الأرشيفتقارير وملفات

فى مصر جمهورية الخوف ..ارتفاع أعداد السجون المصرية خلال عامين ل٥٢ سجنا

أصدرقائد الإنقلاب عبد الفتّاح السيسي قراراً جمهوريّاً الأربعاء في 13 كانون الثاني/يناير من عام 2016 بتخصيص 103 أفدنة (حوالى 434 ألف متر مربّع) في صحراء الجيزة لإنشاء سجن ضخم وملحقاته ليحمل اسم سجن الجيزة المركزيّ. وكانت الحكومات المتتابعة في عهد عبد الفتّاح السيسي والرئيس المعين عدلي منصور قد أصدرت 9 قرارات تقضي بإنشاء 16 سجناً جديداً خلال عامين ونصف عام فقط، افتتح بعضها رسميّاً، وأخرى لا تزال قيد الإنشاء. وتأتي الخطوات المتزايدة لبناء السجون في مصر، نظراً إلى اعتقال الآلاف من الشباب الّذين لم تعد تتّسع لهم السجون القديمة. ففي الوقت الّذي تشكو فيه البلاد من أزمة سكّانية، رافقتها أزمة تكدّس المعتقلين الشباب خلف القضبان الحديديّة.

وفي هذا السّياق، أشار مدير الشبكة العربيّة لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد إلى أنّ عدد السجون في مصر ازداد من 42 إلى 52 سجناً منذ عام 2011، وقال في تغريدة عبر حسابه الشخصيّ على موقع “تويتر”: إنّ مصر فيها نحو 60 ألف سجين سياسيّ.

وكانت السلطات المصريّة، إبان حكم المجلس العسكريّ، ثمّ حكم الرئيس المخطوف محمّد مرسي، قد قالت: إنّ السجون المصريّة باتت خالية من السجناء والمعتقلين السياسيّين، لكنّ تقديرات حقوقيّة تشير حاليّاً إلى أنّ هناك زهاء 10.000 شخص محتجز رهن التّحقيقات أو في انتظار المحاكمة داخل أماكن الإحتجاز والسجون.

ولا توجد إحصاءات رسميّة عن عدد السجناء داخل السجون المصريّة. وأخيراً، كشفت أجهزة الأمن عن مصير نحو 120 مصريّاً مختفياً من بين نحو 200 مبلّغ عن اختفائهم في ظروف غامضة، أغلبهم نشطاء ومناهضون للدولة.

وأبلغت وزارة الداخليّة المجلس القوميّ لحقوق الإنسان في مصر، بأنّ هؤلاء إمّا يخضعون إلى تحقيقات أو أنّهم برّئوا، في حين هرب آخرون من الحبس، ويتحقّق الآن من وجهتهم.

وبعد سلسلة حوادث تعذيب، بل وقتل في أماكن الاحتجاز وخارجها، تعرّض لها مدنيّون عزّل على يدّ رجال شرطة في الأشهر الأخيرة، وما تلاها من احتجاجات صاخبة، استدعت تدخّلاً رئاسيّاً أحياناً، أحالت النيابة عدداً من أفراد الشرطة المتورّطين على القضاء، وحكم على عدد منهم بأحكام أوّلية في السجن وعقوبات أخرى.

وتشهد مصر حصاراً على حريّة الرأي والتّعبير تفرضه جهات أمنيّة بدعوى حماية الأمن القوميّ للبلاد حسب ما ذكر بيان لـ”الشبكة العربيّة لمعلومات حقوق الإنسان” دانت فيه القبض على صحافيّين وعدد من النشطاء المنتمين إلى بعض الحركات الإجتماعيّة، وعلى رأسها حركة “شباب 6 إبريل”، والّتي اعتبرت أنّ محاولات النّظام في القضاء عليها  “فاشلة”، وأنّ هذه الحقبة من تاريخ منظومة العدالة المصريّة هي نقطة سوداء.

فيما اعتبرت “الشبكة العربيّة” أنّ ممارسات قمعيّة كهذه هي استمرار لحملة مسعورة تشنّها السلطات على كلّ من ينتمي إلى ثورة 25 كانون الثاني/يناير قبيل حلول ذكراها.

مصر

وكانت سلطات أمن مطار القاهرة قد احتجزت الشاعر عمر حاذق الخميس في 14 كانون الثاني/يناير ومنعته من السفر إلى هولّندا لاستلام جائزة حريّة التّعبير في مهرجان “كتاب بلا حدود” من دون إذن قضائيّ مسبّب. ولم تكن واقعة عمر حاذق الأولى من نوعها، إذ تمّ احتجاز المحامي الحقوقيّ طارق العوضي خلال عودته من الدوحة السبت في 9 كانون الثاني/يناير من العام الجاري. وروى طارق العوضي أنّه حين توجّه إلى ضابط الجوازات لختم الوصول وأثناء قيام الضابط بوضع الجواز على جهاز الكمبيوتر، وهو إجراء معتاد، فوجئ بكتابة عبارة “مطلوب فوريّ” باللّون الأحمر، فاعتبر العوضي أنّ الاحتجاز من دون مسوّغ قانونيّ جريمة يعاقب عليها القانون، طبقاً للدستور المصريّ.

وفي اليوم نفسه، دهمت قوّات الأمن منزل الطبيب طاهر مختار، وكان معه صديقاه، فقامت بتفتيش المنزل، ثمّ اقتادت الثلاثة إلى مركز الشرطة، ووجّهت النيابة إليهم تهمة حيازة مطبوعات تدعو إلى قلب نظام الحكم وقرّرت حبسهم على ذمّة التّحقيق.

ويعتبر طاهر مختار من أبرز النشطاء في مجال الصحّة داخل السجون، وهو عضو في حملة “الإهمال الطبيّ في السجون جريمة”، والّتي تسعى إلى الضغط من أجل كفالة الحقّ في الصحّة والرعاية الطبيّة للمحتجزين في أماكن الإحتجاز في مصر، وعضو نشط في لجنة الحقوق والحريّات في نقابة الأطباء، الّتي أوضحت في بيان على موقعها الإلكترونيّ بأنّ الدكتور طاهر مكلّف من قبل مجلس النّقابة كعضو في لجنة الحريّات بمتابعة ملف الأحوال الصحيّة للمحتجزين في مراكز الشرطة.

وطالبت 14 مؤسّسة حقوقيّة وأحزاب بالإفراج عن مختار ورفاقه، معتبرة أنّ حبسه يعدّ تنكيلاً بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

ولا تكتفي السلطات المصريّة بمنع بعض المواطنين المصريّين المهتمّين بقضايا المجتمع بمغادرة البلاد، بل تمتنع أيضاً عن استقبال آخرين بزعم تهديد الأمن القوميّ. وفي مطلع الشهر الجاري، منعت السلطات المصريّة الباحثة والأستاذة الجامعيّة المتخصّصة في الحضارة الإسلاميّة وقضايا النّوع الإجتماعيّ الكاتبة آمال القرامي من دخول أراضيها بتهمة “تهديد الأمن القوميّ”، وأوقفتها فور وصولها إلى مطار القاهرة الدوليّ نحو 16 ساعة للتّحقيق معها، بعد تفتيش هاتفها وحاسوبها الشخصيّ، ثمّ أعادت ترحيلها إلى تونس، وهو أمر اعتبرته منظّمات حقوقيّة تدخّلاً بوليسيّاً فاضحاً في الحريّات الأكاديميّة. ورغم تلقّيها دعوة رسميّة للمشاركة في المؤتمر الدوليّ لمواجهة التطرّف الّذي كانت تستضيفه مكتبة الإسكندريّة آنذاك، رجّحت آمال القرامي أن تعود أسباب احتجازها في مطار القاهرة ومنعها من دخول مصر إلى الأربعة أعداد الأخيرة من مقالاتها في جريدة “الشروق” المصريّة، الّتي وجّهت فيها انتقادات لاذعة إلى المؤسّسة الأمنيّة التونسيّة حول انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما قد يمثّل إرباكاً للمؤسّسة الأمنيّة المصريّة، ووجدت فيه تحريضاً على مؤسّسات الدولة المصريّة، على أساس أنّ ما يحدث في تونس يتقاطع بالضرورة مع ما يحدث في مصر على امتداد 4 سنوات من تجربة الثورتين التونسيّة والمصريّة، على حدّ قولها.

أضافت القرامي: حين أُدعى إلى تقديم محاضرة حول “تقييم مناهج البحث في التطرّف والإرهاب… الحصيلة والمقترحات”، ثمّ أُعدّ في خانة الإرهابيّين… تستوي الأضداد!.

وفي الأوّل/أكتوبر الماضي، ألغت جامعة الإسكندريّة محاضرة لمستشار الرئيس السابق عدلي منصور والعالم بوكالة الفضاء الأميركيّة – ناسا الدكتور عصام حجّي، المعروف بمواقفه المنتقدة للحكومة المصريّة، تحت المسمّى نفسه “دواع أمنيّة”، وكتب حجّي حينها على حسابه الشخصيّ “فيسبوك”، معتذراً للطلاّب: لم تجد إدارة جامعة الإسكندريّة المساحة الكافية لاحتضان حماسكم وحضوركم، وقرّرت إلغاء المحاضرة قبل موعدها بيوم واحد.

أضاف: أودّ أن أشكر قيادات الجامعة على سعيها الحثيث للحفاظ على أمن الوطن من خلال منع محاضرة عن اكتشاف كوكب المرّيخ.

ومن جهته، قال الدكتور حازم عبد العظيم، وهو القياديّ السّابق في حملة السيسي: عندما أنظر إلى حال البلاد بعد استرجاع شريط الأحداث الّذي عاصرته منذ 25 كانون الثاني/يناير إلى الآن، أشعر بالحزن.

واعتبر أنّ أسوأ قرار قد اتّخذه هو الإنضمام إلى حملة السيسي.

وكذلك، اعتبر أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الأميركيّة الدكتور عمرو حمزاوي ما يجري في مصر من قمع للأصوات الحرّة ومحاصرة مساحات الحريّة دعائم لجمهوريّة الخوف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى