آخر الأخباركتاب وادباء

عندما يأتي الخريف “الفصل السادس”

من روائع الأديب الكاتب

محمد عبد الله زين الدين

————————————

اثبتت المواقف ان عاصم لا أمان له ولا ولاء له مع اي انسان الا سهيلة أمه , كما ان هناك البعض ممن لايعرفهم أحد لهم اليد العليا على ذلك الشيطان الرجيم , فتجده دائما يترك قرناءه والذين يعملون معه ضمن ذلك التشكيل العصابي , ليختفي حيث الغرفة المظلمة , وهي عبارة عن حجرة متفردة موصدة دائما في منزل ذلك الشيطان ليس لها نوافذ ولا حتى فتحات تهوية وهي ضمن القبو وتجاور الغرفة مقر مكان احتجاز صابرين , وممنوع دخولها لاي احد غير عاصم فهو دائما يعود فجأة منها ومعه بعض المطالبات والاوامر من شخصيات مجهولة قد أملت عليه اوامرها ورغباتها والتي يقوم بتنفيذها على الفور !!

وقد حار قرناءه من اين يأتي شيطانهم بالاوامر والاموال !! فلا وجود لأي معلومة عن تلك الحجرة المغلقة دائما ولا يظهر منها الا السواد مماجعل البعض من قرنائه يعتقدون انه متحالف مع الابالسة والشياطين , ومن ثم يقابل جميع طلباتهم بل ومجرد محاولاتهم في ذلك الموضوع بالرفض والتهديد وقد يعود بالوبال وسوء الأمر على من يحاول جادا على كشف اللثام عن تلك الحجرة المظلمة , والأبعاد أيضا والحذف و استئصال لاي عضو في العصابة يطلب رؤية ومعرفة من هو زعيم تلك المجموعة ,,

وياله من حسن طالع صابرين أن يترامى الى مسامعها بعض الكلمات من عاصم وهو في تلك الحجرة المظلمة وقد اعتقد انها قد بدأت في الاحتضار من هول مالاقته , تلك الكلمات جعلتها تتحامل على نفسها وتزحف لتسترق السمع لمكالمة هاتفية عن طريق الانترنت ومن خلال شرخ في الجدار الفاصل وجدت ذلك المجرم يخاطب شخص مرئي مألوف للعين , يبدو من اسلوبه انه من الشخصيات التي تساعد وزير للداخلية بدو ان ثم اوامر جديدة قد صدرت لعاصم من خلال برامج التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية وهو يتأمر معه على قتل الريس عمر !!

مما جعلها تتوجس خيفة ان هناك خطر مهلك يحدق بوالدها سوف يداهمه في التو !!

مما كان له الاثر والحافز ان يشتد عودها وتعود لسيرتها القديمة رغبة منها في طلب لنجاة لها ولواالدها ولم تنتظر لقد اخذوا منها وليدها ولم تعرف عنه شئ وهي الان تطلبب الفرار , فأخذت تدفع الباب بكل قواها , الا انها قد فشلت في ذلت , فتفتأت لها فكرة الاتجاه الى أعلى حيث النافذة الخشبية والموصدة دائما , فتحتال لتصعد متسلقة كومة من كراكيب حولها تجد تلك النافذة هشة ولاتحول لخروجها الى فناء المنزل والمكون من طابقين حيث دلفت في خفة باحثة عن وليدها , ولحسن حظها انها وجدته بمفرده ينام في مهده بحجرة مجاوة دون وجود احد حوله من افراد المجموعة وكأن الله قد اراد لها النجاة , فالتقطت وليدها وفرت به من خلال بوابة صغيرة من الجدار الجنوبي حيث تفتح على حارة بالخارج قصيرة للجدار الخلفي للمنزل القديم , وبالفعل تستطيع صابرين تفر بشكلها المزري مع وليدها ومجرد ماوضعت قدمها خارج تلك البوابة وجدت ضوء النهار من خارج البهو المعتم الذي يصل لتلك البوابة والتي كانت مفتوحة بلا حارس , لتنساب طائرة طلبا للحرية لها ولوليدها وتدب العافية في اوصالها مرة اخرى , ولم تصدق نفسها الا وهي تنطلق كالمجنونة في تلك الشوارع الجانبية والازقة والمنعطفات التي تقابلها الى ان اعتقدت انها في بر الامان !!

ولو أمان مؤقتا ووسط الانواع البشرية ظانة فيهم الخير واغاثة الملهوف ونجدة الملتاع , وياله منظر تعجب منه حين تجد شابة في مثل سن صابرين تجري خلال الطرق وقد ارتدت الاسمال الممزقة , وهناك من توقف ليري ذلك المشهد العجيب ظنا منه بأنها خاطفة للطفل , الى ان وقفت اخيرا من كثرة الاجهاد وامام شااب يافع يبدو انه قد استجاب لطلبها للنجاة حين استغاثت به ليدلها على مخفر الشرطة , ويبدو من ذكاء الشاب انه ادرك خطورة وضع صابرين , الا ان شخصا مسنا كان يتكئ على كاهل ذلك الشاب , ويبدو انه جده , قد حاول ان يمنعه الا ان الشاب انكر عليه ذلك بل وتركه ليأخذها من يدها هي وطفلها متجاهلا جده وحث السير مع صابرين متجهين الى حيث مركز الشرطة والذي كان قريبا , ويتركها الشاب لتدلف وتواجه مصيرها بالداخل وانتظرها بالخارج متوجسا منها الأذى الا حبه للفضول وكذلك مراهقته المثالية جعلته ينتظرها كما يبدو انه توقع أنها فتاة تستحق المساعدة , أو في تللك اللحظة يكتشف عاصم اختفاء صابرين ويجن جنونه ويتوه في نوبة صراخ متواصل متهما بعض الموجودين بأنه قد ساعدها على الفرار !!

.————————————————————————————————————————– – االمشهد الثاني ————-الفصل السادس ——————عندما يأتي الخريف ———– الأب الضائع

مرت ايام على مقتلة الفجر الدامي وعند عودة الريس عمر هاله مارأى لقريته التي طالما أحبها ولم ترتاح اوصاله الا على زمال اديمها وشمس شتاءها ونسمات ربيعها الفواحة بأريج يود مياهها , واصبح يقلب كفيه على ماحدث لها بل ولقد اصبحت مدينة للاشباح والمردة ترمح فيها بلا حساب ولم ينجو من تلك المقتلة داخل القرية الا بعض المدارس الفقيرة الواجمة التي تطل بمبانيها العتيقة على المشهد الحزين وكذلك مسجدها الذي بات حزينا على ماجرى حوله , ارتعدت فرائص الريس عمر وهو يترنح من هول المفاجأة وهو لايدري مالذي حدث !!

أأخطأ المكان أم ان هذه بالفعل بلدته !!

مالهذا المشهد المروع الذي لايغادر منزلا الا وتركه ركاما وبدأت الهواجس تنهش احشاءه والمناظر من حوله مزري للغاية وعمت الخرائب هنا وهناك في كل زاوية في القرية سوى مبنى البريد ومباتي باقي الادارة بمخفرها الذي كان عبارة عن نقطة شرطة على مرمى البصر وكأنها كانت تتلصص من بعيد على مستجدات الاحداث , بعد دورها المشبوه في الاحداث الدامية , ذلك الدورالذي ظهر جليا من خلال التحقيقات السريعة والتي قيدت الحادثة ضد نفس الضحايا وكأن هؤلاء الضحايا قد باتوا ضحايا ومدانين في نفس الوقت وكأنهم هم قتلة انفسهم وأهليهم ولم تغفل الضبطية القضائية على ان تضع اسم الريس عمر على رأس قائمة الاتهام وانه هو المتسبب والمحرض هو واقرانه في الفتنة الكبرى للخلاص منه في ذات الوقت , لقد اعتبر ان حادثة صابرين هي الدافع الاصيل كدليل اتهام للريس عمر للانتقام لعرضه , هذا ما اهتدت اليه قريحة وكيل النائب العام المتناقضة اصلا منذ البداية و الذي حضر فور حدوث الجريمة بأمر من رؤسائه , واتسعت دائرة اخبار المقتلة الى باقي اقرى المجاورة بل انها قد تجاوزت المحيط الاقليمي لتمتد خارج البلاد !!

وكل اولئك جميعا من الذين قد انكروا دليل الاتهام وأصبح رأي عام الاطبعا من ثلة المكابرين والمأفونين البلهاء والذي لايحتسب لارائهم وزن ولا يؤخذ بعدليتهم في جادة الامور , فكيف يقتل او يحرض الريس عمر على قتل من يؤازرونه ويعضدوه ضد خاطفي ابنته فالكل يعلم ان الريس عمر اصلا كان لايدري بردود افعال اهل قريته ازاء مصيبته ,وكذلك كان الجميع يعلم ان الريس عمر كان بعيدا عن كل الاحداث التي فتنت اهل قريته منذ بدايتها فقد كان يتتبع اثر عاصم وابنته ولاهم له الا ابنته وانقاذها من ذلك الشيطان .

ولم تلبث النيابة العامة بالفعل ان طلبت ضبطه واحضاره للتحقيق معه وكأنه هو الذي حرض على ارتكاب تلك المقتلة عامدا باصرار وأن له شركاء قد ساعدوه , وبالتالي فلا مجال للشك لاهل القرى المجاورة ان ترتاح ضمائرهم لحكمهم بتورط الضبطية القضائية ورجالها مع العصابة السالفة الذكر بأنهم كلهم من وراء الاحداث الدامية وان القاضي مع جلاده قد تشابكت اياديهم مع من خرج على الاعراف و القوانين الطبيعية والنصوص الشرعية بل وجدفوا على الاخلاق والدين والرحمة في نظير الهيلمانات و الاموال الطائلة والتي قد اذهبت عقولهم ليستمرئوا الغدر والخياتة ويستبيحوا دماء الابرياء .

لقد عاد اذن الريس عمر ليرتاح وجهه المكفهر ولم يجد في قريته الراحة , بل راح يحث الخطى ليطمئن على فلذات اكباده الاخرين في بيت اسرة زوجته فوجد آثار الدمار والخراب فكاد ان ينهار الا ان زوجته مع ابنائه قد اطلوا برؤوسهم من خلف الركام فلا يكاد يمسك مقلتيه من البكاء وهو يعتصرهم في حضنه بين ذراعيه وفي عجالة حذرته زوجه مما ينتظره من اخطار ومن قرار اتهامه , فلم ينفكوا ان حثوا السير متجنبين أعين البصاصين واذ يقابل الشيخ جمعة وتابعه الشيخ هوا ويحيطون به ان يدخل مسجد ضرار لبحث أمر ابنته , بل ويجذبونه من تلابيبه وهو يأبى بحزم لانه يعلم ان هؤلاء هم فسقة رجال الدين وانهم هم الفسوق ذاته في صورته الشيطانية , فطالما كان واثقا من غدر هؤلاء وافكهم وباطلهم , قد اتخذوا من مسوح الدين رداء ليرتزقوا وينالون السيادة والحظوة والنعمة المسبوغة عليهم دون سواهم , ولم لا وهم من يطوعون الناس في الاتجاهات التي تريدها سياسة الادارة !!

فكان لابد وان يتم اختيارهم بعناية ليكونوا مع الادارة وليس ضدها !!

ويتوه الريس عمر هو وجماعته وسط ازقة القرية الى ان يخرج في النهاية الى حيث لاتمتد اعين البصاصين امثال الشيخ هوا واستاذه الشيخ جمعة , فهما من كانا في السابق ولايزالان بصاصين من بصاصي الادارة يدل اسياده ويرشدهم على من يلازم المسجد ويعترض قرارات الادارة الرسمية للقرية !! , من قبل ان يعرفه الجميع كان الريس عمر على علم بهوية هؤلاء الافاقون المنافقون بعدما لدع من امثالهما من قبل, لذلك الان لم يعد الريس عمر أن يأمن لهما على الاطلاق , ولولا اذرع الريس عمر المفتولة لامسكا بتلابيبه واسلماه بدم بارد , الا انه خشي هووابليسه الشيخ جمعة من ضربات الريس عمر الساحقة والتي يمكنها ان تودعهما حفرة من حفر نيران جهنم القبر سويا جزاءا وفاقا لما جنت اياديهما الآثمة في حق العباد ففضلا ان يرشدان عنه فورا زلفى لاسيادهما في الجهاز الاداري مثلما هو متبع كاجراء روتيني وكان على الريس عمر ان يتلاشى فورا والا فالسجن والاعتقال هو مصيره, وبالفعل قد افلح الريس عمر في كسر نطاق الحصار المفروض سرا على القرية وتاه بين عباد الله , وسط القرى المجاورة ومنها الى حيث شاء الله ان يتقي شر الابالسة والشياطين و, ضاع اذن الريس عمر , لقد ضاع الاب الحنون الطيب و سافر مسرعا الى حاضرة البلاد وفي الحاضرة تتوه الانساب ولم يتبقى سوى المال هو خير سند بعد تقوى الله .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى