الأرشيفمقالات إضافية

ساعتان … ما أشبه اليوم بالبارحة

بقلم الأديب الكاتب

محمد عبد الله زين الدين

——————————

جاءنا خبر ملفت لنظر المهتمين بالشأن السياسي وبخاصة من يهتمون بمجريات الاحوال في منطقة صراع اقل وصف يمكن ان توصف به انها منطقة صراع ملتهبة وخطرة جدا, ذلك الخبر المثير للفضول أكد ان وزارة الخارجية الايرانية استدعت اليوم سفير دولة الامارات العربية المتحدة لديها وانتهى الخبر عند تلك النقطة تاركا البعض منا ضاربا اخماسه في اتساعه سابرا غور الاحداث لتكشف له عن كنه الحوار الذي يمكن ان يدور بين هذين الطرفين وبخاصة في ذلك الظرف الدقيق الذي تلملم فيه الولايات المتحدة الامريكية شتات امرها لتسحب موظفيها من العراق واي موقع جغرافي آخر يقع تحت طائلة ضربات الصواريخ الايرانية الساحقة وتستعد لما هو آت, لينكشف المستور عن حقيقة مرعبة ان الحرب قد بدأت في لحظة فارقة مما يجعلنا نستشعر كم المصيبة المنتظرة في تلك البؤرة الحمئة المتفجرة غضبا في سعير محموم والموسومة بالصراع المردي من القديم جراء رعونة القائمين على سدة الامر من دويلات نفطية قصيرة النظر في تحالفاتها بحجة دافعة ملحة للحفاظ على عروش كان من الممكن ان تتجنب ويلات احتدام الصراع عليها لو انها ذات اعين حادة كزرقاء اليمامة لتنقذ وجودها الذي مايلبث ان ينهار ويتهشم وتذروه رياح الصيرورة التاريخية :

 تلك الدويلات منها من يتصرف بمكيافيلية بحتة بل ومكارثية و منها من قد اعتادت على المضي معصوبة العينين وراء الانكل سام وان تتسبب في زوال انظمة واستحداث توازنات جديدة تضر بمصالحها ومصالح من حولها دون ان تدري , وادل على ذلك ماحدث سابقا مع الجارة العراق و كيف كانت اسرة آل سعود مع اسرة الصباح معول هدم وانهيار لقوة عربية رادعة كان من الممكن ان تكون سندا لهما الان لولا نزولهما لاوامر السيد المطلق في البيت الابيض ومن ورائه ازرائيل للقضاء على الراديكالية التقدمية ومن ثم الراديكالية الثيوقراطية , ونعود مرة اخرى لنفس السؤال الملح: ياترى ماالذي حدث في تلك المقابلة المثيرة ؟!!

هل الجار الفارسي يريد استقطاب نظام ابن زايد وهو المستحيل ذاته لان ابن زايد من المكر بمكان ان يتم استقطابه بل هو من يستقطب الاخرين وأزعم انه طامعا في تكوين امبراطورية يكون هو على سدتها ومعترف به من قبل العالم وجارا مطيعا لجارته الجديدة ازرائيل , سيدة العالم في ناظريه و التي سوف تحرك اسلاكها الشائكة هي الاخرى لتصل الى الحدود الجديدة معه كحاكم ماكر وواعد ولايشق له غبار لدولة فتية ترث جل من حولها حتما ملك آل سعود وآل سلمان في صعيد واحد بل وتورط ذات نفس الاونكل سام القصاب صمويل ويلسون خادم من يدفع ولاعزاء للاغبياء !! :

 ونعود لنفس السؤال : هل كانت المقابلة عبارة عن رسائل تحذيرية من قبل الخارجية الايرانية الى دولة الامارات المتحدة بعدم النفخ فيما تحت الرماد فالنيران تكاد تندلع في لحظات بالخليج لتحرق الجميع بما فيها ذات نفس دولة ابن زايد !! :

 ولما لانستقرأ الاحداث الموازية والتي حدثنا التاريخ عنها لنسترق الرؤية لما تجري عليه الامور مما يذكرنا بارهاصات الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في قصر المستشارية حين استدعى روبنتروب سير نيفل هندرسون سفير بريتانيا ومبعوث هاليفاكس وزير الخارجية آن ذاك , كذلك مسيو كولوندر السفير الفرنسي مبعوث بونيه لتحذيرهما بعدم التدخل اذا ما اتخذ الالمان وضعهما لاستعادة دانتسيج والممر من الدولة البولونية واللتان اخذتا من الالمان عنوة بموجب عقوبات مؤتمر فرساي والذي فرض على الالمان الدولة المهزومة صوريا في الحرب الاولى (( بسبب امساك اليهود الاثرياء عن الانفاق على الجيش الالماني لصالح بلفور ونكاية في الباب العالي الذي رفض التصريح لهرتزل بان يضع اليهود جانبهم مجرد ان يجدوا مأوى في فلسطين , وبالفعل جاءت الهزيمة للالمان وبر بلفور بوعده وانهارت المبراطورية التركية كدولة من دول الوسط المعادي للغرب )) :

 وكانت العقوبات مجحفة في حق الالمان , وبالعودة هنا الى وجه التشابه بين ماجرى سالفا وبين مايجري الآن , حيث قد تصاعدت حدة التهديد المتبادل بين الدولتين الالمانية والانكليزية وكذلك الالمانية والفرنسية حيث قال ريبنتروب بتعال مطلق : حضرة سفير المملكة المتحدة انتم تظنون انكم سوف تنتصرون في الحرب ونظن نحن العكس وما علينا الا ان ننزل في ساحة الوغى لنثبت ذلك ليعلم الجميع على رؤوس الاشهاد من هو الاقوى!!

 ولاول مرة يعلو الصراخ بين الدبلوماسيين حتى ان السيد نيفل هندرسون قال فيما بعد ان سبب مجاراته صراخ وزير الخارجية الالماني : ذلك انني اردت ان اعلم السيد روبنتروب انه لا يمتلك وحده امكانية الصراخ , والشئ الملفت للنظر حين انفرد مسيو كولندر بالفوهرر و ذكره بالمآسي والويلات التي تنتظر الجنس البشري مثلما حدث في الحرب الاولى من تشريد الاطفال وقتل ابرياء وكم المشوهين جراء الصراع المنتظر , وهنا وقف هتلر وتنهد وقال : آه نسيت الاطفال الابرياء , وتهلل وجه كولندر اعتقادا منه انه استطاع ان يثني هتلر عن المطالبة بحقوق الالمان في دانتسيج والممر , ولما عاد هتلر بعد برهة صمت للحظات قائلا : السيد سفير دولة فرنسا انا لااستطيع ان انتظر اكثر من ذلك لمصلحة شعبي وكما ان دولتي لاتنتظر هي الاخرى من يسعى لحمل اواني مطابخ واوعية ومتاع وان على البولونيين ان يرحلوا فورا من الاراضي الالمانية , وهنا اسقط في يد المسيو كولندر وأحس ان هتلر قد استدرجه ولعب به واعترف قائلا : انا لازال ينقصني الخبرة !! لقد خدعت بالمظاهر .

 (( تمت))

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى