تقارير وملفات إضافية

“عاد بِخُفي حُنين”.. هل فشلت زيارة بومبيو للمنطقة في أهدافها أم أن موجة التطبيع الثانية أبطأت خُطاها؟

عاد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى بلاده يوم الخميس 27 أغسطس/آب، في ختام جولة في الشرق الأوسط كانت تهدف إلى الضغط على دول عربية أخرى لاتباع الخطوة الإماراتية الأخيرة وإعلان تطبيع العلاقات مع إسرائيل. غير أن الجولة كانت أقل من ناجحة، كما يقول موقع Middle East Eye البريطاني، إذ فشلت مساعي بومبيو في كل المحطات التي زارها، البحرين وعمان السودان، في الخروج بأي التزامات علنية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، على نحو القرار الذي أعلنته الإمارات في وقت سابق من هذا الشهر.

وكتب بومبيو في تغريدة على موقع تويتر لدى مغادرته عمان، المحطة الأخيرة في رحلته: “التقيت اليوم بالسلطان العماني هيثم بن طارق آل سعيد، لمناقشة أهمية بناء السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي من خلال مجلس تعاون خليجي موحد”. وأضاف بومبيو: “نحن ممتنون للشراكة الأمنية والعلاقات الاقتصادية القوية بيننا”.

وفي حين صرحت البحرين والسودان ضمنياً بأنهما لا تخططان لمتابعة خُطى الإمارات فيما يتعلق بإعلان التطبيع مع إسرائيل، لم تصدر عُمان، أحد الأطراف الأكثر حيادية في الخليج، تعليقات بشأن الموضوع بعد زيارة بومبيو.

وقالت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إنه تم خلال الاجتماع “استعراض أوجه التعاون الثنائي القائم بين السلطنة والولايات المتحدة، في إطار العلاقات القوية التي تربطهما”.

يُذكر أن بومبيو هو أول مسؤول غربي رفيع المستوى يلتقي السلطان هيثم، الذي تولى السلطة عقب وفاة السلطان قابوس في يناير/كانون الثاني، بعد أن حكم السلطنة لنحو 50 عاماً.

من جهة أخرى، لطالما أجرت عمان محادثات مع إسرائيل بالفعل منذ زمن طويل، كما أنها رحبت بإعلان الإمارات تطبيع العلاقات معها في 13 أغسطس/آب، فيما أكدت في الوقت نفسه دعمها لفلسطين.

وكان بومبيو قال في مناسبات عديدة إنه يأمل أن تحذو دولٌ أخرى حذو الإمارات التي أصبحت ثالث دولة عربية تقيم علاقات مع إسرائيل، بعد مصر والأردن.

على الجانب الآخر، بددت الحكومة الانتقالية في السودان يوم الثلاثاء 25 أغسطس/آب الآمال في تحقيق تقدم سريع نحو إعلان التطبيع، قائلة إنها “ليس لديها تفويض” لاتخاذ خطوة بهذه الجسامة.

ورددت البحرين التصريحات نفسها التي أعلنتها حليفتها السعودية ذات الثقل الإقليمي، قائلة إن الاتفاق مع إسرائيل لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. وفي حين أن بومبيو لم يزُر المغرب، فإن حكومته أعلنت أيضاً أنها لا تفكر في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وتعليقاً على ذلك، قال هيو لوفات، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لوكالة الأنباء الفرنسية AFP: “بعد أن أمضى المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون أياماً في المبالغة في احتمال أن تحذو دول عربية أخرى قريباً حذو الإمارات في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإن عدم وجود أي التزامات علنية أخرى خلال جولة الوزير بومبيو الإقليمية تبدو كتراجع إلى حد كبير”.

خلال رحلته الدبلوماسية إلى إسرائيل، المحطة الأولى في جولته، صوّر بومبيو فيديو رمزياً دعائياً في القدس من أجل المؤتمر الانتخابي للحزب الجمهوري، ليشيد فيه بدعم إدارة ترامب لإسرائيل.

وفي حين أن معارضين اتهموا بومبيو بخرق قانون هاتش الأمريكي، الذي يحظر على الموظفين الفيدراليين الانخراط في كثير من الأنشطة السياسية أثناء تأدية مهامهم، فإنه من المرجح أن يظهر العرض الذي صوره بومبيو على نحو بارز في المواد الترويجية لحملة دونالد ترامب قبل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني. وكانت الحملة الانتخابية لترامب وصفت اتفاق الإمارات مع إسرائيل، الذي قالت إدارة ترامب إنها هي التي مهدت له، بأنه “انتصار سياسي خارجي”.

ومع ذلك، فإن هذه الخطوة كانت، على الجانب الآخر، مثيرة للجدل والانتقادات بالنسبة لأبوظبي، فقد واجهت الإمارات انتقادات من بعض أنحاء العالم العربي، وأدانتها القيادة الفلسطينية، واصفةً الاتفاق بأنه “طعنة في الظهر”. وحتى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة كانوا حذرين في رد فعلهم على الاتفاق.

أما فيما يتعلق بالسعودية، على سبيل المثال، فلن ينظر الفلسطينيون ومؤيّدوهم إلى الاعتراف الرسمي بإسرائيل على أنه خيانة لقضيتهم فحسب، بل قد يضر أيضاً بصورة المملكة بوصفها “قائدة للعالم العربي”.

ويقول جيرد نونمان، أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الخليج في جامعة جورجتاون في قطر، إن الإمارات ربما تشعر بأنها باتت بمفردها في هذا الأمر، لأن حلفاء الولايات المتحدة الآخرين يرفضون أن يحذوا حذوها فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وكتب نونمان في تغريدة على موقع تويتر، واصفاً محمد بن زايد بأنه الحاكم الفعلي لدولة الإمارات: “إذا نظرنا إلى أن السعودية والسودان والآن المغرب والبحرين (وأتوقع عمان قريباً) جميعهم يرفضون مسعى بومبيو/كوشنر لتطبيع العلاقات مع إسرائيل (ولم تنظر قطر من الأصل في الأمر، في ظل الأوضاع الحالية، فإن محمد بن زايد سيبدو مكشوفاً وعرضة للانتقادات إلى حد كبير”.

وأضاف نونمان: “الأمر لا يعني أن دول الخليج، ومنها قطر أيضاً، لن تحافظ على روابط براغماتية مع إسرائيل، فهم بطبيعة الحال لا يريدون ولا يحتاجون إلى خرق موقف الحفاظ على الشرعية (والموقف الأكثر إقناعاً) بأن الاعتراف بإسرائيل يأتي فقط في ظل شروط عربية لخطة السلام (أو معايير كلينتون على سبيل المثال”.

في غضون ذلك، وبعد أسبوع واحد فقط من الإعلان، اعترضت إسرائيل بشدة على خطط الولايات المتحدة لبيع طائرات مقاتلة أمريكية من طراز “إف 35” إلى الإمارات، ما أدى إلى إلغاء الإمارات إلى اجتماع كان من المقرر عقده في أبوظبي مع مسؤولين إسرائيليين.

من جانبه، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التقارير التي تفيد بأن الاتفاق مع الإمارات يتوقف على بيع مقاتلات “إف 35” لها، ومع ذلك فقد قال إنه يعارض أي خطوة يمكن أن تقلص من التفوق العسكري الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة. وفي حديثه إلى وكالة AFP، قال لوفات إنه “من المحتمل أن يكون عدم الوضوح فيما يتعلق بتسليم الولايات المتحدة طائرات من طراز (إف 35) إلى الإمارات قد كان له دور في إبطاء موجة ثانية من التطبيع” من السودان ودول خليجية أخرى.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى