الأرشيف

لواءات الجيش السودانى والدعم السريع يسيطران على ثلاثة أرباع الاقتصاد السوداني

والشعب السودانى يعانى من الفقر والجوع

تحليل واقع السودان

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

 

يسير عسكر السودان طبقا لخطة عسكر مصر نهب الدولة وإمتلاك مواردها كأن الدولة “عزبة أو تكية”يمتلكها جنرالات الجيش فهم الأسياد ..أما جموع الشعب فهو مجموعة من العبيد !!!

يعيش السودان تحت الحكم العسكري منذ ما يقرب من 66 عاماً، وحكم العسكر يعني باختصار هيمنة أقلية أو مجموعة صغيرة من الضباط على مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية كافة في البلاد، بشكلٍ لا يسمح بحدوث تغيير حقيقي في بنية الحكم والسلطة، أو يتيح تداولاً سلمياً للسلطة، خصوصاً مع المدنيين.
ـ السودان هو الدولة الوحيدة التي ينص دستورها على أن الجيش هو حامي المدنية والديمقراطية، حسب المواد 144(1/2/3) من الدستور السوداني، التي تنص على أن “القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد”. وهو وضع يكرّس الوصاية العسكرية على الحياة المدنية في السودان من خلال الدستور، وهو أمر غير موجود في أي دستور آخر، بما في ذلك الأنظمة السلطوية.
ـ السودان الدولة الوحيدة التي ينصّ دستورها على أن وزير الدفاع يجب أن يكون شخصية عسكرية، أيضاً حسب مادة من الدستور السوداني تنص على أن “وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويُعين من بين ضباطها”. الأصل في الوزراء أن يكونوا مدنيين، بمن فيهم وزيرا الدفاع والداخلية، إلا إذا كانت هناك استثناءات في ظروف معينة ولفترات محدودة، وبضوابط قانونية ودستورية، أما في السودان فإن القاعدة هي العسكرة وليس العكس.
ـ السودان هو الدولة الوحيدة التي يتمتع فيها كبار القادة العسكريين بحصانة قانونية ودبلوماسية، بحيث لا يمكن محاكمتهم عن أية جرائم تورّطوا بها، خصوصاً ما بين عامي 1989 و2019، وحتى الآن، وهي الفترة التي شهدت أكبر عدد من المذابح المروّعة في تاريخ السودان المعاصر، مثل المذابح بدارفور ومذبحة فض اعتصام القيادة في رمضان 2019، كذلك يتمتع هؤلاء القادة بحصانة دبلوماسية إذا سافروا خارج البلاد، في شأن معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة، الذي أصدره عبد الفتاح البرهان من أجل حماية المتورّطين في مذابح وجرائم قتل المتظاهرين خلال الفترة المذكورة.
ـ السودان لا يعرف شعبه حجم ميزانية جيشها، ولا من أين تأتي هذه الميزانية، ولا كيف تُنفَق وتُصرَف. ولعل المفارقة هنا أن ميزانية الجيش وبقية مؤسسات الدولة تأتي من جيوب المواطنين من خلال الرسوم والضرائب التي يدفعونها، بالإضافة إلى الاستثمارات العسكرية الضخمة، ورغماً عن ذلك تأخذ هذه المؤسسة أكثر من 70% من الميزانية العامة في السودان، وبالتالي من حق المواطن الطبيعي معرفة كيف تُنفق هذه الضرائب، وما إيرادات الجيش ومصروفاته، وهذا أضعف الإيمان.
– السودان هو الدولة الوحيدة التي يوجد فيها أكبر عدد من العسكريين السابقين الذين يشغلون وظائف مدنية في كل القطاعات، كالجامعات، والمعاهد القومية، والبحوث، والشركات الأمنية، وجمعيات حماية المستهلك، ومؤخراً تمت السيطرة على الإذاعة والتلفزيون، وتوظيف جديد اسمه الخبراء والمحللون الاستراتيجيون داعمون للانقلاب، إلخ. وأغلب هذه الوظائف تقدّم في شكل رِشا سياسية ومالية من أجل شراء ولاء العسكريين السابقين للنظام وضمانه، حتى بعد خروجهم من الخدمة. كذلك إن تولّي هذه الوظائف لا يتم بشكل مهني محترف على أساس الكفاءة أو الخبرة، بل من خلال علاقات شخصية وزبائنية، وهو وضع غير موجود في أي دولة أخرى سوى السودان.
ـ السودان فيه أكبر عدد من الولاة العسكريين من القيادات الحالية والسابقة في الجيش والشرطة وجهاز الأمن والمخابرات، وذلك في أكبر عملية عسكرة للدولة والولايات منذ انقلاب البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
من تاجر إبل بسيط التعليم، ثم زعيم ميليشيا، إلى أقوى رجل بالسودان الذي يطمح في ترؤس البلاد، تبدو قصة الفريق محمد حمدان المشهور بـ”حميدتي”، كأنها رواية خيالية تنتمي لحكايات ألف ليلة وليلة، وهي كاشفة لحجم التغييرات الدراماتيكية التي مرت بهذا البلد، ولكن تبدو نهايتها مأساوية للجميع.
بعد بداياته في تجارة الجمال وقيادة ميليشيا عنيفة متهمة بارتكاب فظائع في دارفور، اكتسب الفريق محمد حمدان نفوذاً وثروات في السودان على مدى العقدين الماضيين بالتزامن مع صعوده إلى السلطة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
ويعتقد أنه يريد تولي رئاسة السودان سواء عبر القوة العسكرية أو عبر اكتساب شعبية من خلال العداء للإسلاميين والجيش وتقديم نفسه كممثل لمناطق السودان المهمشة.
أمضى عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، سنواتٍ في حشد الأموال والموارد لصناديق الحرب التي تغذي الآن الحملة العسكرية لكل منهما على الآخر، وهي الموارد ذاتها التي يواجه كل منهما خطر فقدانها إذا خسر المعركة أمام خصمه.
أن كلاً منهما لديه الموارد الاقتصادية لمواصلة الضغط على الآخر في المعركة -التي اندلعت منذ السبت 15 أبريل/نيسان، وأسفرت عن مقتل أكثر من 270 شخصاً حتى الآن- وحافزاً ملحاً لسعيهما للسيطرة على السلطة واستمرار الحرب، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Washington Post.

البرهان ومحمد حمدان المشهور بـ”حميدتي”يسيطران على ثلاثة أرباع الاقتصاد السودانى

ويشرف البرهان على شبكة طويلة الأمد من شركات خاصة ترعاها الدولة، وقد منحت الجيش وحلفاءه السيطرة على قطاعات كبيرة من اقتصاد البلاد، بحسب خبراء معنيين بجمع المعلومات عن هذه الشبكة. وهذه الأصول الاقتصادية موردٌ مهم يعتمد عليه البرهان في رعاية الموالين له.
أما حميدتي، فيقول المحللون إنه يسيطر على شركة عائلية ممتدة تعمل في صناعات مختلفة -أبرزها تعدين الذهب في منطقة دارفور- وتتشابك روابطها مع قوات الدعم السريع التي يقودها. وهو أيضاً وفرت له هذه الأنشطة الاقتصادية مورداً لا غنى عنه لرعاية شبكة أنصاره.
وقال أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس الأمريكية: “الطريقة التي تُدار بها السودان هي الدفع مقابل التحالف، وهذا الدفع إما بالنقد وإما بمنح التراخيص وإما بربط المنتفع بشبكة السلطة السياسية الفاسدة (الكليبتوقراطية)”، ومن ثم، “إذا استوعبت السوق السياسية الدائرة، فستفهم ما يجري في السودان”.
وقال الطيب عثمان يوسف، الأمين العام للجنة إزالة التمكين الرسمية المعنية بتفكيك دور قوات الأمن في الاقتصاد، إن الشركات المملوكة للجيش تمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، والكيانات التابعة لقوات الدعم السريع تشكل النصف تقريباً.
أي إن الطرفين يسيطران على نحو 75 % من اقتصاد البلاد.

الخوف من مصادرة ثروات المؤسسات العسكرية سبب الإنقلاب ضد حمدوك

وأشار يوسف إلى أن تحقيقات لجنته بشأن الشركات المملوكة لقوات الأمن -ومخاوفه أصحابها من تعرض ثرواتهم للخطر- كان له دور في التعجيل بالانقلاب الذي قاده البرهان وحميدتي قبل عامين على الحكومة المشتركة بين المدنيين والعسكريين عام 2021 التي كان يقودها، رئيس الوزراء الانتقالي عبد الله حمدوك.
وعلاوة على بناء الجيش وقوات الدعم السريع إمبراطوريات اقتصادية خاصة، فقد انخرطا كذلك في تعاملات تجارية مع مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر، التي تعاونت مع الطرفين لتوسيع نشاطها في السودان.
واستمرت الخصومات منذ مدة طويلة بين القائدين العسكريين حول تقاسم السلطة ودمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني، لكنها احتدمت خلال الأشهر الثلاثة الماضية في سياق الضغوط التي جرت لإتمام اتفاق يتناول هذه القضايا، حيث يريد البرهان دمج قوات دعم السريع، في الجيش خلال عامين، بينما يريد حميدتي مهلة عشر سنوات وهو ما يعني فعلياً إفراغ المشروع من مضمونه.
بعد اشتعال القتال، أدت الضربات الجوية ونيران الدبابات وقذائف الهاون والمدفعية إلى حرق الكثير من المباني، وتخريب المستشفيات، وامتلاء الشوارع بجثث الضحايا، فضلاً عن الذعر بين العائلات المحاصرة في منازلها من دون كهرباء ولا طعام ولا ماء، في درجات حرارة شديدة الارتفاع، وفي ظل إغلاق النوافذ خوفاً من الرصاص الطائش ورائحة الموت المنتشرة.
وحثَّ السيناتور الأمريكي جيمس ريش، العضو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، يوم الثلاثاء 18 أبريل/نيسان، على فرض عقوبات على الرجلين. ومن الجدير بالذكر أن أياً منهما لم يواجه عقوبات على مشاركته في انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي أطاح الحكومة السابقة، التي ضمَّت مدنيين، ولا حوسب أيٌّ منهما على تورط قوات الأمن في قتل المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية.
ويقول تقرير صحيفة The Washington Post إنه من الأهمية بمكان أن تتضمن أي عقوبات تُفرض لإنهاء القتال النظرَ في المصالح الاقتصادية للقائدين العسكريين، والقطاعات المؤثرة في الضغط عليها.

الجيش يسيطر على التصنيع والتصدير ويخفي ملكيتها

وقال دي وال، من مؤسسة السلام العالمي، إن الجيش بقيادة البرهان يسيطر سيطرة مباشرة على مجموعة كبيرة من أنشطة التصنيع والاستيراد والتصدير. وكثير من الشركات، منها شركات تعمل في قطاعات البنوك والاتصالات وإنتاج النفط والبناء، تقع في أيدي إسلاميين متحالفين مع الجيش.
من جهة أخرى، قال مركز دراسات الدفاع المتقدمة، وهو منظمة مقرها واشنطن حققت في شأن مئات الشركات التي ترعاها الدولة في السودان، إن السيطرة الفعلية على هذه الشركات غالباً ما تكون مخفية خلف عدة طبقات ملكية من الباطن لها.
ويقول خبراء إن المصالح الاقتصادية للجيش جعلته يتردد في التراجع عن السلطة، ومنعته من الاستجابة لمطالب المحتجين المؤيدين للديمقراطية. وأشار مات برايدن، مؤسس مركز أبحاث Sahan Research في نيروبي، إلى أن “أصعب مشكلة فيما يتعلق بالجيش هو سيطرته على حصة كبيرة من الاقتصاد… وهم لا يريدون التنازل عنها بنقل السلطة إلى حكومة مدنية”.

كيف بنى حميدتي ثروته؟ من الطرق والذهب

وقال سليمان بالدو، الخبير في تمويل النزاعات في السودان، إن حميدتي ينحدر من عائلة تجارية ثرية كانت تعمل في تصدير الماشية والواردات الاستهلاكية، إلا أن الحرب اندلعت في منطقة دارفور، مسقط رأس حميدتي، في عام 2003، وكسدت التجارة.
على إثر ذلك، انضم حميدتي إلى ميليشيا الجنجويد التي أشرفت الحكومة على تشكيلها لقتالِ متمردي دارفور. وقال بالدو إن حميدتي ارتفعت رتبته في هذه القوات، وزادت معها مكافآت العقود الموكلة إليه، وعلى رأسها مشروعات المقاولات لبناء الطرق في دارفور. وبعد ذلك، تحولت الجنجويد إلى ما بات يُعرف بقوات الدعم السريع.
وقال بالدو إن عائلة حميدتي إقتحمت بعد ذلك موجة تعدين الذهب التي انطلقت في البلاد عام 2012، وتنوعت تجارتها لتشمل الثروة الحيوانية والعقارات والمصارف ومعادن أخرى.
قوات الدعم السريع أخلت جبل عامر بالقوة
في عام 2017، عمدت قوات الدعم السريع إلى إخلاء منطقة جبل عامر في دارفور بالقوة. وبعدها بوقت قصير، منحت الحكومة امتيازات تعدين واسعة النطاق في جبل عامر لشركة “الجنيد”، وهي مجموعة شركات كبيرة تعمل في تجارة الذهب وقطاع الإنشاءات ويملكها أحد أشقاء حميدتي، عبد الرحيم دقلو – القائد الثاني لقوات الدعم السريع- ولعبد الرحيم ابنان يعملان معه، وفقاً لمعلومات جمعتها شركة Global Witness المعنية بالرقابة على تمويل النزاعات.
وقالت Global Witness إن شركة الجنيد “استحوذت على [حصة] من صناعة الذهب في البلاد، ومن المحتمل أنها تستخدمها لتمويل عمليات [قوات الدعم السريع]”.
في المقابل، لم يرد عبد الرحيم دقلو على الرسائل التي طلبت التعليق على ما ورد في التقرير.
بالإضافة إلى ذلك، حددت Global Witness شركتين أخريين يسيطر عليهما شقيق آخر لحميدتي، ولهما أيضاً تاريخ من التعاون مع قوات الدعم السريع.
لم يكونا متنافسين على الصعيد التجاري
من جهة أخرى، قال عارف الصاوي، مدير موقع Sudan Facts الصحفي الاستقصائي، إنه على الرغم من النزاع الجاري الآن بين البرهان وحميدتي، فإن الجيش وقوات الدعم السريع لم يكونا متنافسين تجاريين ولم يكن أي طرف منهما يتدخل في استثمارات الآخر. بل الجانبين تعاونا في بعض الأحيان،
وأعطى البرهان -على سبيل المثال- حميدتي حصة نسبتها 30% من هيئة التصنيع الحربي السودانية التي تديرها الدولة، وفقاً لتقرير صحفي سوداني أكد موظف بالهيئة المعلومات الواردة فيه.
ولدى الطرفين موارد مالية كبيرة، ولكن قوات الدعم السريع يبدو لديها موارد ذاتية أكبر، بينما لدى الجيش السوداني قدرة على النفاذ لموارد الدولة بشكل أفضل، وتبدو هذه ميزة كبيرة للجيش، ولكن يمكن للدعم التحول لمحاولة الحصول على موارد من الدولة، وهو ما قد يمثل مشكلة إضافية للسودان، وقد يؤدي لمشكلات مع السكان وترسيخ لتقسيم النفوذ في البلاد بين الجيش والدعم.
وفي الوقت ذاته فإن قدرة الجيش على الاستمرار في الحرب اعتماداً على موارد الدولة، سيعني مزيداً من الأعباء على السودانيين واقتصاد البلاد المنهك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى