آخر الأخبارتقارير وملفات إضافية

عصابة بوتين تحكم قبضتها علي السلطة والثروة!!

روسيا المصائب لا تأتي فرادي "الجزء الثانى"

بقلم الناقد والمحلل السياسى

شوقى محمود

فيينا – النمسا

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم”

الإثنين 29 جمادي الآخرة 1441هـ – 24 فبراير 2020

أجرت محطة “بي بي سي” البريطانية في 25 يناير 2016 مقابلة مع آدم زوبين Adam Zubin مساعد وزير الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والجرائم المالية، فقال عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “رأيناه يضخم ثروات أصدقائه وحلفائه المقربين ويهمّش من لا يعتبرهم أصدقاء له باستخدام أموال الدولة”،
وأضاف زوبين: “سواء تعلّق الأمر بثروات النفط والغاز الروسية أو العقود الحكومية الأخرى، فهو يوزعها على من يعتقد أنهم سيخدمونه على حساب الآخرين”!!

ثنائية “الأوليجارش والسيلفيك Oligarch and the Selvik”

نستطيع أن نقول أن الثروة والسلطة في روسيا بيد طائفتين فقط!!

ماذا تعرف عن السيلفيك؟!

بسقوط الاتحاد السوفيتي، إنهار معه جهاز الاستخبارات الأقوي في العالم (كي جي بي KGB) ولهذا عمل بوتين علي إعادة هيكلة الجهاز البديل الذي نشأ في عهد سلفه يلتسين، لتكون له كافة الصلاحيات التي كانت ممنوحة للجهاز السوفيتي السابق..

 

 

والحديث هنا عن المخابرات الخارجية (إس في آر) Foreign Intelligence Service (SVR)، ويتبع له جهاز الأمن الفيدرالي (إف إس بي FSB)… و”السيلفيك” هم كبار رجال المخابرات في الحقبة السوفيتية وأبنائهم وأنصارهم، ويقودون جهاز المخابرات الجديد، وبالتالي يسيطرون علي قيادة الجيش وكافة المؤسسات الأمنية… ولهذا فإن „SVR“ هي المؤسسة الأهم والأخطر في روسيا حالياً، وقادتها لهم الكلمة الحاسمة في القرارات المصيرية داخلياً وخارجياً… ويقود “السيلفيك” في الوقت الراهن 4 جنرالات هم:

سيرجي ناريشكين Sergey Nareshkin رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية.. وكان رئيساً لمجلس الدوما (البرلمان) ثم مديراً للمكتب التنفيذي للرئيس الروسي.
– ليونيد ماكسيموفيتش كَيْدار Leonid Maksimovich Kedar مسئول العلاقات الدولية.
– أوليج كيرديش Oleg Kardish مسؤول الملف الأسيوي في SVR.
– بافل سامويلوف Pavel Samuilov مسئول ملف أمريكا اللاتينية.

ويطلق الإعلام الغربي علي هؤلاء الجنرالات “عصبة بطرسبورج” نسبة إلي المدينة الأهم في روسيا!!

وقال المعارض الروسي رومان نعيموف Roman Naimov في حوار مع صحيفة روس برين Ross Brain: “دائرة بوتين ترى نفسها فوق القانون، ولا تفكر إلا في مصالحها الشخصية، إنّهم ينظرونا إلينا ككتلة بشرية لا قيمة لها، همّها الأكبر تنفيذ مخططاتها حتى لو أدى ذلك إلى حرب عالمية ثالثة”!!

طبقة “الأوليجارش”

الأوليجارش تعني في روسيا حكم الأقلية، وهم الذين يملكون الثروة والنفوذ السياسي!!
فبعد أن تخلص بوتين من رجال الرئيس السابق بوريس يلتسين “الثمانية الكبار”، والذين كانوا يستحوذون علي 50% من اقتصاد روسيا، تمكن بوتين من إنشاء طبقة جديدة “لصوص المال العام” يدينون له بالولاء المطلق، مقابل منحهم شركات القطاع العام بأسعار متدنية تحت مسمي الخصخصة!!
وبالتالي استطاع هؤلاء من تكوين ثروات طائلة.. وبحسب مجلة “فوربس” Forbes الأمريكية فإن 100 شخصية روسية ضمن قائمة عام 2019 تزيد ثروة كل منهم عن مليار دولار، بعد أن كان عددهم 28 شخصاً فقط عام 2017 بحسب وكالة “بلومبيرج Bloomberg”!!

وبلغت ثروات 200 شخصية روسية 496 مليار دولار، وهذا يقارب مجموع الاحتياطي الروسي من النقد الأجنبي وقيمته 510 مليار دولار!!

أبراموفيتش نموذج “الأوليجارش” الجدد!!

رومان أبراموفيتش Roman Abramovich يهودي يحمل الجنسيتين الروسية والإسرائيلية، ويعد أهم رموز “الأوليجارش” الجدد في ظل حكم بوتين!!

“روسنفت” نقطة التحول في حياة أبراموفيتش

شركة النفط العملاقة “روسنفت” Rosneft Oil Company” تأسست عام 1993 ضمن شركات القطاع العام، وتستأثر “روسنفت” بأكثر من 40% من إنتاج النفط الروسي البالغ 11.41 مليون برميل يومياً… وبعد اعتماد سياسة الخصخصة بيعت “روسنفت” إلي شركة “بايكال فينانس Baikal Finans” في 22 ديسمبر 2004 بثمن بخس بلغ 9.4 مليار دولار فقط!!
“بايكال فينانس” كانت تتبع “مجموعة الطاقة Energy group” التي يملكها رجل الأعمال اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي Mikhail Khodorkovsky… وأراد بوتين من هذه الصفقة توجيه الضربة القاضية لأخر “الثمانية الكبار” من بقايا عهد يلتسين، تحت مسمي التهرب من مستحقات للضرائب بلغت 28 مليار دولار!!
فكانت النتيجة معاقبة خودوركوفسكي بالسجن 10 سنوات، والاستحواذ علي أصول شركته Jukos بما فيها “روسنفت” لتعود إلي ملكية الدولة!!
هنا سنحت الفرصة للفقير المعدم “رومان أبراموفيتش” ليكون الملياردير ذائع الصيت.. فقد حصل علي قرض من “بنك روسيا” -بتوصية من بوتين- لشراء 72.6% من أسهم “روسنفت” بمبلغ 100.3 مليون دولار، ثم باع هذه الأسهم إلى مؤسسة غازبروم Gazprom (الحكومية) مقابل 13 مليار دولار!!

استثمارات الملياردير الجديد خارج روسيا!!

أسس أبراموفيتش شركة Millhouse LLC للاستثمار، ليكون واحداً من أباطرة النفط والألومنيوم والصلب داخل روسيا، وامتدت استثماراته إلي أسبانيا وقبرص وإسرائيل وبريطانيا (اشتري أبراموفيتش نادي تشيلسي اللندني عام 2003). وتفاوتت التقديرات في تحديد ثروته مابين 13 مليار – 21 مليار دولار، ويرجع السبب في هذا الاختلاف إلي أن معظم ثروته من وسائل غير مشروعة، كما كشف الجاسوس الروسي أليكسندر ليتفيننكو (قبل اغتياله في لندن عام 2006) عن شبكة روسية لغسيل الأموال يقودها رومان أبراموفيتش عبر استثمارات ضخمة في إسبانيا وبريطانيا!!

لم يقتصر دور أبراموفيتش علي النشاط الاقتصادي، بل اقتحم عالم السياسة أيضاً، فقد اختاره بوتين ليكون عضواً بمجلس الدوما عام 1999، ثم حاكماً لمقاطعة تشوكوتكا Chukotka مابين 2000 – 2010، ولم يفوت أبراموفيتش الفرصة خلال تلك الفترة للاستفادة من إعفاءات ضريبية بمئات الملايين لأنشطته الاقتصادية بالمقاطعة!!

ويعيش أبراموفيتش حياة رغدة ورفاهية للغاية، فهو يملك طائرة بوينج خاصة وكذلك ثاني أكبر يخت في العالم، بالإضافة إلي قصور في موسكو ولندن ولوس أنجيلوس وإيبيزا الأسبانية.

بوتين الفاسد!!

زعم فلادمير بوتين -في حوار تليفزيوني- أن دخله السنوي لا يزيد عن 765 مليون روبل سنوياً (119 ألف دولار)، كما أنه لا يملك سوي شقتين متواضعتين في موسكو!!
ولكن وزارة الخزانة الأمريكية كذبت بوتين، وأكدت في مارس 2014 أنه يمتلك استثمارات ضخمة في مؤسسة “جونفور Gonfor” بجنيف التي تسيطر علي 3% من الإنتاج العالمي للنفط، ويملكها “جينادي تيمتشينكو” Gennady Tymchenko من “الأوليجارش” الجدد!!

بوتين وفضيحة بنما ليكس!!

في 3 أبريل 2016 نشرت صحف “الجارديان” البريطانية، و”لوموند” الفرنسية، و”زود دويتشه” الألمانية وثائق مسربة عُرفت باسم “بنما ليكس” بلغ عددها 11 مليون وثيقة، وتكشف عن عمليات غسيل أموال من خلال شركات وهمية، وصفقات غير مشروعة، تورط فيها مشاهير كثر (منهم رياضيين وفنانيين وقادة دول بينهم بشار الأسد وحسني مبارك)!!
وشملت الوثائق أيضاً فلاديمير بوتين، وبدأت قصته في غسيل الأموال عام 1990 بعد توليه رئاسة الحكومة الروسية، وذلك عن طريق إنشاء مؤسسة “كوبيراتيف أوزيرو cooperative “Ozero بالاشترك مع مجموعة من أصدقائه المقربين، بزعم بناء مساكن للفقراء الروس، ثم تبين لاحقاً أن شركاء بوتين أصبحوا من كبار الأثرياء في روسيا!!

وكان “بنك روسيا Bank Rossiya“ الحكومي وسيلة بوتين ورفاقة في تهريب الأموال إلي الخارج… وهي عبارة عن قروض من البنوك (لم تسدد)، وكذلك تهريب العملة الأجنبية بزعم استيراد سلع من الخارج!!
ويتولي مكتب محاماه في زيورخ بسويسرا نقل الأموال من “بنك روسيا” إلي مكتب “موساك فونسيكا” Mossack Fonseca في بنما لتسجيل وإدارة الشركات “الوهمية”!!
وتعود الأموال مرة أخري إلي “بنك روسيا”، ولكن بطرق قانونية عبر حساب بنكي (لشركة وهمية) في بنما إلي حساب صاحب شركة من المقربين لبيوتن (مثل الشركة المالكة لمنتجع “إيجورا” للتزحلق علي الجليد في بطرسبورج)!!

وكشفت الوثائق عن أهم شريكين لبوتين وهما:
– الموسيقي سرجي رولدوجين Sergei Roldugin (أطلق عليه الإعلام مالك مفتاح ثروة بوتين!!)
يوري كوفالتشوك Yuri Kovalchuk مدير “بنك روسيا”

– بينت الوثائق أن بوتين منح صديقة رولدوجين حصة في شركة Kamaz لتصنيع الشاحنات والمركبات العسكرية، والتي تمتلك 15% من أسهم شركة Raytar القبرصية!!
كما أظهرت وثائق بنما أن رولدوجين يمتلك 3.2% من أسهم “بنك روسيا”!!

– وتبين أن بوتين ورولدوجين قاما بغسيل ما لا يقل عن ملياري دولار من خلال بنوك وشركات خارجية، وأجريا حوالي 100 صفقة لغسيل الأموال بنفس الوسائل السابقة، بحسب وثائق “بنما ويكس”!!

– وأخيراً كشفت الوثائق أن بوتين يمتلك 12% في أكبر وكالة إعلانات تليفزيونية بروسيا هي: “Agency Video International” وتبلغ إيراداتها السنوية أكثر من 800 مليون جنيه إسترليني!!
——————————————-

المقال التالي إن شاء الله: المصائب لاتأتي روسيا فرادي “الجزء الثالث”

– قوة روسيا الضاربة: “المرتزقة – المافيا – الأطفال”!!
– الفساد بوزارة الدفاع تحت حماية السلطة!!
– تصنيع السلاح يستنزف الاقتصاد الروسي المترهل!!
– طرد روسيا من الأدرياتيك!!
– فضيحة المنشطات تعصف بالرياضة الروسية!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى