تقارير وملفات إضافية

لماذا أمهلت حماس إسرائيل شهرين فقط لإتمام التهدئة، وماذا لو لم تلتزم تل أبيب؟

مرة أخرى نجحت جهود الوساطة في التوصل لهدنة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، لكن المختلف هذه المرة هو تحديد سقف زمني لتنفيذ البنود أو “التفاهمات” التي تم التوصل إليها، فلماذا إصرار حماس على السقف الزمني هذه المرة؟

يشهد قطاع غزة منذ بداية أغسطس/آب الماضي حالة من التوتر الميداني والعسكري، جراء بدء إطلاق البالونات الحارقة باتجاه المستوطنات المحاذية للقطاع، في إطار الضغط على إسرائيل لتنفيذ شروط الهدنة التي كانت سارية بين الجانبين وتخفيف حصارها عن غزة، إلا أن تل أبيب ردّت على البالونات بشن غارات شبه يومية على مواقع يقول الجيش الإسرائيلي إنها تابعة لـ”حماس”، كما أصدرت عدداً من القرارات الهادفة إلى تشديد الحصار المفروض على القطاع منذ 14 عاماً.

والاثنين 31 أغسطس/آب أعلنت قطر نجاح جهودها في التوصل إلى اتفاق تهدئة بين قطاع غزة وإسرائيل، لتنتهي جولة التصعيد التي استمرت منذ بداية الشهر الماضي، ثم أعلنت حماس في اليوم التالي إمهال إسرائيل مدة شهرين لتنفيذ التفاهمات المتفق عليها، لوقف التصعيد في قطاع غزة.

وتضمنت التفاهمات سماح إسرائيل بزيادة الدعم المالي الذي تقدمه قطر كمساعدات إنسانية للقطاع، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع تهدف إلى خفض نسبة البطالة، وحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وقال عضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية في لقاء متلفز مع فضائية الأقصى (تابعة للحركة) “في حال لم تلتزم (إسرائيل) فنحن مستعدون لجولة أخرى”.

ويرى محللون سياسيون أن السقف الزمني الذي حددته حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أمام إسرائيل لتنفيذ تفاهمات “التهدئة” الأخيرة، يهدف إلى إلزام “تل أبيب” بكامل بنودها، وعدم تكرار “التجارب السابقة”، لكن المحللين، شككوا، في أحاديث خاصة لوكالة الأناضول، في التزام إسرائيل بجميع بنود التفاهمات الأخيرة، على غرار الاتفاقيات السابقة، التي لم تف بكامل تعهداتها، وهو ما قد يقود إلى اندلاع جولة جديدة من القتال.

فخلال العامين الماضيين، توصلت الفصائل الفلسطينية في غزة إلى عدة تفاهمات مع إسرائيل بوساطة مصرية وأممية وقطرية، تتضمن وقف التوتر الأمني والميداني مقابل تخفيف الحصار المفروض منذ 2006، لكن إسرائيل لم تلتزم بكامل بنود التفاهمات، بحسب حماس.

ورأى ناجي الظاظا، المحلل السياسي من غزة، أن وضع حماس للسقف الزمني يدلل على أنها لا تريد تكرار نفس التجارب الماضية، التي تنصلت فيها إسرائيل من التزاماتها، وقال للأناضول: “حماس تحاول الضغط على إسرائيل، وإجبارها للإيفاء بما تعهدت به عبر الوسطاء”.

وذكر أنّ إسرائيل حاولت في الفترة السابقة الاكتفاء بالسماح لدولة قطر بتقديم مساعدات مالية شهرية، مقابل “الهدوء”، وهذا ما ترفضه (حماس) التي تريد رفع الحصار بشكلٍ كامل، أو تخفيفه إلى حد كبير، وفيما يتعلق بخيارات (حماس)، في حال لم تلتزم إسرائيل بالسقف الزمني والتفاهمات، أشار الظاظا إلى أن حماس ستكون مضطرة للذهاب من جديد إلى حالة من حالات التصعيد، والتي توقع أن تكون “أشد من الجولة الماضية”.

وتابع: “الضغط على الاحتلال هو مسار استراتيجي للمقاومة، ويتم بصورة تكتيكية تتناسب مع مطالب تحسين الوضع الإنساني، للسكان في قطاع غزة”، وبخصوص الدور القطري وقدرته على إجبار إسرائيل على الإيفاء بالتعهدات، أضاف: “لا أحد يمكنه أن يضمن التزام الاحتلال”، مستدركاً أن “قوة المقاومة وصمود المواطنين هما الضامن الذي يمكن أن يراهن عليهم في الضغط”.

وأشار الظاظا إلى أن إسرائيل “تخشى ضغط المقاومة عليها في أوقات لا تناسبها، كما حصل في المرة الماضية، التي كانت فيها الأولى منشغلةً، بمشكلاتها الداخلية، وبدء العام الدراسي، وبالتطبيع العربي”، وتوقّع أن تمضى التفاهمات بشكل جيد في الأمور المتعلقة بالمنحة القطرية والالتزامات المالية، مقابل تنصل إسرائيل من باقي التفاهمات (كتنفيذ مشاريع كبيرة تخفف من حدة البطالة)، وهو الأمر “الذي قد يدفع من جديد نحو التصعيد”، كما قال الظاظا.

من جانبها، ترى الدكتورة عبير ثابت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن إعلان حماس للسقف الزمني الخاص بالتفاهمات جاء “لإيصال رسالة لثلاثة أطراف”.

الطرف الأول بحسب ثابت، هم المواطنون في غزة، الذين قالت (حماس) لهم فيها “إنها لا زالت تحفظ العهد، وترعى مصالحهم، وتعمل لأجل تحقيق الأفضل لهم”، أما الطرف الثاني فأضافت أنه “الوسيط القطري الذي بذل جهداً كبيراً على مدار أكثر من أسبوع لأجل تحقيق التفاهمات”.

وعن الرسالة الأخيرة، فلفتت إلى أنها كانت لمستوطني مناطق غلاف غزة، الذين “تفترض حماس أنهم حلقة ضغط كبيرة على القيادة الإسرائيلية، كونهم المتضررين الأبرز من أي تصعيد”.

واعتبرت المحللة السياسية أن ما تم التوصل له من تفاهمات في جولة التصعيد الأخيرة، لم يكن على القدر المناسب، لاسيما أنها ترافقت مع “تصريحات لقيادات من حماس، شدّدت على أنها لن تلتزم بالهدوء إلا في حال رفع الحصار كاملاً عن غزة”، وتابعت: “الناس في غزة، كانوا يأملون الخروج من هذه الجولة بنتائج أكبر، وذلك بناءً على ما استمعوا له من وعود خلال الفترة الماضية”.

ومن غير المتوقع لدى ثابت أن تقوم إسرائيل بالالتزام بما تم التوصل له من تفاهمات، ولذلك رأت “أن (حماس) قد تندفع خلال المرحلة المقبلة نحو التصعيد من جديد”.

بدوره، اعتبر المحلل السياسي شرحبيل الغريب أن إعلان (حماس) للمدة الزمنية يأتي بهدف “الضغط المباشر على إسرائيل، ولقياس مدى التزامها بالتفاهمات”، وذكر في حديث لوكالة الأناضول أن “مسألة تحديد الزمن، هي التي أخرت إعلان الاتفاق لأيام، كون حركة حماس كانت تصر عليها، في حي كانت إسرائيل تماطل في منحها”.

الغريب أوضح أن هدف (حماس) من التركيز على الزمن، جاء “لقياس مدى التزام الاحتلال، لأنّ كل التجارب السابقة أكدت أن إسرائيل “تُعطي الشيء العاجل، وتُسوّف الآجل”، مبيناً أن “وجود شرط السقف الزمني يدل على أن حركة حماس واعية لما يجري، وتدير عملية التفاوض بحنكة سياسية كبيرة، وتعمل وفق رؤية فك الحصار، وفكفكة الأزمات التي يعاني منها القطاع”.

وقدّر الغريب أن جولة التصعيد القادمة قد تكون قريبة، “وذلك لأن نجاح التفاهمات مرتبط بقدرة الوسيط، والتزام الاحتلال”، وبشأن الوسيط القطري، لفت المحلل السياسي إلى أنه “أدار المفاوضات بكفاءة عالية، واستعد لدفع المال”، متوقعاً أن تستمر قطر في إيصال المنحة إلى غزة خلال الأشهر القادمة، وأشار إلى أن ذلك يعدّ مؤشراً قوياً قد يدفع عجلة التفاهمات إلى الأمام؛ لأن كثيراً من التفاهمات الأخيرة مرتبطة بالمال.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى