آخر الأخبارالأرشيف

متى يتم إعلان الشرق الأوسط الجديد بسيطرة إسرائيلية؟

وسط تزاحم الأحداث وتسارع عناوينها والتعاون بين دولة الكيان و الحكومات العربية  على الساحة الدولية والإقليمية، باتت الرؤية العامة لمنطقتنا الشرق أوسطية تسيطر عليها صور أقرب إلى الرسم السوريالي منها إلى المنطق والواقع.

هذا ما يوضّح أمام القارئ والمحلّل أنّ هناك خطة  ممنهجة ومتّبعة لضرب كيان المنطقة، إذ بات من المستحيل العودة إلى السابق في ظلّ حاضر يعيش مرحلة المخاض العسير، ومستقبل مبهم المعالم، 
وسط أحداث مفاجئة غير متوقّعة، كالاستدارة الكبيرة لتركيا نحو روسيا بعد الانقلاب الفاشل الذي حصل على أرضها.

1
لم يعد يخفى على أحد أنّ مصير المنطقة قد دخل في دوامة المجهول، التي يتصارع فيها مجموع القوى العالمية والإقليمية. فللأحداث الدائرة قوة تغييرية تعمل على إعادة وضع السيناريوات الجديدة.
بعد إفشال المشروع القومي الذي طرحه جمال عبد الناصر مع وصوله إلى الحكم، زجت بالمنطقة تحت سيطرة المشروع الصهيوني الذي طرحته الإدارة الأميركية، حيث عمل على تفرقة الشعوب العربية مناطقياً ومذهبياً، 
من خلال زرع الشقاق والتقاتل في ما بينهم. ومع هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على القرار العالمي، تسارعت الأحداث في المنطقة، منذرة بإعلان مشروعها القديم – الجديد الذي تحدّث عنه وزير خارجيتها السابق هنري كيسنجر، 
وهو «مشروع الشرق الأوسط الجديد».
أعلنت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس في حرب 2006 بدء ولادة هذا المشروع، إذ ارتكزت الإدارة الأميركية يومها على سلّة من التقارير التي تشير إلى نهاية قوة الممانعة في الشرق، وأنّ سياساتها باتت أقرب إلى التطبيق.

اسرائيل
لقد عملت الإدارة الأميركية منذ تسلّمها رسمياً مفاتيح الحلّ والربط في المنطقة إلى تطبيق خطّتها الساعية إلى:
ــ ضمان أمن إسرائيل والحفاظ على وجودها في المنطقة وجعلها الدولة الاقوى فى الشرق الاوسط بتسليحها بكافة الاسلحة الحديثة ، لأنّ الأخيرة قدّمت ذاتها كحارسة أمينة للمصالح الأميركية في المنطقة.
ستعيش المنطقة
مرحلة المخاض الأليم قبل الولادة النهائية لدولة اسرائيل 

ــ ضمان استمرارية قيادتها للمنطقة من خلال المحافظة على السيطرة على آبار النفط والتحكّم في أسعاره كسياسية تعتمدها للضغط على كلّ من يقف في وجه أطماعها. 
هنا يرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن ما يجري في أسواق النفط اليوم يعدّ عقاباً جماعياً (اتّفق منتجو النفط الكبار في العالم والولايات المتحدة، رغم خسارتها من النفط الصخري،
 على خفض الأسعار من أجل معاقبة كلّ من روسيا وإيران على سياساتهما العدائية لأميركا).
ــ ضمان الأسواق العربية كمستهلكة للمنتجات الأميركية، لا سيما تجارة الأسلحة اليوم، في ظلّ التقاتل الدائر في المنطقة، إذ وفقاً لدراسة أعدّها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، «سيبري»، 
حول تجارة الأسلحة في العالم بين عامي 2010 ــ 2014، فإنّ الولايات المتحدة تأتي في الصدارة بنسبة 31% من نسبة تصدير الأسلحة إلى المنطقة.
مع دخول المنطقة في ثورة الربيع العربي، دخلت معها مجموعة من الدول الكبرى التي حاولت كلّ منها تطبيق مشروعها. هذا ما جعل الصراع يتأجّج أكثر فأكثر، خصوصاً مع تداخل المصالح وتوسّع رقعة القتال جغرافياً، 
ما أنتج جملة من المشاريع للمشروع الأميركي والحلم الاسرائيلى .
أما أبرز هذه المشاريع:
ــ مشروع التطبيع مع اسرائيل والذى بداء مع مصرفى قطاع الزراعة: والاتفاقات في هذا القطاع قطعت اشواطاً طويلة وكان التعاون الزراعي كبيراً نظراً لتطور الصهاينة في مجال الزراعة والري، وقد قال أحد المسؤولين الصهاينة ويسمى (هوفر) “إن العلاقات بين مصر واسرائيل في مجال الزراعة وصلت إلى نتائج طيبة ومهمة جداً”.
اما التطبيع مع  الأردن كان أول علاقات دبلوماسية رسمية بين الأردن وإسرائيل كانت منذ عام 1994, عندما وقعت معاهدة السلام بين البلدين. واثمر هذا السلام الى خط سكة حديد بين البلدين حيث قالت وزارة النقل الإسرائيلية «إن خط السكة الحديد الجديد الذي بني بتكلفة تقارب مليار دولار والمقرر افتتاحه في شهر أكتوبر يحمل في طياته بعض الأمل. حيث إن التجارة عبر إسرائيل ازدادت في السنوات الأخيرة ,
 و هناك ازدياد في تداول البضائع التجارية بين إسرائيل والأردن في معبر الشيخ حسين بمعدل 65% بين عامي 2010 و2015، واستخدمت عدد من شاحنات البضائع والحاويات هذا الطريق أربعة أضعاف مقارنة مع الفترة الماضية.
اما التطبيع مع دول الخليج فكان البداية مع السعودية فكان عمل رحلات جوية بين مطار جدة ومطار بن غربون حيث قال  نتنياهو “تأتي في إطار سعي تل أبيب إلى كسر العزلة المتزايدة عليها في المحيط العربي المعادي وبدأت أولى فصولها مع الخصوم السابقين”.
منذ أن جرى الانتقال الى مرحلة العلاقات العلنية بين السعوديين والإسرائيليين، كان واضحاً أن ما يجري جزء من مسار تصاعدي، له ما قبله وما بعده، وسيجّر معه ووراءه أطرافاً خليجية أخرى لم يكن مفاجئاً الكشف عن مناورات مشتركة بين سلاح الجو الإماراتي، ومعه الباكستاني، مع سلاح الجو الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وايضاً، لن يكون مفاجئاً في أي مرحلة لاحقة الكشف عن المزيد من التنسيق والتعاون مع تل أبيب، من قبل دول المعسكر التي ترفع راية التطبيع والتحالف مع كيان الاحتلال.
ــ مشروع  تفكيك الشرق الأوسط الجديد ” بما يسمى الربيع العربى ” التي تقوده الإدارة الأميركية، وشركاؤها الأوروبيون والمحليون في المنطقة. هذا المشروع الذي ينسجم مع التطلاعات الإسرائيلية بخلق بلبله فى الشرق الاوسط كامل وتكون فيه المسيطرة 
ــ مشروع الدولة الإسلامية بالمفهوم الداعشي،والحرب على الارهاب وتستخدمها  إلى الضغط المعنوي والنفسي على هذه الدول الشرق اوسطية .
ــ مشروع الدولة الايرانية وخلق المخاوف من الجمهورية الاسلامية الايرانية وفرض نفوذها فى منطقة الشرق الاوسط وتروج هذة الافكار على النطاق العالمى و الملف النووى و حماية دول اسرائيل من التهديدات الايرانية .
وإذا نظرنا للوضع الأقليمى سنجد اسرائيل تتمتع بالقيادة الفعلية … فى تركيا…وتركيا هنا تحتفظ بوضع فريد…فهى متحالفة استراتيجيا مع السعودية وسراً مع اسرائيل…وفى نفس الوقت متحالفة اقتصاديا مع إيران ومؤخرا تم رفع سقف التبادل التجارى بين إيران وتركيا ليبلغ 30 مليار دولارسنويا.
إذاً، ستعيش المنطقة مرحلة المخاض الأليم قبل الولادة النهائية لدولة اسرائيل ، خصوصاً مع تداخل المشاريع والتجارة بين الكيان اليهودى ، وما على الشعوب العربية إلا العيش في حالة من الترقّب ودفع الثمن وإراقة الدماء واستنزاف مواردها وتشريد أهلها وتشرذم المنطقة. لأنّ صانعي الحرب مصمّمون على خوض المعركة حتى النهاية، 
إن الصهاينة يريدون لكيانهم الاندماج في وسط العالم الإسلامي والمنطقة العربية ولكن بشروطهم التي تلبي مطالب وآمال قادتهم وذلك بأن تصبح (إسرائيل) هي قائدة المنطقة والمركز الحاكم فيها، وقد لخص ذلك الدكتور – ناداف سافران – الأستاذ الأميركي في العلوم السياسية بقوله: (إن الوصول إلى تسوية النـزاع العربي الإسرائيلي قد أصبح ضرورة حتمية بالنسبة للولايات المتحدة، أما (إسرائيل) فإن حرصها على التسوية يتوقف على مدى تلبية هذه التسوية لشروطها المتعلقة بأمنها القومي وآمالها) انتهى كلامه.
وهذا ما ظهر في أكثر من تصريح لهم. أخيراً، يبقى السؤال: هل اقترب موعد إعلان مشروع الشرق الأوسط الجديد  بقيادة اسرائيل برغم تداخل المشاريع الأخرى في المنطقة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى