تقارير وملفات إضافية

قنبلة تحت الطلب.. هل تخسر السعودية الدرع النووي السري الذي كان يحميها من إيران بسبب موقفها من قضية كشمير؟

وصل التوتر في علاقة باكستان والسعودية، إلى مستوى غير مسبوق على الأرجح في تاريخ البلدين.

كانت السعودية صديقة وداعمة لها منذ عقود، في المقابل كانت باكستان تحظى بمكانة خاصة في رؤية آل سعود للأمن القومي لبلادهم باعتبارها دولة نشأت على أساس ديني كالمملكة، ولكن كل شيء يتغير في عهد الأمير محمد بن سلمان.

ففي الأسبوع الماضي، حذر وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي منظمة التعاون الإسلامي التي تقودها السعودية من أنها إذا لم تعقد اجتماعاً لمجلس وزراء خارجية دولها الأعضاء لمناقشة إلغاء الهند للحكم الذاتي لجامو وكشمير في 5 أغسطس/آب من العام الماضي، فإن باكستان ستمضي قدماً في الدعوة إلى عقد اجتماع مع الدول الإسلامية التي ستقف إلى جانبها في قضية كشمير.

في الواقع، كان قريشي يهدد منظمة التعاون الإسلامي والسعوديين بأن باكستان ستخرج من عباءة المنظمة لعقد جلسة بشأن كشمير، حسبما ورد في تقرير لمجلة The Diplomat الأمريكية.

لم يتقبل السعوديون أوامر باكستان بلطف وكشروا عن أنيابهم. فقد أجبروا باكستان مؤخراً على إعادة مليار دولار، التي تمكنت إسلام آباد من سدادها بعد أن مدت لها بكين يد العون. ويخوض الطرفان الآن مفاوضات صعبة لسداد باقي الديون.

في عام 2018، مع مواجهة إسلام آباد لأزمة عجز في الحساب الجاري، قدم السعوديون لباكستان حزمة بقيمة 6.2 مليار دولار، شملت 3 مليارات دولار في شكل قروض ونفط على دفعات مؤجلة بقيمة 3.2 مليارات دولار. وبالإضافة إلى طلب استرداد القروض، جمدت الرياض تسهيلات ائتمان النفط.

ونقلت صحيفة ذي إكسبريس تربيون الباكستانية عن مصادر قولها إن إسلام آباد لم تتسلم شحنات النفط المتفق عليها منذ مايو/أيار الماضي، إذ انتهت مدة سريان الاتفاق قبل شهرين، من دون تجديده من جانب الرياض. وأشارت مصادر إلى تقديم الصين قرضاً إضافياً لباكستان بمليار دولار لحمايتها من الآثار المترتبة عن التراجع السعودي المحتمل.

وتعد هذه انتكاسة كبيرة في العلاقة بين البلدين.

كانت العلاقات السعودية الباكستانية قوية منذ عقود. والرياض من بين أقوى مؤيدي باكستان في قضية كشمير، وهما حليفان منذ عقود في الصراع الأفغاني. السعودية هي أيضاً مصدر 50% من واردات باكستان النفطية، كما أن البلدين تربطهما علاقات دفاعية قوية أيضاً.

وتشكل السعودية أيضاً مصدراً رئيسياً للدعم المالي لباكستان. والواقع أن باكستان نادراً ما سددت هذه القروض. لذلك يشكل توقع المملكة للسداد الآن تحولاً في العلاقات الثنائية.

هناك عدة أسباب وراء تدهور العلاقات. المملكة العربية السعودية ليست سعيدة بتآخي باكستان مع دول مثل إيران وتركيا وماليزيا، وهي دول منافسة لقيادة الرياض للعالم الإسلامي. 

وفي العام الماضي، أبدت باكستان قدراً كبيراً من الحماس في التخطيط لعقد قمة للدول الإسلامية في ماليزيا. وأثار ذلك غضب السعودية.

حتى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي سمح لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بركوب طائرته الخاصة لحضور قمة الأمم المتحدة في نيويورك، سحب طائرته فجأة في رحلة العودة. وكان على خان المحرج العودة إلى الوطن على متن رحلة تجارية. بعد ذلك، تجنب خان الأمر حول قمة ماليزيا لأنه قد ورد أن السعوديين حذروا باكستان من التكلفة الاقتصادية لدعم ماليزيا.

سبب آخر مهم للسعودية لتدير ظهرها لباكستان، هو تعزيز علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع الهند على مدى العقد الماضي. وتعمل الرياض ونيودلهي الآن معاً حتى في قضايا مكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي كان مستحيلاً حتى قبل بضع سنوات قليلة، نظراً لتأييد السعودية طويل الأمد لسياسة باكستان الداعمة للجماعات المناهضة للهند.

بتقوية الروابط مع الهند، يود السعوديون تجنب إثارة قضية كشمير. فلا يوجد شيء يمكن كسبه من إثارة تلك القضية، وهو ثمن مؤكد يجب دفعه بسبب علاقاتهم مع نيودلهي. وبالتالي، رفضت الرياض مراراً وتكراراً الدعوة إلى اجتماع رفيع المستوى بشأن كشمير في منظمة التعاون الإسلامي.

وبعد أيام من القرار الهندي بإلغاء الوضع الخاص لإقليم كشمير، وقعت شركة أرامكو السعودية للنفط اتفاقاً مع الهند بقيمة 15 مليار دولار ما أثار غضب أوساط باكستانية كانت تنتظر موقفاً سعودياً مسانداً بشكل واضح لبلادهم، حسبما ورد في تقرير لـ”بي بي سي“.

الأمر الذي لم يحققه بيان الخارجية السعودية الذي حض “طرفي النزاع” في كشمير على المحافظة على السلام والاستقرار والعمل على التوصل إلى تسوية سلمية وفقاً للقرارات الدولية.

واللافت ليس فقط تخلي الرياض عن دورها التاريخي الداعم لكشمير وباكستان، بل الأغرب توثيق المملكة في ظل حكم الأمير محمد لعلاقتها مع رئيس وزراء الهند الذي بنى مجده على العداء للمسلمين في الهند بشكل ينتقد من قبل الهنود أنفسهم.

إذن ما الذي يكمن وراء خطبة قريشي؟ هل يحاول أن يجعل نفسه البطل الأكثر صخباً للقضية الكشميرية في السياسة الداخلية الباكستانية؟ وقد يهدف حديثه إلى إظهار عدم فعالية خان في إظهار النتائج بشأن قضية كشمير خلال العام الماضي. وربما كان يحاول إقناع الجيش، المعروف بموقفه المتشدد في كشمير، والذي يقال إن صبره بدأ في النفاد على نحو متزايد مع خان.

قال قريشي إن تعليقه كان رأيه الشخصي. لكن وزارة الخارجية الباكستانية أيدت لاحقاً موقفه. ومن غير المحتمل أن يكون قريشي قد أدلى بتصريح استفزازي يتعلق بحليف رئيسي دون مباركة الجيش.

ويتوجه قائد الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا، إلى المملكة العربية السعودية في نهاية هذا الأسبوع. فهل سيتمكن من تهدئة الأجواء مع الرياض؟ نيودلهي ستراقب وتترقب.

ولكن فض التحالف التاريخي بين السعودية وباكستان ليس مضراً فقط للأخيرة.

فلطالما نظر السعوديون لإسلام آباد على أنها حليف وفي وقوي يمكن الاعتماد عليه وقت الضيق.

كانت باكستان قريبة بما فيه الكفاية لتوفير حماية محتملة للسعودية، وبعيدة بما لا يكفي أن تشكل خطراً على المملكة مثل إيران أو العراق في عهد صدام حسين أو مصر الناصرية.

ولكن الأمر تخطى ذلك، إذ كان يعتقد أن السعودية قادرة على الحصول على قنبلة نووية من باكستان نظراً لأنها ساهمت في تمويلها.

حتى أنه كان البعض يقول إنه بالرغم بإمكان السعودية الحصول على أسلحة نووية أسرع من إيران.

وسبق أن قال مسؤول في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إنه اطلع على تقارير استخبارية تفيد بأن الأسلحة النووية المصنعة في باكستان نيابة عن السعودية أصبحت الآن جاهزة للتسليم.

وقال أموس يالدين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، لمؤتمر في السويد إنه إذا نجحت إيران في صنع قنبلة نووية، فإن “السعوديين لن ينتظروا شهراً واحداً. لقد دفعوا مسبقاً ثمن القنبلة، سيذهبون إلى باكستان ويحضرون ما يحتاجون إليه”.

ومنذ عام 2009، عندما حذر ملك السعودية، عبدالله، المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، دينيس روس، قائلاً إننا “سنحصل على الأسلحة النووية”، دأبت السعودية على إرسال عدة إشارات إلى الولايات المتحدة بشأن نواياها المستقبلية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى