آخر الأخبارتحليلات

محمد ناجي شحاتة عندما يتحول القاضى لمجرم

بقلم الخبير السياسى والإقتصادى

د.صلاح الدوبى 

الأمين العام لمنظمة اعلاميون حول العالم

ورئيس فرع منظمة اعلاميون حول العالم 

رئيس حزب الشعب المصرى 

جنيف – سويسرا

هل تصدق ان مصر منذ سبعة الف سنة حضارة وعلم وتاريخ لا يوجد بها رجل واحد الآن يضع حد للمهزلة التي تمر بها مصر، واسفاة عليك يامصر واسفاة.

مع وصول عبد الفتاح السيسي للسلطة، أعلن الحرب على سيناء وأهلها، فاعتبر السيسي أهل سيناء أعداء له، وبدأ الحرب عليهم تحت شعار الحرب على الإرهاب، مستغلا وجود متطرفين ينتمون لتنظيم الدولة الإرهابي “داعش” في سيناء، ثبت لاحقا أنهم واجهة لعمليات قذرة تديرها المخابرات العامة والحربية لتشويه صورة الإسلام والإسلاميين، ويحققون مصالح الكيان الصهيوني في إخلاء المربع المصري الموزاي لقطاع غزة، والذي يعد أهم شريط استراتيجي لمصر من جهة الشرق، فقام السيسي بتجريف جميع أراضي سيناء، وحارب أهلها وقتلهم ووضعهم في صف واحد مع “داعش” الإرهابي.

عفوا عبد الفتاح السيسى، فمن تم القبض عليهم في عهدك لم يحملوا سلاحاً ولم يروجوا للإرهاب، فالدكتور محمد البلتاجي والدكتور صفوت حجازي، والدكتور عبدالرحمن البر، والدكتور أسامة ياسين، والدكتور أحمد عارف، وايهاب وجدى محمد، ومحمد ومصطفى أنجال الدكتور عبد الحي الفرماوى، وأحمد فاروق، وهيثم السيد العربي، ومحمد محمود علي زناتى، عبد العظيم إبراهيم، ليسوا مجرمين ولا إرهابيين، ولكنهم أصحاب رأي وفكر، اتهموك بالخيانة وعارضوا حكمك، مستخدمين حقهم القانوني الذي يكفل حرية الرأي والتعبير السلمي، لأنك لم تحترم القانون، فإن كنت تسعى لإرساء دولة حقيقية، تحترم المؤسسات والقانون، فعليك أولاً تطبيق القانون واحترامه ووقع على العفو الرئاسى حتى لا تكون أنت الخائن!

أن اتهامات الخيانة تلاحق السيسي في قضية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير الإستراتيجيتين لصالح السعودية، فضلا عن إهدار حقوق مصر في غاز شرق البحر المتوسط لصالح إسرائيل وقبرص واليونان.

 الملك سلمان حضر في زيارة أسطورية لمصر يتم خلالها توقيع بعض الاتفاقيات من بينها إعادة ترسيم الحدود، وبعيداً عن تفاصيل الاتفاقية، فإن تعامل السيسى مع تلك القضية جعل الكثير من المصريين يعتبرونها خيانة للرأي العام وخيانة للقانون المصري الذي ينص على ضرورة الاستفتاء عندما يتعلق الأمر بأراض في حيازة مصرية، فهي سيادة وملكية للدولة لا يملك أي شخص أن يتصرف فيها دون الرجوع إلى الشعب، ولكن كان الرد صادماً من الرئيس عند نقاشه لهذا الأمر بأن لا يتكلم أحد في هذا الموضوع مرة أخرى، وأقحم نصيحة والدته في سياق الخطاب قائلاً والدتي أوصتني بعدم التطلع لحقوق الغير، في شأن لا يتفق عقلاً ومنطقاً أن يتم التعامل معه بهذه الكيفية وتلك الكلمات.

السيسي يتعمد توريط الجيش المصري في السياسة عبر نصوص قانونية ودستورية تجعله في مواجهة العواصف والأزمات السياسية داخليا وخارجيا، واستخدامه في تصفية حسابات لصالح دول أخرى، على غرار التهديد بالتدخل العسكري في ليبيا دعما لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمواجهة حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

كما أن السيسي يتعمد توريط الجيش في النشاط الاقتصادي ودفع المؤسسة العسكرية لمنافسة القطاع الخاص في معظم الأنشطة الاقتصادية، وباتت صور الجنود أثناء بيع الأسماك والخضروات محل تندر المصريين، مما أسقط هيبة الجيش في نفوسهم.

دور السيسي في الانقسام المجتمعي الذي تشهده مصر منذ الانقلاب العسكري، والذي يهدد نسيجها ووحدة شعبها، فضلا عن تزايد الاحتقان بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وارتفاع عدد المعتقلين من كافة التيارات السياسية والفكرية، وإغلاق المجال العام وتأميم الحياة السياسية.

حكم نهائي بإعدام 12 من قيادات الإخوان … وتأييد سجن نجل مرسي 10سنوات

كيف يستطيع المصريون الصبر على خائن وعميل وطاغية وفاشل مثل السيسي خيانة العهد والقسم الذي قطعه السيسي على نفسه أمام الرئيس المنتخب محمد مرسي الرئيس الشرعي ثم عاد ليدبر انقلابا عسكريا ضده..

أما وصفه بالعميل فالإشارة واضحة لمواقف السيسي من العدوان الصهيوني على غزة ومشاركته في حصار المقاومة ودعم العدوان صراحة دون مواربة..

أما صفة الطاغية فهي تحيلنا للقبضة الحديدية التي يتحكم بها في رقاب المصريين وكل من تسول له نفسه إعلان رفضه الانقلاب أو التنديد بسياسته داخليا وخارجيا..

أما الفاشل فيقصد بها عجزه في تقديم أية حلول للأزمات التي تعصف بالمصريين وتكدر عيشهم في مختلف المجالات رغم وعوده..

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” إلى ساحة من الغضب المكتوم بعد حكم محكمة النقض بتأييد إعدام 12 من قادة الإخوان وغيرهم من الشخصيات الوطنية في قضية “فض رابعة” بينهم الدكتور محمد البلتاجي والدكتور صفوت حجازي، والدكتور عبدالرحمن البر، والدكتور أسامة ياسين، والدكتور أحمد عارف، وايهاب وجدى محمد، ومحمد ومصطفى أنجال الدكتور عبد الحي الفرماوى، وأحمد فاروق، وهيثم السيد العربي، ومحمد محمود علي زناتى، عبد العظيم إبراهيم، وبالسجن المؤبد على آخرين أبرزهم مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع ووزير التموين الأسبق باسم عودة وعلى آخرين، وب10 سنوات على المحامي أسامة مرسي نجل الرئيس محمد مرسي.

واعتبر ناشطون أن الحكم سياسي إجرامي يعبر عن عقلية احتلال ولا يعبر عن نهضة مأمولة عن قريب إلا بالتخلص من الظلم والظالمين.

اتفاقية خراب مصر المسماهإعلان المبادئ عام 2015م”

أن أخطر ما قام به السيسي العميل، هو تلك الاتفاقية التي وقع عليها بكامل إرادته ووعية، تلك المسماة باتفاقية إعلان المبادئ عام 2015م، والتي أعطت الحقّ لأثيوبيا للاستمرار في بناء السد والاستدرار للدعم والقروض من كل حدب وصوب، وألغت حق مصر في الاعتراض والمطالبة بوقف البناء أو عرقلة العمل فيه.

مصر عاجزة تماما عن التحرّك أمام إثيوبيا · تفاقمت التوترات القائمة بين دول حوض النيل بسبب مشروع إثيوبيا لتشييد سد النهضة على النيل الأزرق. وبينما تخشى مصر تناقصا ملحوظا سيحدث لحصتها من ماء النهر، فهي تبدو غير قادرة على مواجهة مشروع أديس أبابا.

تتبادل الألسنة من جديد قصة الملك الأثيوبي دويت الثاني الذي هدد سلاطنة المماليك في مطلع القرن الخامس عشر بحجز مياه النيل عنهم.2

فشلت “إسرائيل” خلال العقود الماضية، في فرض مشاريعها للاستفادة من مياه نهر النيل، إزاء الرفض المصري المتكرر لذلك، رغم ما كان أعلنه السادات، الذي اصطدمت تصريحاته تلك حول إيصال “مياه النيل” إلى فلسطين المحتلة، بمعارضة سياسية وشعبية كبيرة دفعته إلى التخلي عن الفكرة، وهو ما استمر به الرئيس حسني مبارك، وبعده الرئيس محمد مرسي و قائد الإنقلاب حانث اليمين عبد الفتاح السيسي.

تسير “إسرائيل” ضمن مبدأ الضغوط القصوى على مصر من أجل دفعها سياسياً واقتصادياً، للعودة إلى مشاريع نقل “مياه النيل” باتجاه المستوطنات والمدن المحتلة في فلسطين، من خلال تدخلها المباشر في مسألة “سد النهضة” والتأثير على تداعياتها السلبية ضد مصر وأمنها المائي والسياسي. وتسعى تل أبيب من خلال ذلك، إلى الدفع باتجاه الاعتراف بها كـ”دولة” شرق أوسطية بالدرجة الأولى، وكطرفٍ معني بمياه نهر النيل، من البوابة الأثيوبية، ما ترى فيه “حقاً” بعد ذلك للاستفادة من مياه النهر. 

تاريخ الأطماع الإسرائيلية في مياه النيل

تعود الأطماع الإسرائيلية في مياه النيل إلى ما قبل تأسيس الكيان الإسرائيلي، وتحديداً إلى العام 1903 عندما قدّم زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، مشروعاً يسعى من خلاله إلى بناء مستوطنات في شبه جزيرة سيناء تنضم في وقتٍ لاحق إلى المستوطنات في فلسطين المحتلة، حيث سعت المنظمة الصهيونية التي يمثلها هرتزل إلى توطين اليهود في العريش.

ولمواجهة مشكلة ندرة المياه في تلك المنطقة، اقترح هرتزل على لانسدون، وزير خارجية بريطانيا، مد أنبوب على عمق كبير تحت قناة السويس لضخ مياه النيل إلى شبه جزيرة سيناء. لكن بريطانيا رفضت هذا الطلب، بسبب تأثيره السلبي على مشروعات الزراعة المصرية بالوادي، خاصة محصول القطن الحيوي للصناعة الإنجليزية.

أعادت “إسرائيل” طرح هذه الرغبة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، استناداً إلى مقالات ودراسات تناولت المشاريع التي يمكن من خلالها نقل مياه النيل إلى المستوطنات الإسرائيلية. كان أبرز تلك الدراسات ما عرف بـ”مشروع اليشع كالي” حيث قام المهندس الإسرائيلي اليشع كالي، في عام 1974 بطرح مشروعٍ تضمن نقل جزءٍ من مياه النيل يقدّر بـ1% سنوياً لتزويد المستوطنات الإسرائيلية في النقب وقطاع غزة والضفة الغربية، بواسطة أنابيب تمر تحت قناة السويس بجانب منطقة الإسماعيلية المصرية، يصل طولها إلى 200 كلم. 

وفي عام 1977 قام الخبير الإسرائيلي ارلوزوروف، بطرح مشروعٍ تضمن شق 6 قنوات تحت قناة السويس تعمل على دفع المياه العذبة إلى نقطة سحبٍ رئيسية، ليتم بعد ذلك ضخ المياه إلى ارتفاعٍ يبلغ عشرات الأمتار لتدفع بقوة الثقل نحو ساحل سيناء وعبر أقنية فرعية إلى صحراء النقب. 

لم تكن مشاريع نقل مياه النيل إلى المستوطنات الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة حكراً على المهندسين والخبراء في كيان الاحتلال، بل إن الرئيس المصري أنور السادات، وفي تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1977 خلال زيارته إلى القدس المحتلة طرح مشروع “ترعة السلام”، والذي يهدف لنقل مياه النيل إلى القدس المحتلة، لتصبح “آبار زمزم الجديدة”، إذ أن الرئيس المصري غلّف مشروعه التطبيعي هذا بالقول “باسم مصر وأزهرها العظيم وباسم دفاعها عن السلام تصبح مياه النيل هي آبار زمزم لكل المؤمنين بالأديان السماوية الثلاثة”، متجاوزاً بذلك الاتفاقيات الموقعة عام 1929 وعام 1959 بين مصر ودول حوض وادي النيل والذي يُمنع بموجبها بيع مياه النيل لطرفٍ من خارج دول الحوض. 

إهتمام الإسرائيليين بإثيوبيا، تشكل بموجب عدة دوافع، إستراتيجية واقتصادية وسياسية وجيوإستراتيجية، فثمة إجماع لدى النخبة وصانع القرار الإسرائيلي على أن إثيوبيا تعتبر المفتاح السحري للتغلغل في القارة الإفريقية وطعن الأمن القومي العربي.

كان للكيان الإسرائيلي، منذ نشأته الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية عام 1948، اتصالات مع إثيوبيا الواقعة آنذاك على البحر الأحمر (قبل انفصال إريتريا واستقلالها عنها عام 1994)، حيث رصدت المخابرات العسكرية المصرية اتصالات إثيوبية إسرائيلية مبكرة.

رغم أن “إسرائيل” لم تتبادل التمثيل الدبلوماسي الكامل مع إثيوبيا حتى بداية ستينيات القرن الماضي، فإن العلاقات الإثيوبية الإسرائيلية كانت نشطة وفعالة نسبيًا، إذ يجد الكيان الإسرائيلي في إثيوبيا أفضل حليف إفريقي لأكثر من وجه.

ويدعي العديد من الإسرائيليين أن العلاقة مع إثيوبيا ترجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد ويزعمون أن ابن سيدنا سليمان (منليك) من زوجته الملكة بلقيس هو مؤسس الحبشة التي كانت تسمى (ماكدا) وأن قومية (أمهرا) التي ينتمي إليها الأباطرة الأحباش وآخرهم (هيلا سيلاسى) هي من سلالة سيدنا سليمان.

وسبق أن أعلنت إثيوبيا دعمها الكامل لحصول “إسرائيل” على صفة عضو في الاتحاد الإفريقي، كما تبادل رؤساء وزراء الدولتين الزيارات في الكثير من المرات، فضلًا عن ارتفاع حجم التبادل الاقتصادي بينهما، ما يؤكد عمق العلاقات بين الطرفين.

يهود الفلاشا

أكثر من 150 ألف يهودي من أصل إثيوبي يعيشون في “إسرائيل”، ففي سنة 1975 أطلقت حكومة تل أبيب شارة السماح لليهود الإثيوبيين، المعروفين باسم “بيتا إسرائيل” (يهود الحبشة أو يهود الفلاشا)، بالهجرة إلى “إسرائيل” عام 1975، وقررت آنذاك، أن ما يسمى “قانون العودة” ينطبق أيضًا على اليهود الإثيوبيين.

في البداية، تمكن عدد قليل من اليهود الإثيوبيين من الهجرة إلى الكيان الإسرائيلي بناء على اتفاق بين الموساد والحكومة الإثيوبية، بمقتضاها يقدّم الإسرائيليون السلاح للحكومة الإثيوبية مقابل السماح لليهود بالهجرة إلى “إسرائيل”.

انكشاف هذه الاتفاقية أدى إلى إلغائها وغلق الحدود الإثيوبية، فلجأ الموساد إلى العمليات السرية، وعلى مدى سنوات نفذ “الموساد” العديد من العمليات السرية نقل فيها آلاف الإثيوبيين، أبرزها “عملية موسي” سنة 1984 و”عملية سلمان” التي أبرمت بين حكومتي تل أبيب وأديس أبابا، لتسهيل هجرة 34 ألف يهودي إلى “إسرائيل” في الفترة بين عامي 1991 و1992.

السيطرة على مياه النيل

كثيرة هي أهداف الإسرائيليين من التغلغل داخل إثيوبيا والتحكم في مراكز القرار السيادية هناك، لكن لن نركز في هذا التقرير عليها جميعها بل سنركز على أبرزها وهي تلك المتعلقة بمياه نهر النيل، فأهم الأهداف التي يطمح إليها كيان الاحتلال الصهيوني في وجوده بإثيوبيا هو الرغبة في الحصول على مياه النيل، حيث تسيطر إثيوبيا على أكثر من 80% من مياه النهر.

أطماع “إسرائيل” في مياه نهر النيل قديمة جدًا، فهي تسعى للسيطرة عليه بناءً على الأساطير الدينية اليهودية التى ترتكز على دعوى أرض الميعاد، فهم يزعمون أن كتابهم المقدس “التوراة” جاء فيه أن الله قطع العهد لإبراهيم وأولاده بأن يأخذوا الأرض الممتدة من نهر النيل إلى نهر الفرات.

نتيجة ذلك تلعب “إسرائيل” دورًا غير مباشر في صراع المياه بين دول حوض النيل، حيث دعمت إثيوبيا في بناء عدد من السدود الكبيرة على نهر النيل بهدف حجز مياهه بداية، ثم تحويلها إليها للاستفادة منها.

يحاول الكيان الصهيوني عبر توظيف المعرفة في المشروعات المائية والكهربائية بإثيوبيا أن يكون المتحكم الأساسي في مياه النيل، تمهيدًا للتوصل لخطوة نقل مياه النهر لـ”إسرائيل”، وسبق أن وعد نتنياهو خلال الجولة الأخيرة في عام 2016 بمساعدة إثيوبيا على الاستفادة من مواردها المائية في تطوير الزراعة وتزويد البلاد بالتكنولوجيا الإسرائيلية.

وتسعى “إسرائيل” للحصول على جزء من مياه النيل عبر قناة السويس، وهو المشروع الذي يعرف باسم “إليشع كالي“وهو الشيطان الذى وسوس للعسكر، ويستهدف حصولها على ما يعادل 1% من مياه النيل، أي ما يعادل 550 مليون متر مكعب سنويًّا عبر أنابيب ناقلة لصحراء النقب مرورًا بمصر “من خلال سحارات أسفل قناة السويس” وقطاع غزة شمالًا.

في هذا الإطار وقعت شركة الكهرباء الإسرائيلية اتفاقًا مع إثيوبيا، لإدارة المشروعات المائية التي ستقام على النيل الأزرق، بما فيها سد النهضة والسدود الثلاث الأخرى التي سوف يتم إنشاؤها لاحقًا، لتوليد الطاقة الكهرومائية.

انطلاقًا من هذا المخطط ستكون “إسرائيل” المتحكم في مياه النيل، وفي كل السدود والمشروعات القائمة أو التي سيتم إنشاؤها في المستقبل، وبالتالي ستحدد نسب المياه الداخلة والخارجة بدءًا من منبع السد في بحيرة تانا وحتى المصب في البحر المتوسط.

في مقابل ذلك، يهدف الإثيوبيون من وراء بناء هذه السدود إلى توفير مزيد من المياه لأراضيهم لتكون صالحة للزراعة ومواجهة مشاكل الانفجار السكاني، وتوطين المهاجرين من الأماكن المنكوبة بالمجاعة خلال السنوات الأخيرة، فضلًا عن توليد الطاقة الكهربائية من هذه السدود.

تطويق مصر والحد من حركتها

بمجرد الانتهاء من بناء سد النهضة الذي تم الشروع في تشييده عام 2013، سيكون أكبر سد في القارة الإفريقية وسيكون له حتمًا تأثير كبير على إمدادات المياه في مصر، علمًا بأن نحو 90% من مياه النيل التي تصب باتجاه مجرى النهر في مصر مصدرها النيل الأزرق، إذ تبلغ الحصة السنوية لمصر من مياه هذا النهر 55 مليار متر مكعب، بينما يحصل السودان على 18.5 مليار.

ما زال “سد النهضة” يثير خلافات كبيرة بين إثيوبيا ومصر، حيث فشلت كل المباحثات الرامية إلى التوصل لاتفاق بينهما، ومن شأن مشروع السد أن يقلص حصة القاهرة من المياه ويتسبب في تصحر مساحات زراعية واسعة من أراضي مصر.

أدركت الحكومات الإسرائيلية سريعًا أن السيطرة على نهر النيل يهدد مصالح مصر الإستراتيجية وأمنها القومي، لذلك عملت جاهدة للسيطرة عليه، ففضلًا عن حاجته لمياه النيل، يسعى الكيان الصهيوني للإضرار بمصالح القاهرة مهما كلفه الأمر.

عزز كيان الاحتلال الإسرائيلي نفوذه السياسي والعسكري والاستخباراتي في إثيوبيا، وتمكن من سلطة القرار، وهو ما يتنزل ضمن عقيدته الأمنية والإستراتيجية القائمة على الاستحواذ والسيطرة على المنطقة المحيطة به قصد تطويق أعدائه.

بينما عززت “إسرائيل” مكانتها في المنطقة وخاصة في إثيوبيا، كانت المكانة المصرية هناك في تراجع مستمر الأمر الذي يهدّد أمن القاهرة القومي، رغم اتفاقية السلام المبرمة بين الطرفين في 26 من مارس/آذار 1979 في واشنطن.

اتباع “إسرائيل” إستراتيجية التمكين في إثيوبيا، الهدف منه تطويق الدول العربية – خاصة مصر – وحرمانها من النفوذ داخل أي منطقة، وهو ما يتماشى مع توجه البريطانيين قديمًا، فمنذ زمن بعيد قال مسؤولون في بريطانيا، إن نهر النيل أهم شيء للمصريين، وإذا أردت أن تضيق عليهم الخناق “اقفل الحنفية”.

تشديد الخناق على مصر في ظل أزمة سد النهضة، ستكون تداعياته كبيرة على الفلسطينيين، فالقاهرة ستجد نفسها مضطرة للتقرب أكثر لكيان الاحتلال الصهيوني ومد يدها إليه أكثر من أي وقت مضى حتى لو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية.

وتأمل “إسرائيل” من خلال التضييق على مصر ودعم الإثيوبيين في مسألة سد النهضة، ضمان ولاء النظام المصري الحاكم ودعمه لها في قراراتها المتعلقة بانتهاك حقوق الفلسطينيين، وقد ظهر ذلك جليًا في تأييد القاهرة لمخطط السلام الذي يقوده الرئيس الأمريكي ترمب ومساهمتها في تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية.

خلقت أزمة سد النهضة ظرفًا باتت فيه القاهرة بحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى للتعاون مع الإسرائيليين على صعد مختلفة، الأمر الذي كانت تسعى إليه “إسرائيل” جاهدة، فوجودها في إثيوبيا الهدف منه تطويق القاهرة والحد من تحركاتها حتى تخدم مصالحها في المنطقة، لكن هل تطويق القاهرة هدف “إسرائيل” الوحيد في إفريقيا؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى