تقارير وملفات إضافية

عدوى الرئيس مختلفة.. ماذا يعني كون ترامب لم يعد مُعدياً وهل هذا فعلاً صحيح؟

أعلن طبيب البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب لم “يعد يمثل خطراً لنقل العدوى للآخرين”، دون أن يوضح إذا ما كانت اختبارات فحص فيروس كورونا جاءت سبيةً أم لا، فماذا يعني ذلك؟

منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول عن إصابته بفيروس كورونا أو مرض كوفيد-19، جاء كل ما يتعلق بإصابة الرئيس الأمريكي مختلفاً تماماً عن كل ما يخص تلك العدوى الفيروسية التي تحولت لجائحة عالمية منذ 11 مارس/آذار الماضي، وأصابت أكثر من 37 مليون ونصف المليون شخص وقتلت أكثر من مليون و77 ألفاً.

فالمعروف أن من يتعرض للإصابة بالعدوى لابد أن يخضع للعزل التام لمدة أسبوعين على الأقل، لكن ترامب الذي ساءت حالته وتم نقله لمستشفى والتر ريد العسكري في اليوم التالي لإعلان إصابته، ثم غادرها في جولة بالسيارة لتحية أنصاره، عائداً للبيت الأبيض بعد يومين فقط في المستشفى لينزع كمامته ويعلن أنه انتصر على الفيروس، وأمس السبت أقام تجمعاً انتخابياً في البيت الأبيض وخاطب المدعوين من شرفة المقر الرئاسي دون كمامة.

وخلال تلك الفترة، لم تتجاوز الأسبوعين بعد، كانت السرية والتصريحات المتناقضة وغياب الشفافية هي العنوان الأبرز لحالة ترامب الصحية قبل الانتخابات بأقل من ثلاثة أسابيع، وهو ما أضاف مزيداً من الاحتقان في البلاد التي تشهد انقساماً خطيراً يهدد باندلاع حرب أهلية فعلاً، وسط تقارير عن إجبار ترامب الأطباء الذين يتابعون حالته الصحية على توقيع “اتفاقيات بالسرية” تمنعهم من الكشف عن أي شيء يتعلق بإصابته بالفيروس.

وأمس السبت 10 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن طبيب البيت الأبيض شون كونلي في بيان رسمي آخر مستجدات حالة ترامب، جاء فيه: “هذا المساء يسعدني أن أعلن أن الرئيس لم يعد مصدر خطر لنقل العدوى للآخرين”، مضيفاً أن الرئيس يلبي أيضاً معايير مراكز السيطرة على الأمراض من أجل التوقف الآمن عن العزلة.

وقال كونلي في بيانه أيضاً إن الفحوصات أثناء مرضه أظهرت أيضاً انخفاض تركيز الفيروس، موضحاً أنه “من الآن فصاعداً، سأستمر في مراقبته سريرياً مع عودته إلى جدول زمني نشط”، مضيفاً أنه بعد 10 أيام من بداية ظهور أعراض الإصابة على الرئيس، مرّت 24 ساعة دون أن ترتفع درجة حرارته وأنه بعد إجراء اختبارات تشخيصية “لم يعد هناك دليل على وجود نشاط متجدد للفيروس”.

لكن ما لم يتطرق إليه كونلي هو السؤال البسيط الذي ينتظر الجميع إجابة واضحة عليه وهو: هل جاءت اختبارات الرئيس سلبية؟ كما أنه لم يوضح في بيانه بصورة تفصيلية أي “اختبارات متطورة خضع لها الرئيس”، فهو لم يوضح إذا ما كان اختبار “ثقافة الفيروس” تم إجراؤه، وهو اختبار متطور يكشف عن هل أصبح الجسد خالياً تماماً من الخلايا الفيروسية أم لا.

وبحسب إرشادات مراكز السيطرة على الأمراض، أظهرت الأبحاث العلمية أن اختبارات الكشف عن عدوى الفيروس المعروفة بـ PCR يمكنها أن تكشف عن بقايا الخلايا الفيروسية داخل جسم المصاب بعد أن يتعافى من العدوى بفترة طويلة، وأن المصابين ربما لا يكونون ناقلين للعدوى في فترة تتراوح بين 10 و20 يوماً من ظهور الأعراض عليهم.

لكن لا زال المسؤولون في إدارة ترامب -بمن فيهم كونلي- لم يكشفوا عن متى جاء اختبار الفيروس سلبياً بالنسبة للرئيس، الذي قال في مقابلته مع Fox New الجمعة إن الفضل في تعافيه السريع من العدوى يرجع للعلاج المكثف الذي خضع له منذ الإعلان عن إصابته، مضيفاً: “أعتقد أن سر التعافي السريع هو دخولي المستشفى مبكراً جداً”.

وبحسب خبراء أوبئة وأطباء تحدثوا لشبكة CNN مباشرة بعد بيان كونلي، لا أحد يمكنه الجزم إذا ما كانت اختبارات الكشف عن الفيروس قد جاءت سلبية بالفعل، وهو ما يشير إليه عدم تطرق كونلي في بياناته لتلك النقطة البسيطة والجوهرية، فالإعلان عن اختبار الفيروس قد جاء سلبياً يصبّ في صالح الرئيس ويُسكت منتقدي تعامله مع الفيروس، سواء كرئيس تجاهله وقلل من خطورته منذ تفشيه في البلاد أو كشخص أصيب بالعدوى لكنه تصرف بشكل وضفع البعض بغير المسؤول والبعض الآخر بالجنون.

البيان الذي أصدره كونلي جاء بعد ساعات من مشاركة ترامب في أول حدث شخصي له منذ أن ثبتت إصابته بالفيروس وقال خلاله إنه “يشعر بحالة رائعة”، وشهد هذا الخطاب مشاركة مجموعة من الأمريكيين من أصول إفريقية ولاتينية، ركّز خلاله ترامب على “فرض النظام والقانون” واستعادة عافية الاقتصاد.

لكن اللافت أن الرئيس واصل مزاعمه بشأن فيروس كورونا، بالقول إن “الفيروس يختفي. إنه يختفي”، على الرغم من أن البيانات الرسمية تظهر العكس تماماً، ففي الأسبوع الماضي فقط سجل نصف الولايات الأمريكية ارتفاعاً في عدد الإصابات بينما سجلت 10 ولايات ارتفاعات قياسية لم تشهدها منذ تفشي الوباء على الأراضي الأمريكية في مارس/آذار الماضي، وإجمالاً شهدت البلاد الجمعة 9 أكتوبر/تشرين الأول تسجيل أكثر من 50 ألف إصابة لليوم الثالث على التوالي، وهو ما يناقض تصريح ترامب، بحسب تقرير كشف الحقائق نشرته CNN.

وكان من المفترض إجراء المناظرة الثانية بين ترامب وبايدن الخميس 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لكن لجنة المناظرات الرئاسية عرضت إقامتها بصورة افتراضية؛ نظراً لإصابة الرئيس بالعدوى وارتفاع حالات الإصابة في البلاد بشكل عام، لكن ترامب أعلن رفضه المشاركة في مناظرة “من خلف شاشة الكمبيوتر”، وهو ما جعل اللجنة تقرر إلغاء المناظرة، وبدء التحضير للمناظرة الأخيرة المقرر لها الخميس 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وهكذا يظل الغموض هو سيد الموقف بالنسبة لحالة الرئيس الصحية على الرغم من تصريحاته المتكررة بأنه “في حالة رائعة”، ورغم بيان طبيبه كونلي بأن ترامب “لم يعد حاملاً للعدوى”، فهل الرئيس فعلاً أصبح غير حامل للعدوى؟ سؤال لا يمكن لأي شخص الإجابة عنه، خصوصاً أن من يملكون الإجابة تم إجبارهم على التوقيع على اتفاقيات “عدم الإفصاح”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى