اخبار المنظمةتقارير وملفات

زمن الخيانة… نهاية الجزء الاول

بقلم الكاتب القصصى والتاريخى

محمد عبد الله زين الدين

محمد عبد الله زين الدين

 

((( نهاية الجزء الاول )))

خلال اضواء الفجر هناك على مرمى حجر فوق قمة ربوة مجاورة لبعض الآكام المتناثرة هنا وهناك، وقف شبح يلوح بيده ويصرخ في حشد جنوده المرتبك وهم يلوذون بالفرار بلباس النوم ،والرعب يملأ وجوههم واقدامهم التي تتسابق مع حوافر الخيول الضالة ،الا ان صراخه كان يتوه مع اصوات انفجارات المدافع التي كانت تباري الغبار المتنامي اثر سنابك الخيل ودخان البارود وسط لهيب المقذوفات وهذا الشبح يندفع الى اسفل بجواده ولم ينفك في منع الفرسان من الفر ليثبتوا كحجر عثرة كأداء في مواجهة كر العدو الزاحف من كل حدب في غفلة صنعتها ايادي الخيانة ورتبت لها.

ينقشع الغبار رويدا رويدا ومافتئ الشبح يستجدي الحشد في البقاء والكل لايلوي الا على الفرار , وفجأة يرتمى شبح آخر ليجذب مقود الفرس الذي يقفز من فورة لينجو الفارس من الموت المحقق ذلك الموت الذي رفض ان يعدو بعيدا دون ان يخطف حياة احدهم وكان هذه المرة من نصيب الفرس المسكين الهائج , فيرقد جثة هامدة يعالج خروج الروح من بدنه الاسود اللامع , وينفق سريعا ويترك حزنه يرتسم على قسمات وجه ذلك الشبح الذي ظهرت جلية واضحة لبرهة قصيرة , وقد بدأ اليأس يدب في رعونة حركاته….

يا الهي انه الباشا عرابي ذات نفسه !!!! وهذا تابعه المخلص محمد ابراهيم وهاهو يلح عليه في النجاة بعدما وضحت الخيانة جلية لكل ذي عينين , فامتطيا جوادين طالبان محطة قطار التل الكبير لكنهما عجزا عن ذلك وعرابي ينظر بحسرة من بعيد على قوات الغز التي كانت تتقاطر وراء فلول جيشه المذعور وقد اخذ يسابق الريح وهو يجهر للجواد ((قاتل الله العربان —- قاتل الله العربان )) , يرد عليه صفيَّهُ محمد ابراهيم وهو يلاحقه بالجواد الذي يكاد يلاصقه في خفة (( الم اقل لك ياباشا لاتركن الى العربان ))يرد عرابي في عصبية واضحة وهو يهتف (( الطحاوي قاتله الله —- جعلني اركن جنودي للراحة )) , يرد صفيه وهو يشرئب من فوق جواده المنطلق خلف جواد الباشا (( انا حزين على السبعين مدفعا لم تنطلق منهم دانة واحدة وقفت جميعها لم تنبس ببنت شفة , بينما انطلق الستون مدفعا يرعدون خيمنا ))يرد عرابي (( واين قوات عبد الرحمن حسن !! اين قوات على يوسف !! اين قوات البارودي في القصاصين لماذا لم يعوق على الاقل تقدم الغز ؟!!)) , يستطرد تابعه (( الفان وخمسمائة فارس يفرون من امام الفين من فرسان الغز , عشرون الف مقاتل ينهزمون امام احدى عشرة من جنودهم !! فعلا انها المفاجأة في مقابل الغفلة قاتل الله الغفلة سيدي الباشا , ثم اين جنود العربان الستة آلاف !! )) يهتف عرابي قائلا (( لاتحتسبنهم منا لقد كنت في غفلة من امري لقد لعب بنا العربان , الخنزير الدنس الطحاوي والآخر البقلي في وادي الطميلات )) يرد تابعه (( الكل خانك ياباشا ))

يسترسل عرابي قائلا (( آه اذا كان طريق كفر الدوار هو الطريق ااوحيد لدخول مصر ماجرؤ جراء الانكليز على الاقتراب وكان حينئذ لا مكان للخيانة )) ليستطيع الرجلان في النهاية العبور الى وادي الطليمات بعد ان تركا جواديهما وانطلقت الاقدام تسابق الريح ليصلا الى بلبيس في النهاية حيث علي باشا الروبي الذي اعلن قولته المشهورة حين استقباله لهما (( انه الخذلان )) ،

معركة-التل-الكبير

ياله من قول صادم تلقاه قلب عرابي الذي يعتصر الما , انه القائد المهزوم وقد اصبح منكس الرأس بعد العز صاغرا بعد الفخار والشموخ وضاقت عليه نفسه وضاقت عليه الدنيا بما رحبت فهو قد تحسب لكل شئ الا نفوس البشر لم تكن الخيانة ضرب من ضروب المستحيلات وهو لم يحتط لاقدام الرجز والتملق والخديعة ان تدب بين جنوده .

 وخيم على المكان سكون رهيب لف به في دوار تراقصت الاشياء امام ناظريه وهو يتذكر علي يوسف الذي ارسل اليه المرسال قائلا(( كله تمام )) وبعدما علم من علي باشا الروبي كيف انسحب عبد الرحمن حسن متجها شمالا لترك الغز الانكليز يمرون دون ان يواجهوهم وكيف اشعل علي يوسف ((خنفس باشا فيما بعد )) الطريق بمصابيح كي لايضل اسياده من قوات الغز الانكليز .

الى هذا الحد كانت الخيانة حتى الاعرابي الجاهل استطاع ان يلعب به استطاع ان يدخل ويخرج داخل معسكراته معسكرات عرابي وينقلل هو واتباعه الاخبار الى ولسلسي القائد الذي استطاع بالدينار ان يشتري خيانة البدو بجنيهين اثنين واحيانا ثلاث جنيهات , لدرجة ان خمسة وعشرين الف اعرابيا قد قبضوا في ايديهم خمسين الف جنية بواقع كل فرد منهم جنيهان !! ويفيق عرابي وتابعه على اصوات التحذير فهناك تجريدة من خيالة العدو مالت على المكان لتطارده , وعلى الفور يفر عرابي مجددا ليلحق قطار القاهرة وينمو الى علمه باستسلام جنود القاهرة بحامية القلعة , وهنا ادرك عرابي ان النهاية قد باتت حتمية ولامحيص من الاستسلام , وذهب بكل بساطة ليسلم سيفه الى قائد الحملة ولسلسلي , ويتندر المصريون وقتها باسلوبهم القاتل في تحليل وتورية (( الولس هزم عرابي )) فياترى كانوا يقصدون ولسلسلي ام خنفس باشا الذي منحتة المملكة البريتانية لقب سير !!

انتظرونا فى الحلقة القادمة

محمد عبد الله زين الدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى