آخر الأخبار

“لقد نسونا وأصبحنا نعاني”.. كيف تحولت بطولات أطباء إيطاليا الذين واجهوا كورونا إلى كوابيس؟

بعد أن كانوا أبطالاً في مواجهة جائحة فيروس كورونا في واحدة من أكثر الدول تأثراً بالفيروس، عبَّر أطباء إيطاليون عن انزعاجهم، وقال تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، الثلاثاء 26 مايو/أيار 2020، إن أطباء إيطاليا “يعانون الآن”.

جراح وآلام الأطباء والممرضين: كانت مقاطعة لومباردي هي المنطقة الأكثر تضرراً في العالم، وكافح الأطباء من أجل الحفاظ عليها. قال باولو ميراندا، ممرض بقسم العناية المركزة في كريمونا: “أصبحت سريع الانفعال بشكل أكبر. أغضب بسهولة وأميل للمشاحنات”.

قبل أسابيع قليلة، قرر باولو توثيق الوضع القاتم داخل وحدة العناية المركزة عن طريق التقاط صور فوتوغرافية. قال باولو: “لا أريد أن أنسى ما حدث لنا أبداً. سيصبح كل ذلك في غمار التاريخ قريباً”.

يريد باولو أن يظهر في صوره كيف يتعامل زملاؤه مع “المرحلة الثانية” حيث تعود الحياة إلى طبيعتها في إيطاليا. قال باولو: “على الرغم من تباطؤ وتيرة حالة الطوارئ، فإننا نشعر بأننا محاطون بالظلام. يبدو الأمر كما لو أننا مثخنون بالجراح. نحمل كل ما شهدناه داخل قلوبنا”.

كوابيس وإجهاد ليلي: الشعور ذاته رددته مونيكا ماريوتي، وهي أيضاً ممرضة بقسم العناية المركزة، قالت: “أصبحت الأمور أصعب بكثير مما كانت عليه خلال الأزمة. كان أمامنا عدو نقاتله، لكن الآن بعد أن صار لديَّ متسع من الوقت للتفكير في كل ما حدث، أشعر بالضياع، وفقدان الهدف”.

خلال الأزمة، كانوا محملين بالأعباء ولم يكن لديهم وقت للتفكير، ولكن مع خفوت حدة الجائحة، يخفت تدفق الأدرينالين كذلك.

كل الضغوط التي تراكمت في الأسابيع القليلة الماضية تطفو الآن على السطح.

قالت مونيكا: “أعاني من الأرق والكوابيس، أستيقظ 10 مرات كل ليلة بضربات قلب متسارعة وأنفاس متقطعة”.

بينما قالت زميلتها إليسا بيتزيرا إنها شعرت بالقوة أثناء حالة الطوارئ، لكنها الآن مرهقة، إذ لا طاقة لديها للطهي أو الاعتناء بالمنزل، وعندما تكون في يوم عطلة، تقضي معظم وقتها جالسة على الأريكة.

تعمل مارتينا بينيديتي، ممرضة بقسم العناية المركزة في توسكانا وما زالت ترفض رؤية عائلتها وأصدقائها، إذ تخشى أن تصيبهم بالعدوى. قالت مارتينا: “أحافظ على التباعد الاجتماعي حتى مع زوجي، وننام في غرف منفصلة”.

حتى الأشياء البسيطة أصبحت تثقل الكاهل. تعترف مارتينا: “ينتابني شعور بالقلق في كل مرة أحاول فيها الخروج للتمشية، وأضطر إلى العودة المنزل على الفور”.

الآن وقد صار لديها متسع من الوقت للتأمل في كل ما حدث، أصبحت تعاني من انعدام الثقة في النفس.

قالت مارتينا: “لست متأكدة من أنني أريد أن أصبح ممرضة بعد الآن. لقد شهدت موت عدد من الناس في الشهرين الماضيين أكثر مما شهدته في سنوات عملي الست كممرضة بأكملها”.

التفكير في ما حدث مرهق: أظهرت دراسة حديثة أن حوالي 70٪ من العاملين بالقطاع الصحي الذين يتعاملون مع فيروس كورونا في المناطق الأكثر تضرراً في إيطاليا يعانون من الإنهاك. تقول سيرينا باريلو، مؤلفة الدراسة: “هذه هي اللحظة الأصعب بالنسبة للأطباء والممرضات”.

عندما نتعامل مع أزمة، ينتج جسمنا هرمونات تساعدنا على مجابهة التوتر.

تعلّق د. باريلو قائلة: “ولكن عندما يتوافر لك وقت للتفكير فيما حدث، بينما يمضي المجتمع قدماً، فمن الممكن أن يعاودك كل شيء بشكل ساحق  وتشعر بمزيد من الإرهاق والأسى الشعوري”.

من جانبها، تشعر د. باريلو بالقلق من أن الكثير من الأطباء والممرضات سيعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) لفترة طويلة بعد انتهاء الجائحة. يحدث هذا عندما تؤثر وطأة تجربة صادمة على حياة الشخص، أحياناً بعد شهور أو حتى سنوات.

بالنسبة للعاملين في القطاع الطبي، قد يعيق ذلك قدرتهم على مواصلة العمل بالكثافة والتركيز الذي تتطلبه وظائفهم.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى