آخر الأخباركتاب وادباء

صفحة منزوعة من تاريخ مصر

من روائع الأديب الكاتب 

مهندس/ محمود صقر.

03/06/2021
صفحة منزوعة عمدا من كتب تاريخ مصر التي يتم تداولها في مناهج الدراسة أو منافذ الثقافة والإعلام، صفحة مصر في عهد “الخديو إسماعيل”.
كان هذا الرجل القادم من أصول ألبانية عثمانية يدرك تماما أن حدود الأمن القومي المصري تمتد حتى منابع النيل. وكان يدرك أن ازدهار مصر يرتبط بتأمين خطوط المواصلات والتجارة عبر تأمين الساحل الغربي للبحر الأحمر.
في عهده امتدت الحدود الجغرافية لمصر جنوباً حتي منابع النيل (بحيرة فيكتوريا)، وامتد سلطانها بطول الساحل الغربي للبحر الأحمر متجاوزًا باب المندب إلى ساحل المحيط الهندي في الجهة الأفريقية، وكانت حدود مصر تضم السودان كاملا ومعظم أوغندا وأجزاء واسعة من إثيوبيا وإريتريا والصومال وأجزاء من كينيا والكونغو.
كانت مصر تنافس إنجلترا وفرنسا وإيطاليا في مد نفوذها إلى عمقها الاستراتيجي سواء في منابع النيل أو في عمقها الأفريقي في ساحل البحر الأحمر، بل جعلت ساحل البحر الأحمر الغربي كله تحت سلطانها بشهادة الضابط “وود” إلى السير “إليوت” سفير إنجلترا في الأستانة عام 1875 :(إن تنازل الباب العالي عن “زيلع” إلى مصر واستيلاء مصر على”بربرة” يجعلان ساحل البحر الأحمر كله في قبضة مصر، ولا ريب أن تلك المناطق التي كانت مستوحشة لا يأنس بها أحد، نجح المصريون بوصلها بالعالم المتمدين.)
أعاد المصريون بناء مدينة “بربرة” -في الصومال- التي كانت قبل قدوم الحملة المصرية عبارة عن مجموعة من العشش يقطنها صيادو السمك إلى ميناء يفوق ميناء عدن -تحت حكم الإنجليز-، وقد اعترف بذلك “هنتر” قنصل إنجلترا في الصومال في رسالة عام 1884: (أنجز المصريون في بربرة من العمران ما يصح أن تفاخر به أية إدارة).


وأنشأوا مدينة “هرر” في قلب “إثيوبيا” والتي زارها الرحالة الإيطالي عام 1881 فكانت شهادته: (المصريون في هذه البلاد تبدو عليهم سيماء الفاتحين الرافعين لواء الحضارة، إذ يعلمون الأطفال القراءة والكتابة، ويعلمون الفتيان الصلاة وأحكام الشريعة…).
هذا فضلاً عن إدخال زراعات جديدة لم تكن معروفة في تلك البلاد مثل القطن والأرز والذرة، وبناء العديد من المدارس والمستشفيات والمساجد ومكاتب البريد والطرق
ومن أراد المزيد من المعلومات فليرجع للوثائق التي جمعها الأمير “عمر طوسون” في كتابه الثمين (مديرية خط الاستواء) وكتاب تلميذه الدكتور محمد صبري “مصر في أفريقيا الشرقية – هرر وزيلع وبربرة“.
هذه هي مصر التي يجهلها أهلها عن عمد.
هذه هي مصر التي تم تبديدها جيلا بعد جيل؛ تم تهميش دور مصر في أفريقيا، تم تلويث مياه النيل وفرطنا في حقوقنا فيه، تم تجريف الأرض الزراعية الموروثة عن الأجداد، تم سرقة آثار الأجداد وتهريبها لمنازل الأثرياء ولمتاحف العالم، تم تحويل أجمل المدن إلي غابة عشوائية من العشش أو ناطحات سحاب وسط الحارات، تم تدمير التعليم
كل هذا ونحن نردد بجرأة وبلاهة وسذاجة: “تحيا مصر”.
فهل نحن حقًا نعرف … “مصر”.؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى