آخر الأخبارتراند

ماركيز دى”ماكرون يحيى نزعات الرب السادية لماركيز دى ساد

ولد دوناتيا ألفونس فرانكو المعروف باسم "ماركيز دو ساد" في باريس، يونيو عام 1740

تقرير إعداد الباحث والمحلل السياسى

د.صلاح الدوبى 

الأمين العام لمنظمة اعلاميون حول العالم

ورئيس فرع منظمة اعلاميون حول العالم 

رئيس حزب الشعب المصرى 

جنيف – سويسرا

ماركيز دو ساد

ماركيز دو ساد هو أرستقراطي وفيلسوف وكاتب فرنسي تتصف أعماله بأنها جنسية مباشرة، ينسب إليه مصطلح السادية Sadism، وقد ولد في باريس عام 1740، وتجسد أعماله الإجرام والتجديف ضد الكنيسة الكاثوليكية، وقد كان إبان الثورة الفرنسية نائباً منتخباً في المؤتمر الوطني، إلا أنه قضى الأعوام الثلاثة عشر الأخيرة في مستشفى المجانين وتوفي عام 1814.

بعد أن غازل الناخبين المسلمين الجزائريين والعرب في انتخابات 2017، بقوله إن “الاستعمار جريمة ضد الإنسانية”، كشف الرئيس إيمانويل ماكرون، عن وجهه الحقيقي المعادي للإسلام، بتأييده نشر الصور المسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، قبيل نحو 16 شهرا من رئاسيات 2022.

لم يتجرأ أي رئيس فرنسي على استعداء أكثر من مليار وثمانية الف مليون مسلم بهذا الشكل الفج والعنيف والصادم، مثلما فعل ماكرون، الذي أعلن أن بلاده لن تتخلى عن “الرسوم الكاريكاتورية” المسيئة والمنشورة على واجهات المباني بعدة مدن فرنسية بينها تولوز ومونبولييه (جنوب)، التي يقيم فيها عدد كبير من المسلمين خاصة من البلدان المغاربية.

وقبيل 16 شهرا من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يزايد ماكرون على اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان، لاستقطاب أكبر قدر من أنصاره إلى معسكره، من خلال الهجوم بشكل عنيف على الإسلام والمسلمين بدون استثناء، بعد أن استهدف رمزا من رموزهم، التي عليها إجماع باختلاف طوائفهم واتجهاتهم وجنسياتهم.

وها نحن نرى سباق أوروبا والمثقفين الغربيين من كُتّاب ومخرجين وسياسيين ومفكرين وفنانين في توجيه الإهانات “العميقة” للإسلام، وسبق ذلك في بداية القرن العشرين بحثٌ محموم لتقديم الإسلام  بطريقة مشوّهة تدعو إلى الرثاء، وجرت قراءة الإسلام وتفسيره بمناهج البحث الغربية وبالمنطلقات القيمية والمعرفية الغربية،  فأصبح الإسلام ظاهرة “ضد المدنيّة والتقدم” باعتباره ديناً مُسلّحاً يخلو من الطرب والخمر وحرية النساء وحرية الغلمان، وليس من الغرابه أن دعت العلمانية إلى مذهب “العلمانية” وسنت القوانين وسيرت المظاهرات تأييدا لهذا المذهب.

ماكرون يستعير من لوبان كلماتها القبيحة”قناع الخوف”

كاهنة الخوف الكبرى”، بهذه الكلمات القبيحة وصف ماكرون، مارين لوبان، منافسته في الدور الثاني للرئاسيات التي جرت في فبراير/شباط 2017، منتقدا خطابها العدائي ضد المسلمين والمهاجرين على فرنسا وثقافتها العلمانية.

لكن ماكرون الرئيس في 2020، يتقمص نفس دور “كاهنة الخوف” في معاداته للإسلام والمسلمين، ورغبته في خوض حرب ضد ما وصفه بـ”الانعزالية الإسلامية” على طريقة “دونكيشوت ديلامانشا” في قتاله لطواحين الهواء.

المسلمون فى فرنسا تحت التهديد بسبب خطاب الكراهية

لكن حرب “الكراهية ضد الإسلام” التي يسعى ماكرون لإشعالها، تسببت لحد الآن في مزيد من الاعتداءات العنصرية ضد المسلمين، على غرار الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له محجبتين من أصل جزائري، الأربعاء، حيث تم طعنهما بسلاح أبيض أسفل برج إيفل بباريس.

وبعد يوم واحد فقط، تعرضت فتاتين تركيتين للعنف والتمييز من الشرطة الفرنسية، وأصيبت إحداهن بجروح.

لكن هذين الاعتداءين لم يحركا في ماكرون ساكنا، ولم يُدن التطرف والعنصرية الممارسين ضد النساء المسلمات خاصة، ولم يهدئ حالة الشحن ضد المسلمين، وهو بذلك يحاول إشعال حرب أهلية في بلاده، من خلال بث الكراهية ضد المسلمين، متجاهلا أنهم أصبحوا يمثلون الديانة الثانية في فرنسا.

والمشكلة هنا أنهم يهاجمون إسلامنا وينهبون ثرواتنا ويحتلّون أرضنا ويغيّرون مناهجنا ويعلّموننا الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية المرأة وحرية الشذوذ أيضاً!

ومنذ العام 1830 وحتى هذه اللحظة ونحن لم نتعلّم شيئاً سوى الفوضى والتفكّك ومزيداً من التشظّي  والتخلّف دون أن نتخلّى عن الاسلام..  إذن، هناك مشكلة حقيقية،  وبدلاً من ميلاد أنظمة ومجتمعات تتعلّم من الغرب وتسير على هديه ومنهجه،  فقد زرع الغرب في بلادنا “إسرائيل” لتكون لنا نموذجاً يُحتذى في احترام حقوق الانسان وحقوق الغلمان أيضا،  وبدلاً من أن تسير خطط التنمية والتقدم والتحرر في بلادنا، فقد ضرب الغربُ بيديه، أو بأيادٍ إسرائيلية، كل  علامات التقدّم والتنمية.. وهكذا فإن بلادنا التي تسبح على بحار النفط والذَّهب والفوسفات، تحوّلت – بقدرة قادر – إلى أفقر بقاع الأرض، وتحوّلت مجتمعاتها، التي تربط بينها روابط اللغة والتاريخ والهدف، إلى أكثر المجتمعات فرقة واختلافاً ودموية وفوضى واستلاباً..

وبعد كل هذا الظلم والاحتلال والاستغلال والإهمال والقتل والهدم والتفكيك والتهميش والتحقير، يأتي “رئيس ما فى دولة ما!!!” أو “مثقف ما” أو “مفكّر ما” أو “سياسي ما” ليعلّمنا الإسلام الصحيح واللغة الصحيحة والديمقراطية التي لا مثيل لها!  فنغمة المستشرقين الأوائل الذين كتبوا تقاريرهم للمخابرات ومن ثم حوّلوها إلى كتب علمية تناقلها بعض مثقفينا العرب، وجعلوا منها هاديهم ونبراسهم، تتكرر اليوم بالطريقة ذاتها، ولكن باختلاف أن من يُصدر النغمة هم السياسيون والقادة الأقلّ ثقافة أو قُل الأكثر غباءً في العالم.

عناصر شرطة يضربون منتِجا موسيقيا

وحتى نضع الأمور في نصابها الصحيح، وحتى لا نضيع في متاهات وردود أفعال انفعالية ونتحوّل إلى مدافعين عمّا أُلصق بنا وبديننا من اتهامات باطلة، فإن من دواعي الحق والحقيقة القول إن  كل هذا يَصُب في خانة واحدة، عنوانها الكبير والصغير: السيطرة على منطقتنا العربية والإسلامية خدمةً لهدفين اثنين لا ثالث لهما.. نهب ثرواتنا من جهة، وحماية إسرائيل من جهة أخرى، ولا شيء ثالث.

ونرجع بالتاريخ قليلا ؛ ففي يوم 18 تشرين الثاني من العام 1095 – أي قبل ألف سنة وأكثر – وقف البابا أوربان في مدينة كليرمونت بفرنسا وقال أمام ثلاثمائة وعشرة من الأساقفة والقساوسة ما ننقله بالنص هنا: “يا خزينا، يا عارَنا، اذا ما انتصر جنسٌ يتّسم بهذه الحقارة والانحطاط وتستعبده الشياطين والعفاريت، على شعب أنعم الله القدير عليه بالإيمان وتباهى باسم المسيح”.

في هذا الخطاب الذي  شكل الأساس لما عُرف في حينه بالحروب الصليبية، وصف البابا المذكور المسلمين بهذه الأوصاف “الجنس الخسيس، الكفار، البرابرة، الأتراك”  وهذا الكلام لا نتقوّل به على أحد، بل هو وارد في كتاب لقسيس يدعى فوشية الشارتري بعنوان “تاريخ الحملة إلى القدس، وكان هذا المؤلف القسيس أول قسيس صليبي في أول إمارة صليبية أُقيمت في بلادنا.

وبعد ألف سنة ويزيد، سمعنا أن الإسلام مأزوم ؟!.. وقبل سنوات قليلة، سمعنا من جديد أن الإسلام مأزوم ومتشظ أيضا!

وأن الحضارة الغربية أفضل من الحضارات الإسلامية، وأن الإسلام متوحّش، وأن هناك إسلاميين: واحد ليبرالي مسالم وطيّع وناعم ومقبول، وآخر إرهابي ومتعصّب ومتزمت، وأن المسلمين نوعان: معتدل ومتشدد، وأن الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية مختلفة ومتنوعة باختلاف قربها وبعدها عن ماكدونالدز وكوكاكولا وبريتني سبيرز، ولا أحد يتحدث عن النفط أو عن إسرائيل!

آخر شيء تحتاجه أوروبا هو الاضطرت ابافي فرنسا حيث تسبق انتخابات الاتحاد الأوروبي بأربعة أشهر والتي تخشى أوروبا صعود القوى اليمينية القومية فان احتجاجات فرنسا وحالة الفوضى التي اجتاحت باريس على مدى الأسابيع الماضية سيكون لها تأثير كبير ليس فقط في فرنسا بل أيضاً في كل أوروبا.

فاذا كانت قد اندلعت أحداث مشابهة في الوطن العربي فقد أمكن تفسيرها حيث حركة الشعوب بلا قيادة وذلك لأن النظم العربية كانت قد تمكنت من سحق أية قيادة بديلة أو معارضة لها اما في السجون أو منفيون خارج بلدانهم مع استقطاب النخب بالتخويف أو بالاغراء وهذا ما يفسر الشعوب العربية التي تفتقد للزعامات.

لكن أن يحدث ذلك في بلد المؤسسات العريقة والأحزاب والنقابات المنظمة وكل تلك تضج بالقادة والرؤوس فهذا لا يمكن فهمه بل يشكل خطراً على الديمقراطية وعلى النظام القائم في فرنسا والذي استهلك كل هذا الزمن الطويل منذ الثورة الفرنسية ليستقر على شكله الحالي كأرقى النظم السياسية والادارية في مأسسة الاختلاف وتنظيم المجتمع في أحزاب ونقابات ومرجعيات.

لم تكن هناك مرجعيات لأصحاب السترات الصفراء الذين اندفعوا محطمين كل شيء لدرجة أن الشرطة الفرنسية اقتلعت المقاعد الحديدية من الساحات العامة حتى لا يستخدمها المتظاهرون كعصى معدنية لتحطيم واجهات المحلات والبنوك والمباني وهنا نتحدث عن انفلات لم تشهده فرنسا من حيث الكيفية صحيح أن فرنسا مرت قبل ذلك باضطرابات كتظاهرات الطلاب مثلاً ولكن بوجود قيادة كان يمكن التوصل معها الى اتفاق ولكن احتجاجات الحالية غريبة عن تلك التقاليد هذا ما دعا الرئيس الفرنسي أن يخاطب مجموع الشعب الفرنسي لغياب المفاوضات أو القابات تماماً كما فعل زعماء الدول العربية مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى وغيره عندما لم يجدوا من يفاوضونهم فدفنوا ثمن غياب رؤوس المعارضة وصناعة نقابات وهمية وموالية.

خطورة الأمر أن ما يحدث في فرنسا يتجاوز هذا الارث نحو شعبوية مقلقة آخذة بالتنامي على مستوى العالم تنذر بتغير شكل النظم السياسية العريقة حد الانهيار ولم يكن انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب سوى أحد تجلياتها العابثة وهو ما عبر عنه ستيف بانون مهندس الحملة الانتخابية لترامب الذي قال في اجتماع في بركسل “باريس تحترق والمشاركون في مسيرات السترات الصفراء هم بالضبط نوع الأشخاص الذين انتخبوا دونالد ترامب وصوتوا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.

وفي خضم هذا كله خرج علينا البابا الألماني بنيديكت أو بنيديكتوس أو كلاهما،  ليفاجئنا الرجل بأنه فكه وطروب وصاحب ابتسامة تقطر إيماناً وتفهّماً وتقوى وقداسةً، ويفاجئنا أيضا أنه لم يتقدّم قيد أنملة عمّا قاله أوربان قبل أكثر من ألف عام، رغم الانفجار المعرفي وتوالد محطات التلفزة الفضائية وانتقال العالم من غابة إلى مجرد قرية صغيرة تشرب الكوكا كولا وترقص على أنغام الروك والبلوز والفانكخرج علينا هذا الرجل في الوقت الذي لم يعد في الغرب ما يبهر سوى قوته، ليس إلاّ، فحكايته حول تعريف العالم وتفسيره لم تعد مقنعة، حتى هو لم يعد يُصدقها.

بابا روما، ذاك، إذن، لم ينتبه ولم يتعلّم ولم يقرأ ما حدث طيلة ألف سنة وأعاد القصة إلى أولها، أي أن البابا المشار إليه قدّم الغطاء الديني اللازم من أجل السيطرة على منطقتنا بالحديد والنار، فما دمنا نتبع نبيّا لم يأتِ إلاّ بالسّيء والشرير، فلماذا لا نصفّى ونذبح وتؤخَذ منّا أراضينا وثرواتنا، ولماذا لا تتمتع إسرائيل بخيرات هذه المنطقة، ولماذا لا نغزى في عقر ديارنا، ونحرم حتى من شمّ الأزهار ؟!

ومن يقطع أحد الحواجز العسكرية الاحتلالية في الأراضي الفلسطينية سيعرِف وسيلمس معنى تصريح ذلك البابا هذا!  إذ لأنك عربي ولأنك مسلم تموت زوجتك على حاجز “زعترة”! إن موت هذه الحامل على ذلك الحاجز وتحت عدسات الكاميرا ..تشكّل فضيحة أخلاقية لكل الحضارة التي ينتمي اليها البابا.

لقد صوّر ذاك البابا المسلمين ودينهم على أنهم غير عقلانيين يتّبعون ديناً “يستعبدهم فيه الشياطين والعفاريت” كما قال أوربان قبل ألف سنة تقريباً، كما أنهم يدينون لنبيٍّ لم يأتِ سوى بالسّيء والشرير، وأن المسلمين لا يستطيعون نقاش ربّهم باعتبار أن إرادة الله فوق عقلهم لأنهم يمتنعون عن نقاشها أو رفضها.

ولم نقع هنا في ردة الفعل بحيث نشرح للسيد المبجل والمقدس ديننا، أو موقع العقل في هذا الدين وما هو دور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في تقدم الكون كله، ولا عن معنى الإسلام وعلاقته بالآخرين، يكفي هنا أن نقول إن إيماننا لا يكتمل إلاّ بالإيمان بسيدنا المسيح وبقداسة أمه مريم عليهما السلام .

ما أريد أن أقوله هنا هو تذكير البابا القديم بما تمّت خيانته من المسيحية الحقيقية، وما تمّ من عمليات “إنسانية” في تفسير إرادة الله وعقلنتها إلى درجة أخرجت الأمر كلّه إلى ساحة السخرية والعبث،  وما تمّ من تجسير المسافة بين الله والإنسان إلى درجة أن تحوّل بعض الأشخاص ومنهم البابوات إلى تنازع السلطة مع الله والمسيح نفسه.

واضح أن هناك خللاً ما،  خللاً كبيراً يجب إصلاحه .. فإذا كان أوربان – قبل أكثر من ألف سنة – أشعل حرباً بحجة أنها “إرادة الله” لمدة ثلاثمائة سنة، فإن ماكرون رئيس فرنسا، لم يشعل الحرب .. ولكنه يزيد أُوار جمرها المستعر  تحت الرماد، ليسرّع النهاية، التي ستكون طامّة على الجميع.. وهذا ما لا نتمنّاه. لكن على الغرب أن يُعيد قراءة الأمور ويتبصّر أكثر.. إن كان معنيّاً بالاستقرار والتعايش والسلام.. وللأسف لستُ مطمئناً ولست متفائلاً في هذا الشأن .. والسبب ميراث أوربان المتغلغل في الوعي الجَمْعي الغربي، ووريثه ماكرون.

فعندما يهاجم ماكرون الإسلام، ويدافع عن الصور المسيئة للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم فكأنه يطلق رصاصة على رأسه، لأن نحو خُمس شعبه مسلمون، وجزء كبير منهم له حق الانتخاب.

وإذا انتفض المسلمون فى فرنسا في الشارع أو في صناديق الانتخاب فلن يخدم ذلك خطط ماكرون للبقاء في قصر الإيليزيه إلى غاية 2027، فهل ستعيده براغماتيه إلى صوابه؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى