الأرشيفتقارير وملفات

فيلم الجزيرة الوثائقى الذى ارعب لصوص القوات المسلحة المصرية من الجنرالات

كشف فيلم وثائق، عرضته قناة «الجزيرة» القطرية، مساء الأحد، جانبا مظلما من حياة العسكريين في الجيش المصري، وما يتعرضون له من إهانات خلال فترة خدمتهم لـ«التجنيد الإجباري».

الفيلم عرض مشاهد تمثيلية وأخرى مسربة من داخل الثكنات والمنشآت العسكرية للجيش المصري، وظهر فيه عدد من الجنود والضباط وهم يروون شهاداتهم عن أيام صعبة مروا بها خلال وجودهم في الجيش.

بدأ الفيلم الذي حمل اسم «العساكر.. حكايات التجنيد الإجباري في مصر»، بمشهد تمثيلي، لجندي مصري، وهو يزحف على التراب أمام مجموعة من رفاقه، وآخر يسحبه أصدقاؤه من قدميه المربوطتين بالحبال عقاباً له.

وتحدث العساكر الذين أُخفيت وجوههم وأسماؤهم، وتبدلت أصواتهم، عن المراحل التي يقضيها العسكري داخل الجيش المصري، بدءاً من الفترة التدريبية الأولى وحتى التسريح، وقال أحدهم إن «العقبة الأساسية أمام الشاب المصري بعد التخرج هي التجنيد الإجباري».

وقال العسكريون الذين ظهروا في الفيلم، إنهم توقعوا أن يتعلموا خلال فترة الخدمة المهارات القتالية، «لكن فترة وجودهم في الجيش اقتصرت في معظم الأحيان على تنفيذ ما يطلبه الضباط من أوامر شخصية».

وتحدث أحد العسكريين عما وصفه بـ«الإهانات» التي يتعرض لها الجنود خلال الاختبار الطبي، كأمرهم بخلع ملابسهم، ونظر الضباط إلى أعضائهم الذكورية، وقال آخر إن «بعض العساكر كانوا يتظاهرون بالمرض كي لا يؤدوا الخدمة العسكرية، وفي المقابل كانت هناك حالات مرضية حقيقية لم تؤخذ بعين الاعتبار».

وأضاف العسكريون أنهم «في ثكناتهم كان الضباط يجبرونهم على الاستيقاظ قبل الفجر، من أجل القيام بأعمال النظافة، ولمّ أوراق الشجر، وبعضهم كانت مهمته تنظيف الحمامات، ودورات المياه».

وتحدث أحد العسكريين عن أحد الضباط، وقال إنه «يأخذ بعض العساكر من أجل زراعة الأرض ليقوم بعدها ببيع المحصول لصالحه الشخصي».

مجند

لقطات مسربة

وعرضت الفيلم الذي أثار ضجة كبيرة في الأوساط المصرية، قبيل عرضه، صوراً مسربة من داخل أحد نوادي الضباط التابعة للجيش، وأظهرت جنوداً يقومون بأعمال التنظيف، وبيّنت لقطات أخرى عساكر يعملون في محطات لبيع البنزين.

ومن داخل أحد مطاعم الجيش، ظهر جنود مصريون في لقطات التُقطت بكاميرا مخفية، وقال العسكريون الذين ظهروا في الفيلم، إن الطعام كان سيئاً جداً، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة للضباط.

وقال أحدهم إن أحد الضباط أجابه عن سؤاله حول لماذا لا يطعمون العسكري بشكل جيد، وقال له: «حنأكلكم منين؟ احنا اقتصادنا ضعيف».

وتحدث العساكر والضباط الذين ظهروا بالفيلم أيضاً عن أساليب التعذيب التي يتعرض لها العسكري المصري في الجيش، ومنها تحويل العسكري إلى محكمة عسكرية، وإجباره على الزحف مدة نصف ساعة، وتنفيذ عقوبة الشواية، وتقوم على أن يتدحرج العسكري على الإسفلت لمدة طويلة تحت أشعة الشمس.

وقال أحدهم إن «العقوبة الأشد كانت حرمان العسكري من الحصول على الإجازة»، وأضاف أن العسكري كان يضطر إلى كسر قدمه عمداً للحصول على الإجازة.

وأظهرت شهادات العسكريين إقدام العديد من الجنود المصريين على الانتحار بسبب الضغط النفسي الذي يعيشونه، وهناك آخرون هاجموا الضباط ثم قتلوا أنفسهم.

ووصف العسكريون في نهاية الفيلم فترة خدمتهم بالجيش المصري بالقول، إنها «لم تضف لهم شيئاً، فهم ليسوا مؤهلين للحرب»، ووصف أحدهم حال الجنود المصريين بالقول: «نحن أبناء القهر المشترك».

تجنيد

ردود أفعال

وبين مؤيد ومعارض للفيلم، تباينت ردود أفعال الشخصيات السياسية والمفكرين، حول وسم حمل اسم الفيلم «العساكر».

فكتب الأكاديمي الفلسطيني الأصل «ياسر الزعاترة»، على صفحته بموقع «تويتر»: «حين تنشغل دولة؛ الأصل أنها من أكبر دول الإقليم يشن حرب على فضائية لأجل فيلم مدته نصف ساعة لم يعرض بعد، فاعلم أن قيادتها مأزومة».

وتساءلت الكاتبة «إحسان الفقيه»، بالقول: «أو لم تُنتج BBC فيلما عن عساكر الأمن المركزي وانتهاك إنسانيتهم؟.. لماذا لم تشتموا الملكة اليزابيث حينها، ولم تعتصموا أمام باكينغ هام بالاس؟».

وكانت «بي بي سي»، أنتجت مارس/ آذار الماضي، فيلما بعنوان «موت في الخدمة» رصد الانتهاكات ضد أفراد الأمن المركزي في مصر.

فيما قال الكاتب المصري «أحمد الشرقاوي»: «العسكري سيكا.. والعسكري العصفورة.. وتدريب للعروض لا للقتال.. وسخرة الجنود في بيوت الضباط حقائق رأيناها جميعا خلال فترة التجنيد الإجباري بالجيش».

وأضاف الناشط «عبد الله الشريف»: «إلى من يدعي أن مصر وقطر ليسوا أشقاء.. الجزيرة في قطر أنتجت العساكر والفضائيات المصرية قامت بالترويج.. ده الأخوات ما بيعملوش مع بعض كدة يا أخي».

فيما شارك الداعية السعودي «حامد نبهان»، بالتعليق على الفيلم قائلا: «التدريب في الحضيض وأسلحة من الخمسينات.. والجيش جيشان: جيش يحارب وجيش يموت».

وأضاف الناشط «أحمد عبد الجواد»: «ما جاء بفيلم العساكر هو مجرد نقطة في بحر لانتهاكات كرامة العسكري المصري.. عموماً تحية واجبة لكل من ساهم في هذا الفيلم».

في الوقت الذي قال المفكر الموريتاني «محمد مختار الشنقيطي»، تعليقا على الفيلم: «يستحق الضباط الفسَدة الذين يستعبدون مصر وينهبونها برنامجا أعمق فكرة وأحسن أداء من برنامج العساكر»، مضيفا: «كنت أتوقع أن يركز برنامج العساكر على الضباط الإقطاعيين الذين امتصوا دماء مصر واستعبدوا شعبها، فوجدته مجرد عرض باهت لمعاناة مجندين مستضعفين».

كما شارك آخرون في وسم بعنوان «العساكر مصريين والقادة صهاينة»، احتل مركزا متقدما بين الوسوم الأكثر تداولا في مصر الأحد، فكتب الفنان «فاروق الفيشاوي»، المعارض للسلطات الحالية: «أعرف واحد كانت فترة تجنيده عبارة إنه واقف فرد أمن في شركة أمن خاصة مملوكة للواء جيش بتحرس كباريه شارع الهرم».

فيما وصف الناشط الحقوقي «هيثم أبو خليل» الوسم قائلا: «إيه الهشتاجات النظيفة الواعية دي».

بينما غرد الناشط «أحمد البقري» تعليقا على الوسم قائلا: «الخلاصة».

في الوقت الذي تناقل كثير من المغردون جملة للفنان «أشرف عبد الباقي» في فيلم «الإرهاب والكباب» (أنتج عام 1992)، وكان يؤدي دورا لجندي يؤدي خدمته العسكرية، وقال: «أنا مش في خدمة الوطن.. أنا في خدمة الباشا سيادة اللوا.. وحرم الباشا سيادة اللوا.. والعيال البشوات ولاد سيادة اللوا».

وعلى مدار الأيام الماضية، بات فيلم «العساكر»، عنوانا رئيسيا في مجموعة من البرامج والصحف المصرية، للدرجة التي دفعت الإعلامي المصري «مصطفى بكري» المؤيد للنظام، لمطالبة حكومة بلاده بالرد بقوة على ما أسماها «مؤامرة قناة الجزيرة»، مبررا دعوته بأن مصر في حالة حرب مع أمير قطر وقناته.

ودعا «بكري»، خلال برنامجه «حقائق وأسرار» على فضائية «صدى البلد»، مساء الجمعة، النائب العام بوضع أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» على قوائم الترقب والوصول حتى يتم القبض عليه حال زيارته مصر.

جاء ذلك بعد بث الإعلان الترويجي للفيلم، حيث كانت أحكام الإعلام المصري جاهزة، فأعادوا إخراج الفيلم في مخيلتهم، وبدؤوا في التهديد والوعيد لدولة قطر وأميرها وقناة «الجزيرة».

من جهته، قال «عماد الدين السيد»، مخرج الفيلم إنه ليس ضد الجيش المصري أو التجنيد الإجباري، بل منحاز له، نافيا أن يكون هناك توجه قطري أو خلافه للإساءة إلى جيش بلاده.

وذكر «السيد» أنه لم يخدم بالجيش المصري، مشيرا إلى أنه وصل إليه ردود فعل رافضة للفيلم، من قبل أن يشاهدوه، بعضها جعله ضد العسكرية المصرية، ولكن الحقيقة أن هذا استباق واتهام في غير محله.

وبدأ إنتاج الفيلم منذ عام تقريبا، بعدما أثيرت أمامه قصص كثيرة عن المعاملة السيئة للجنود، بحسب المخرج.

ويلزم الجيش المصري الشباب من سن 18 وحتى 30 عاما بالانضمام له لمدة عام أو 3 أعوام، وهو ما يعرف بالتجنيد الإلزامي، ويقدم عفوا نهائيا أو جزئيا عن البعض من ذوي المرض أو وحيد أبيه.

وهناك مناطق تدريب منتشرة على مستوى الجمهورية لاستقبال الشباب وتوزيعهم على مناطق الجيش العسكرية بعد فترة تدريب أولية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى