تقارير وملفات إضافية

في أيامه الأخيرة.. الشاهد يستأنف حربه ضد الفساد، ولكن هناك ما يجعل الشارع التونسي يتشكك في نواياه؟

أثارت حملة مكافحة الفساد التي أطلقها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بالتنسيق مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، جدلاً، وأسئلة خاصة حول الهدف الرئيسي من استئناف الحرب على الفساد في نهاية عهدة رئيس الحكومة الحالي.

وأطلق الشاهد مؤخراً بعد فشله في انتخابات الرئاسة اللبنانية، حملةً للتدقيق المالي والإداري في عدد من المؤسسات العمومية والوزارات التونسية.

الموقف البارز في الحرب على الفساد، التي أطلقها رئيس الحكومة يوسف الشاهد في عهد الرئيس الباجي قائد السبسي، كان إقالة كلٍّ من وزيرَي الدفاع والخارجية، يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أيام فقط من تسلُّم الرئيس المنتخب قيس سعيد لمهامه في قصر قرطاج، ليعلن الشاهد بعد قرار الإقالة بأقل من 24 ساعة عن فتح تحقيق وتدقيق إداري ومالي في وزارة الخارجية ومؤسسة رئاسة الجمهورية، قبل أن تصل الحملة إلى وزارات أخرى، من بينها وزارة التجهيز والإسكان.

استئناف الحرب على الفساد شملت بالإضافة إلى التحقيقات التي تم فتحها إيقاف عدد من رجال الأعمال المتورطين في ملفات فساد، ومن بينهم إمبراطور التهريب الذي يدعى «وشواشة»، والذي تم إيقافه للمرة الثانية خلال سنتين، وإغلاق مؤسسة تعليم عالٍ وفحص عام وتدقيق لـ7 جامعات أخرى، وإيقاف موظف بشركة نقل تونس بتهم التحايل والتلاعب المالي، ما تسبَّب في خسائر للشركة تُقدَّر بحوالي 16 ملياراً.

وتشير مصادر «عربي بوست» إلى أنَّ التحقيقات التي فتحها الشاهد قد تطيح بعدد كبير من المسؤولين خلال الأيام القادمة، خصوصاً في عدد من المؤسسات العمومية.

رئيس الحكومة يوسف الشاهد، كان قد أكد أنَّ الحرب على الفساد كانت في بدايتها خجولة، لأنه لم يكن يملك سنداً ودعماً سياسياً قوياً.

ولكن القيادي في حزب التيار الديمقراطي محمد الحامدي، يشير إلى أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد يبحث عن عذرية وشرعية جديدة من خلال هذه الحملة، مشككاً في صدق نواياه في محاربة أخطبوط الفساد.

ويضيف الحامدي أن معاقبة الشعب للشاهد ولحزبه من خلال الانتخابات وصندوق الاقتراع، دفع برئيس الحكومة للبحث عن وسائل جديدة لمحاولة البروز في المشهد السياسي الجديد، قائلاً: «الحرب على الفساد التي أعلنها يوسف الشاهد في عهد الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي كانت أشبه بحملة العلاقات العامة وحملة تصفية الخصوم والحسابات.

حملة مكافحة الفساد التي أطلقها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، كانت تستهدف خصومه، حسب الحامدي.

فرغم الغطاء والحزام السياسي الذي كان يدعم الشاهد حينها، إلا أنَّ رئيس الحكومة اختار التعامل مع ملفات فساد تدين خصومه فقط، دون غيرهم من أباطرة الفساد، رغم أن شبهات الفساد تطال عدداً من وزراء حكومته، والمقربين منه».

وأضاف القيادي في حزب التيار الديمقراطي: «رغم التحفظات حول النوايا والطموحات السياسية لرئيس الحكومة وحزبه من خلال هذه الحملة، فإنه في اعتقادنا أن محاربة الفساد والمفسدين تأتي متأخرة خير من ألا تأتي أبداً».

ومن بين أهم الملفات التي تُشكك في النوايا الحقيقية لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، وفق الحامدي، قضية رفع التجميد عن أموال رجل الأعمال مروان المبروك، الذي تتعلق به تهم فساد وتهرب ضريبي، بطلب أول تقدّمت به رئاسة الحكومة للاتحاد الأوروبي.

وحمَّلت منظمة «أنا يقظ» رئيسَ الحكومة يوسف الشاهد، ووزارتَي العدل والقضاة مسؤولية التفريط في حقِّ الدولة التونسية لصالح مروان المبروك.

وقالت «إن تدخل رئيس الحكومة يوسف الشاهد لدى الاتحاد الأوروبي لرفع التجميد على أموال وممتلكات مروان المبروك، ولحذف اسمه من قائمة الأشخاص المعنيين بمصادرة أموالهم في دول الاتحاد الأوروبي قد ساهم بشكل كبير في إهدار حق الدولة التونسية لصالح مروان المبروك».

وشدَّدت المنظمة على أن وزارة العدل التونسية متورطة في عملية تلاعب بالقانون، لخدمة مصالح مروان المبروك، حيث إن رفع التجميد على ممتلكات مروان المبروك كان بشرط أن يقدِّم ضماناً بنكياً يتضمَّن على الأقل الأموال المرصودة بدول الاتحاد الأوروبي. ولكن عند احتساب الأموال من طرف وزارة العدل تم الاقتصار فقط على الأموال الموجودة بفرنسا، واستثناء باقي دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي قدَّم المبروك ضماناً بقيمة 7 ملايين يورو.

ورغم أن أخطبوط الفساد الذي استشرى في تونس خلال العقود الماضية لا يُعد ولا يحصى، فإن الأرقام الرسمية للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية تشير إلى أن حجم الفساد في الصفقات العمومية فقط يبلغ 2000 مليار دينار تونسي.

كما تشير الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية إلى وجود 39 ملفاً حول شبهات فساد في وزارة التجهيز خلال عام 2018 فقط.

ومن بين ألفي ملف فساد تتعامل معها هيئة مكافحة الفساد، يتعلق 140 ملفاً منها بصفقات عمومية مرتبطة بالبنية التحتية.

ورغم التكتم الكبير الذي يحيط بهذه الحملة، وبالأسماء التي يمكن أن تطالها في الأيام القادمة، يشير القيادي السابق في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي عدنان منصر، أن الحملة شملت إيقاف عدد من رجال الأعمال، من بينهم يوسف زروق، تاجر الأسلحة والوسيط الرئيسي في عقد شركة اللوبيينغ، بين رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي ورجل الأعمال الإسرائيلي آري بن مناشي (يعتقد أن هدف العقد الدعاية الانتخابية)، الذي من المنتظر، وفق تعبيره، أن يورّط عدداً من المسؤولين، ويطيح برؤوس كثيرة و «حيتان كبيرة» خلال التحقيق معه.

وأضاف منصر أن التحقيقات ستطال عدداً من المسؤولين في القطاع الإعلامي ورجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد، مستبعداً أن تشمل الحملة وزراء أو أمنيين أو عسكريين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى