آخر الأخبارالأرشيف

شبح الفتنة الطائفية يخيم على مصر من جديد.. و”السيسي” المستفيد

«هتموتوا يا مسيحيين».. العبارة التي كتبها قبطي داخل كنيسة مصرية شمال البلاد؛ لاستنفار الداخلية المصرية، ورفع حالة التأهب الأمني في البلاد، تثير القلق لدى جهات عدة من عودة خطر الفتنة الطائفية من جديد مهددا كيان المجتمع المصري.

فيديو «هتموتوا يا مسيحيين» الذي سارعت كنيسة «العذراء مريم وكيرلس عمود الدين»، للأقباط الأرثوذكس بدمياط الجديدة، إلى رفعه منذ أيام عبر صفحتها الرسمية على «الفيسبوك»، يحمل إشارة خوف من المجهول، خشية تكرار تفجير الكنيسة البطرسية الدامي، الشهر الماضي، والذي أوقع 27 قتيلا فيما أصيب 50 آخرون أغلبهم من النساء.

https://www.youtube.com/watch?v=ZJzJLPXim5A

لكن المخاوف تبدو منطقية من محاولات إستعادة أجواء الخوف داخل المجتمع المصري، من خلال إحياء ملف الفتنة الطائفية، وتفخيخه من جديد، بشكل يوفر مبررات البقاء لنظام الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، ويمنحه ورقة يساوم بها قوى دولية للحفاظ على مستقبله في سدة الحكم.

من «مكين» إلى «البطرسية»

التحول النوعي في عمليات «تنظيم الدولة» باتجاه استهداف المدنيين في مصر، خصوصا الأقباط، ينذر بخطورة تأجيج نار الفتنة الطائفية، وإعادة طرح خيارات تدويل قضايا الأقباط، وطلب الحماية الدولية.

وكان تنظيم «ولاية سيناء»، تبنى عملية الاعتداء على الكنيسة البطرسية بحي العباسية، 11 ديسمبر/ كانون أول الماضي، وهو أول تفجير يستهدف الكاتدرائية المرقسية وسط القاهرة، والتي تحظى بتأمين عال على مدار 24 ساعة، كما يعد أول تفجير من نوعه عبر انتحاري بحزام ناسف يستهدف الأقباط في مصر.

تفجير البطرسية في 11 ديسمبر/كانون أول الماضي، جاء بعد أسابيع من تداول مقطع فيديو مؤلم على مواقع التواصل الاجتماعي، في 16 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، يظهر آثار ضرب وتعذيب على جسد مواطن مصري «مسيحي الديانة» على يد ضباط وأمناء  قسم شرطة «الأميرية»، وسط القاهرة.

وأظهر الفيديو إصابة المواطن «مجدي مكين خليل جرجس»، 52 سنة، بكدمات ووجود آثار دماء على مؤخرته وخلف أذنه، وزرقان قوي حول عينيه.

وروى «هاني» نجل شقيقة القتيل، تفاصيل وفاة «مكين» جراء التعذيب، قائلا «إن مكين قبض عليه داخل قسم الأميرية بصحبة عامل في قهوة وصاحب كشك وتعرضوا للضرب والتعذيب داخل القسم مما تسبب في وفاته بعد ساعتين من التعذيب».

لكن وزارة «الداخلية» المصرية التي دأبت على تبرئة ضباطها وأفرادها من وقائع الانتهاكات والتجاوزات، خرجت برواية تقول إن «فيديو التعذيب مفبرك»، وأن «إصابة المذكور وموته جاء نتيجة لإصابته بالسكر وارتفاع حاد في ضغط الدم»، بحسب صحيفة «الشروق».

3 حوادث ذبح لأقباط

خلال 6 أشهر، شهد الشارع المصري، على غير العادة، 3 وقائع ذبح لأقباط، لخلافات مالية، أو أسباب جنائية أخرى، لكن طريقة وأسلوب تنفيذ الجريمة تحمل رسالة شديدة اللهجة، كون عملية الذبح تتم على طريقة مقاتلي «تنظيم الدولة».

في 6 يوليو/ تموز الماضي، ألقت قوات الأمن بمحافظة طنطا، وسط الدلتا، القبض على عاطلين، قاما بذبح صيدلى، يدعى «مجدى عطية غبريال»،31 عاما وتم الذبح من جهة العنق، لوجود خلافات مالية بين المجني عليه وشخص آخر.

وفي 28 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، عثرت أجهزة الأمن المصرية على نجل قس كنيسة النزهة مذبوحا داخل صيدليته، الكائنة بوسط القاهرة، إثر تلقيه 4 طعنات في الرقبة والصدر أدت إلى وفاته في الحال.

وقالت مصادر أمنية بوزارة الداخلية، إن حادث مقتل الصيدلي «مينا نجيب لوقا » كان جنائيا بدافع السرقة فقط، وليس له أية دوافع أخرى، وأن القاتل استولى على 15 ألف جنيه من داخل درج الصرافة وهاتفين محمولين وفر هاربا، وفق صحف مصرية.

لكن صيادلة آخرون قالوا إن «الضحية لقي مصرعه لدفاعه عن الواجب المهني، حيث رفض صرف أدوية مخدرة لبعض المدمنين، وهو ما دفعهم لقتله داخل صيدليته».

لكن الأخطر والأبشع حينما استيقظ سكان مدينة الإسكندرية، شمال البلاد، اليوم الأربعاء 4 يناير/كانون ثان الجاري، على واقعة مقتل القبطي «يوسف لمعي» ذبحا على يد مجهول، حسب ما نقلت وكالة الأنباء المصرية الرسمية «أ ش أ».

وأظهر مقطع فيديو التقطته إحدى كاميرات المراقبة في محيط الموقع، أن القاتل كان يرتدي معطفا أصفر اللون، وباغت الضحية أثناء تدخينه الشيشة أمام محله، حيث فاجئه من الخلف مستخدما سكينا كبيرا لتنفيذ جريمته، وفق  وسائل إعلامية محلية.

https://www.youtube.com/watch?v=dh5IdACbjgI

وتبحث أجهزة الأمن المصرية، وراء دوافع ارتكاب الجريمة، بعد إلقاء القبض على المتهم، ونقله إلى مديرية أمن الإسكندرية لاستجوابه»، وفق  «أصوات مصرية».

قانون المساءلة الأمريكي

يصعب تجاهل الربط بين الأحداث السابقة، وتحركات أقباط المهجر في الولايات المتحدة الأمريكية، التي أسفرت عن مشروع قانون أمام الكونغرس الأمريكي تحت اسم «قانون المساءلة المتعلق بالكنائس القبطية»، يطالب وزير الخارجية الأمريكي بمتابعة مدى التزام الحكومة المصرية بترميم الكنائس التي وعدت بترميمها عقب أحداث عام 2013.

مشروع القانون الذي رفضته الخارجية المصرية، واعتبرته تدخلا في شئون البلاد، يأتي رغم إقرار مجلس النواب المصري، في أغسطس/ آب الماضي، بشكل نهائي وبأغلبية الثلثين، قانون بناء الكنائس، بعد كان بناء الكنائس وترميمها يخضع لقرارات الأجهزة الأمنية، دون سقف زمني للبت في طلب البناء.

كما رفعت الحكومة المصرية، تعويضات قتلى ومصابي حادث الكنيسة البطرسية، 100 ألف جنيه (5110 دولار أمريكي) لأسر كل متوفي، إضافة إلى 40 ألف جنيه لكل مصاب، بما يعادل 10 أضعاف نظرائهم من القتلى المصريين في حوادث أخرى، وقررت صرف معاش استثنائي بقيمة 1500 جنيه (77 دولار أمريكي) لورثة المتوفين في الحادث، بحسب «أصوات مصرية».

لكن يمكن القول إن التناقض كان سمة الموقف الرسمي للكنيسة الأرذوكسية في مصر، على لسان البابا «تواضروس الثاني» بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، حينما قال «غير مقبول بأي صورة وبأي وجه ومن أي شخص أن يدخل في علاقتنا الوطنية داخل مصر.. مرفوض تماما خالص تحت أي بند وتحت أي مسمى مرفوض تماما»، بحسب صحيفة «الأهرام» الحكومية.

وأضاف «تواضروس»، أن «الدولة أوفت بوعودها وتم ترميم الكنائس التي أضيرت، كما أوفى الرئيس عبد الفتاح السيسي بوعده وتم ترميم الكنيسة البطرسية في أيام معدودة»، مضيفا «قمت بالصلاة فيها مع أسر الشهداء في أول أيام العام الجديد».

تهديد قبطي رسمي

 لكن الكنيسة القبطية في وقت سابق من يوليو/ تموز الماضي، صعدت من لهجتها ضد النظام الحاكم في مصر ورئيسه «عبد الفتاح السيسي».

وقال «تواضروس» للجنة برلمانية زارت للكنيسة المصرية، إن «هناك 37 اعتداء طائفيا حدثت خلال السنوات الثلاث الأخيرة على الأقباط (المسيحيون الأرثوذكس في مصر) بمعدل اعتداء كل شهر»، محذرا من أن «هناك أحداثًا تنذر بالخطر».

وفي نبرة غير معتادة أضاف بابا الكنيسة المصرية في كلمته: «الحوادث التي سمعنا عنها مؤلمة للغاية، وأنا عن نفسي صبور ومتحمل، لكن فيه (هناك) أحداث تنذر بالخطر»، بحسب بيان المتحدث باسم الكنيسة المصرية، «بولس حليم».

وكان القس «مرقص عزيز»، كاهن الكنيسة المعلقة في مصر سابقا، وراعي إحدى الكنائس الأرثوذكسية في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا، شن هجوما شرسا على الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، متهما إياه بالتخاذل عن نصرة الأقباط في مصر و«خيانة» اليد التي ساعدته في الوصول لحكم مصر وهي الكنيسة.

القس «مرقص عزيز» من الولايات المتحدة الأمريكية مهاجمًا السيسي: أنت خائن وأسوأ رئيس حكمت مصر 

وفي مقطع فيديو بثه على موقع «يوتيوب»، قال «عزيز»، إن «السيسي يشاهد الأقباط يذبحون فيما هو يطيع أوامر حزب النور السلفي وبرهامي (ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية) ويمتنع عن حماية حقوقهم».

وتابع القس في انتقاده الحاد لـ«السيسي»: «انتخبناك ظنا منا بأنك الأمل المرجو ولكن أحداث العنف تصاعدت ضد الأقباط بشكل غير متوقع، إنت فين وهتودينا لفين يا ريس، أنت فاكر إنك لما تزور الكنيسة تبقى مشاكل الأقباط اتحلت»، مضيفا: «السيسي أسوأ رئيس جه مصر، خدعنا وإحنا صدقناه».

يبدو إذن أن هناك محاولات جدية من أطراف قبطية في داخل وخارج مصر، بدعم من أقباط المهجر، لإعادة طرح الورقة القبطية على الطاولة السياسية، ربما لابتزاز السلطة لجني مكاسب أكبر للأقلية المسيحية في البلاد.

على جانب آخر قد تقف جهات سيادية وراء هذا التحرك، بالنظر إلى سعى النظام المصري الحاكم إلى تصديرها للغرب باعتبارها «ورقة فزاعة» تحول دون عودة الإسلاميين للمشهد، وتعزز آماله في الحصول على الدعم المالي والاقتصادي؛ لتوفير الحماية للأقباط من خطر العنف والإرهاب.

يروج النظام المصري كذلك دعوات لتمرير مزيد من القوانين يقول إنها ستوفر له ما يحول دون تكرار «تفجير البطرسية»، ما يعني منح «السيسي» مبررات وحجج قوية في استمرار انتهاج القمع القائم فعلا منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى