تقارير وملفات إضافية

سيهاجم السفارات أم الثكنات؟.. 9 تفسيرات متضاربة قدَّمتها إدارة ترامب لاغتيال سليماني

روايات متضاربة لتبرير اغتيال قاسم سليماني قدمتها إدارة ترامب منذ أن وقعت الضربة الجوية الأمريكية في 3 يناير/كانون الثاني 2019 التي تسببت في مقتل أهم قائد عسكري في إيران الأمر الذي أشعل أزمة في منطقة الشرق الأوسط. 

وقدمت إدارة ترامب نحو 9 روايات لتبرير اغتيال قاسم سليماني دون دليل، أو أن تصريحات أخرى صادرة من مسؤولين أمريكيين فنَّدتها أو كذبتها، حسب ما ورد في تقريرٍ لصحيفة The New York Times الأمريكية.

كان «قرار التخلص من سليماني استجابةً للتهديدات الوشيكة التي تُهدد حياة الأمريكيين».

– الرواية الأولى جاءت على لسان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، على تويتر.

اعتبر بومبيو، الجنرال سليماني، أحد قادة قوات الأمن والمخابرات الإيرانية، مسؤولاً عن مقتل مئات الجنود الأمريكيين في العراق. ولم يأمر الرئيس جورج بوش (الابن) ولا الرئيس باراك أوباما بقتله، معتبرين أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى حرب في إيران.

وفي وقت لاحق من صباح ذلك اليوم، ظهر بومبيو على قناة CNN؛ ليشرح مبررات الإدارة للضربة، قائلاً إن الجنرال سليماني «كان يخطط لعملية كبيرة في المنطقة -عملية كبيرة كما وصفها- كانت من الممكن أن تعرِّض حياة العشرات إن لم يكن المئات من الأمريكيين للخطر».

وأضاف أن هذه العملية كانت تشمل «المنطقة بأكملها وليس العراق فحسب».

ولكن كان السؤال الذي يواجه إدارة ترامب هو: ما الذي أصبح مختلفاً في خطط الجنرال سليماني استلزم المخاطرة بالحرب مع إيران؟ يجاهد موظفو الإدارة للإجابة عن هذا السؤال منذ وقع الهجوم على الجنرال الإيراني.

«كان سليماني يخطط لشن هجمات وشيكة وشريرة على الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين، لكننا ضبطناه متلبساً». 

– الرواية الثانية: الرئيس ترامب في تصريحات للصحفيين.

انضم ترامب إلى وصف الهجوم بأنه «وشيك»، وعلى خلفية قلق الجمهور بشأن اندلاع حرب شعواء وشيكة مع إيران، قائلاً: «لقد تحركنا الليلة الماضية لوقف حرب.. لا لإشعالها».

لكن شن هجوم بطائرة دون طيار على قائد عسكري لدولة ذات سيادة يختلف كثيراً عن شن هجوم على زعيم إرهابي بلا جنسية. وقد اتخذت الإدارة هذا الإجراء دون استشارة الكونغرس. والآن يطالب الديمقراطيون في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، إلى جانب بعض الجمهوريين، بتبرير الضربة ومعرفة تفاصيل الهجوم «الوشيك».

«هو ليس شيئاً واحداً… وإنما مجموعة أشياء. إنه إلمام كامل بالموقف وخطورته وتحليل له».

– الرواية الثالثة هذه جاءت على لسان بومبيو في برنامج Meet the Press.

اللافت أن بومبيو قلل من أهمية هذا «الهجوم الوشيك» في اتخاذ قرار قتل الجنرال سليماني، رغم حقيقة أن إدارة ترامب كانت تسلط الضوء على تهديد محدد لعدة أيام منذ الهجوم على الجنرال سليماني.

– الرواية الرابعة جاءت على لسان الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، في تصريحات للصحفيين.

كان الجنرال ميلي أكثر تحديداً من مسؤولي الإدارة الآخرين عند سؤاله عن معنى أن الهجمات «وشيكة«. 

لكنَّ مسؤولي الجيش والمخابرات الآخرين شككوا في جدوله الزمني، وقالوا إن الجنرال سليماني لم يكن قد حصل بعد على إذن من المرشد الأعلى الإيراني لشن هجوم.

«إذا كنتم تتساءلون عن الهجوم الوشيك، فهو لم يكن أبعد من الأيام التي سبقت الضربة التي استهدفت سليماني».

– الرواية الخامسة هذه قالها بومبيو، في مؤتمر صحفي.

وأشار بومبيو إلى الهجوم الصاروخي الذي شنته ميليشيا مدعومة من إيران وأدى إلى مقتل مقاول أمريكي في العراق، والتحركات السابقة المرتبطة بسليماني في تبريره للضربة، وربطها بـ «التهديدات الوشيكة» التي تحدَّث عنها.

واستمرت الإدارة في تقديم تأكيدات قوية ولكن غامضة عن معلومات استخباراتية تشير إلى وجود تهديد وشيك من الجنرال سليماني.

وقد أخبر الجنرال ميلي المراسلين الصحفيين في وقت لاحق أن عدم اتخاذ إجراء قوي لوقف الهجوم الوشيك سيكون تقصيراً في أداء الواجب. لكن المسؤولين لم يتحدثوا عن هذا التهديد بالتفصيل.

«لقد أوقعنا بوحشٍ هائل ودمرناه. لقد فعلنا ذلك لأنهم كانوا يسعون لتفجير سفارتنا».

– الرواية السادسة جاءت من قِبل ترامب، في مؤتمر صحفي.

إذ أدلى ترامب بتصريحاته الأولى التي أشار فيها إلى وجود تهديد محدد لهدف محدد في المنطقة: السفارة الأمريكية في بغداد.

لكن فيما بعد في هذا المؤتمر الصحفي، بدا أن ترامب يربط بين التهديد المشار إليه المتمثل في تفجير السفارة والمتظاهرين الذين اقتحموا مجمع السفارة في ذلك الوقت.

وقال ترامب: «إذا نظرت إلى هؤلاء المحتجين، ستلاحظ أنهم كانوا محاربين أشداء. وكانوا مدعومين من إيران. ولو تمكنوا من دخول السفارة، أعتقد أنهم كانوا سيتخذون بعض الرهائن أو كنا سنشهد ما هو أسوأ، ولشهدنا مقتل الكثير من الناس».

وجاءت تأكيدات ترامب في اليوم نفسه الذي قال فيه إن مسؤوليه ما زالوا يرفضون الدخول في تفاصيل مع أعضاء الكونغرس أثناء الإحاطات التي يقدمونها في الكابيتول هيل. يقول المسؤولون في وزارة الدفاع إن سرية المعلومات تقيّدهم. وقالوا إن الكشف عنها يمكن أن يعرِّض مصادر الاستخبارات للخطر.

«كانت هناك سلسلة من الهجمات الوشيكة التي كان يخطط لها قاسم سليماني. ولا نعرف مكانها أو موعدها على وجه التحديد».

– الرواية السابعة هذه جاءت على لسان بومبيو، على قناة Fox News.

أثار بومبيو المزيد من الأسئلة حول «الهجوم الوشيك» الذي كان يخطط له الجنرال سليماني حين قال إن الولايات المتحدة ليست لديها معلومات استخباراتية محددة حول مكان أو توقيت حدوث الهجوم.

«هذه أفكار شديدة الترابط… كان هذا سيحدث. وكانت حياة الأمريكيين في خطر».

– الرواية الثامنة جاءت من قِبل بومبيو، أيضاً في مؤتمر صحفي.

كان بومبيو يؤكد أن الهجمات كانت لا تزال «وشيكة» رغم أن الولايات المتحدة لم تكن تعرف على وجه التحديد مكان وموعد وقوعها.

وبدا أن هناك انفصالاً في هذه النقطة بين مسؤولي إدارة ترامب والمتشككين في تصريحات الإدارة؛ إذ أكد المسؤولون أن التهديدات وشيكة، لكنهم لم يذكروا تفاصيل محددة. وأشار المتشككون إلى حرب العراق، عندما اتضح أن ادعاء إدارة بوش بأن صدام حسين كان يملك أسلحة دمار شامل غير صحيح.

«أعتقد أنه كان من الممكن أن تكون على أربع سفارات. وكان يمكن أن تكون على قواعد عسكرية، وكان يمكن أن تكون على الكثير من الأشياء الأخرى أيضاً. لكنها كانت وشيكة».

– ترامب، على قناة Fox News.

أكد ترامب دون دليل أن أربع سفارات أمريكية، وليس فقط السفارة في بغداد، كانت مستهدفة من الجنرال سليماني.

«لم أرَ دليلاً على وقوع هجوم على أربع سفارات. ولكنني أشاطر الرئيس رأيه بأنه ربما – كان تقديري أنهم سوف يطاردون سفاراتنا».

– الرواية التاسعة جاءت على لسان وزير الدفاع مارك إسبر، في برنامج Face The Nation على شبكة CBS.

بدا أن قول إسبر يتناقض مع قول ترامب، بقوله إنه لم يرَ أي دليل محدد على أن إيران تخطط لشن هجوم على أربع سفارات أمريكية.

في مقابلة أخرى له في برنامج State of Union على شبكة CNN، رفض إسبر الإجابة عن السؤال نفسه، قائلاً إنه «لن يناقش مسائل الاستخبارات في البرنامج».

وكانت هذه هي المرة الثانية خلال أسبوع التي تتناقض فيها تصريحات البنتاغون مع ترامب حول إيران. وكانت المرة الأولى عندما هدَّد ترامب باستهداف المواقع الثقافية الإيرانية إذا هاجمت طهران الولايات المتحدة؛ إذ قال إسبر بعدها إن الجيش الأمريكي سيلتزم بالقوانين الدولية التي تحكم النزاع المسلح، والتي تجعل استهداف المواقع الثقافية جريمةَ حربٍ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى