لايف ستايل

لهذه الأسباب يرفض المراهقون حلول الآباء لمشكلاتهم.. يبحثون عن شيء آخر كلياً

عادة ما يواجه آباء المراهقين تسلسلاً محيراً للأحداث. أولاً، يأتي المراهقون بمشكلاتهم، وثانياً، يطرح الآباء عليهم اقتراحات وحلولاً بكل جدية، وثالثاً، يتجاهل المراهقون أفكار آبائهم باعتبارها مزعجة أو لا علاقة لها بالمشكلة أو كلا الأمرين. لماذا يرفض المراهقون نصيحة الآباء إذاً؟

قد تبدو هذه اللحظات ثماراً ناضجة يجب أن يستغلها الآباء لتقوية العلاقة، لكنها سرعان ما تنقلب رأساً على عقب وتكون سبباً للتباعد.

وحقيقة الأمر أن المراهقين يملكون ميلاً طبيعياً إلى الانفصال عن
والديهم والسعي للحصول على استقلال ذاتي.

وبغض النظر عن مدى روعة وطيبة الوالدين، سيبتعد المراهقون عن ذويهم بعض الشيء.
والخبر السار هو أن هذا أمر طبيعي تماماً.

يميل المراهقون للانصياع لضغط أصدقائهم الآخرين، والانفصال النفسي
عن والديهم جزء من عملية تحقيق الذات تساعدهم على تحديد من وكيف سيكونون كأفراد
وبالغين.

تقول الأخصائية النفسية التربوية ليزا فاير ستون لموقع Psych Alive إن بعض الأهل قد يجدون
صعوبة في تقبل هذا الانفصال، لكن الأمر لا يتعلق بهم كوالدين إنما بأولادهم الذين
يمرون بمراحل تحقيق أنفسهم.

لذا لو تقدم المراهق وأفصح عن بعض مما يدور في ذهنه من مشاكل وأزمات، إليك ما يريده على الأغلب، سواء كانت رغبات واعية أو لا واعية. 

ربما يجد المراهقون، مثلهم مثل البالغين، الراحة المثلى في التعبير
عن مخاوفهم وأسباب قلقهم ببساطة. 

في الواقع، هناك مقولة شائعة بين علماء النفس تقول إن معظم
المشكلات تصبح أفضل عندما تكون بالخارج أكثر مما كانت عليه بالداخل، وهذا حقيقي
سواء كانت الصعوبات كبيرة أو صغيرة.

عندما يأتينا المراهقون بمشكلاتهم، فمن الأفضل ألا نبدأ بافتراض
أنهم يطلبون منا اقتراحات، أو على الأقل أن نفترض أنهم لم يطلبوا هذا بعد. لذا
دعوا لهم متنفساً.

تقول كاثلين ديدي، 18 عاماً، من ميسن هيلز في ولاية كانساس لصحيفة The New York Times: “سأتحدث مع
والدَي لأتأكد من صحة أفكاري”، مضيفة: “خاصة إذا كانت المشكلة لا تعني
لي الكثير لدرجة أن أفعل شيئاً ما حيالها. أريد فقط أن أزيح الأمر عن كاهلي”.

يمكن أيضاً للمراهقين مشاركة
ما يدور في خاطرهم باعتبارها طريقة لعرض أفكارهم المضطربة للنقاش، حيث يمكنهم
مراجعتها وربما تنظيمها. 

ربما يساعد البالغون في خلق
المساحة التي يحتاجها المراهقون لفعل هذا، طالما نذكر أنفسنا بأن نستمع دون
مقاطعتهم وأن نمنع أنفسنا عن إضافة أفكارنا إلى الأفكار المطروحة.

الكثير مما يزعج المراهقين لا يمكن حله. لا يمكننا إصلاح قلوبهم
المكسورة، أو منع المآسي الاجتماعية، أو فعل أي شيء بشأن حقيقة أن لديهم 3
امتحانات كبرى في اليوم نفسه. لكن وجود المشكلة ليس سيئاً مثل الشعور بالوحدة
التامة في مواجهتها.

عادة ما يكون لدى المراهقين صعوبات يريدون مشاركتها ولكن ليس مع
أصدقائهم. في هذه الأوقات، ربما يأتون إلى والديهم، لكن بحثاً عن التعاطف فقط،
وليس الحلول. 

يساعد تقديم جمل صادقة مثل “يا له من أمر مريع” أو
“يجب أن تنزعج فعلاً” في جعلهم يعرفون رغبة من يسمعهم في البقاء برفقتهم
في محنتهم.

ولإظهار المزيد من التضامن يمكن سؤال ما يلي: “هل تريد مني
البقاء بالقرب منك، أم سيساعدك قضاء بعض الوقت وحيداً” أو “هل هناك ما
يمكنني فعله دون أن أجعل الأمور تصبح أسوأ؟”.

هذه الأسئلة ترسل رسائل قوية مفادها عدم تجنب الأهل مِحن المراهقين والتمسك بهم، حتى لو لم يكن هناك شيء يمكن أو يُراد فعله.

على قدر صعوبة تحكم الآباء في أنفسهم، فإن التسرع بعرض الاقتراحات
قد يخاطر بتوصيل فكرة مفادها: “لا يمكنك إصلاح هذا، لكنني قادر على
ذلك”. 

تشكل هذه الرسالة للمراهقين وصفة مثالية لسحب الثقة من الوالدين،
في وقت يبحثون فيه مجرد الحصول على الطمأنينة بأنه يمكنهم التعامل مع أي شيء تلقيه
الحياة عليهم.

لذا بدلاً من تقديم الحلول، قدم لهم الدعم حتى يحلوا
مشكلاتهم. 

يمكن استخدام تعابير مطمئنة على سبيل:

“شهدتك تَمر بأشياء مثل هذه من قبل”
أو
“إنه أمر صعب، لكنك قوي أيضاً”

هذه الجمل قد تعيد للمراهقين بعضاً من الثقة عندما تهتز ثقتهم
بأنفسهم.

حتى المراهقون الذين يحلون مشكلاتهم بالفعل يحتاجون لطمأنة من
الأهل. 

ولكن عادة ما يشعر المراهقون بالضعف، وربما يزداد هذا عندما
يصارحون البالغين بشأن أزماتهم ومحنهم. 

في هذه اللحظات، قد يبدو الإرشاد بنية صالحة وكأنه نقد، وقد يظهر
الوعظ، أو جمل مثل “سبق وحذرتك” حتى وإن كان مبرراً مثل هجوم
صريح. 

حتى لو كنت تريد الإشارة إلى أن المذاكرة لامتحان الكيمياء في
إجازة نهاية الأسبوع الماضي بدلاً من الذهاب إلى مباراة كرة السلة، كان سيحل
المشكلة من الأساس، على الأرجح من الأفضل تأجيل هذه المحادثة لوقت آخر أو حتى
انقضاء الأزمة النفسية نتيجة حصولهم على علامة سيئة.

في كثير من الأحيان، سماع
المراهقين والتعاطف معهم وتشجيعهم يمنحهم ما جاؤوا من أجله. لكن إذا كان المراهق
بعد كل هذا ما زال يبحث عن حل، فربما قد يرحب ببعض النصح (أخيراً). 

إذا وافق على الاستماع
للنصيحة، قسم المشكلة إلى قسمين:

ما الذي يمكن تغييره
ما الذي لا يمكن تغييره

في النوع الأول، ركز على الاحتياجات التي يحددها المراهق، واعملا
سوياً للتفكير في حل.

وبالنسبة للنوع الثاني، ساعده على التعايش مع الأشياء التي لا يمكنه التحكم
بها. 

فوق كل هذا، يجب أن يكون هدف الوالدين حل المشكلة مع ابنهما وليس
بدلاً منه. 

بغض النظر عن إيماننا بأن نصائحنا ملهمة وتابعة من تجارب سابقة،
فمن الأفضل أن نؤجلها حتى نستمع لما يريد قوله المراهق أو المراهقة، فأحياناً هذا
كل ما يريدونه: شخصاً يسمع وكتفاً يسندون رأسهم عليها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى