تقارير وملفات إضافية

لبنان الصغير لا يحتمل.. تصنيف بريطانيا حزب الله منظمةً إرهابيةً يمهد لحصار اقتصادي، واللاجئون السوريون معرضون لخطر جديد

مع ازدياد هيمنة حزب الله على الوضع في لبنان يزداد الجفاء الغربي والعربي تجاه هذه الدولة العربية الصغيرة، والذي بدأ يتحول لحصار، وهو ما تبدا من تصنيف بريطانيا لحزب الله منظمة إرهابية.

فقد أعلنت وزارة الخزانة البريطانية أنها صنفت منظمة حزب الله بجميع أجنحتها جماعة إرهابية، بناء على قواعد مكافحة الإرهاب، وقررت تجميد أرصدتها بدءاً من الخميس القادم.

ويأتي القرار في وقت يزداد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران وحلفائها، وكذلك في ظل أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية التي أصبح ينظر لها على أنها حكومة حزب الله.

  يدرك الحزب مخاطر تلك الحكومة المحسوبة عليه وعلى حلفائه، ولكنه بعد عزوف سعد الحريري عن المشاركة بها فإنه  قرر اعتبارها بمثابة ضمان مرحلي لحضوره في ظل الأزمات التي تعصف بالبلاد.

ينظر الحزب لكل التطورات في البلاد بما فيها الحراك الشعبي بمنظور المؤامرة الغربية الهادفة لحصاره.

وبصرف النظر عن مقدار الصدق في نظريته بشأن المؤامرة، فيبدو أنه بردود أفعاله زاد من المؤامرة رسوخاً.

فقد رفع حزب الله اللاءات الثلاث في بداية الانتفاضة اللبنانية «لا لإسقاط العهد – لا لإسقاط الحكومة – لا للفوضى».

ثم سقطت لاءاته في ساحات المدن اللبنانية مع سقوط الحكومة التي سعى أن تكون غطاء سياسياً لتحركاته الإقليمية والمحلية، بعد قرارات الولايات المتحدة والتي فرضت حصاراً مالياً على مقدرات وتمويل الحزب وأخضعته للرقابة ووضعت مجموعة من المحسوبين عليه في لائحة الحصار السوداء والتي انتهت إلى إغلاق بنك جمال ترست صيف العام الماضي، ما جعل الحزب أمام مرحلة من الاهتزاز المالي، برزت في تخفيف الميزانيات التي يدفعها للحلفاء والداعمين في الساحة اللبنانية، ما شكل حالة تململ داخل البيئة التي يعتمد الحزب عليها للانطلاق.

والآن خرج حلفاء الغرب والخليج من الحكم وأصبح الحزب وشركاؤه منفردين بحكم لبنان المشرف على الإفلاس، حتى لو تغطوا بحكومة تكنوقراط أو بحكومة مستشاري الوزراء السابقين. 

ومن المتوقع أن يحكم الخناق الغربي على لبنان لخنق الحزب.

فمثل هذا القرار بشأن حزب الله يصعب منح لبنان أي مساعدات اقتصادية، في ظل سيطرة الحزب على البلاد وحقيقة أن الحكومة القادمة ستكون تابعة له أياً كان شكلها.

تؤكد مصادر مقربة للحزب أن التصنيفات الأمريكية والبريطانية لم تؤد يوماً لتأثيرات مباشرة على حزب الله، ولا تساهم في خنقه مالياً، فالحزب يعتمد أصلاً على وسائل مختلفة في التمويل لا تخضع أصلاً للرقابة الأجنبية.

وترى تلك المصادر أن مثل تلك القرارات لا تزيد الحاضنة الداعمة لمشروع المقاومة إلا صلابة وتمسكاً بالدور والأهداف التي باتت تؤرق بحسب المصدر حلفاء إسرائيل.

 في حين تشير مصادر أخرى متابعة أن تلك القرارت والتصنيفات لها عدة أهداف، أبرزها تجفيف المصادر المالية والتبرعات للحزب ومؤسساته في ظل محاولات الحزب للتوسع في عملية التمويل عبر شبكة علاقات مع رجال أعمال من الطائفة الشيعية عبر العالم، لتأتي تلك القرارات للضغط على هذه الشبكة وعدم السماح لها حتى بالتفكير بدعم الحزب ومشروعه في لبنان.

وعلى المستوى السياسي يتساءل المصدر عن التوقيت المتزامن مع حدثي اغتيال سليماني وقرار حزب الله بتشكيل حكومة اللون الواحد برئاسة حسان دياب والتي تعني أن الحزب رفض الخضوع للمنطق الأمريكي بتشكيل حكومة مستقلين غير سياسية، ليكون الرد على عمل الحكومة إصدار  مجموعة قرارات تطال الحزب.

 ولكن الحزب يعتمد على سطوته العسكرية ومخزونه المالي الذي يجمع به حوله الحلفاء من مختلف الطوائف والانتماءات ويخترق من خلاله ساحتين، وهما الساحة السنية عبر مجموعة نواب محسوبين عليه وكيانات دينية تدور في فلكه.

أما الساحة الثانية والتي يسعى الحزب لدعمها مالياً فهي الساحة الدرزية المناوئة للزعيم الدرزي وليد جنبلاط، والذي يسعى حزب الله منذ العام 2005 لإضعافه عبر افتتاح المشاريع لحليفيه الدرزيين طلال أرسلان ووئام وهاب.

لكن المشكلة أن القدرة المالية للحزب بدأت بالتراجع عقب مجموعة العقوبات والتصنيفات.

يعيش لبنان مأزقاً مالياً واقتصادياً قد يصل خلال الأسابيع القادمة به نحو الانهيار، حسب ما تقول العديد من التقديرات.

ليأتي قرار الخزانة البريطانية كرسالة لبيئة حزب الله والتي بدأت تعاني أيضاً من الظروف الاقتصادية الخانقة، ما يجعل الحزب أيضاً في مأزق حقيقي أمام شارعه الذي يشارك جزء منه أحياناً في التحركات المطلبية والتي انتفضت في مناطق تخضع لنفوذ حزب الله وحركة أمل كالنبطية والبقاع وبعلبك والهرمل والتي سعى حزب الله منذ بداية التحركات لتقليم أظافرها خوفاً من امتدادات تطال مناطق أكثر احتكاكاً ببيئة الدعم المباشر لمشروعه.

وفي هذا الإطار.. يعتمد الحزب على الخطاب الأيديولوجي تارة، وتمويل المشاريع للحاضنة الشعبية تارة أخرى والتي شملتها أيضاً عقوبات أمريكية منتصف العام المنصرم، ما يجعل الحزب أمام محطات مؤلمة في حال لم يراع الظرف الإقليمي ويسارع نحو خطة تشكيل حكومة يرضى عنها الحراك الشعبي والمجتمع الدولي المراقب عن كثب لتطورات المشهد اللبناني المتأزم.

كانت حكومة حسان دياب ستبصر النور مساء الخميس، لولا الموقف المفاجئ لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومطالبته بوزير ثان له في الحكومة، وإصرار الحزب السوري القومي الاجتماعي على أن يتمثل في الحكومة العتيدة، ما أخر ولادتها في ظل إصرار الحزب على تشكيلها بسرعة لتجنب محطات سياسية قد تطل على رأسها نتيجة الظروف المحيطة.

وتقول مصادر برلمانية خاصة لعربي بوست «إن «حزب الله» تدخل بعد ظهور العقد المستجدة، في محاولة لإقناع حلفائه بتسهيل ولادة الحكومة الجديدة».

وأشارت المعلومات إلى أن «الاتصالات تكثفت مساء الجمعة لحلحلة العقد المستجدة التي أعادت الأمور إلى نقطة الصفر. ويسعى «حزب الله» إلى الضغط من خلال الشارع لإجبار الفرقاء السياسيين على قبول التشكيلة الحكومية التي بات يحتاجها؛ لمجابهة الضغوط الدولية الحالية والمقبلة ضده، وآخرها قرار الخزانة البريطانية، ما يعقد المشهد.

في حين ترى مصادر أخرى أن عرقلة الحكومة قد تكون بضوء أخضر من حزب الله لاستشراف تبعات القرارات الدولية.

 وترى المصادر نفسها أن هناك مشاريع عقوبات قد تطال بعض الوزراء في الحكومة القادمة محسوبين على حزب الله والتيار الوطني الحر، وتخشى المصادر أن تطال العقوبات المعونات الأجنبية المقدمة للجيش اللبناني كالمعدات والتدريبات.

اللاجئون السوريون قد يكونون ورقة الضغط الجديدة، حسب ما قالت مصادر لـ»عربي بوست».

فبعد القرار البريطاني، وفي إطار محاولات الضغط الدولي على لبنان في حال مضى حزب الله في إخراج حكومته إلى المشهد، تشير معلومات إلى أن المؤسسات الأوروبية والأمريكية التي تدير مشاريع خاصة باللاجئين السوريين والذين بات عددهم في لبنان يتجاوز المليون لاجئ، قد توقف عملها في لبنان في سعي منها للضغط على الحكومة اللبنانية التي تدور في فلك حزب الله.

ومن المعروف أن ملف اللاجئين السوريين يشكل مادة تجاذب سياسي بين الأفرقاء اللبنانيين، بين مؤيد لعودتهم لبلادهم في ظل النظام الحالي وفريق معارض لكون الأزمة لم تنته بعد.

كما يشكل ملف اللاجئين الفلسطينيين مسألة إشكالية في ظل إيقاف الولايات المتحدة دعمها لمنظمة الأنروا والتي تعنى بملف المخيمات الفلسطينية في الشتات ومنها في لبنان، ما ينذر في نهاية المطاف بأزمة إنسانية لا تستطيع حكومة مأزومة حله، بعد الحديث عن انهيار مالي مرتقب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى