منوعات

صراع الهوية قدمه يحيى الفخراني ببراعة في “زيزينيا”، لكن فاروق الفيشاوي كان سيحل محله

“وعمار يا اسكندرية.. يا جميلة يا ماريا.. وعد ومكتوب عليا ومسطَّر ع الجبين.. لاشرب من الحب حبة.. وانزل بحر المحبة.. واسكن حضن الأحبة.. والناس الطيبين”، أسمعُكَ تُلحِّن الأغنية وتسمع كلمات أحمد فؤاد نجم بصوت محمد الحلو وألحان عمار الشريعي.

وتتذكر فوراً تتر بداية مسلسل زيزينيا والحلو يغني: “إسكندرية تاني وآه من العشق ياني.. والرمل الزعفراني على  الشط الكهرماني”، و”أنا المغرم صبابة باسكندرية يابا.. وفكرة كوني أنسى في حكم الاستحالة”.

عدنا بالزمن 23 عاماً بتذكر أغنية بداية ونهاية مسلسل زيزينيا المصري، الذي كتبه المؤلف والروائي الراحل أسامة أنور عكاشة، حيث أظهر فيه عشقه للمدينة الساحرة، حيث عالج المسلسل تعايش السَّكندري مع استقبال ثقافات وجنسيات أخرى بعد الحرب العالمية الثانية، وحياة المصريين والإيطاليين وغيرهم من الأجانب في الإسكندرية في أربعينيات القرن العشرين، من خلال شخصية بشر عامر عبدالظاهر (يحيى الفخراني)، المولود لأب مصري وأم إيطالية، ووجد نفسه مشتتاً بين جذوره المصرية ومحاولة والدته اجتذابه إلى نصفه الإيطالي.

تعالَ لنعرف أكثر عن المسلسل الذي سلّط الضوء على فترة من أكثر فترات التاريخ الحديث صخباً واضطراباً، ورصد عكاشة في ثلاثية “زيزينيا” الناقصة -لم ينتج الجزء الثالث منه- تاريخ المدينة التي مثلت له عشقاً وإلهاماً مستمراً، بنسق ملحمي رأيناه أيضاً في خماسية “ليالي الحلمية” التي تناولت حراك المجتمع المصري والتغيرات الطارئة عليه في الفترة التي تمتد من نهاية الملكية وحتى تسعينات القرن الماضي.

“أنا السؤال والجواب، أنا مفتاح السر وحل اللغز، أنا بشر عامر عبدالظاهر”، بهذه الجملة كان يقدم النجم المصري يحيى الفخراني شخصيته التي جسّدها في مسلسل “زيزينيا” الذي عرضت أولى حلقاته في رمضان بالعام 1997، حيث قدم الفخراني ببراعة وخفة ظل دور الشخصية الحائرة الممزقة بتناقضاتها الموروثة، والوحيد رغم صخب علاقاته الباحث عن هوية.

ففي المسلسل الذي أُنتج منه جزءان (الأول: الولي والخواجة عام 1997، والثاني الليل والفنار وعرض عام 2000) ركّز عكاشة على إظهار أصالة الشخصية المصرية وإن كانت دماؤها غير مصرية مئة بالمئة، واستعرض بأحداث اجتماعية سلسةٍ التاريخ السياسي والاجتماعي للمدينة الساحلية.

كما أظهر صراع الإنسان ودواخله ببراعة في شخصية عبدالفتاح ضرغام (أحمد بدير) المدرس الفقير الذي يحوله الحب المستحيل لعايدة (آثار الحكيم بالجزء الأول- هالة صدقي بالجزء الثاني)، وهي سيدة من سيدات المجتمع، إلى ولي صوفي يتقرب له الناس لقضاء حاجاتهم، وهو شخصية حائرة أيضاً بين ذاتها القديمة والجديدة، وتعامله مع ضعفه، كما تسلط القصة الضوء على الصراع الطبقي المستشري وقتها، الصراع أيضاً بدا في شخصية عايدة، التي كانت حائرة بين عشاق عابرين، وتعاني من جروح عصية على التفسير.

قصة عكاشة أخرجها جمال عبدالحميد في المسلسل الذي لعب دور البطولة فيه كل من: “يحيى الفخراني، وآثار الحكيم، وأحمد بدير، ونبيل الحلفاوي، وأبوبكر عزت، وجميل راتب، وأشرف عبدالغفور، وتهاني راشد، وماجدة الخطيب، وسوسن بدر، وأحمد السقا، ومنى زكي، وأحمد عز، وغادة عادل”. 

هل تتخيل أن يؤدي دور بشر فاروق الفيشاوي؟ كان يُمكن أن نراه هو بهذه الشخصية لولا اعتذاره، إذ عُرض الدور على الفخراني في البداية، لكنه رفض الدور بسبب انقسام المسلسل لأكثر من جزء، وكان لتوّه أنهى تصوير أجزاء “ليالي الحلمية” الخمسة، ورأى في ذلك إرهاقاً للبطل، فذهب الدور إلى الفيشاوي، ووافق عليه فعلاً وبدأ في التحضيرات، لكن فجأة اعتذر، فعاد مسؤولو العمل لمحاولة إقناع الفخراني مرة ثانية، ثم وافق وشاهدناه بدور بشر.

البطولة النسائية بدور عايدة ذهبت في البداية لميرفت أمين، ثم ليلى علوي، وبدأت بالفعل في تحضيرات التصوير لكن عُرض عليها مسلسل “التوأم” فاعتذرت، ليذهب الدور إلى آثار الحكيم، التي كانت تدلغ بحرف الراء فاقترحت تقديمه ضمن الشخصية، لكن ذهبت اللدغة بالجزء الثاني من المسلسل بعد اعتذارها واستبدالها بهالة صدقي.

كذلك الإيطالي جيوفاني ديلورينزي، الذي أداه جميل راتب ببراعة تشعرك أنه إيطالي متطرف ومتعال على المصريين رغم أنه يعيش على أرضهم، كان سيذهب إلى الفنان العالمي عمر الشريف، إلا أنه اعتذر عن الدور وفق صحيفة “اليوم السابع” المصرية.

 كما أن دور والدة بشر؛ فرانشيسكا، كانت ستقدمه زيزي مصطفى، لكنه ذهب في النهاية إلى ماجدة الخطيب. أما بياضة؛ الفتاة الإسكندرانية المتمردة التي تقع في حب صعيدي يرفض والدها زواجه منها، فكان مفترضاً أن تقدمه بدلاً من الفنانة لوسي، زميلتها نرمين الفقي، أما الأوروبية التي تعيش في مصر رينا، فكانت ستؤدي الدور الفنانة المصرية اللبنانية راندا بدلاً من الفنانة سيمون.

في الجزء الثاني الذي صُور بعد 3 سنوات من الأول استبدلت أكثر من شخصية، إذ استبدلت آثار الحكيم بهالة صدقي بعد اعتذار الأولى، وسماح أنور بنهى العمروسي بعد تعرضها لحادث خطير، ومنى زكي بريهام عبدالغفور، وأحمد السقا بمحمود عزت، وإيمان بمادلين طبر، ونجوى فؤاد بجليلة محمود، وخالد جلال بمحمود عبدالمغني، ورياض الخولي بشريف خير الله.

كان من المفترض أن يتم تقديم جزء ثالث من المسلسل لكنه توقف عند الجزء الثاني، نظراً لوجود خلاف بين المؤلف والمخرج، إذ كان عكاشة يرى أنه ليس من حق المخرج أن يتدخل في السيناريو ويحذف جزءاً من التفاصيل أو يغير بعض الوجوه في الجزء الثاني عن الأول.

في المقابل كان يرى عبدالحميد أن حذف بعض التفاصيل الصغيرة لن يضر، وتطورت الأزمة حتى قررا ألّا يعملا معاً رغم صداقتهما الطويلة، وقرر اتحاد الإذاعة والتلفزيون تأجيل مشروع الجزء الثالث حتى تهدأ تلك الخلافات، خاصة مع فشل المقربين في التوسط لحلها، وعلى رأسهم الفخراني، وفق موقع صحيفة “الشروق” المصرية.

فيما قال الممثل نبيل الحلفاوي، وهو أحد أبطال العمل، في تغريدة سابقة عبر حسابه على تويتر، إن مرور وقت طويل بعد الجزء الثاني جعل عكاشة يغير رأيه في تقديم جزء ثالث، ورأى أن الفخراني أصبح كبيراً على تأدية دور بشر.

طبعا الجزء الثالث كان في ذهن أسامة وكان بيحكيلي تطورات درامية هايلة في الملحمة دي. بس كان فات وقت بعد الجزء الثاني ويحيى حس إنه كبر على الدور فاعتذر.
أسامة قَفَل واتسدت نفسه وما كتبوش. https://t.co/j7ENuiyKpR

وكان الجزء الثالث من المسلسل سيشهد أحداثاً تاريخية أخرى، وهي ثورة يوليو ونصر أكتوبر، وتطور شخصية «بشر عامر عبدالظاهر» بعد هذه الأحداث الجديدة، وفق صحيفة “التحرير” المصرية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى