اخبار إضافيةالأرشيف

شفيق وسرعة القذف السياسي

بقلم الكاتب
مهند عقيل 
صحفي تلفزيوني
ائسٌ حظ ثورتنا إلى أن يصبح أحمد شفيق هو أمل الكثير من أبناء ثورة يناير / كانون الثاني لكي يصحح المشهد السياسي الحالي في مصر ، حينما أسبحُ في بحر خيالي وأتذكر  حجم التضحيات المبذولة في مواجهة شفيق في انتخبات 2012 ، أول انتخابات ديمقراطية نزيهة تشهدها مصر بعد سقوط نظام مبارك ، خسر فيها أحمد شقيق وفاز بها د. محمد مرسي الرئيس المختطف بعد انقلاب يوليو / تموز عام 2013
فإذا كان التقهقر خطوة للخلف هو الحل فمن كان عليه أن يحافظ على ثورة يناير من فلول نظام مبارك فُرِضَت المواجهة حينئذ ، وكحال المثلُ القائل ، مكرهُ أخاك لا بطلُ  ..
فرَّ أحمد شفيق لأداء العمرة حسب ما قيل وقتها ، لكنه ولّى وجهه شطرَ الإمارات واعتكف بها خوفاً من الملاحقات القضائية حيث تمت إدانته في قضايا قتل المتظاهرين وقضايا أخرى متعلقة بالفساد
لعب الفريق دوراً هاماً في تهيئة المناخ العام لانقلاب السيسي حيث صرح في لقاءٍ تلفزيوني لقناة العاصمة المصرية بعد الانقلاب  قائلاَ “أنا شريك كفاح ،  والأمر مش مخفي على الأجهزة المخابراتية “.
وعبّرَ عن استيائه قائلاً “أنا كنت متخيل اليوم ده ، ألاقي تليفون يقول لي إنزل مصر”.
يبدو أن شفيق كان يحلم أن ما بعد الانقلاب على د.مرسي أن يتيح العسكر المجال لإنتخابات ديمقراطية وأن يخوض التجربة مرة أخرى من جديد .
يذكر أيضاً أن أحمد شفيق صرح لصحيفة الوطن البحرينية  في  الثامن عشر من  يونيو/ حزيران 2013 أن “30 يونيو/ حزيران هي نهاية نظام مرسي “.
يسعى السيسي جاهداً لطمس رموز 30 يونيو / حزيران شركاؤه في الانقلاب ، استهل الأمر بالاعلاميين وانتهى  بالرموز السياسية ،
واستمرت حالة من الصمت والهدوء إلى أن أعلن أحمد شفيق في التاسع والعشرين من نوفمبر / تشرين الثاني 2017
اعتزامه الترشح لهزلية الانتخابات الرئاسية 2018 و خلال أيام سيعود إلى مصر نقلاً عن (رويترز) ،
أثار هذا القرار حالةً من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد و معارض له فمن كانوا يرونه خائناً أمس يرونه المنقذَ اليوم ،
في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي قضت إحدى المحاكم  بحذف اسمه من على قوائم ترقب الوصول، وهو ما أتاح له العودة  للبلاد .
ما الذي يجعل السيسي يترك الساحة لشفيق ؟!
السيسي لا يملك الحاضنة الشعبية فغالبية من كان يؤيده أصبح الآن على دراية بأنه فرط في تراب مصر و دمر  اقتصادها  ، ولا يصلح كرئيس مصون للأمن القومي للبلاد كما يدعي أو تدعي مؤسسته العسكرية ، لذا لم يستطع أن يبيع الوهم لمؤيديه أكثرَ من ذلك فاضطر آسفا لتركهم يصدمون بالحقيقة .. حقيقة فشله المتنامي منذ استئلائه على السلطة ،لاشىء يجعل السيسي بعد كل تلك الدماء التى أراقها وتنفيذ مخططه أن يترك الحكم لشفيق أو يتيح له فرصة النزول أمامه في انتخابات ولو صورية فهو يدرك مدى خطورة أن يتم مثل هذا الأمر ،
أذاعت قناة الجزيرة مقطعاً مصوراً للفريق شفيق يقول فيه أن السلطات الإماراتية منعته من السفر عقب إعلانه الترشح للرئاسة
مؤكداً أنه لن يتراجع عن قراره ، وأعلن عن رفضه التام لتدخل الإمارات في شؤون بلاده.
وخاطب شفيق في كلمته الشعب المصري قائلاً إنه أعلن عن ترشحه لرئاسة الجمهورية، وكان ينوي في سبيل ذلك “القيام بجولة بين أبناء الجاليات المصرية قبل العودة للوطن خلال الأيام القليلة القادمة”.
وواصل حديثه  “فوجئت بمنعي من مغادرة دولة الإمارات العربية الشقيقة لأسبابٍ لا أفهمها ولا أتفهمها”.
إذا كنت أكرر مرارا امتناني وشكري وعرفاني للاستضافة الكريمة (في الإمارات) فإنني أرفض التدخل في شؤون بلدي بإعاقة مشاركتي في ممارسة دستورية ومهمة وطنية مقدسة”.
ودعا شفيق المسؤولين في الإمارات إلى رفع أي عوائق أمام حرية حركته أو سفره ،  وختم كلمته بالقول “أتعهد لأبناء وطني بألا أتراجع إطلاقا عن واجبي، متقبلا في سبيل ذلك أية متاعب”.
حظت كلمة شفيق بالكثير من القبول بين مؤيديه ،  أما معارضيه فقد سيطرت عليهم نظرية المؤامرة .
كان رد الإمارات على كلمة شفيق حاداً ، كذبت فيه شفيق، حول منعه من السفر، وهو البيان الذي نشره أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتية للشئون الخارجية عبر حسابه على “تويتر”.
تأسف دولة الإمارات أن يرد الفريق أحمد شفيق الجميل بالنكران ، فقد لجأ الى الإمارات  هاربا من مصر إثر إعلان نتائج الأنتخابات الرئاسية عام 2012 ، و قدمنا له كل التسهيلات وواجبات الضيافة الكريمة ، رغم تحفظنا الشديد على بعض مواقفه.”
وأضاف قرقاش أن دولة الإمارات آثرت في تعاملها التمسك دوما بقيم الضيافة و الرعاية حبا لمصر والمصريين الذين لهم في قلوبنا كل التقدير و الإحترام، وتؤكد دولة الإمارات بان لا يوجد عائق لمغادرة الفريق أحمد شفيق الدولة”.
في الثاني من ديسمبر / كانون الأول الجاري وصل شفيق إلى مطار  القاهرة وسط الكثير من الأخبار بأنه تم احتجازه وترحيله إلى مصر بحسب ما أفادت أسرته .
أعود إلى ما نوهت عنه في بداية المقال من عدم قدرة البعض ممن يتصدرون المشهد سياسياً  من جميع الأطراف على استغلال الوقت المناسب في اتخاذ قررات مصيرية ربما يتقدم أو يتأخر إصدارها بحسب المعطيات والمتغيرات السياسية ،
وهو ما يعني لدي بأنه  ” سرعةُ قذفٍ سياسيٍ
يطل بعدها أحمد شفيق على إحدى القنوات المصرية الموالية لسلطات الانقلاب في مداخلة هاتفيه بعد أنباء عن احتجازه  في مطار القاهرة ، نافياً تلك الأخبار مؤكداً الترحيب به من قبل العديد من الشخصيات العامة في الدولة ، تحدث أيضاً عن  ترشحه للانتخابات الرئاسية، قائلاً إن ” نية المشاركة في الانتخابات تحدثت بشأنها في الإمارات، أما اليوم وأنا على أرض الوطن، فأجد أنه حريٌ بي أن أزيد الأمر تدقيقا وأنزل الشارع وأفحص الواقع ، فأنا في فرصة لتحري الدقة ومعرفة المطلوب تحديداً ”
أثارت تلك الكلمة حفيظة الكثير ممن كانوا يعولون على شفيق حيث أنها بمثابة تراجع وإعادة ترتيب الأوراق  من جديد..
فهل يعاني  الفريق أحمد شفيق من سرعة القذف السياسي ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى