يداها تتسول رغيف خبزها من غيرها , ولا تقف على رصيف الحضارة تسأل الأمم والشعوب الإحسان والصدقات والمعونات , أعطاها من أعطاها ومنعها من منعها , فالسؤال مذلة ولو إلى أين الطريق .  فرحتنا تكتمل يوم أن نرى فى حياتنا ونحن على قيد الحياة , وطننا تشرق عليه شمس الديمقراطية في كل شارع , وكل حى , وكل قرية , وكل مدينة وكل مؤسسة . يوم أن نرى  دولتنا تقدر كل صاحب مظلمة وتقف بجواره حتى يسترد حقه المفقود  . فلا فضل لأحد على أحد إلا بقدر عطائه وصلاحه واحترامه لدينه ووطنه .
* فرحتنا تكتمل فى رمضان يوم أن نعيش فى وطن بلا مظالم . فنرى المظلوم ينتزع حقه من الظالم حتى لو كان المظلوم ضعيفا والظالم قويا . فالظلم ظلمات يوم القيامة . ولايبنى وطن أبدا على قواعد وأعمدة من الظلم والبهتان , بل يبنى ويقوى ويؤسس على قواعد من العدل والإحسان . يجب أن نحصن أوطاننا  بالعدل ولا نهدمه بالظلم والجور . فرحتنا تكتمل فى رمضان يوم أن يستقر الوطن سياسيا واقتصاديا وأمنيا , يوم لانرى عاطلا يتسكع فى الشوارع , ولا مريضا فقيرا ينام فى طرقات المستشفيات العامة , ولا برئيا يسجن ظلما وعدوانا  . فرحتنا تكتمل فى رمضان يوم أن نرى كل صاحب حق يحصل على حقه دون رشوة أو تعب أو عناء فى رحلة البحث عن حقه . فرحتنا تكتمل فى رمضان يوم أن نرى مصر لها وزن كبير بين أمم وشعوب العالم , وزنا يليق بتاريخها ومجدها وحضارتها , فهناك دول لايتعدى عمرها مائة سنة وقد سبقتنا فى مجال العلم والتكنولوجيا بآلاف السنين وليست أكثر منا مالا ولا أشد منا قوة , غير أنها وضعت قدمها على الطريق الصحيح . نحن فى حاجة إلى إدارة صادقة حتى يكون لدينا إرادة قوية ناجحة تسير على الطريق الصحيح لتحقق الهدف المنشود .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى