آخر الأخباركتاب وادباء

محاكمة المواقع الإلكترونية بتيزنيت في عز الجائحة تؤكد الجانب الإنتقامي أكثر منه القانوني

بقلم الإعلامية المغربية

د. رشيدة باب الزين

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم”

باريس- فرنسا

عاشت محكمة تيزنيت مؤخرا مهزلة بكل المقاييس، وذلك بعدما تم السماح بمحاكمة مدراء مواقع إلكترونية بالإقليم في عز جائحة تغير بسببها نظام الحياة، ليس بمملكتنا الحبيبة وإنما بسائر بقاع المعمور .

فبالرغم من التدابير الإحترازية التي اعتمدها المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومعه رئاسة النيابة العامة والتي تمثلت في إرجاء جميع المحاكمات الجنحية التي لا تكتسي طابع الإستعجالية والتي لا يوجد أحد أطرافها خلف قضبان السجون، بل ومحاكمة هؤلاء المتواجدين رهن الإعتقال بتقنية التقاضي عن بعد … إلا أن محكمة تيزنيت كان لها رأي مخالف بعدما سمح رئيسها بمحاكمة مدراء مواقع إلكترونية مع وصفها بالقضايا الإستعجالية وكأنهم متابعون في قضايا الإرهاب أو المساس بأمن الدولة في وقت كانت المنطق والقانون يفرضان محاكمة من خرق القانون بعدم الإعتراف بمواد الدستور (أسمى قانون بالمملكة) وخاصة المادة السادسة منه التي تنص على عدم رجعية القوانين دون الحديث عن مواد أخرى تتحدث عن الحق في المعلومة وحرية التعبير التي تعتبر أيضا مواد مصادق عليها ضمن المواثيق والمعاهدات الدولية .

نعم محاكمتهم لأنهم بكل بساطة تقيدوا بالتعليمات عوض احترام استقلالية القضاء واحترام أعلى رمز بالمملكة والذي تنطق الأحكام باسمه وأخص هنا بالذكر صاحب الجلالة الذي لا أظنه يرضى بما يتعرض له مدراء المواقع الإلكترونية بالمغرب من ضرب للمكتسبات وإجبار على العطالة دون اكتراث لما سيسببه ذلك من تشريد لأسر وخسارة لمقاولات صغيرة تم إنشاؤها بعد أكبر عملية خداع تعرضوا إليها من طرف من كانوا بالأمس القريب يتظاهرون بأنهم يتقاسمون معهم نفس الهموم وأنهم حصلوا على وعود من وزارة الإتصال سابقا مفادها أنه ستتم مراعاة جانب الأقدمية في مجال الإعلام بالنسبة لمدير النشر وذلك لتسهيل الأمر بالنسبة لمدراء المواقع الإلكترونية حتى يلائموا دونما الحاجة لمدير نشر تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في قانون الصحافة 88.13 … قبل أن يختفي هؤلاء أشباه المناضلين بل وحتى أشباه الإعلاميين الذين اتضح فيما بعد أن همهم الوحيد هو تقاسم كعكة الدعم العمومي ليس إلا …

إن كل إنسان عاقل سيسائل جميع هؤلاء المتحاملين على الإعلام الإلكتروني بمن فيهم المجلس الوطني للصحافة : “هل تعتبرون أنفسكم بالفعل إعلاميين وصحفيين مهنيين وأنتم تتفرجون على زملائكم ضربت مكتسباتهم عرض الحائط … وألم تفرض عليكم مهنيتكم التحلي بالجرأة والشجاعة للقول ب لا لضرب الدستور ؟” وهنا أتوجه لرئيس المجلس الوطني للصحافة السيد يونس مجاهد بالسؤال التالي : “ألم تقل ذات يوم في اجتماع بمقر نقابتكم المحترمة مع التنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الرقمي بأنكم ستقفون إلى جانب هؤلاء ؟ … أم أن ذلك كان فقط ضمن حملتكم الإنتخابية التي كنا للأسف أرانب سباقها حيث تابعنا إنتخابات المجلس الوطني للصحافة وعيننا على تطبيق واتساب نترقب كل جديد إلى حين الإعلان عن ظفركم بمنصب الرئيس حيث كانت فرحتنا ليلتها كبيرة قبل أن نصدم بعد تجاهلكم قضيتنا” .

إن الحكم بحجب المواقع الإلكترونية يعتبر حجبا لحرية التعبير وحجبا لتطبيق مقتضيات الدستور وحجبا لحقوق الإنسان وحجبا لقانون المقاولات الذي تخضع له المقاولات الإعلامية وحجبا للإلتزام بالمواثيق الدولية … وهذا لن يزيد المغرب إلا تراجعا في التصنيفات الدولية في مجالات حقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الصحافة وحينها لن ينفع دولتنا إدانة من قاموا بهذه التصنيفات لأن ذلك سيكون حصادا للتعسفات واللامبالاة التي زرعتموها .

لا زال أملنا كبيرا في الحفاظ على مكتسباتنا … ولا زال أملنا كبيرا أن يظهر بين صناع القرار مسؤول رشيد يعيد عقارب الساعة إلى ما قبل تطبيق هذا القانون المجحف … ولا نظن أن هذا الرشيد سيكون شخصا آخر غير صاحب الجلالة الذي يبقى ملاذنا الأخير في ظل هذا التحامل الذي بتنا نتعرض له .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى