آخر الأخبارتحليلات

ماكرون يجنى ثمار كرهه للإسلام فى منديال قطر 2022 من الشعوب العربية

مبروك عودة الإعلامى الكبير

السيد عبد الهادي بوسنينة

الأمين العام المساعد لمنظمة “إعلاميون حول العالم”

كان مشجعو فريق الأرجنتين أكثر من مشجعي فريق فرنسا في نهائي كأس العالم قطر 2022 وخصوصاً في الدول العربية والإفريقية والإسلامية، حسب وجهة نظر الأغلبية أرى هناك أربعة أسباب

لا زالت ذكريات إساءة فرنسا لرسول الله منذ عامين، واعتبار فرنسا تلك الإساءة لرسول الله حرية رأي ما زالت عالقة في أذهان معظم المسلمين الذين يعظمون رسول الله ولا يقبلون أي إساءة له.

التاريخ الاستعماري لدولة فرنسا في الدول العربية والإفريقية والإسلامية، فهناك من ينظر إلى دولة فرنسا وتاريخها الاستعماري ولا يستطيع أن ينساه في الدول العربية والإفريقية بينما الأرجنتين ليس لها هذا التاريخ الاستعماري.

تشجيع المسلمين والعرب للأرجنتين

خروج المغرب في الدور النصف النهائي على يد فرنسا من كأس العالم بعد أن تعلقت قلوب العرب والأفارقة والمسلمين بانتصارات فريق المغرب، وزيادة الطموح في أن ترفع المغرب كأس العالم؛ ما جعل هناك شيئاً في النفوس من فريق فرنسا ورغبة من المشجعين العرب والأفارقة والمسلمين في عدم حمل فريق فرنسا لكأس العالم أيضاً بعد أن حرمهم من أن يروا تلك اللحظة التاريخية.

إن كأس العالم هذا ربما يكون آخر كأس عالم سوف يلعب به ميسي، وهناك رغبة من جميع جماهير الكرة في الدول العربية والإفريقية والعالم أيضا أن يحمل ميسي كأس العالم هذا، ويكون ختاماً جميلاً لمسيرته الكروية الحافلة بالإنجازات، وفي رأيي هذه هي الأسباب الأربعة، وربما لكل مشجع من المشجعين العرب والأفارقة والمسلمين واحد من تلك الأسباب أو أكثر لتشجيع الأرجنتين للفوز على فرنسا، وفي الآخر لكل مشجع الحق في أن يشجع ما يريد من الفرق.

فبينما كان العداء ضد أمريكا يسيطر على المنطقة منذ عقود، بسبب دعمها لإسرائيل وحروبها خاصةً غزو العراق 2003، كان يُنظر إلى فرنسا على أنها البلد الغربي الأكثر تفهماً للحقوق العربية، والأقل انحيازاً لإسرائيل، كما أنها البلد الذي رفض في عهد رئيسها الأسبق جاك شيراك مع ألمانيا وروسيا بقوةٍ الغزو الأمريكي للعراق، عام 2003 ولم يمنحوه الشرعية الدولية عبر التلويح بحق الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار أمريكي يبرر الغزو.

ولم ينسَ العرب مناظرة وزير خارجية فرنسا، دومينيك دوفيلبان آنذاك، في مجلس الأمن مع نظيره الأمريكي كولين باول، الذي بدا هو نفسه غير مقتنع بما يقوله.

ولكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقبله نيكولاي ساركوزي وبصورةٍ أقل الرئيس فرانسوا هولاند، تطوعوا باستعداء المشاعر العربية وقدموا باريس باعتبارها رجل الغرب الشرير في أعين العرب، بعد أن ظل هذا اللقب لعقود حكراً على أمريكا قبل أن يحاول الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، التخلص منه عبر تقديم خطابٍ أكثر إيجابية تجاه العرب والمسلمين كما بدا واضحاً في خطابه الشهير بجامعة القاهرة عام 2009.

باريس خلال السنوات الماضية، لم تضيّع أي فرصة لاستفزاز مشاعر المسلمين والعرب بشكل بدا تافهاً في كثير من الأحيان، والأهم أن كل ذلك جاء بلا أي مكاسب استراتيجية، باستثناء بعض المكاسب الانتخابية غير ذات القيمة في حقيقة الأمر.

بالرغم استعمار بلاده الأسود لإفريقيا.. ماكرون يواصل السير على نهج أسلافه

الرؤساء الفرنسيون على امتداد تاريخ جمهوريتهم، لم يكلفوا أنفسهم عناء إبداء الندم عما فعله أسلافهم وأجدادهم بحق شعوب تلك القارة، ولا حتى تقديم الاعتذار عن المجازر التي ارتكبوها

ولم يقدم الرئيس الفرنسي في تصريحاته حتى مجرد اعتذار عن التاريخ الدموي لبلاده، كما لم يعطِ ولو إشارة واحدة بخصوص رفع يده عن اقتصاد القارة السمراء ومواردها، بل حاول التقليل من أثار ذلك الاستعمار وتداعياته.

وثمة اتهامات لفرنسا تقول إن الأخيرة من خلال وجودها العسكري في عدد كبير من البلدان الإفريقية تستغل مواردها مثل الحديد والنفط من أجل مصالحها.

رغم أن بشاعة ماضي باريس الاستعماري في المنطقة لا تضاهيها دولة غربية أخرى، وفي الأغلب لا يفوقها إلا المغول وحشية، فإن فرنسا كانت دوماً تحتل مكانة بارزة في الثقافة العربية.

تجدر الإشارة أن فرنسا لها ماضٍ أسود في إفريقيا بدأته بحملات استعمارية في العام 1524، حيث شملت أنشطتها الاستعمارية أكثر من عشرين دولة غربي وشمالي القارة السمراء بسطت سيطرتها عليها. إذ أن 35 في المئة من تلك القارة ظلت تحت السيطرة الفرنسية طيلة 300 عام.
دول مثل السنغال، وساحل العاج، وبنين، استخدمت في تلك السنوات كمراكز لتجارة العبيد لفرنسا. فضلًا عن استغلال باريس لموارد تلك الدول ونهب ثرواتها.

من ناحية أخرى قامت فرنسا بممارسات شديدة العنف لقمع الثورات التي قامت بها شعوب الدول التي جعلتها تحارب في صفوفها خلال الحروب العالمية، على وعدٍ بمنحها الاستقلال.

وأسفرت فترة الاستعمار التي استمرت زهاء 5 قرون، وكذلك حروب الاستقلال، عن مقتل أكثر من مليوني إنسان.

وقبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية، اندلعت مظاهرات بالجزائر التي حاربت إلى جانب فرنسا في تلك الحرب على أمل نيل الاستقلال، قتل خلالها الجنود الفرنسيون آلاف الجزائريين.

واستمرت تلك الممارسات بشكل ممنهج حتى نالت الجزائر استقلالها بعد مجازر 8 مايو/أيار 1945 التي شهدت عمليات قتل ارتكبتها قوات الاحتلال الفرنسي ضد الشعب الجزائري، وشملت معظم أرجاء البلاد ومن أهم المناطق هي سطيف والمسيلة وقالمة وخراطة وسوق أهراس، بعد أن قامت الشرطة الفرنسية بقمع المظاهرات فيها يوم إعلان انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

وفي حرب الاستقلال الجزائرية قتل 1.5 مليون جزائري تقريبًا على يد الفرنسيين. وفضلًا عن ذلك تركت فرنسا المجتمع الجزائري وجهًا لوجه مع مجزرة ثقافية. إذ تسببت وبشكل كبير في محو التاريخ العثماني الذي استمر 300 عامٍ، فضلًا عن تسببها في طمس الهوية المحلية للجزائر.

كان لفرنسا وجهان بالمنطقة: وجه استعماري بغيض، ظهر أول مرة بالعصر الحديث في حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798، وتجلى في أبشع صوره في احتلال الجزائر عام 1830، وما تبعه من جرائم الإبادة الجماعية بحق شعبها والتي تراوحت أهدافها بين محو الهوية العربية الإسلامية الأمازيغية للجزائر أحياناً ومحو الشعب الجزائري نفسه أحياناً أخرى، إلى سيناريو أقل عنفاً تجرى فيه محاولة بناء نظام عنصري يصبح فيه الجزائريون مواطنين من الدرجة الثالثة في وطنهم الذي يجري دمجه بفرنسا تحت اسم “فرنسا ما وراء البحار”، فتنكر على الجزائريين كونهم ينتمون لأمة مستقلة ولا تجعلهم في الوقت ذاته مواطنين فرنسيين!

وبلغ هذا الوجه الاستعماري الفرنسي نقطة مفصلية في العدوان الثلاثي عام 1956، عندما تآمرت باريس مع بريطانيا وإسرائيل ضد مصر في بداية حكم الرئيس عبد الناصر، بسبب دعمها للثورة الجزائرية في ذلك الوقت.

بل إن النزعة الاستعمارية الفرنسية المعادية للعرب بلغت حداً كاد يلحق الضرر بفرنسا ذاتها عندما حاول المستوطنون الفرنسيون في الجزائر تنظيم انقلاب ضد الرئيس شارل ديغول عام 1961؛ لإجرائه مفاوضات مع قادة الثورة الجزائرية.

فرنسا فازت بأموال العرب خصوصا الرؤساء الدكتاتوريين

وأعطت هذه المعادلة لفرنسا ميزات عدة، فتحت لها أبواب العالم العربي خاصة غير الحليف لأمريكا، فنالت باريس حصة كبيرة من مشروعات الطاقة والسلاح والبنية الأساسية في المنطقة، كما قدمت نفسها في صورة مناقضة للإمبريالية الأمريكية، حتى كاد العرب ينسون استعماريتها القديمة.

ولكن حتى في تلك الفترة، عاودت الاتجاهات المعادية للعروبة والإسلام الظهور في فرنسا، ليس فقط عبر اليمين المتطرف الذي كان يقوده جان ماري لوبان والد الزعيمة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، ولكن أيضاً في اليمين الفرنسي المحافظ الذي يلامس التطرف والذي يشارك في الحكومات عادة وله دور في الملفات الداخلية خاصة.

فمع تعرُّض أوروبا لأزمات اقتصادية في السبيعينيات والثمانينيات، تحوَّل الترحيب بالمهاجرين القادمين من المغرب العربي لبناء البلاد، إلى عداء تداخَل مع الهوس الفرنسي القديم منذ الثورة الفرنسية بإذابة التنوع الثقافي والإثني، فبات همُّ ساسة فرنسا الفصل بين عرب فرنسا وأمازيغها وأهلهم في شمال إفريقيا لينسوا هويتهم الدينية والثقافية وليصبحوا فرنسيين فقط، كما فعلت باريس بسكان جنوب وشمال غربي البلاد، من خلال إجبارهم على نسيان لغاتهم الأصلية.

ومع ذلك ظل هذا الجدل مرتبطاً بالانتخابات البرلمانية إلى حد كبير، ولكن مع نهاية عهد شيراك بدأ هذا الأمر يتصدر أجندة الانتخابات الرئاسية، كما بدا واضحاً في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولاي ساركوزي، الذي ثبت أنه تلقى رشى من القذافي ثم قاد حملة إسقاطه عسكرياً.

ولكن ساركوزي على نزعته اليمينية كان يميل إلى التفاوض مع زعامات مسلمي فرنسا والتمييز بين المتطرف والمعتدل بينهم، وبدا أنه يرى في السلفيين تحديداً خطراً، وأنه يريد حشد المنظمات الفرنسية الإسلامية الأخرى ضدهم.

ماكرون يصعد الخطاب المستفز للعرب والمسلمين بعد أن دعموه بأصواتهم أثناء الإنتخابات

إلى أن جاء ماكرون في انتخابات 2017، وقدَّم نفسه كزعيم لبيرالي وسطي شاب، يدعم العولمة، وضمنها استقبال الهجرة، ويطالب علناً بتخفيف غلواء العلمانية الفرنسية وبالأخص موقفها من الإسلام في الحياة العامة، لينال أصوات معظم المنظمات الإسلامية في فرنسا وضمنها تلك التي هاجمها بعد ذلك، ومنها ما يُنظر إليه على أنه قريب من الإخوان المسلمين.

وبعد فوزه وتعثُّر تجاربه الإصلاحية جراء المعارضة الداخلية مثل حركة السترات الصفراء، عاد ماكرون ليسلك الطريق السهل لأي زعيم فرنسي.

فأولاً سار على خطى سلفه فرانسو هولاند في دعم الثورة المضادة للربيع العربي، بعد أن كانت باريس تشجع العرب على الثورة من أجل الديمقراطية.

ولم يحاول ماكرون التبرؤ من إساءة مجلة فرنسية إلى الرسول بل دافع عنها، وكان بإمكانه أنه يقول إنه لا يستطيع منعها بحكم حرية التعبير في فرنسا، ولكن كان يستطيع النأي بنفسه عنها، إلا أنه بدلاً من ذلك قال إن “الإسلام دين في أزمة”، واختلق خطاب الانفصالية الإسلامية ليفرض قيوداً على المسلمين تذكّر بمحاكم التفتيش، وأنكر وجود الجزائر كأمَّة، وفرض مزيداً من القيود على الحجاب بعدما كان يطالب بتخفيفها.

والنتيجة تعرضت فرنسا لموجة عداء غير مسبوقة في العالمين الإسلامي والعربي، ومطالبات بمقاطعة المنتجات الفرنسية ،علماً بأن نصيب العالم الإسلامي في تجارة باريس الخارجية كبير مقارنة بعلاقات باقي الدول الغربية بالعالم الإسلامي.

ورغم أن صفقات السلاح الفرنسية ما زالت تتوالى على المنطقة، فإن باريس تحصل على أموال العرب وليس حبهم هذه المرَّة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى