تقارير وملفات

كل التضامن مع عمال عقود ماقبل التشغيل وشباب الجزائر

بادية شكاط كاتبة في الفكر،السياسة وحقوق الإنسان

الأستاذة بادية شكاط 

رئيسة فرع إعلاميون حول العالم في الجزائر

عضو مؤسس فى المنظمة

يقول المفكر السوري ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر “برهان غليون:“إنّ الإستبداد يفضي إلى تخلف العقل،وتخلف العقل يؤدي إلى تخلف التربية،وتخلف التربية يؤدي إلى نقص التراث والدين،وهكذا نظل ندور في حلقة مفرغة متنقلين من المشاكل الثقافية إلى المشاكل السياسية والإجتماعية والتاريخية دون أن نستطيع حسم أي منها”.

إن الإستبداد ليس مجرد سوط في يد جلاد،بل إن الإستبداد قد يكون فكرة من التعالي الفارغ،الذي يجعل كل من يتقلد منصبًا،ينظر من برج عاجي لمن دونه كنجمٍ تألق،وعلى الجميع أن يجتمع حوله كي يتملق.

فالقلوب تعتصر ألمًا لحال وطن مات لأجله مليون ونصف المليون شهيد،لكن أبناءه صاروا أذلاء كالعبيد،يتوسّلون أبسط الحقوق،وإن كانوا شبابًا أرواحهم لمستقبل مشرق تتوق.

فحال أصحاب عقود ماقبل التشغيل تصف حالة انفصام بين الشعب والمسؤول،وكذا القطيعة التي بين شباب يمتلكون مفاتيح التغيير،وبين من يرونهم رأي الفيل لنملة تسير،وإذا تأملنا مطالبهم لم نرها إلا مطالب مشروعة،فعمال عقود ماقبل التشغيل  يطالبون منذ سنين بإدماجهم وإمضاء محاضر التنصيب،ورفع الحجر عن المرسوم التنفيذي المتعلق بترسيمهم،لكنها تقابَل في كل بالتسويفات والمماطلات.

فمنذ شهور وتحديدًا في شهر مارس 2020 نشرت وكالة الأنباء الجزائرية،ردًا للوزير عقب عرضه لمشروع القانون المعدل والمتمم المتعلق بتنصيب العمال،ومراقبة التشغيل في جلسة علنية،حيث صرح بأنه سيتم قريبا “كمرحلة أولى” ترسيم 160 ألف شاب مستفيد من جهازي المساعدة على الإدماج المهني،والإدماج الإجتماعي لحاملي الشهادات في الهيئات والمؤسسات الإدارية،وأن هذه العملية سوف تمس في مرحلة ثانية 105آلاف شاب مستفيد من هذين الجهازين ليتم بعدها ترسيم 100 ألف آخرين،مبرزًا أن العدد الإجمالي لعملية الترسيم تقارب 400 ألف مستفيد،وذلك تطبيقًا لأحكام المرسوم التنفيذي المؤرخ في 8 ديسمبر 2019 والمتعلق بإدماج المستفيدين من جهازي المساعدة على الإدماج المهني والإدماج الإجتماعي لحاملي الشهادات.    

غير أن شيئًا من تلك الوعود لم ير النور،وليس أصحاب العقود فحسب من يعاني،بل إن المستخلفين الذين لهم من الخبرة سنوات،تضيع أيضًا هباءًا في انتظار المسابقات.

ولانفهم كيف يخرج عليهم بعدها بأشهر عضو من مجلس الأمة ليقول :

“اليوم تمر الجزائر بوباء عالمي،تحارب فيه الدولة بكل امكانياتها المادية والبشرية،.. وأن الشيء المؤكد ان قانون الإدماج موجود ومنشور في الجريدة الرسمية وكل الملفات حينت وتحين نظمت”.

ففي الوقت الذي ينبغي فيه التفكير بآليات للتغيير جديدة،وبمخططات استشرافية بعيدة،والإستثمار في طاقات الشباب،وفي أبناء الجزائر لبناء الجزائر،يتحول التخطيط في الجزائر إلى هدم للتخطيط،وتُلغى الوعود،ليبقى الشباب قيد الإنتظار،مشدود الأنظار إلى فوضى في التسيير يستحيل معها أي تغيير.

ويحضرنا هنا قول المفكر الجزائري العظيم مالك بن نبي :“ولقد يحدث أن تلم بالمجتمع ظروفا أليمة،كأن يحدث فيضان أو تقع حرب،فتمحو منه عالم الأشياء محوًا كاملا،أو تفقده إلى حين ميزة السيطرة عليه،فإذا ماحدث في الوقت ذاته أن فقد المجتمع السيطرة على عالم الأفكار،كان الخراب ماحقٌا،أما إذا استطاع أن ينقذ أفكاره فإنه يكون قد أنقذ كل شئ،إذ أنه يستطيع بناء عالم الأشياء”.

إن هذه الحلول الترقيعية التي تبقي شاب جزائري يعيش براتب شهري لايكفيه حتى ليعيش،ناهيك عن تأسيس أسرة يكون مسؤولا عليها لتعيش،ماهو إلا عبث يبعث الشباب للسقوط في براثن اليأس والقنوط،والإنحراف بهم عن سواء الوطنية إلى رؤية شرف الحياة على قوارب الموت.      

بادية شكاط كاتبة في الفكر،السياسة وحقوق الإنسان

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى