كتاب وادباء

سقوط الهمم……. وشراء الذمم…!؟

بقلم الكاتب السياسى

السعيد الخميسى k

السعيد الخميسى
* لقد اكتشف العالم ” اينشتين ” على الورق المجرد , بالقلم المجرد , فى أرقام مجردة , سر الطاقة الذرية , وكيفية إخراجها من مكمنها إلى مجالات الاستخدام . لكن معادلات الأرقام لايفهمها ولن يفهمها إلا من كشف الله عن بصره , وأزال تلال الركام التي رانت على قلبه ليعلم أن العالم اليوم لايعترف إلا بلغة الأرقام , ولامجال للمشاعر والعواطف والمجاملات الرخيصة عند التعامل المجرد مع الحقائق . إن تقرير التنافسية العالمية فى هذا العام يضع مصر فى جودة التعليم فى المركز قبل الأخير من بين 140 دولة . ولايقبع خلفنا فى قائمة الدول الأكثر تخلفا علميا إلا دولة يقال لها “غينيا “ وتأتى فى المركز الأخير .وإن تعجب فعجب قولهم إن مصر عقدت اتفاقية لتبادل أعضاء هيئات التدريس مع غينيا من باب أن المصائب تجمع المصابين . إن هذا التقرير المؤسف الصادم يضع مصر على رأس قائمة الدول التى سقطت فيها الهمم وتم فيها شراء الذمم فى مزاد علنى على رؤوس الأشهاد. العالم يتقدم للإمام وبسرعة الصاروخ , ونحن نتقدم أيضا وبنفس السرعة ولكن إلى الخلف…!؟

الفساد

* إن فى امتنا العربية والإسلامية طاقات كامنة مثل الضوء والحرارة والكهرباء, وقد قيد الله لهذه الطاقات علماء وخبراء لكشف أسرارها وجعلها سهلة ميسورة لكى يستفيد منها المجتمع لأن النعمة إذ لم يستفد منها تحولت إلى نقمة , فالدواء إن لم يستفد منه البدن العليل تحول إلى داء . كذلك فى أمتنا الإسلامية طاقات علمية وكفاءات اقتصادية وعقول سياسية , غير أنها فرت من عالمنا العربي كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة. فرت من التخلف الادارى والتسلط السياسي والاستبداد الأحمق المتكبر الذى أحرق اليابس والأخضر . مامعنى أن تقبع مصر فى ذيل قائمة الدول من حيث جودة التعليم ..؟ مامعنى أن تكون منظومة التعليم فاشلة من ألفها إلى يائها..؟ أين خبراء التربية والتعليم الذين ملئوا شاشات التلفاز ضجيجا…؟ أين الحكومات التى كانت تحكم هذا الوطن…؟ بل أين أنظمة الحكم المتعاقبة خلال السنوات العجاف الخالية من تطوير التعليم ..؟ أين نحن من أراذل الأمم فى قضية التعليم وغيرها من القضايا المصيرية…؟

* يقول العلامة والفيلسوف الشيخ محمد الغزالي عليه سحائب الرحمة “ أمتنا الآن جزء من العالم الثالث . تخلفها الحضاري لاريب فيه . ما الذى أوصلنا لهذا الدرك ..؟ إن التقدم والتأخر ليس حظوظا عمياء  . إن  مانزل بنا هو نتائج مقدمات طال عليها الأمد وعلل هدت قوانا جيلا بعد جيل . وبعض الأجسام يصيبها فى سن مبكرة مرض شديد ولكن عافية الشباب تهزمه فتكمن الجرثومة متربصة الفرص السوانح لتثبت عندما تريد ملحقة بالجسم ما تشاء من عطب . وأمتنا الكبيرة تعرضت لأدواء وبيلة خلال عصورها الخوالي , وقد قاوم كيانها الصلب هذه الأدواء وبدا للعين المجردة كأنه سليم معافى , ولكن الجراثيم الخانسة برزت من مكامنها خلال القرون الأخيرة . فلما اصطدمت بنا القوى المعادية للإسلام فضحتنا المعارك فى كل ميدان , وسقط المسلمون بين المحيطين الأطلسي والهادي بين أواسط أوربا وأسيا شمالا , واندونيسيا والقلبيين والمحيط الهندي وأقطار ماتحت الصحراء الكبرى جنوبا . ”

 حكم-العسكر

* لو بحثت بحثا دقيقا عن سبب تخلفنا العلمي والسياسي والاقتصادي لوصلت لنتيجة مؤكدة وثابتة لاريب فيها وهى أن الفساد السياسي هو سبب كوارثنا السابقة واللاحقة . كما أنه رأس كل خطيئة . فلايمكن لوطن أن يتقدم وجراثيم الفساد والغش والتزوير والتدليس والنهب والسرقة والفساد الادارى تعشش فى أركان الوطن . إن خفافيش الفساد لاتطير إلا فى ظلمة الليل . فإذا أشرق نور الصباح أوت إلى أوكارها انتظارا لحلول الظلام حتى تعاود نشاطها . كذلك الفاسدون لايرتعون إلا فى مستنقعات الفساد السياسي الراكدة العفنة . لاحل أمامنا ولا خلفنا إلا بسياسة التطهير الشامل التي تستأصل كل الأورام الخبيثة فى جسد الوطن ولا تستثنى أحدا . إن الرمم عندما تحل محل القمم وتباع الذمم وتشترى فى وضح النهار , فماذا تنتظر غير التخلف والجهل والرجعية والأمية . إن عار الهزيمة لحق بنا واشتعلت نيرانه فى ثوب الوطن وكل منا مطلوب منه أن يطفئ تلك النيران قبل فوات الأوان ومرور الزمان .

* إن تقرير التنافسية العالمية فى جودة التعليم كشف بل فضح منظومة التعليم الفاشلة فى وطننا . إن هذا التقرير ليس فيه تلاعب ولامجاملة لأنه يعتمد

على استطلاعات الرأي، وهي تشكل ما نسبته 70 في المائة من وزن المؤشر، ثم البيانات والإحصاءات وغيرها من مصادر تشكل 30 في المائة من وزن المؤشر حيث يتم التوصل إلى النتائج من خلال مجموعة من الاستبيانات تقدم إلى عينة من رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين في قطاع الأعمال في الدولة في إطار استطلاع الرأي الخاص عن بيئة نشاطات الأعمال والعراقيل التي تعترض وتلجم حركة النمو في بلدانه وفق المعايير الموحدة للمنتدى الاقتصادي العالمي والتي تطبق في جميع دول العالم بنفس الأسلوب ويتم تدعيم نتائجها من خلال تحليل البيانات الإحصائية المنشورة عن الدولة في المصادر المختلفة، المحلية والعالمية، في مختلف المجالات مثل البيئة الاقتصادية الكلية الإجمالية والبيئة الضريبية وسوق العمل والممارسات السلبية في الاقتصاد ونوعية البنية الأساسية والنظام التعليمي في البلاد.

القضاء


* إننا فى مصر نحتاج إلى نظام سياسي وتعليمي على مستوى قدرات هذا البلد الكبير . لايمكن لدولة صغيرة مثل قطر تأتى فى المركز الرابع ونحن فى المركز قبل الأخير ..! أين مصر أم الدنيا ..؟ أين الشعارات التنويمية ..؟ أين الخطب المغنطيسية الرنانة ..؟ أين الخطط والبرامج …؟ أين نحن من العالم اليوم ..؟

 لقد توصل التقرير الأخير من خلال استطلاع الرأي والمسح الميداني لآراء المديرين والرؤساء التنفيذيين حول بيئة الأعمال بأن أكثر خمسة عوامل تعوق تقدم اى دولة تتمثل فى  خمس عوامل وهى :  تشريعات العمل المقيدة,  وعدم كفاءة الإدارة الحكومية البيروقراطية , وضعف المستوى التعليمي للقوى العاملة ,, تدني مستوى أخلاقيات العمل لدى القوى العاملة  , وضعف القدرة على الابتكار  . خلاصة القول هو أن هذا التقرير كشف عورتنا السياسية والتعليمية والاقتصادية ولابد من سترها بأسرع مايمكن حتى لايعم البلاء أكثر من ذلك وإلا كانت النكبة القاصمة .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى