الأرشيفتقارير وملفات إضافية

كارثة مصر تتلاعب بمؤشرات التضخم.. ومعهد أمريكي يفضحها .. المعدل الحقيقي 146.6%

يشكك خبراء مصريون وأجانب في مصداقية أرقام التضخم الرسمية المعلنة من قبل الحكومة المصرية، مؤكدين أنها أقل من واقع التضخم في الأسواق.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، أعلن عن ارتفاع معدل التضخم السنوي لشهر مارس/آذار الماضي إلى 32.5% مقارنة بمارس/آذار 2016، ومرتفعا عن فبراير/شباط الماضي والذي سجل 30.2%، وهو التضخم  الأعلى منذ أربعينيات القرن الماضي.
ولا تختلف تقديرات البنك المركزي المصري عن التضخم كثيرا عن تقديرات الجهاز المركزي، وتستند عليها إلى حد بعيد، لكنه يستبعد السلع التي تتحدد أسعارها إداريًا والسلع الأكثر تقلبًا من مؤشر قياس التضخم، وهي السلع الأساسية والتموينية التي يستهلكها عموم المصريين وبكميات كبيرة، بحسب صحيفة «العربي الجديد».
يعتمد جهاز التعبئة والإحصاء، وهو الجهة الرسمية الوحيدة المسموح لها بقياس التضخم، منهجية مضللة في حساب نسب التضخم، ليشمل التغير في أسعار سلع وخدمات مثل المشروبات الكحولية والثقافة والترفيه والمطاعم والفنادق وإيجارات المساكن وأكثر من 1000 سلعة وخدمة يظل التغير في سعرها قريبا من الصفر، لينخفض، تبعا لهذه المنهجية، رقم التضخم العام، بالرغم من تضاعف أسعار السلع الأساسية في الواقع، وهي المنهجية التي ينتقدها خبراء الاقتصاد في مصر والعالم ويعتبرونها منهجية مضللة.
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، «فاو»، وهي إحدى المؤسسات المعنية بالنهوض بمستويات التغذية وتحسين القدرة الإنتاجية الزراعية والأوضاع المعيشية للسكان وتحقيق الأمن الغذائي، تصدر مؤشرا لأسعار المواد الغذائية يقيس التغيّر الشهري في أسعار السلع الغذائية الأساسية فقط، هي الحبوب، واللحوم، والزيوت، والسكر والألبان، ولا تضيف سلعا غير أساسية تضر بمنهجية المؤشر الإحصائي.
وبسبب فساد منهجية جهاز الإحصاء المصري، اتهم خبير الاقتصاد الأميركي «ستيف هانك»، أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة «جونز هوبكينز» ومدير مشروع العملات المضطربة بمعهد «كاتو» الأمريكي، الأجهزة الرسمية بالكذب بشأن معدلات التضخم في مصر، مؤكدا أن معدل التضخم الحقيقي في مصر يساوي 146.6%، مشككا في صحة الإحصائيات الحكومية الرسمية، علما أن المعهد الذي يعمل به هانك يحتل الترتيب 16 بين أفضل معاهد دراسات السياسات في العالم.
ولا يعترف اللواء «أبوبكر الجندي» رئيس جهاز الإحصاء، وهو جنرال عسكري، بخطأ النظام في تطبيق شروط صندوق النقد الدولي، بتحرير سعر صرف الجنيه، والتحول إلى ضريبة القيمة المضافة، وخفض دعم السلع التموينية والمنتجات البترولية والطاقة وتذاكر المترو من أجل اقتراض 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، وهي الإجراءات الأساسية التي قفزت، وسوف تقفز قريبا، بالتضخم إلى معدلات غير مسبوقة.
وعلق الأكاديمي الأميركي «ستيف هانك»، والذي عمل مستشارا اقتصاديا للرئيس الإندونيسي «سوهارتو»، على اتفاق الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» مع الصندوق، عبر حسابه على «تويتر»، قائلا: «وقع السيسي اتفاقا مع الشيطان، صندوق النقد الدولي، ووقع على شهادة وفاته، كما فعل سوهارتو في إندونيسيا في عام 1998».
واعتبر «هانك» أن تعويم الجنيه كارثة، مضيفا «في مصر كارثة أخرى لصندوق النقد الدولي تذكرني بتعويم روبية إندونيسيا 1997، أدت إلى إطاحة سوهارتو، وربما تكون أيام السيسي معدودة».
ولا تعبر أرقام الجهاز الإحصائي عن واقع التضخم الفعلي، فبينما يشهد سوق الأسماك أزمة حقيقية وارتفاعا جنونيا في أسعارها لأكثر من ثلاثة أضعاف، خاصة الأنواع الشعبية منها، ذكر تقرير الجهاز أن مجموعة الأسماك ارتفعت أسعارها في مارس/آذار بنسبة 10.6% فقط عن فبراير/شباط الماضي.
أيضا مجموعة اللحوم التي ارتفعت على أساس سنوي بشكل جنوني إلى الضعفين تقريبا، والدواجن إلى قريب من ثلاثة أضعاف، ذكر الجهاز أن أسعارها ارتفعت بنسبة 36.4% فقط، وبالرغم من ذلك اعتبر التقرير أن هذه النسبة لا تساهم أيضا إلا بمقدار 5.2% في حساب معدل التغير السنوي.
وطعناً في مصداقية الحكومة، كتب «ستيف هانك»، في يناير/كانون ثان الماضي، أن الحكومة المصرية تفتقد الكفاءة إلى حد بعيد في قياس التضخم، حتى إنها عاجزة عن قياسه بشكل صحيح، أو ربما أنها تكذب بالفعل، وتعجّب من إعلان الحكومة التضخم عند 23% مقابل النسبة التي يحتسبها وهي 144%.
ولا يذكر رئيس الجهاز الإحصائي أن أسعار السلع الأساسية التي تستوردها مصر من السوق الدولية ظلت مرتفعة في السنة التي حكم فيها الدكتور «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في البلاد، بنسبة تقارب 30%، وبلغ مؤشر منظمة الأغذية والزراعة الفاو، لأسعار الغذاء في 2012/2013، 211 نقطة مقابل 161 نقطة فقط في 2016، وبلغ مؤشر الحبوب والقمح والتي تستورد مصر أكبر كمية منه في العالم 225 نقطة في عهد «مرسي»، مقابل 147 نقطة في 2016 بانخفاض 30%.
 ورغم هذا الغلاء في الأسعار الدولية للغذاء الذي تستورد مصر معظمه، لا يذكر رئيس الجهاز الإحصائي أن نسبة التضخم في عهد «مرسي» لم تزد عن 10% مقابل 31% في عهد «السيسي»، بحسب الأرقام الرسمية، و146% بحسب خبير الاقتصاد الأميركي «ستيف هانك».
وتثير البيانات المغلوطة عن المؤشرات الاقتصادية قلق المستثمر المحلي والأجنبي في الاقتصاد المصري، وتتسبب في طرد رؤوس الأموال من السوق، ما يفاقم الفقر والبطالة في البلاد.
وكان صندوق النقد الدولي، قد وافق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على منح مصر قرضا بهدف النهوض بالاقتصاد، الذي شهد هزات عنيفة بسبب سنوات من الاضطربات السياسية، ما دفع إلى عزوف المستثمرين والسياح، وهما مصدران رئيسيان للعملة الأجنبية.
وسلّم الصندوق مصر دفعة أولى بقيمة 2.75 مليار دولار، من إجمالي قرض يبلغ 12 مليار دولار.
ويحدد برنامج قرض الصندوق مجموعة كبيرة من التدابير، من بينها رفع الدعم عن الطاقة، وإعادة هيكلة قطاع البترول، وتحسين أداء المؤسسات الحكومية، وإدخال إصلاحات على السياسة النقدية التي ستتبناها مصر خلال السنوات الثلاثة المقبلة، بهدف استعادة الاستقرار والنمو الاقتصاديين على المدى الطويل، لكن تلك السياسات انعكست على المصريين بموجة جنونية من الغلاء وارتفاع الأسعار.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى