آخر الأخبار

عون يعرقل تشكيل الحكومة وأديب يعتزم الانسحاب.. أما ماكرون فيشعر بالفشل، والسيناريو الأمريكي “الخشن” هو الأقرب

كشفت مصادر قريبة من رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب لـ”عربي بوست” أنه سوف يعتذر عن عدم أداء مهمته بعد التشاور مع رئيس الجمهورية في لقائهما المرتقب اليوم أو غداً ، حال رفض الرئيس عون التشكيل المطرح وألزم أديب بالمحاصصة الطائفية.

وشددت المصادر على أن أديب لا يريد الدخول في معارك مع القوى السياسية ولا يرغب في مواجهة أية  طائفة ولا يريد إضاعة الوقت، وأنه جاد في الاعتذار وليس متمسكاً بالتكليف ولا يريد أن يتخلى عن مبادئه بتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين مستقلين وفق مبدأ “المداورة” وأن تتشكل من 14 وزيراً فقط.

ورأت المصادر الخاصة أن هذا يعني فشل المبادرة الفرنسيّة خاصة بعد انتهاء المهلة المحددة لتشكيل الحكومة، وأن اعتذار أديب عن مهمته سيدفع المسؤولين الفرنسيين لإيقاف كل الاتصالات المتعلقة بتشكيلها بعد إصرار القوى السياسية على التمسك بشروطها وعدم الوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها أمام الرئيس ماكرون خلال زياراته إلى بيروت التي استهدفت تسهيل إنجاز الحكومة وتحقيق الإصلاحات.

واعتبرت المصادر أن السلطة السياسية بذلك مصرّة على الاستحواذ على البلد ولا تريد التنازل من أجل إجراء إصلاحات، وتتمسك بأعراف مخالفة للدستور.

من جهة أخرى تؤكد مصادر دبلوماسية لـ”عربي بوست” أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ترأس عصر أمس اجتماعاً مطولاً لخلية الأزمة الخاصة بلبنان لمتابعة التطورات، بعد جولة المشاورات مع القوى السياسية وتحديداً بعد مواقف متشددة من الثنائي الشيعي متعلقة بشروطها حول تشكيل الحكومة اللبنانية، وأن الاجتماع امتد حتى فجر اليوم، في محاولة للوصول إلى اتفاق.

وبحسب المصادر فإن خلية الأزمة المعنية بلبنان، التي تضم مدير المخابرات الخارجية برنار إيمييه، والمستشار لشؤون الشرق الأوسط إيمانويل بون، استعرضت خلال اجتماعها الملف اللبناني في ضوء التقارير الواردة من بيروت ومصير المبادرة، وتؤكد المصادر أن خطوط التواصل كانت مفتوحة بين باريس وبيروت لتسهيل مهمة إنجاز الحكومة التي تعثرت بسبب تصعيد الثنائي الشيعي والمطالبة بتسمية باقي وزراء الشيعة في الحكومة بالإضافة للثلث المُعطل.

وتؤكد المصادر أن الاجتماع خلُص إلى تكليف مدير المخابرات الخارجية برنار إيمييه بتكثيف الاتصالات مع القوى السياسية حتى عصر اليوم فقط، على أن يصل إلى خلاصة نهائية يبلغ بها الرئيس ماكرون ليتخذ قراره النهائي بشأن الأزمة في لبنان.  

وترى المصادر أن تعقيد المشهد اللبناني يعود إلى توتر الأجواء الإقليمية، وأن إيران لم يعد لديها ساحة تبعث منها رسائلها إلى الخارج إلا لبنان، خاصة بعد توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل بين الإمارات والبحرين وتوتر علاقتها بالدولتين الخليجيتين.

وتشدد المصادر على أن الرئيس المكلف مصطفى أديب سيزور غداً قصر الرئاسة في بعبدا ليلتقي بالرئيس اللبناني ميشال عون، وأنه سيقدم تشكيلة حكومته المصغرة القائمة على المداورة الشاملة، استناداً إلى ما التزم به رؤساء الكتل أمام الرئيس ماكرون، فإذا رفضها الرئيس وطلب تعديلها، سيعتذر أديب فوراً عن التكليف وسيصدر لاحقاً بياناً مفصلاً من منبر القصر الرئاسي لشرح تفاصيل ما جرى معه.

وتؤكد المصادر أن ماكرون سيلغي زيارته لبيروت التي كانت مقررة في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، وأنه غير راضٍ عن أداء الرئيس اللبناني في ملف تشكيل الحكومة، ولم يستطع حماية الخارطة الفرنسية أو إقناع حلفائه بالتنازل لإنقاذ البلاد.

وكشفت المصادر أن ماكرون سيبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم بأن باريس وصلت لطريق مسدود مع القوى اللبنانية، وأنه لم يعد قادراً على الوصول لحل مع المجموعة المسيطرة على الحكم في لبنان، وأن هذا الاتصال قد يعزز فكرة إقرار عقوبات على القوى اللبنانية.

يؤكد مصدر مطلع على المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون مع الكتل البرلمانية في محاولة لإيجاد حل سريع لملف تشكيل الحكومة لـ”عربي بوست” أن كتلتي الثنائي الشيعي -حزب الله وحركة أمل- أبلغتا الرئيس عون تمسّكهما بوزارة المالية وتسمية الوزراء الشيعة في حكومة أديب.

وشدد المصدر على أن مطالب الثنائي الشيعي وصلت حد المطالبة بثلث الحكومة أو بحسب ما يسمى -الثلث المعطل- التي يحرص حزب الله على الحصول عليه لتعطيل أي قرار حكومي يمسّ الحزب وسياساته، ويؤكد المصدر أن عون وجه أسئلة استنكارية لممثلي الكتل النيابية قائلاً: “هل توافقون على اختيار رئيس الحكومة لممثليكم فيها من دون التشاور معكم؟ وهل توافقون على أن يتولى كل وزير حقيبتين، ما يؤدي إلى انعدام الإنتاجية؟”.

ويرى المصدر أن عون كان يريد الوصول من هذه الأسئلة إلى أجوبة رافضة للمسار الذي يسلكه الرئيس المكلف مصطفى أديب، ويؤكد المصدر أن عون كان سيبلغ الرئيس المكلف بنتيجة مشاوراته مع الكتل النيابية، وأنها لن تمنح الثقة لحكومة لم تشارك في تأليفها واختيار وزرائها.

وأن هذا المبدأ يرتكز عليه موقف حركة أمل وحزب الله وحزب الطاشناق. ما يعني عودة التفاوض إلى المربع الأول، وإما أن يوافق الجميع على شروط الثنائي الشيعي، وبالتالي تغيير المبادرة الفرنسية وتعديلها، وإما استمرار التعطيل، وهذا يعني فشل المبادرة من الأساس، والذهاب إلى مرحلة جديدة من الاشتباك السياسي الداخلي، المرتبط إقليمياً ودولياً بصفقة القرن والصراع الفرنسي – التركي في المتوسط.

تؤكد مصادر سياسية مطلعة لـ”عربي بوست” أن وزير الخارجية المصري سامح شكري أجرى منذ صباح اليوم سلسلة اتصالات شملت معظم قادة الأحزاب اللبنانية، بغية المساهمة في إيجاد حل سريع للأزمة المتعلقة بتشكيل الحكومة وتشبث الثنائي الشيعي أي حزب الله وحركة أمل بوزارة المالية.

وتؤكد المصادر أن شكري صُدم من الردود التي سمعها من المسؤولين اللبنانيين، التي وصلت حد المطالبة بثلث الحكومة، بما يخالف كل تفاصيل المبادرة الفرنسية التي وعد المسؤولون اللبنانيون بتنفيذها.

وكشف المصدر أن شكري بعد اتصالاته مع المسؤولين اللبنانيين أجرى اتصالاً بوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان واتصالاً ثانياً برئيس المخابرات الخارجية الفرنسي برنار إيمييه وأخبرهما بما سمعه من القادة اللبنانيين.

يرى مصدر مقرب من المعارضة أن لبنان يعيش فترة حساسة، فإما أن تنجح المحاولات التي تجري في الوقت المتبقي فتُحيا المبادرة الفرنسية وتحقق أهدافها، أو أن تشهد البلاد أحداثاً بالغة التعقيد، في ظل العقوبات التي سيتم توقيعها على  شخصيات من طوائف وأحزاب متعددة وسوف تشمل -حسب المصدر- نواباً ووزراء سابقين وحاليين.

بالإضافة إلى رجال أعمال وضباط متقاعدين، ما قد يحول لبنان إلى ساحة لتصفية حسابات سياسية، بأدوات أمنية.

ويشدد المصدر على أن أي عملية أمنية ستعيد تغيير الأولويات في لبنان، ويصبح الاهتمام بالملف الأمني أولاً، بدلاً من الحكومي والاقتصادي، وهذا ما قد يزيد الهوة في الأرقام وستكون تبعاتها مخيفة ومن الصعب تداركها بشكل سريع.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى