آخر الأخبارتحليلات

سلفية مبتدعة “الجزء الثالث والأخير”

(كتبت هذا الجزء من "سلفية مبتدعة" قبل 20 عاماً ونًشر بمجلة "الكلمة الطيبة" عدد ديسمبر 1999)

بقلم المحلل السياسى

شوقى محمود

فيينا – النمسا

السبت 16 مايو 2020

في الجزء الأولي تناولت الخصائص المميزة للطائفة المنصورة من أهل السنة والجماعة، وأهمها التمسك بالكتاب والسنة قولاً وعملاً … وحقيقة فهم السلف الصالح وطبيعة المنهج السلفي، وبينت الخلل في فهم الشرك والتوحيد عند دعاة السلفية المبتدعة، وبدعية تسمية أحد الأفراد بالسلفي أو الجماعات بالسلفيين!!

وفي الجزء الثاني نقلت مقتطفات من دراسة وثائقية للشيخ/ محمد سرور زين العابدين الذي أطلق علي منتسبي “السلفية المبتدعة” اسم “حزب الولاة” لمولاتهم للحكام!

ثم تسليط الضوء علي أهم رموز هذه الفرقة المنحرفة!!

السلفية المبتدعة توأم الصوفية!!

لعل القارئ يستغرب من تلك العبارة، وخاصة ان مدعى السلفية ما فتأوا من التنديد بالصوفية وعقيدتها، فبضاعتهم تنحصر فقط في التحذير من شرك الصوفية (وما يتفرع منه: التوسل والاستعانة والاستغاثة والدعاء والذبح والنذر) لغير الله!

ولكن المدقق في أحوال الصوفية و”السلفية المبتدعة” يكتشف أن كلاهما خرجا من رحم الفكر الإرجائي، الذى شوه مضمون شهادة التوحيد، وفرغها من معناها وشروطها ومقتضياتها، ولهذا أصبحت شهادة ” لا اله الا الله” عند الصوفية مجرد كلمة ينطق بها صاحبها فيضمن بها الجنة!! …  أما عند السلفية المبتدعة يكفي  لولي الأمر أن يتلفظ بالشهادة فقط!!

القواسم المشتركة بين الصوفية والسلفية البتدعة!!

تلتقي الصوفية مع السلفية المبتدعة في قواسم عدة منها:

1) تبعيض الدين وتجزئته: فاذا كانت الصوفية حصرت الإسلام في الزهد وذكر الله تعالى -بعد تشويه معانيهما – فالسلفية المبتدعة جعلت التوحيد هو التنزه عن شرك القبور فقط، مع الاهتمام ببعض السنن!!

2) فصل الدين عن الحكم وموالاة الطغاة: وفى هذا يلتقيان قلباً وقالباً، ولهذا ينعمان بالدعم المطلق من الطغاة!!

3) السلبية المطلقة تجاه هموم الأمة وواقعها، وبالتالي الإنزواء عن المشاركة بأي جهد للنهوض بأحوال المسلمين، ولا ذكر عندهما لعودة الخلافة الإسلامية!!

4) تقديس الأفراد وإسباغ صفة العصمة لأشخاص من المشايخ، وقبول كل ما يصدر عنهم، من غير تمحيص أو تدقيق!!

التدثر برداء العلماء!!

ما كان صانعى السلفية المبتدعة ان يكشفوا عن أهدافهم بتجزئة الدين ومولاة الطغاة، دون إلصاق دعوتهم بأسماء وشخصيات لها ثقلها ومكانتها في قلوب المسلمين، وخاصة ان كثير من شباب الصحوة الإسلامية تتلمذوا علي أيدي العلماء الثقات، الذين غرثوا فيهم معني شمولية الدين (الكتاب والسنة).

فلم يجد دعاة السلفية المبتدعة إلا التدثر بعباءة الشيخين الجليلين “عبدالعزيز بن باز” و”محمد ناصر الدين الألباني” بما كانا يتمتعان به من ثقة وتقديرعند كثير من المسلمين، ومن ثم استغلال سمعة الشيخين بطريقة خبيثة حتى يظهر أمام الناس كأنهما رائدا هذه الدعوة المشبوهة والمتبنيان لأفكارها!!

فمثلا كانت ترد على الشيخين يومياً عشرات الأسئلة.. ويجيب الشيخان على هذه الأسئلة بما يري كل منهما أنه صوباً.

ومن ذلك: يسأل أحدهم الشيخ/ ابن باز عن حكم الإسلام في رسالة للمدعو خادم المسجد النبوى وفيها كثير من الاحاديث الموضوعة والمكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويطلب من تصله هذه الرسالة ان يكتبها عدة مرات ويرسلها الى آخرين، فان لم يفعل ستنزل عليه كوارث ومصائب!!

فيجيب الشيخ بالجواب الصحيح، ومضمونه ان هذا الكلام لا أصل له في دين الله …. والى هنا والأمر لا غبار عليه.

ولكن أصحاب السلفية المبتدعة يريدون تحويل هذه الأسئلة وإجابتها الى وجهتهم الخاصة بهم… فعادة ما تكون هذه الأسئلة في خضم أحداث جسام تمر بها الامة، (ضرب أمريكا للعراق، اعتقال الشباب المسلم وتلفيق التهم لهم، مجزرة إسرائيلية ضد الفلسطينيين).. فتأتي الأوامر من الأجهزة الأمنية (بالأخص في السعودية والأردن) إلي طائفة المبتدعين بضرورة التحرك فوراً لصرف الناس عن هذا الحدث الطارئ!!

فيتم ترويج الإجابة المذكورة تحت عنوان ضخم “نصيحة من الشيخ/ ابن باز الى المسلمين”، ويتم النشر عبر الصحف المأجورة “الحياة، الشرق الأوسط وغيرهما”، ثم تلقى الخطب والمحاضرات في المساجد عن الخطر الداهم الذى يهدد الأمة من جراء رسالة خادم المسجد النبوى المزعوم!!

ونفس الشيء كان يحدث مع الشيخ/ الألبانى، حيث يتم الانتقاء من فتاويه وأراءه التي تلتقى مع أهواء وأهداف هؤلاء المبتدعون!!   

مآثر وفضائل الألباني وابن باز

للشيخين محمد ناصر الدين الألبانى وعبدالعزيز بن باز ـ رحمهما الله ـ مآثر عظيمة وخدمات جليلة لدين الله تعالى… فالشيخ الالبانى كان له باع في خدمة السنة المطهرة باعتباره احد كبار علماء الحديث في هذا العصر، ونفع الله به خلقاً كثيراً، حيث أصدر سلسلة الاحاديث “الصحيحة، الضعيفة، الموضوعة”، كما خرج الصحيح من سنن: أبو داوود، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، وكذلك كتاب “السنة” لابن ابي عاصم، وغير ذلك كثير من الجهد المبارك.

أما الشيخ ابن باز -رغم قلة مؤلفاته- الى أن ما ظهر منها كان فيه نفع عظيم منها: “شرح وتعليق علي فتح البارى” الذى زاد فيه الشيخ وضوحاً وتبسيطاً، وأنصف مؤلفه الحافظ بن حجر، وأيضاً كتاب “نقد القومية العربية” و”شرح رسالة تحكيم القوانين” و”شرح الأصول الثلاثة”، وكذلك “سلسلة الفتاوى، التي أصدرها منفرداً، أو من خلال اللجنة الدائمة للإفتاء والإرشاد… فضلاً عن فتاوى تكفير كل من بورقيبة حاكم تونس السابق، والقذافى حاكم ليبيا، وحافظ الأسد حاكم سوريا، وصدام حاكم العراق، وزياد بري حاكم الصومال.

بجانب هذه الاثار العلمية للشيخين الالبانى وابن باز، كان هناك فتاوى خاطئة جانب أحدهما الصواب فيها، وكانت لها أضراراً وخيمة، مع الإقرار أن لكل عالم زلة، كما لكل جواد كبوة… (الكمال لله وحده المنزه عن الخطأ والنقصان).

وليس المقصود من تبيان خطأ صدر عن الشيخين أو أي من العلماء  الطعن فيهم أو الانتقاص من قدرهم، كما يروج بذلك الجهال والمبطلون، إنما واجب البلاغ والتبيان بالحق.

ونؤكد ـ كما أكدنا سابقاً ـ أن العالم ينظر إليه من جميع الجوانب، فلا ينسى فضله، ولا يُمنح العصمة….

ولكن أدعياء السلفية يرون ان الشيخين ابن باز والألباني، هما فقط مصدر العلم والثقة، وبالتالي لا ينبغي الخروج عن نطاق فتاويهما وأرائهما!!

ولا يحتاج هذا المنطق إلي تعليق لسطحيته وضحالته، لأنه يجعل ينبوع العلم والعلماء قد نضب…وقد شهدت الأمة الإسلامية في كل عصرعلماء أفذاذ، وقد يظهر عالم نابغة ومعه ـ أحياناً في نفس البلدة ـ علماء أخرين أجلاء، قد يختلف أحدهم مع الآخر، ولا ينقص ذلك من مكانته وعلمه، فلكل مجتهد أجره عند الله تعالى.

اختلاف الفتاوي بين ابن باز والألباني!!

ونعود الى أصحاب السلفية المزعومة، ونذكرهم ببعض المواقف والفتاوى للشيخين ابن باز والألباني، التي تناقض حولها مواقفهما وآرائهما، وتركت بينهما فجوة وألبوناً شاساً، من ذلك:

ــ فتوى استقدام الجيوش الامريكية والغربية إلى أرض الجزيرة عام 1991.

ــ فتوى الحكم على بورقيبة والقذافى وصدام بالكفر.

ــ الحاكم المستبدل لشرع الله هل هو كافر كفر مستبين وردة سافرة كما أورد ذلك الشيخ/ ابن باز في كتاب “نقد القومية العربية”، أم أنه كافر كفر اصغر لا يخرجه من الملة، كما افتى الشيخ/ الألباني!!

ــ مشروعية الجهاد ضد الصرب.

ــ فرضية النقاب.

ــ حرمة الذهب المحلق للنساء.

ــ وضع اليد على الصدر بعد الرفع من الركوع في الصلاة بدعة أم سنة؟

فبأى الفتاوى نأخذ؟! وعلى أي أساس يفاضل المسلم بين اقوال وفتاوى العلماء؟! أليس الحق واحد لا يتجزأ؟ّ! وهل يمكن أن يكون الشيء ونقيضه صواب؟!

أليس الخيار والتفضيل في فتاوى ومواقف العلماء يقوم على قاعدة “الأرجح دليلاً”؟! أليست هذه القاعدة هي الفاصلة بين الصواب والخطأ، وبين الحق والباطل؟!

فلماذا لا ينسحب ذلك على فتاوى ومواقف الشيخين/ ابن باز والألباني؟!

يا من تنادون بالسلفية.. هل تجادلون في هذه البديهات؟!

الرد على العلماء

يردد دعاة السلفية المزعومة مقولة خطيرة وهى “لا يرد على العالم إلا عالم”!! أي يكونا متساويان في العلم والمنزلة!!

وبهذا يتم قطع الطريق علي من يتصدى لأخطاء العلماء ومن يتدثرون في ثيابهم!!

وطالما ان العلم ـ عند أدعياء السلفيةـ موقوف على الشيخين ابن باز والألباني، فلن يستطيع أحد من الرد عليهما!!

وهذه المقولة باطلة، ليس لها أصل في الكتاب أو السنة، بل الأدلة الشرعية تقطع بعدم صحتها وتثبت عكس ذلك:

الأدلة من كتاب الله

1: قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) النساء 59.

قال ابن كثير في تفسير (أولى الأمر) أي الأمراء أو العلماء…

فالخطاب للمؤمنين بوجوب طاعة الله وطاعة رسوله وأولى الأمر، فان حدث تنازع بيننا وبين أولى الامر ـ سواء كانوا أمراء أو علماء ـ فيرد الأمر الى الكتاب والسنة، أي إلى الدليل الشرعى.

2: في قصة الهدهد مع سليمان، قال تعالي: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ. لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا، أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ، أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ، فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) “النمل 20-21”

فهذا طائر ـ وليس انسان ـ يرد على نبي الله سُليمان عليه السلام، الذي أتاه الله العلم والحكمة والملك مع النبوة، وسخر الله له الإنس والجن والطير… ومع كل هذه المناقب والخصائص  لهذا النبي الكريم، يقول له الهدهد وهو أحد جنوده (أحطت بما لم تحط به)!!..

3: “الغلام” عبد الله بن عباس أصوب من كبار الصحابة!!

روى البخارى عن سعيد جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان عمر يدخلنى مع أشياخ بدر، فكان بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم يدخل معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه ممن قد علمتم، فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيت أنه دعانى فيهم يومئذ إلا ليريهم، فقال: ما تقولون في قول الله عز وجل (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ….؟) فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أَجَلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فذلك علامة أَجَلُك (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) فقال عمر بن الخطاب: لا اعلم منها إلا ما تقول!

فهذه الأدلة الشرعية ــ وغيرها كثير ـ تبين انه لا المكانة ولا المنزلة ولا السن مقاييس للرد على الأرفع منزلة والأوقر مكاناً… إنما المقياس الوحيد المعتبر هو البينة والدليل والحجة والبرهان، حتى وإن كان صادراً من الأدنى الى الأعلى…

العلماء نجوم يُهتدى بهم

مكانة العلماء وفضائلهم كثيرة ، ولقد جاءت الآيات والأحاديث التي تؤكد ذلك، منها قول الله تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أتوا العلم درجات) أي الكرامة في الدنيا والاخرة ، وفى الحديث الذى رواه الامام احمد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وانما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر”… وروى الترمذي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :”فضل العالم على العابد كفضلي على ادنى رجل من أصحابي”.

ويقول ابن القيم: “فقهاء الإسلام ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام ، الذين خُصوا باستنباط الاحكام وعنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدى الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والأباء بنص كتاب الله (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) إعلام الموقعين 1/18

وعن جزاء العالم العامل بعلمه ودعوته بين الناس، روى الامام مسلم من حديث ابى هريرة رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً”.

وقبض العلم علامة من علامات الساعة، كما جاء في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء حتى اذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا”.

وخلال شهور قليلة فقدت الأمة الإسلامية الكثير من علمائها منهم: عبدالعزيز بن باز ومحمد ناصر الدين الالبانى وأبوبكر الجزائري وعلى الطنطاوي ومناع القطان ومصطفى الزرقا…. رحمهم الله جميعاً.

——————————–

وأخيراً: فإننا لم ندعي علي أصحاب “السلفية المبتدعة” بما لم يفعلوا، ولم ننسب إليهم أقوالاً مأخوذة من أتباعهم الذين لا ناقة لهم ولاجمل، إنما كانت ردودنا على ما جاء في كتب واشرطة منظرى هذه الطائفة الضالة وروادها..

ولم ننفرد ببيان خطورة هذا المنهج، بل  سبقنا كثيرون وعلماء أجلاء في بلاد كثيرة.

وفى نفس الوقت أردنا من هذه الحلقات تأصيل منهج السلف الصالح من غير تشويه ولا تبديل، والذى صارت عليه الأمة قروناً كثيرة، فكانت العزة والكرامة للمسلمين والتمكين لدين الله في الأرض بعد أن أخذوا الدين بقوة صافياً ونقياً ..

(ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم).

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى