تقارير وملفات إضافية

قصة الرجل الذي تم زرعه في إدارة ترامب وتلقى أموالاً لتوريط أمريكا في حرب جديدة

في اليوم الذي بدأت تهدأ فيه الأمور بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باغتيال القائد في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، ظهر تقرير إخباري مثير مرتبط بأحد صقور مجلس الأمن القومي الأمريكي وهو ريتشارد غولدبرغ لم يلق انتباهاً كبيراً لانشغال الخبراء والمفكرين والمحللين في تفسير قرار ترامب الذي قد يزعزع الاستقرار في المنطقة.

إذ ذكرت وكالة Bloomberg أوائل شهر يناير/كانون الثاني، ريتشارد غولدبرغ أن الأشد تأييداً للحرب على إيران في مجلس الأمن القومي، والحليف المقرب لمستشار الأمن القومي السابق جون بولتون- غادر المجلس «لأسباب شخصية».

إلا أن تقرير بلومبرغ لم يُلقِ بقنبلته الحقيقية إلا في جملته الأخيرة: «وسيعود غولدبرغ إلى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، التي واصلت دفع راتبه خلال فترة وجوده في مجلس الأمن القومي»، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.

ومثل غولدبرغ، تدعو مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) من حين لآخر لتغيير النظام الإيراني وشن حرب على إيران. 

كما أسهمت بدور بارز في نشر تأكيدات كاذبة حول تطوير صدام حسين لأسلحة دمار شامل في الفترة التي سبقت حرب العراق.

 ويتضمن تصريح أهدافها المبدئية تعهداً بتوفير «الثقافة التي تهدف إلى تحسين صورة إسرائيل في أمريكا الشمالية».

 راجعت مؤسسة Responsible Statecraft ملفات مكتب الأخلاقيات الحكومية بالولايات المتحدة، ووجدت أن الدعم المالي المقدم من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات لعمل غولدبرغ امتد أيضاً لدعم رحلاته. إذ دفعت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ثمن تذكرة طيران غولدبرغ وقدره 7,865 دولاراً و380 دولاراً من نفقات الفندق في رحلته إلى القدس، في الفترة من 19 إلى 22 مايو/أيار الماضي. كما دفعت المؤسسة مبلغ 3977 دولاراً ثمناً لتذكرة طيران غولدبرغ و645 دولاراً لنفقات الفندق و63 دولاراً للوجبات في رحلته إلى فيينا، في الفترة من 8 إلى 12 سبتمبر/أيلول من العام الماضي.

وفي كلا المثالين، وُصفت الرحلتان بأنهما «وفد حكومة الولايات المتحدة الحكومة» وأن «الراعي لهذا الحدث» كان «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات».

وليس من الواضح في هذه المرحلة السبب الذي يدفع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى دفع راتب لغولدبرغ، أو إن كانت الحكومة الأمريكية تدفع له في الوقت نفسه أيضاً. وفي كلتا الحالتين، يضيف هذا التقرير الإخباري إلى الفساد المستشري في إدارة ترامب، حسب وصف الموقع.

يقول نيد برايس، المساعد الخاص السابق للرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي، لمؤسسة Responsible Craft: «كان الفساد وتضارب المصالح حاضراً في صميم حتى أخطر القرارات التي اتخذتها هذه الإدارة. وهذا يمتد ليشمل إيران، حيث نعرف الآن أن شخصاً مهماً في البيت الأبيض معني بالسياسة مع إيران كان يتلقى راتباً من منظمة تدعم بعضاً من أشد السياسات تطرفاً وخطورة لتغيير النظام الإيراني ولا تزال تحتفظ به«.

وأضاف برايس أن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات «لم تُخفِ ضغوطها المستمرة على البيت الأبيض، إلا أنها أخفت زراعتها أحد موظفيها في قلب عملية صنع السياسة في الإدارة. وهو ذلك النوع من الفساد وتضارب المصالح الذي يمكن أن يؤدي إلى خسارة الأرواح وحتى السير في طريق الحرب، كما رأينا».

وبالفعل، مثلما تشير وكالة بلومبرغ، تحث مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات باستمرار على اتباع استراتيجيات متشددة تجاه إيران.

وطالب خبراء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مراراً بقصف إيران وتصعيد العقوبات الاقتصادية، وكل ذلك في ظل الوعد بأن ممارسة «أقصى قدر من الضغط»، (كما تطالب المنظمة باستمرار)، سيؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير النظام في طهران، أو رضوخ الحكومة الإيرانية لمجموعة كبيرة من مطالب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

ويُشار إلى أن نسخة أرشيفية بتاريخ 16 فبراير/شباط عام 2003 تحوي قسماً للأسئلة الشائعة حول مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات. ورداً على السؤال «هل يجب أن تتوسع الحرب إلى أبعد من أفغانستان؟»، ردت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، باسم المؤسسة، قائلة: «الرئيس بوش قال إنه لا يلاحق الإرهابيين فحسب، بل الأنظمة التي تؤوي الإرهابيين أيضاً». 

وأضافت: «صدام حسين يصنع أسلحة دمار شامل (بيولوجية وكيميائية ونووية) وسيظل يشكل تهديداً خطيراً. لكن الدول الأخرى التي تؤوي أو ترعى الإرهابيين (إيران وسوريا والصومال والسودان وكوريا الشمالية وكوبا) لا بد أن تغير سلوكها. وإذا لم نُصر على ذلك فلن نفوز في هذه الحرب».

ويُذكر أن تقريراً أصدرته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عام 2004 خلُص إلى أن صدام حسين لا يملك مخزونات من الأسلحة غير المشروعة، وأن برنامجه لأسلحة الدمار الشامل تم تدميره عام 1991، وأن برنامج العراق النووي انتهى بعد حرب الخليج عام 1991.

ومن الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام كثيراً ما تأتي على ذكر مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لكنها نادراً ما تتطرق إلى دورها في نشر الأكاذيب حول برنامج أسلحة الدمار الشامل الذي كان يتزعمه صدام حسين، ودعوتها المستمرة للحرب مع إيران، ولا إلى حقيقة أن العديد من كبار الممولين للمنظمة هم أيضاً من أكبر مؤيدي حملة ترامب.

فعلى سبيل المثال، استشهدت صحيفة The Washington Post، بعد اغتيال سليماني، برأي الخبراء في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في مناسبتين، ولم تقدم أي معلومات عن المنظمة أو خلفيتها.

فيما نشرت صحيفة New York Times ست مقالات تستشهد فيها بآراء العاملين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أو تطرقت إلى المنظمة بطريقة أخرى خلال شهر يناير/كانون الثاني. ولم تقدم ثلاث من تلك المقالات أي معلومات عن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فيما وصفت ثلاث مقالات أخرى المنظمة بأنها مجرد «منظمة حشدت المعارضة للحكومة الإيرانية»، وأنها «منظمة تزعمت المعارضة لحكومة طهران»، وأنها «مؤسسة متشددة في واشنطن تتشاور عن كثب مع إدارة ترامب بشأن السياسة مع إيران».

ولم تشر أي منها إلى حملة المؤسسة التي استمرت عقدين من الزمن للتوسع في الحروب التي تقودها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولم تشر إلى أن جزءاً من هدف مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، كما هو مذكور في طلب تأسيسها، هو تعزيز مصالح بلد أجنبي.

جاء في طلب المنظمة لتأسيسها يوم 24 أبريل/نيسان عام 2001 في دائرة الإيرادات الحكومية IRS للحالة غير الربحية: «تأسست مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) في نيويورك في 24 أبريل/نيسان عام 2001 باسم EMET: An Educational Initiative, Inc. (EMET. الهدف المبدئي لمنظمة EMET هو توفير الثقافة بهدف تعزيز صورة إسرائيل في أمريكا الشمالية وفهم الشعب للقضايا التي تؤثر على العلاقات الإسرائيلية العربية. 

ويوضح الكتيب المرفق الأهداف الأولية لمنظمة EMET، والأساليب التي ستحقق بها EMET هذه الأهداف. ولا تزال هذه الأهداف جزءاً من غرض مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.

ونص طلب التأسيس على أن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات تعمل على توسيع أهدافها لتشمل «تطوير مواد تعليمية حول القضاء على الإرهاب في كل مكان في العالم».

وقد وسعت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات من أهدافها بشكل كبير بالفعل، إلا أن الهدف الأصلي المتمثل في «تعزيز صورة إسرائيل في أمريكا الشمالية» لا أثر له على موقعها على الإنترنت، ولا في جميع إشارات وسائل الإعلام تقريباً إلى المؤسسة وموظفيها ومواقفها.

يقول تومي فيتور، المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس أوباما لمؤسسة Responsible Statecraft: «عندما تكون موظفاً في مجلس الأمن القومي، فمن المفترض أن تعزز مصالح الحكومة الأمريكية وتلك المصالح وحدها. إلا أن حقيقة أن مؤسسة خارجية تمولها مصادر غامضة وتروج لآراء متشددة تمكنت من زراعة أحد أفرادها في مجلس الأمن القومي أمر جنوني يصعب تصديقه».

وأشار فيتور إلى استضافة مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات لمؤتمر ينتقد قطر، مولته الإمارات العربية المتحدة عن طريق وسيط، وتساءل عن إمكانية تلقي غولدبرغ لجزء من راتبه من مصدر أجنبي.

وفي الواقع، لا بد أن تثير هذه المعلومات الجديدة حول تلقي أحد صقور الإدارة المتشددين في مجلس الأمن القومي راتباً من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات تساؤلات جدية حول تأثير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على سياسة الإدارة مع إيران، خاصة أن اغتيال ترامب لسليماني، هي خطوة هلل لها خبراء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، رغم أنها تزيد من اقتراب الولايات المتحدة من مواجهة عسكرية خطيرة مع إيران.

ولم ترد مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على أسئلة حول سبب دفعها راتباً لغولدبرغ، وما إذا كانت المؤسسة تدفع رواتب أي موظفين آخرين في الحكومة الفيدرالية أم لا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى