كتاب وادباء

كهف القردة……..

 

كهف القردة……..

بقلم الكاتب

حاتم غريب

حاتم غريب ————

مازلت اذكر تلك المقولة الشهيرة للمفكر والعالم الكبير الدكتور مصطفى محمود انه سيأتى يوم تتسع فيه المسافة بين القارة الافريقية بسبب التخلف والانقلابات العسكرية وبين القارة الاوربية بحضارتها الحديثة وديموقراطيتها وقاس المسافة بانها ستكون مثل المسافة بين الانسان والقرد…….نعم نحن الان نعيش عالم القرود فى احدى الكهوف النائية البعيدة تماما عن كل مظاهر التحضر والانسانية التى خلقنا من اجل ان نحياها بكل مافيها من صفات ترقى بالانسان الى حد التكريم الذى منحه الله اياه.

نعم اتسعت الفوهة بدرجة كبيرة بيننا وبين العالم المتحضر فى كل شىء فالعالم الغربى اليوم يخطو خطوات مسرعة نحو تحقيق رفاهية الفرد واسعادة والارتقاء به علميا واقتصاديا وان لم يحالفه الحظ للارتقاء به اخلاقيا فهذا الجانب وان كان بعيدا عن حضارتهم التى بنيت على العلمانية والراسمالية الا ان هذا لايقلل على الاطلاق من خطواتهم الجادة نحو اسعاد انفسهم وتقدير قيمة الفرد فى المجتمع والعمل على اعلاء شأنه والاستفادة من العقل الذى وهبه له الله…..وربما يسأل سائل كيف تسير حضارتهم هكذا فى خط موازى مع انحلال اخلاقى…..هذا من وجهة نظره طبعا لانهم فى الحقيقة ينظرون اليه اى مانسميه نحن انحلال على انه عادات وتقاليد نشأت عليها المجتمعات الغربية نعم بالتاكيد نحن كمجتمع شرقى غالبيته يدين بالاسلام لانقبل ذلك لكن فلننظر نظرة اعمق من ذلك بكثير لتلك الحضارة التى قامت على قيم ومبادىء الاسلام نفسه يدعو اليها ويعظمها فمثلا هم يقدرون الحرية بكافة صورها حرية الراى والتعبير وحرية التنقل والعدل الاجتماعى والمساواة فى الحقوق والواجبات وعدم تقديس الفرد والاتقان فى العمل ويقدرون قيمة العلم كذلك …اليس ديننا يأمرنا بذلك هم اخذوا بالاسباب والمعطيات المتاحة لهم فصنعوا حضارتهم على هذا الاساس و ربما لايدركون بالطبع ان الاساس الذى بنوا عليه حضارتهم مأخوذ من الاسلام لكنهم اوجدوه وصاروا عليه حتى وصلوا الى ماوصلوا اليه الان. 

اما نحن وخاصة العرب وعلى وجه التخصيص مصر مازلنا نعيش فى كهف القردة ولااقول غابة فالغابة اوسع وارحب بكثير من الكهف وتشرق فيها الشمس لاننا بالطبع نعيش داخل كهف ضيق منغلق لاندرى بما يدور حولنا فحياة الكهوف بطبعها يسودها الظلام ليس ظلام الليل فحسب انما ظلام النفوس ايضا وهو اشد ظلمة من الليل والبرودة واقساها برودة المشاعر ان كانوا يعلمون حقا فنحن لانعلم شيئا عن القيم الانسانية ولاقيمة الفرد واثره على المجتمع نحن نعيش فى عالم اخر غير عالم الانسان…عالم لايعرف سوى القهر والذل وعبودية الفرد عالم يسودة الجهل والتجهيل والظلم بالتاكيد القردة لايعيشون هذا العالم فقد يكونوا ارقى منا بكثير فى بعض تصرفاتهم وافعالهم لكن نحن من نعيش عالم اخترناه لانفسنا ولاننا لم نرق بعد ان نصل الى مصاف الانسانية فقد اصبحنا كالقردة وان كان من القردة من لدية نسبة عالية من الذكاء تمكنه من التحكم فى تصرفاته وافعاله. 

لقد ضللنا الطريق بالفعل وسرنا فى الطريق الخطأ وان لم نصحح مسار طريقنا الان سينتهى بنا الحال الى الموت داخل هذا الكهف ولن يسمع عنا احدا ولما لا ونحن نعيش منعزلين عن شعوب العالم المتقدم ونصر دائما على ان نحيا فى هذا الكهف منغلقين على انفسنا وكاننا نعيش على كوكب اخر غير الارض التى مهدها الله للانسان وجعل فيها كل سبل الحياة الكريمة لكنا اخترنا حياة الذل …..فهل ان الاوان ان نفيق ونحسن اختيار الطريق

…………/حاتم غريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى