الأرشيفتقارير وملفات

كارثة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على استثمارات ” آل سعود ” في سندات لندن 80 % تدهور في أسعار العقارات

 

المحلل الاقتصادي خالد الربيش يقول “تتركز غالبية الاستثمارت السعودية في بريطانيا في القطاع العقاري حيث يحتل السعوديون مرتبة متقدمة في ترتيب العرب كمستثمرين في القطاع العقاري السكني هناك، أضف إلى ذلك أن عدداً كبيراً يمتلكون عقارات سكنية في لندن وبعض الضواحي”

ويضيف أن “خروج بريطانيا من اليورو سيؤدي إلى تأثيرات سلبية على سوقها العقاري ويتوقع انخفاضها إلى ٨٠٪ مما سينعكس على استثمارات السعوديين في بريطانيا، خاصة تلك التي بيعها أو شراؤها وفق نظام البيع على الخارطة”.

الميزان التجاري بين السعودية وبريطانيا

الميزان التجاري بين السعودية وبريطانيا يميل لصالح الأخيرة بحسب الشهري فقد بلغت صادرات السعودية إلى بريطانيا تقريباً 9.5 مليارات ريال والواردات 17 مليار ريال وبالتالي فإن السلع المصدرة التي سوف تتأثر هي الزيوت والنفط الخام ومنتجات النفط وبالتحديد بولي أثيلين منخفض الكثافة، بينما السعودية تستورد قطع غيار الطائرات، وسبائك الذهب والسيارات الصغيرة والدفع الرباعي.

ويضيف الشهري “إذا تمت إعادة تقييم الجنيه الإسترليني وبسعر عالمي منخفض فمن المرجح أن فاتورة الواردات ستنخفض تكلفتها على السعودية والعكس صحيح، وتمكن الإشكالية في تقييم الواردات الموقعة بعقود طويلة الأجل، قد نحتاج إلى تفاوض وتقييم لتلك العقود”.

ويرى الخبير بأن العالم يمر حالياً بظروف اقتصادية متباينة وصعبة ولذا فإن التغييرات الراديكالية الاقتصادية غير مستبعدة، لأن العالم يستقبل ذلك وسيتكيف مع ذلك، وفي المقابل العالم سيظهر مقاومة شديدة للتغيير في الظروف الاقتصادية الجيدة ولهذا قد تتخذ بريطانيا قراراتها الحاسمة في ظل هذه الظروف.

هبطت أسهم الشرق الأوسط بشدة مباشرة بعد تصويت البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، لكن البورصات الخليجية قلصت خسائرها، بينما لحقت أضرار أشد بالبورصة المصرية بفعل المخاوف من مزيد من الانكماش في تدفقات الصناديق، ولا تعتمد معظم دول الخليج بشدة على الأموال الأجنبية أو على الصادرات غير النفطية ولذا تتمثل المخاطر الرئيسية التي تتهددها من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في تباطؤ النمو في أوروبا وهو ما قد يدفع أسعار النفط للتراجع. وهوى خام برنت 4.9 بالمئة إلى 48.42 دولار للبرميل.

وفي السعودية، خبراء اقتصاديون، قللوا من تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على اقتصاد المملكة، معتبرين أن العلاقات التجارية بين السعودية ودول الخليج من جهة، وبريطانيا من جهة أخرى، تُعد علاقات محدودة، وأن الاتفاقات الموقعة مع بريطانيا لن تتأثر؛ لأنه تم توقيعها خارج إطار الاتحاد الأوروبي، وقالوا إن السعودية ستستفيد من انخفاض تكلفة الواردات من بريطانيا ودول اليورو، في ظل ارتفاع الريال المربوط بالدولار، أمام العملتين.

سعود

وأظهر مسح اقتصادي، تراجع الصادرات السعودية لدول الاتحاد الأوروبي خلال 2015، بنسبة 43.1%، إلى 23.7 مليار دولار، مقابل 41.7 مليار دولار في 2014، وتراجعت وارداتها من الاتحاد بنسبة 1.7% إلى 44.9 مليار دولار، مقابل 45.7 مليار دولار، بإجمالي تبادل تجاري بلغ حجمه 68.6 مليار دولار خلال 2015.

وبلغت واردات السعودية من المملكة المتحدة العام الماضي، 5.01 مليار دولار، احتلت بها الترتيب العاشر بين أكثر الدول المستورد منها، مقابل 4.6 مليار دولار في 2014، بزيادة 8.8%، فيما بلغت الصادرات السعودية للمملكة المتحدة 1.8 مليار دولار، احتلت بها الترتيب 23، مقابل 2.54 مليار دولار في 2014، بنسبة تراجع 27.7%، وتراجع التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 4.2%، إلى 6.85 مليار دولار، مقابل 7.15 مليار دولار في 2014.

محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أحمد الخليفي، قال -في بيان له- إن المؤسسة تتابع تطورات توجه المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، منذ فترة، “تحوطًا لما قد يكون عليه من أثر على أسواق المال”، وقال الكاتب الاقتصادي السعودي، محمد العنقري، إن الاقتصاد البريطاني هو المتضرر الرئيس من الخروج، ومن المبكر الحكم على حجم الأثر، وما يحدث الآن هو مبالغات يقودها المضاربون.

“العنقري”، أضاف قائلًا إن حجم التجارة بين السعودية ودول الخليج مع بريطانيا محدود، “لكن فيما يتعلق باستثمارات السعودية في السندات البريطانية، فإن السعودية تستثمر عادة في السندات عديمة المخاطر، ويتم إدارة الاستثمارات بحسب مخاطر كل دولة، واستثمارات السعودية في السندات البريطانية قليلة”، وقال العنقري إن الأثر الأكبر قد يكون على استثمارات الأفراد السعوديين والخليجيين بسبب تراجع الجنيه الإسترليني الكبير، والتراجع المتوقع لأسعار العقارات التى يستثمرون بها في بريطانيا.

وذكر “العنقري” أن الأثر الحقيقي على الاقتصاد السعودي يأتي من تراجع أسعار النفط، وهذا يحكمه نمو الطلب العالمي، في حين أن بريطانيا وكامل أوروبا تأثيرهم ضعيف في نمو الطلب على النفط، بل المؤثر دول شرق آسيا ودول الشرق الأوسط، وأوضح أن ما يحدث في أسعار النفط أو سعر العملة، لن يؤثر على الاقتصاد السعودي، كونها مؤقتة، وبحكم أن العلاقات السعودية البريطانية نفسها محدودة.

رئيس قسم الأبحاث لدى الاستثمار كابيتال، “مازن السديري”، قال إن التبادل التجاري بين السعودية وبريطانيا محدود، “لكن الواردات حاليًا ستصبح أرخص في ظل تراجع الجنيه الإسترليني واليورو أمام الريال السعودي؛ بسبب ربط العملة السعودية بالدولار الأمريكي المرتفع مقابل الإسترليني، ولفت إلى أن التركيز السعودي هو بشكل كبير على الدولار واليورو في الاستثمارات والعلاقات التجارية، وتشكل واردات السعودية من دول اليورو 20% من إجمالي وارداتها سنويًا، معظمها سيارات، وأشار “السديري” إلى أن الاتفاقيات بين السعودية وبريطانيا تم توقيعها خارج إطار الاتحاد الأوروبي، ومن ثم لن تتاثر بخروج بريطانيا، مؤكدًا أن التأثير الأكبر على الاقتصاد السعودي يكمن بالنمو العالمي؛ حيث تشير التوقعات إلى نمو عالمي يقترب من 2% فقط عام 2019.

“مونيكا مالك”، كبيرة الاقتصاديين ببنك أبوظبي التجاري، قالت إنها تتوقع أن تكون الإمارات العربية المتحدة هي الأكثر تأثرًا بضعف الجنيه الإسترليني واليورو بين دول مجلس التعاون الخليجي الست نظرًا لتأثر قطاعي السياحة والعقارات الكبيرين فيها بتحركات أسعار الصرف، وأضافت -في تقرير لها- “نتوقع ضعف الاستهلاك الفردي وآفاق الاستثمار في الإمارات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.

وأشارت إلى أن من المرجح أن يعرقل خروج بريطانيا أي رفع جديد في أسعار الفائدة الأمريكية في الوقت الحاضر إلا أن الأمر يتطلب من اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مزيدًا من تشديد السياسة النقدية لاحتواء عجز ميزانياتها والحفاظ على الثقة في السوق المالية.

وحتى الآن فإن التحركات في سوق العقود الآجلة للعملة في الخليج وفي تكلفة التأمين على الدين السيادي ما زالت محدودة منذ الاستفتاء البريطاني وهو ما يشير إلى أن المستثمرين الأجانب لم يتخذوا حتى الآن من خروج بريطانيا مبررًا للمراهنة بقوة ضد الأصول الخليجية.

ولم تشهد عقود الدولار مقابل الريال لأجل عام التي تستخدم للتحوط من مخاطر هبوط قيمة العملة في المستقبل تغيرًا يذكر بعد الاستفتاء البريطاني، وبقيت في نطاق الأسابيع القليلة الماضية، وشهدت السندات الخليجية ذات التصنيف المرتفع تحركات محدودة، فيما ارتفعت تكلفة التأمين على الدين السعودي لخمس سنوات من مخاطر العجز عن السداد ست نقاط إلى 182 نقطة وهو تحرك محدود في ضوء تقلبات الأسواق العالمية.

“سباستيان حنين”، رئيس إدارة الأصول لدى المستثمر الوطني في أبوظبي، قال إن من غير المستبعد تفاقم البيع في الأسهم الإماراتية والقطرية إذا دفع خروج بريطانيا الصناديق التي تحجم عن المخاطرة إلى خفض مخصصاتها للأسواق الناشئة بشكل عام. لكنه استبعد هبوطًا كبيرًا في الطلب على النفط، وتابع “لست متشائمًا بشدة، تواجه الأسواق أوضاعًا غير مواتية لكن يمكن التحكم فيها، لا أتوقع أن تهوي أسعار النفط”.

وسجلت دبي أضعف أداء بين البورصات الخليجية؛ لأن اقتصادها هو الأكثر انكشافًا على الاستثمار الأجنبي، وتراجع مؤشر سوق دبي 3.3 بالمئة إلى 3258 نقطة مسجلًا أكبر هبوط يومي له منذ يناير/ كانون الثاني وارتفع حجم التداول لأكثر من مثليه، وهبط سهم إعمار العقارية 4.7 بالمئة، بينما كان أداء أسهم البنوك أفضل نسبيًا.

وانخفض المؤشر العام لسوق أبوظبي 1.9 بالمئة وكانت أسهم شركات الطاقة هي الأشد تضررًا. وهوى سهم أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) التي لها استثمارات كبيرة في بريطانيا وأوروبا 7.6 بالمئة.

وشهدت البورصة المصرية هبوطًا أكبر بكثير من الأسواق الخليجية وأغلقت قرب أدنى مستوياتها للجلسة، وقالت “نعيم” للسمسرة -في مذكرة- إن تأثر الاقتصاد المصري بخروج بريطانيا لن يكون خطيرًا؛ لأن ضعف الإسترليني واليورو ربما يصب في صالح ميزان المعاملات الجارية للاقتصاد المصري كثيف الاستيراد، إضافة إلى أن 16 بالمئة من الدين الخارجي لمصر مقوم باليورو.

لكن المستثمرين ركزوا بادئ الأمر على الأقل على مخاطر اضطراب الأسواق العالمية وهو ما يجعل جذب تدفقات الأموال إلى مصر أكثر صعوبة. وسيتسبب ذلك في تفاقم مشكلة شح العملة الصعبة التي تضر بالصناعة المحلية ما قد يجعل خفض قيمة الجنيه مجددًا أمرًا لا مفر منه، وهوى سهم طلعت مصطفى للتطوير العقاري 7.6 بالمئة. وتراجع سهم جهينة للصناعات الغذائية التي تصدر منتجاتها إلى أوروبا وقد تتضرر من ضعف العملة هناك 4.3 بالمئة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى