آخر الأخبار

طبيب إيطالي شهير يتخصص في «جراحة التعذيب» لإنقاذ الناجين من معسكر تعذيب في ليبيا

هل سمعت بمصطلح «جراحة التعذيب»؟ كما تلاحظ من الاسم، فهو مصطلح مرتبط بانتشار التعذيب بسبب الحروب والأزمات السياسية، كان أولُ متخصص به جراحاً إيطالياً اشتهر بإجراء أول عملية زرع يد مزدوجة في إيطاليا، وكان دافعه الأساسي للتخصص في هذا المجال هو شاب ليبي من أسرة ثرية عُذِّب يومياً على مدار أكثر من سنة في ليبيا على يد المهربين الذين حاولوا أخذ فدية للإفراج عنه، واتضح أن هذا النهج شائع في ليبيا.

بعد هذه الجراحة، قرر ماسيمو ديل بيني، رئيس قسم الجراحات الترميمية في مستشفى سان جيراردو في مدينة مونزا الإيطالية، توجيه خبرته لما يُسميه “جراحة التعذيب”، ليساعد المهاجرين الأفارقة الناجين من مخيمات الاحتجاز الليبية، حيث وُثِّقَ تعذيب المهربين والعصابات الإجرامية المحتجزين لإعطائهم فدية.

تعذيب بأبشع الطرق: يقول ديل بيني إن من بين أشكال الوحشية المعروفة في تلك المعسكرات تشويه أيادي المحتجزين؛ إذ تُحرَق بالصواعق الكهربائية أو البنزين أو الحمض، أو تُقطَّع بالسكاكين أو المناجل، وأضاف في حديثه لصحيفة The Guardian البريطانية: “هذه إصابات تتعمَّد الضرر. إنها صدمات متكررة تؤدي في النهاية إلى الإعاقة”، مؤكداً أنه بالنسبة للمهربين، في تدمير يدي شخصٍ ما هو الطريقة الأكثر فاعلية لحرمانه استقلاليته، ولكثيرٍ من المهاجرين الفقراء، يحرمهم فقدان أيديهم من كسب عيشهم. يقول: “إذا كسرتُ قدميك، فسوف يكون عليّ الاعتناء بك، لكن إذا دمرتُ يديك، فسألبك حريتك، لأنك لا تستطيع القيادة بدون يديك، ولا تستطيع إفراغ حمولة الصناديق، أو فعل أي شيء”.

أول ضحايا التعذيب للطبيب: غادر محمد، أول ضحايا التعذيب الذين يعالجهم بيني، من منزله في غانا في عام 2013. وقد عُذِّبَ لأكثر من سنة في ليبيا بينما حاول المهربون إجباره وعائلته على دفع المال مقابل الإفراج عنه. 

ثم في عام 2015، تمكَّن محمد من الهرب أخيراً، واصلاً أولاً إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، ثم إلى مركز مؤسسة كاريتاس للهجرة بمقاطعة كومو بالقرب من الحدود السويسرية، وقد رأى العاملون هناك جروحه وأرسلوه إلى مستشفى سان جيراردو في مونزا.

فيما أوضح ستيفانو سوسيو، العامل في المجال الخيري الذي كان قد تابع حالة محمد من أجل المؤسسة التعاونية Symploké، شريكة مؤسسة كاريتاس: “أُصيب في ليبيا بجرح بالمنجل أدى إلى تمزيق جميع أربطة يده”.

كما أضاف: “عرفت إحدى ممرضاتنا الدكتور ديل بيني، ومن هنا بدأ كل شيء… أتاح ديل بيني مهاراته وطاقمه مجاناً، ودفعنا نحن المصروفات الأخرى”. ويعيش محمد (24 عاماً) الآن في كومو، وقد طلب الإشارة إليه باسمه الأول فقط.

عشرات الحالات المشابهة: خلال السنوات الأربع الماضية، عالج ديل بيني وطاقمه عشرات المهاجرين من إصابات مشابهة، واحتاج العديد منهم إلى الخضوع لجراحات متعددة وعملية طويلة من إعادة التأهيل. ويقول ديل بيني: “تكمن الصعوبة الكبرى في التدخُّل في الجروح التي مضى عليها سنوات أحياناً، وعظام اليد التي تكلَّست بشكل خاطئ، والندوب المشوهة للجروح التي لم تُعالج”.

وقد أظهر بيني صوراً لأطراف بعضٍ من مرضاه، أُحرِقَت أو ضُربت بمطرقة أو شُوِّهَت. ويقول: “نحن أطباء، لدينا سجلات طبية”، مضيفاً أن الجروح كان الغرض منها “جعل الضحية عاجزاً عن العمل وإيلامه بأكبر قدر ممكن… وكأننا في العصور الوسطى”.

مستشفى لضحايا الحرب: يأمل بيني حالياً في أن يؤسس مستشفى في إيطاليا يختص بالأطفال المصابين في مناطق الحرب، لأن المستشفيات في البلاد التي مزقتها الحرب عادةً ما تواجه نقصاً في التمويل وتعمل في أوضاعٍ محفوفة بالمخاطر. ويقول إن المرضى عادة ما يخضعون لبتر الأطراف، وهو ما يمكن تجنُّبه إذا توفَّرت الموارد والمرافق الملائمة.  ويتابع: “يمكننا في إيطاليا إجراء نوعٍ من العلاج الترميمي”، ويضيف أن هذا العلاج ضروري للأطفال بشكلٍ خاص، إذ غالباً ما سيُحكم عليهم -بعد عملية البتر- بعيش مستقبلهم “كمتسولين”.

تعذيب شائع في ليبيا: كشفت تحقيقاتٌ متعددة أن تعذيب المهاجرين من أجل المال ممارسةٌ شائعة في المعسكرات الليبية. في عام 2019، وبعد إفادات المهاجرين الذين أنقذتهم مبادرة البحر الأبيض المتوسط، ألقى وكلاء النيابة في صقلية القبض على 3 أشخاص؛ رجل من غانا ومصريَّيَن، اتُّهِموا بتعذيب المئات في المعسكرات الليبية. وفي العام الماضي حكمت محكمةٌ في ميلان أيضاً على رجلٍ صومالي ثبتت إدانته بتعذيب المهاجرين الأفارقة في معسكر بني وليد الليبي، بالسجن مدى الحياة.

ثم في يناير/كانون الثاني الماضي، كشفت الصحيفة الإيطالية الكاثوليكية Avvenire، أنه في نفس المخيم عُذِّب 66 مهاجراً من إريتريا للحصول على 11 ألف يورو (أكثر من 12 ألف دولار) من كل شخص. ونشرت الصحيفة أيضاً مجموعةً من الصور لامرأةٍ تعرَّضت للضرب وعُلِّقَت من قدميها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى