تقارير وملفات إضافية

كيف سينعكس حادث إطلاق النار في القاعدة الأمريكية على العلاقات بين الرياض وواشنطن؟

أعاد كبار المسؤولين في وزارة
الدفاع الأمريكية والجيش الأمريكي يوم السبت الماضي، 7 ديسمبر/كانون الأول، تأكيد
التزام أمريكا المستمر تجاه المملكة العربية السعودية وعلاقتها بها في أعقاب حادث
إطلاق النار الذي نفذه طالبٌ سعودي بالقوات الجوية السعودية في قاعدة بحرية في
فلوريدا.

إذ قلَّل وزير الدفاع
الأمريكي مارك إسبر ومسؤولون آخرون أثناء حضورهم مؤتمراً أمنياً في كاليفورنيا من
أي تأثير مبدئي للحادث في العلاقات الأمريكية السعودية. فيما تحدَّث الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب عن محادثة تصالحية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن
عبدالعزيز، بحسب تقرير لموقع محطة Wear Tv الأمريكية.

لكنَّ حادث إطلاق النار يضع
العلاقات بين الدولتين الحليفتين في اختبارٍ صعب بعد أشهر قليلة من تقديم إدارة
ترامب مساعدات عسكرية كبيرة إلى السعودية لمواجهة التهديدات الإيرانية.

وقال ترامب لصحفيين أثناء
مغادرته البيت الأبيض للتوجه إلى فلوريدا: «لقد تحدثت إلى ملك المملكة
العربية السعودية. إنهم متألمون للغاية في السعودية». وأضاف أنَّ الملك
«سيشارك في رعاية أقرباء الضحايا وأحبائهم. إنه يشعر بالوضع بعمقٍ شديد
جداً». 

وحين سُئِل إسبر يوم الجمعة 6
ديسمبر/كانون الأول عن أي تأثير محتمل للحادث في العلاقات العسكرية الثنائية، قال:
«لدينا علاقات عسكرية ثنائية قوية. وهذا أساس علاقتنا مع السعوديين. لا أرى
أنَّ ما حدث سيقوض» العلاقات العسكرية الثنائية.  

وعندما سُئِل إسبر يوم السبت
في منتدى Ronald Reagan National Defense Forum في مدينة سيمي فالي عمَّا إذا كان يستطيع أن
يصف حادث إطلاق النار في بينساكولا بأنَّه إرهابي، قال: «لا، لا يمكنني القول
في الوقت الراهن إنه إرهابي». وحين سُئِل عمَّا إذا كان سيتردد الآن في إرسال
قوات أمريكية إلى المملكة العربية السعودية، أجاب: «لا، إطلاقاً». وأشار
إلى أنَّ الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لديهما مصالح أمنية، لا سيما
في ما يتعلق بإيران.

هذا ويحاول المحققون معرفة
السبب الذي دفع الطيار المتدرب وثلاثة آخرين إلى مشاهدة مقاطع فيديو لحوادث إطلاق
نار جماعي في الأيام التي سبقت الحادث الأخير الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص
وإصابة عدة أشخاصٍ آخرين في قاعدة بينساكولا البحرية الجوية. 

وحين سُئِل الجنرال ديفيد
بيرغر، قائد سلاح مشاة البحرية، عمَّا إذا كان حادث إطلاق النار الأخير سيجعله
يعارض إرسال قوات مشاة البحرية الأمريكية إلى السعودية، قال لا.

وأضاف بيرغر: «جميعنا
لدينا قوات في دول أخرى، وقوات تابعة لتلك الدول في بلادنا. هل سنعارض إرسال قوات
مشاة البحرية أو أفراد الجيش إلى دول أخرى أو إلى المملكة العربية السعودية؟ لا،
إطلاقاً». 

هذا وسارع القادة السعوديون
إلى إجراء مكالمات مع المسؤولين الأمريكيين، معربين عن تعازيهم وغضبهم بسبب وقوع
ضحايا. واتصل العاهل السعودي سلمان بترامب يوم الجمعة بعد وقت قصير من نشر الخبر.
فيما قالت السفارة السعودية في بيانٍ لها إنَّ الملك «أكد أن مرتكب هذه
الجريمة البشعة لا يمثل الشعب السعودي، الذي يعتبر الشعب الأمريكي صديقاً
وحليفاً».

ومن جانبه كتب وزير الخارجية
الأمريكي مايك بومبيو يوم السبت تغريدةً قال فيها إنَّه تحدث للتو إلى وزير
الخارجية السعودي «الذي أعرب عن تعازيه وحزنه على فقدان أرواح في الهجوم
المروِّع».

تجدر الإشارة إلى أنَّ الحادث
أعاد إلى الأذهان هجمات 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001، حين كان العديد من الخاطفين
المرتبطين بتنظيم القاعدة -الذين قادوا طائرات نحو الاصطدام بمركز التجارة
العالمي، ووزارة الدفاع الأمريكية، وريف بنسلفانيا- مواطنين سعوديين تلقوا تدريبات
على الطيران في الولايات المتحدة.

إذ إنَّ بعض المسؤولين
الأمريكيين ذكروا أن الشخص الذي أطلق النار اسمه محمد سعيد الشمراني، وهو عضو في
القوات الجوية السعودية كان يشارك في تدريبٍ للطيارين في القاعدة البحرية. وذكر
المسؤولون اسمه بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنه لم يُعلَن حتى الآن. يُذكَر أنَّ الحادث
أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة ثمانية آخرين، بينهم اثنان من نواب قائد الشرطة،
قبل أن يُطلق أحد نواب القائد الرصاص على الشمراني ويقتله. 

هذا وصرَّح مسؤول أمريكي
لوكالة The Associated Press يوم السبت بأنَّ الشمراني استضاف مأدبة عشاء في وقتٍ سابق من الأسبوع
حيث شاهد هو وثلاثة آخرون مقاطع فيديو لحوادث إطلاق نار جماعي. وقال المسؤول -الذي
تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- بعدما أطلعته السلطات الفيدرالية على بعض التفاصيل
إنَّ أحد الطلاب الثلاثة الذين حضروا العشاء صوَّر مقطع فيديو خارج القاعدة أثناء
إطلاق النار، مضيفاً أنَّ الطالبين السعوديين الآخرين كانا يشاهدان من داخل إحدى
السيارات. 

وأشار المسؤول إلى أنَّ 10
طلاب سعوديين احتُجِزوا في القاعدة يوم السبت، بينما لم يُعرَف مصير عدد آخر من
الطلاب.

ومن جانبهم كان المسؤولون
الأمريكيون في المنتدى الأمني ​​في كاليفورنيا حريصين على عدم إثارة شبهات وجود أي
مؤامرة أو روابط إرهابية حول الحادث.

فحين سُئِل الأدميرال مايكل
غيلداي، قائد العمليات البحرية، عن تقارير غير محددة تفيد بأن مُطلِق النار
السعودي ربما كان جزءاً من «خلية نائمة»، قال إنه لم ير أي تقارير من
هذا القبيل. وذكر أنَّ الحادث قيد التحقيق، مضيفاً: «في هذه المرحلة، أرى
أنَّه من السابق لأوانه استنباط استنتاجات كهذه».

جديرٌ بالذكر أنَّ الولايات
المتحدة تُجري منذ فترة طويلة برنامجاً تدريبياً قوياً للسعوديين يُقدِّم لهم
المساعدة سواءٌ في الولايات المتحدة أو المملكة نفسها. وحتى ذلك الأسبوع، يوجد
أكثر من 850 سعودياً في الولايات المتحدة لحضور أنشطة تدريبية مختلفة. وهُم من بين
أكثر من 5000 طالب أجنبي من 153 دولة يتلقون تدريباتٍ عسكرية في الولايات المتحدة.

إذ قال ترامب يوم السبت:
«هذا يحدث منذ عقودٍ عديدة. ونفعل ذلك مع دول أخرى، دول أجنبية. أظن أننا
سنضطر إلى إعادة النظر في الإجراء بأكمله. سنبدأ ذلك فوراً». 

وكذلك فإدارة ترامب تساعد
السعودية بشدة في العام الجاري 2019، إذ أرسلت بطاريات صواريخ باتريوت وعشرات
الطائرات المقاتلة ومئات القوات إلى هناك في أعقاب الهجمات التي ضربت المملكة،
والتي يتهم المسؤولون السعوديون إيران بتنفيذها.

وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول
الماضي، أجرى إسبر زيارةً إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية لتفقُّد إحدى البطاريات
والتحدث عن الجهود المبذولة لدفع الحلفاء الآخرين إلى الإسهام في الدفاع عن
المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج لمواجهة التهديدات الإيرانية.

لكنَّ سمعة المملكة ما زالت
مشوَّهة بعد مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في العام الماضي 2018 في
القنصلية السعودية في إسطنبول على يد عملاء سعوديين. 

يُذكَر أنَّ خاشقجي كان أحد
الأفراد المقربين من العائلة المالكة ومطلع على الشؤون الداخلية للقصر الملكي،
وكان يعيش في منفاه الذاتي في الولايات المتحدة بينما كان يكتب مقالات تنتقد
تصرفات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى